تفاقم تدمير وتلويث مياه البحر المتوسط وشواطئه
"إسرائيل" تتمادى في استنزاف وتدمير الموارد البحرية والشواطئ الفلسطينية
مخططات لتوسعة وتكثيف التجمعات الاستيطانية الترفيهية على شواطئ القرى المدمرة جنوب حيفا
|
قرية ترفيهية إسرائيلية على أنقاض قرية الطنطورة الفلسطينية الساحلية |
ج. ك.
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تواصل "إسرائيل" استغلال واستنزاف وتدمير الموارد البحرية والشواطئ الفلسطينية. وتدل جميع المؤشرات على أن أوضاع الثروة والبيئة البحرية الفلسطينية ستزداد تدهورا، بسبب محطات تحلية مياه البحر الإضافية المتوقع إنشائها، والتوسع في عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي مقابل الشواطئ الفلسطينية؛ ما قد يؤدي إلى كارثة بيئية ذات بعد اقتصادي مدمر.
إن إقامة "إسرائيل" وتشغيلها لمنشآت الغاز والنفط يتطلبان إنشاء بنى تحتية للتنقيب وشبكة أنابيب في مناطق حساسة إيكولوجيا، في قلب البحر. وهذا يعني أن أي تسرب نفطي من الأنابيب أو أي خلل في منشأة التنقيب قد يؤدي إلى تلوث بحري كبير، على غرار التلوثات التي حدثت في السنوات الأخيرة في خليج المكسيك وأماكن أخرى.
وبالإضافة للمواقع البحرية التي وجد فيها الغاز، تخطط إسرائيل للتنقيب عن الغاز والنفط البحري في 15 حقل إضافي. ويتوقع، في المستقبل القريب، أن تنشئ "إسرائيل" منصات بحرية كبيرة لمعالجة الغاز مقابل الشواطئ الفلسطينية. كما ستضاف مداخل إضافية لشبكة الأنابيب من البحر إلى الشاطئ. ومن المعروف أن التنقيب عن الغاز في البحار قد يشكل خطرا جديا على البيئة. وعلى سبيل المثال، حدث في الأسابيع الأخيرة تسرب من منشأة غاز تشغلها شركة Shell في البحر الشمالي. ومثل هذا التسرب قد يلوث البحر بالكربوهيدرات السامة للنباتات والأحياء البحرية.
وقد سبق أن عَبَّرَ بعض خبراء البيئة والبحار الإسرائيليين عن قلقهم من استمرار عمل منصات التنقيب عن النفط والغاز التي تشوش التركيب الطبيعي للأحياء البحرية في مقاطع البحر المتوسط المواجهة للساحل الفلسطيني، علما أنه أثناء أعمال التنقيب والفحص والتطوير والاستخراج تتسرب مواد سامة إلى البيئة البحرية. وقد ظهرت في السنوات الأخيرة أنواع بحرية غريبة وصلت إلى البحر المتوسط؛ الأمر الذي يقلق خبراء البحار. وقد تبين، على سبيل المثال، وجود 12 نوعا مائيا غريبا في محيط إحدى منصات التنقيب التي وصلت المنطقة عام 2003، إلا أنه لم تجر حتى الآن عملية مسح بحرية في هذا المجال. ويتخوف الخبراء من أن تخلّ الأنواع الجديدة بالتوازن الطبيعي وتستولي على مصادر غذاء الأنواع القائمة؛ ما يؤدي إلى الإضرار بالأخيرة، بل والتسبب في انقراض بعضها.
ويقول الخبراء بأن من الضروري جدا إجراء عملية مسح للمجمتعات البحرية الحية في حقول الطاقة التي بُدِءَ العمل فيها بعملية التنقيب، بهدف صيانة المجتمعات الحية المميزة والنادرة.
ويخشى الخبراء من احتمال تسرب نفطي أو إصابة المنصات وحدوث انفجارات خطرة، إلا أنهم يفضلون التركيز على احتمالات الضرر البيئي، ويشيرون إلى أن للتفتيش عن الطاقة واستخراجها أبعاد بيئية سلبية معظمها ناتج عن تشغيل المنصات، وبعضها ناتج عن حوادث أو خلل أو "عمل معاد".
يشار إلى أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP ) اقترح جعل منطقة التنقيب مقابل الساحل الفلسطيني كواحدة من المحميات الطبيعية الإثنتي عشرة لأعماق البحر المتوسط. من هنا تبرز الضرورة الملحة لصيانة الثروة الحية في المنطقة.
كما تتسبب مشاريع التحلية الإسرائيلية التي تستنزف الطاقة والأراضي الساحلية الفلسطينية المحدودة، وتهدد بيئة الشواطئ، في مزيد من تدهور البيئة البحرية؛ إذ تتسرب منها نحو البحر، وعبر الأنابيب، كميات الأملاح المركزة المتبقية بعد عمليات التحلية؛ ما قد يتسبب في تكون "صحراء ملحية" قرب موقع خروج الأنابيب. كما، وأثناء عملية التحلية، تستعمل أنواع مختلفة من المواد الكيميائية التي تتدفق بدورها إلى البحر. وتعمل حاليا على طول الساحل الفلسطيني ثلاث محطات تحلية تنتج أكثر من 270 مليون متر مكعب من المياه سنويا.
