مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تموز - آب 2012 العدد-46
متى ينتهي الانبهار؟ شذرات بيئية وتنموية اسرائيل تكتشف غازاً طبيعياً في حقل جديد قبالة ساحل مدينة يافا بمناسبة يوم البيئة العالمي: الإحصاء الفلسطيني يصدر بيانا صحفياً يبين فيه موقع مناطق السلطة الفلسطينية في "الاقتصاد الأخضر" دول الخليج تتجه نحو الطاقة الشمسية الارخص كلفة من النفط والاقل تلويثا للبيئة "أنا هون": معسكر شبابي يُنمي القدرات ويُفعّل المقاطعة ويُناصر البيئة ترشيد استهلاكنا للمياه حراك أخضر في طوباس بمناسبة يوم البيئة صناعات غذائية ومنتجات محفوظة من اللبن الرائب البيئة في أدب جبرا إبراهيم جبرا زهرة من أرض بلادي: الجعدة (جعدة الصبيان) دير مار سابا
Untitled Document  

: منبر البيئة والتنمية

متى ينتهي الانبهار؟

حبيب معلوف / لبنان

منذ 20 عاما كانت فكرة "الحق في التنمية" هي الفكرة المسيطرة على قمة الأرض الأولى التي عقدت في الريو، والتي جمعت اكبر حشد من قيادات العالم السياسية والشعبية والعلمية، وصدرت عنها اهم الاتفاقيات الاطارية الدولية كحماية التنوع البيولوجي والحد من تغير المناخ. الا أن فكرة "الحق في التنمية"، لم تكن فكرة عالمية. بمعنى انها لم تكن تشكل هما عالميا، بقدر ما كانت تعبر عن هم البلدان النامية التي خافت من الإجراءات الضرورية لمعالجة قضايا البيئة، على حساب برامجها التنموية اسوة ببرامج البلدان المتقدمة. وكان منطق ومطلب البلدان النامية من البلدان المتقدمة يقول: نريد فرصتنا من التنمية كما أخذتم فرصتكم. هي مسؤوليتكم التاريخية في تهديد بيئة العالم بعد ثورتكم الصناعية التي حققت لكم التنمية، وعليكم ان تعوضوا علينا وتساعدونا لنحقق تنميتنا.
لم تنكر البلدان المتقدمة مسؤوليتها التاريخية، وقد أقرت بهذه "المسؤولية" في الاتفاقيات الدولية. الا انها لم تقم بما يجب لحل المشاكل الخطرة التي نتجت عن نموذجها التنموي. وقد كان عليها ان تحدث ثورة علمية وفكرية جديدة، او ثورة مضادة لثورتها الصناعية، لإنقاذ الكوكب. كان عليها ان تتراجع عن نموذجها التنموي بدل ان تمول أو ان تستفيد من تعميم هذا النموذج على العالم اجمع. كما ان البلدان النامية التي اعتمدت على نظرية الحقوق (المحقة دون شك) أغفلت القضية البيئية... وقد كان عليها ان تبحث في ابتداع نموذج آخر للتنمية غير النموذج الغربي. ربما ما كان عليها إلا أن تعود لنماذجها القديمة في العيش وتنطلق منها لتحسين أوضاع شعوبها، بدل اللجوء الى النموذج الغربي .
لا شك ان نموذج التقدم الغربي كان مبهرا. ولكن اما حان لفترة "الانبهار" هذه أن تنتهي، بعد أن بان زيف الحضارة الجديدة ومخاطرها على الكوكب والناس والأجيال الآتية أيضا؟
إن المسألة البيئية العالمية لم تعد "مسألة حقوق" بقدر ما باتت "مسألة وجود". ومن هذه الخلفية كان يفترض مقاربتها منذ البداية، منذ قمة الأرض الأولى العام 1992. الا ان حالة "الانبهار" كانت لا تزال مسيطرة. ففكرة التنمية مبهرة فعلا، تماما كما أغلفة سلع السوق، وكما اللوحات الإعلانية الكبيرة التي يمكن ان تروج للسموم وتزيد الهموم في الاستهلاك... بدل ان تلبي الحاجات الحقيقية للإنسان .
فمفهوم التنمية (الغربية) الذي سيطر على العالم لفترة طويلة والذي يعز على كثيرين في العالم تركه، هو الذي تسبب بمشاكل إضافية بدل ان يحد من مشاكل الفقر العالمية. واذ يقوم هذا المفهوم في جوهره على "الزيادة" في الإنتاج، فهو ايضا يتطلب زيادة في استغلال الموارد، وينتج عنه زيادة في الاستهلاك، وزيادة في المخلفات، التي تأكل من كل رصيد اقتصادي لإعادة معالجتها. وحالة الانبهار الاولى بالزيادة، لا تترك مجالا للنظر بالانعكاسات غير المحمودة، تماما كما هي الحال مع زيادة الاكل التي تتسبب بالتخمة ثم بأمراض خطرة على الصحة .
لم تستطع فكرة "الاستدامة" التي أضيفت على مفهوم التنمية منذ عشرين عاما، في القمة الأولى، ان تحل مشاكل العالم. تماما كما لن تستطيع فكرة تخضير الاقتصاد التي طرحت على القمة الأخيرة ان تحل أي مشكلة، اذا ابقينا على اقتصاد السوق، الذي يقوم على المنافسة وزيادة الإنتاجية والاستهلاك والذي لا يبغي غير الربح كقيمة عليا .
ولو عاد العرب الى جوهر تراثهم القائم على فكرة "الكفاية" بدل التنمية، لكنا استطعنا ان نقدم نموذجا حضاريا مختلفا، ومنقذا للعالم اجمع ولكوكب الارض. ومحاولة العودة هذه، تتطلب الخروج من حالة الانبهار اولا، واستعادة الثقة بالنفس ثانيا، واعتماد اقتصاد حقيقي يقوم على اسس حسن التدبير (للموارد) والترشيد والتوفير وضبط الطلب، بالانسجام مع قوانين الطبيعة (وليس قوانين السوق، او قوانين منظمة التجارة العالمية) ثالثا .

 

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية