خلال ندوة العدد المرئية: ندوة العدد تتبع ثلاث مُبادرات نسوية خضراء
"شراكة" و"الفرندز" و"عائلة بدر": الانتصار للبيئة وغرس الأمل!
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
خُصصت ندوة العدد ظهورها المرئي الخامس بالتعاون مع تلفزيون وطن لثلاث تجارب بيئية نسوية، وتتبعت في ستين دقيقة مبادرة شراكة التطوعية كما نسجتها الناشطة عائشة صالح، وإسراء بدر التي حققت وعائلتها اكتفاء ذاتياً من حديقة منزلها في بلدة أبو ديس، وربى ناصر إحدى الحارسات لمبادرات روضة ومدرسة الفرندز في تعليم الأطفال الاهتمام بالبيئة ونظافتها.
وطالبت المُبادرات جهات الاختصاص بدعم المزارعين، والحفاظ على الأراضي الزراعية بقوانين صارمة، وتشجيع العودة العملية إلى الأرض، وفرض إجراءات ملموسة لحماية المنتج الوطني، ومنع الاستيراد لسلع زراعية تتوافر محلياً، ودعم المحاولات الفردية وتعميمها.
العودة إلى الأرض
وقالت عائشة إن" شراكة" مبادرة تطوعية محلية، انطلقت عام 2009 للحفاظ على الموروث الزراعي عبر تعاون حقيقي بين المزارع والمستهلك، إذ تشجع وتحمي صغار المزارعين، وتهدف لمناصرة استهلاك المنتجات البلدية التي تنتج بطرق طبيعية صديقة للبيئة، ولزيادة الوعي بفوائد تناول المنتج البلدي الموسمي، والعودة إلى الأساليب التقليدية في الزراعة، عدا عن فعاليات الحديقة المدرسية، ومحاضرات تثقيفية.
وأشارت إسراء، في الحوار الذي أعده وقدمه الصحافي والباحث عبد الباسط خلف، إلى أن تجربتها وزوجها صلاح وأطفالها الأربعة، ولدت في البداية بهدف تزيين المنزل، وتطورت لاحقاً إلى زراعة محاصيل منتجة، في محيطه، والتي تمتد على مساحة ألف متر مربع.
بينما أفادت ربى صالح أن بداية المشروع الذي ولد قبل ست سنوات، جاء من الأطفال، الذين شهدوا استهلاك مجتمعهم لكميات كبيرة من المواد البلاستيكية التي لا تتحلل وتضر بالبيئة، وراحوا يفكرون في حلول للتقليل من استخدامها، فصاروا يحضرون طعامهم في أوعية يُعاد استخدامها. كما تعلموا تجميع بقايا الأطعمة لصنع الأسمدة العضوية.
واستناداً إلى صالح فإن أول ما قامت به عبر مبادرتها قد تمثل في الربط بين المنتجين والمستهلكين، من خلال بيعهم الخضروات مباشرة، بالصناديق، دون وصولها إلى سوق الخضار، حيث تدخل فيه الكثير من السلع دون رقابة.
|
المبادرات البيئيات في ندوة تجارب بيئية رائدة |
اكتفاء ذاتي
وحسب إسراء، فإن تجربتها انطلقت قبل خمس سنوات، وواجهت صعوبات كثيرة، كعدم وجود تربة صالحة للزراعة، ما دفع العائلة لإحضارها من أمكنة أخرى وتجريبها أكثر من مرة، ثم صارت تزرع النباتات والمحاصيل والأشجار على مدار العام، وتُحقق اكتفاء ذاتيا.
تعود ناصر لرسم مشهد تعليم البيئة للأطفال، من خلال ما يصنعونه بأنفسهم من مواد عضوية، ويشاهدونه من دودة الأرض، وإدراكهم بأن المواد البلاستيكية لا تتحلل مقارنة مع العضوية. كما قامت بإنتاج أكياس من القماش، وقد أعجبت الفكرة مدير وكالة التنمية الألمانية نديم ملحم، ومندوبة مؤسسة هنريش بُل في حينه هديل قزاز، وبدأ الصغار بنقلها إلى أهلهم لتعميم الفائدة.
تربية خضراء
تكمل:"علّمنا 130 طفلاً عشرات المفاهيم البيئية، التي انتقلت إلى البيوت، وصارت أوراق العمل، تستخدم مرة أخرى، كما أنتجت أغنيات للأطفال، تتحدث عن البيئة وتنظيفها، كما تم تعليمهم حب البيئة من خلال الملاحظة، والمعلومات المدمجة في العربية والعلوم والرياضيات... ونحلم بأن تتحول مدارس فلسطين كلها لخضراء، يتعلم أهلها قيم الإنتاج، وتراعي تحويل المواد العضوية لأسمدة طبيعية".
تقول عائشة: "حين انتقلت فكرتنا إلى المجتمع، أصبح المواطنون يتحدثون بتفاؤل عن التجربة، ويفضلون منتجات المزارع الصديقة للبيئية، ويحتاجون إلى المزيد من التوعية والممارسة لتبني ممارسات صديقة للبيئة".
تروي إسراء: "كلنا نعمل في الحديقة، أنا وزوجي وأطفالنا، وعندما فكرنا بالأسمدة رفضنا استخدام الأسمدة الكيماوية، وفضلنا أن نلجأ إلى الأسمدة العضوية، وصرنا نصنع الكمبوست في المنزل، وزرعنا اللوز والزيتون والحمضيات، والبندورة والكوسا، وننقي المياه الرمادية، ونسقيها للمزروعات بواسطة الري بالتنقيط".
بينما تحلم عائشة ومن معها في مبادرة شراكة إلى العودة بالمزارعين للإنتاج الوفير كما كان الحال قبل النكبة والنكسة، حين كان يُصدّر إلى الخارج، وينشطون اليوم في زراعة حدائق منزلية كما فعلوا في المدرسة الإسبانية، وغرسوا في مقام( سيدي شبان) بجبل الطويل بالبيرة 180 شجرة مثمرة، ويرفعون شعار العودة إلى الأرض، وينتقدون برامج التمويل التي تخرب قيم الإنتاج والاكتفاء الذاتي، حين تقوم بدعم المزارعين لإنتاج نباتات غريبة عن فلسطين وأرضها، تخصص لإطعام غيرهم، في وقت نستورد فيه الطعام من الخارج!
أهداف وعوائق
تضيف: "تسعى شراكة إلى العمل والتغيير في السياسات، والمحافظة على الإنتاج الوطني، ومحاربة الاستيراد، ولم نصدق أن أول من التف حولنا وصار يشتري البضائع هم الأجانب".
فيما تفيد إسراء أن نموذج منزلها صار محط اهتمام من يراه، وقلده بعض الجيران، حيث ينتج نحو 90 % من احتياجات العائلة، وتحارب فيه العائلة الكيماويات، وتؤكد أن ثمار حديقتها لا تتلف بسرعة، قياساً مع الموجود في الأسواق.
بينما تؤكد ربى، أن أطفال الفرندز قد تلقوا تشجيعاً من جانب البلدية ووكالة التنمية الألمانية، اللتان قامتا بإنتاج أكياس قماش لتوزيعها على الأطفال وأهاليهم؛ لتقليل تلويث البيئة.
تلخص عائشة التحديات التي تعترض تجربة شراكة، وأهمها غياب الوعي البيئي، وتراجع العمل التطوعي، وعدم توفر سياسة دعم الأرض والزراعة، وإهمال الزراعات البلدية. غير أن إسراء ترى أن التغير المناخي، والحر الشديد، وشح المياه، هي العوامل التي تعترض طريق مبادرتهم، ما دفعها لزراعة أشجار حرجية ومثمرة كبيرة، ووضع مظلة فوق النباتات. في وقت تقول فيه ناصر أن الجهود الصديقة للبيئة لا تكتمل إلا بتوسيع نطاقها، وبحماية الأرض، في ظل استمرار أزمات المياه والاحتباس الحراري.
|
الندوة المتلفزة حول التجارب النسوية البيئية الرائدة |
استدامة
تخطط ممثلات المبادرات الثلاث باستدامة أعمالهن، وتطويرها، لكنهن لا يهملن آثار تراجع الوعي البيئي، وغياب الاهتمام الرسمي والإعلامي بالبيئة وقضاياها عليهن، ويُجّمعن أن النجاح في إطلاق وتبني مبادرات خضراء، يعني لهن الكثير، وهن يخصصن لها وقتاً كل يوم، ويشعرن بالسعادة في لحظات الحصاد والنتائج في الحقل والمدرسة والمجتمع.
|