الحصار على غزة وتخريب البيئة البحرية
في تقريرها الذي نشرته مؤخرا، كشفت جمعية "تسلول" الإسرائيلية عن أن إسرائيل فاقمت، في الآونة الأخيرة، تدمير وتلويث مياه البحر المتوسط وشواطئه. وجاء في التقرير أن تخريب البيئة البحرية ناتج عن منح أكثر من مائة ترخيص رسمي يسمح بتدفق المياه العادمة غير المعالجة وملوثات أخرى إلى البحر، بما في ذلك تدفق ملايين الأمتار المكعبة من الحمأة سنويا.
والأنكى من ذلك، أن الاحتلال الإسرائيلي، وبسبب حصاره الوحشي المفروض على قطاع غزة وما ينتج عنه من انقطاع كبير ومتواصل للكهرباء والوقود، وبالتالي شل عمل محطات جمع المياه العادمة ومحطة المعالجة المركزية في جنوب المدينة، يتسبب أيضا في تدفق آلاف الأمتار المكعبة من المياه العادمة غير المعالجة يوميا نحو شواطئ بحر غزة؛ ما يتسبب في تلوث خطير لتلك الشواطئ ومياه البحر والأسماك.
|
منصة إسرائيلية للتنقيب عن النفط في البحر المتوسط مقابل الساحل الفلسطيني. أي تسرب نفطي سيؤدي إلى تسميم الثروة النباتية والحيوانية البحرية-تصوير ألبتروس |
توسع اسمنتي على أنقاض القرى الساحلية المدمرة
يضاف إلى ذلك التدهور الحاصل بسبب التوسع الإسمنتي السكني والسياحي المكثف في المناطق الساحلية الفلسطينية، وتوسعة الموانئ ومشاريع التنقيب عن النفط والغاز. ويقول تقرير "تسلول" بأن الدوائر المختلفة لدولة إسرائيل "فشلت، خلال العام 2011، في حماية البحر؛ ذلك أنها تفضل في معظم الحالات، مصالح أصحاب الأعمال والمُلَوِّثين، على حساب المصلحة العامة". ويعتبر التقرير أن التنقيب الإسرائيلي المتوقع عن النفط والغاز واستخراجهما سيشكل الخطر الأكبر على البحر المتوسط؛ علما بأن عمليات التنقيب التجريبية الجارية حاليا تتسبب في أذى للأحياء والنباتات البحرية.
وأشار التقرير إلى العديد من المشاريع الإسرائيلية المسببة لتدهور البيئة الساحلية والبحرية الفلسطينية. وعلى سبيل المثال، توجد مخططات تابعة لما يسمى "دائرة أراضي إسرائيل" تهدف إلى بناء أكثر من ألف وحدة سكنية على شاطئ عتليت في شمال فلسطين. كذلك هناك مخططات لإنشاء مرافق ترفيهية وسياحية إسرائيلية في العديد من مقاطع البحر المتوسط شمال فلسطين، بما في ذلك مسابح إضافية ومئات الوحدات السكنية. كما يجري حاليا التخطيط لإنشاء مرافق ترفيهية ومتنزهات ساحلية على الشاطئ الشمالي لقرية كفر لام الفلسطينية المدمرة التي هجر أهلها عام 1948.
يضاف إلى ذلك، وجود مخطط لتوسعة القرية الترفيهية القائمة على أنقاض قرية الطنطورة الفلسطينية الساحلية، بإضافة مئات الوحدات السكنية، علما بأنه قرب مسبح "عين دور" على أرض الطنطورة، يوجد موقف كبير للسيارات أقيم على قطعة أرض تقع فوق مقبرة جماعية للشباب والرجال الفلسطينيين الذين جرت إبادتهم على أيدي عصابات "الهاغانا" عام 1948.
كما توجد مخططات إضافية لتوسعة القرى الترفيهية وإنشاء تجمعات جديدة تضم آلاف الوحدات الترفيهية على شواطئ القرى المدمرة في جبع وصرفند وغيرها من القرى الفلسطينية المدمرة الواقعة جنوب حيفا.
يضاف إلى ذلك، الخطط الإسرائيلية لوضع البنية التحتية البحرية لخطوط الاتصالات، ما سيتسبب في إيذاء أرضية البحر. وحاليا، تبين وجود مشكلة خطيرة تتمثل في تآكل الثروة السمكية الطبيعية، إثر النشاط الواسع لسفن الصيد الإسرائيلية، والأعمال المكثفة لإزالة الرمال من البحر بهدف توسيع الموانئ.
موقعكم يعد وبحق السباق علميا ومهنيا ووطنيا في الكشف عن الجرائم البيئية الصهيونية المنهجية والمنظمة ضد أرضنا ومياهنا وهوائنا...وللأسف بالرغم من كثرة المواقع العربية التي لا تعد ولا تحصى والتي تدعي تخصصها في الحقل البيئي، إلا أن أيا منها لا يمكنه مجرد الزعم بأن له سبق إعلامي أو صحفي بيئي في ما يتصل بجرائم وانتهاكات إسرائيلية لا يعرفها المواطن العربي أو الفلسطيني سوى من خلال موقع آفاق البيئة والتنمية...فهنيئا لكم وهنيئا لك يا أستاذ جورج بكونك السباق دائما في كشف المستور البيئي الإسرائيلي والعربي وطرح التحليل النقدي الجريء الذي يفتقر إليه الآخرون ...
مارون نصراوي
|