تراثيات بيئية
البيئة في فكر مي زيادة (1)

علي خليل حمد
قد يمكن القول إن نظرة مي زيادة إلى البيئة تتضمن الحب العميق للبيئة والخوف منها وعليها في آن واحد؛ وتعكس هذه النظرة إلى البيئة الفيزيائية نظرتها إلى البيئة البشرية التي تسميها البيئة المعنوية والتي لم تأل جهدا في محاولة إصلاحها برغم ما واجهته من صعوبات جمة في ذلك .
وليس هذا الخوف المقترن بحب مي للبيئة شيئا طارئا بل هو شيء أصيل يكمن في طبيعة الأشياء ذاتها؛ مبعثه تنابذ الحيوانات؛ وصراعها بعضها مع بعض على النحو الذي أوضحه داروين في مبدئه المعروف: تنازع البقاء وبقاء الأصلح .
في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي؛ فقدت مي ذويها وأحباءها الأعزاء ؛ وفي الفترة ذاتها تصحّر المشهد الثقافي من حولها ؛ وأخذ الخوف من البيئة ، كل البيئة ، يطغى على محبتها لها إلى أن انتهى بها الأمر إلى الكآبة والوجوم... واتهمها الطامعون في مالها وثروتها بالجنون.
تبين المقتطفات الآتية من أدب مي ، حول البيئة , مدى التلازم بين مشاعر الحب والخوف إزاءها وكذلك بين كلتا البيئتين الفيزيائية والمعنوية.
(1)
الطيور تودع الربيع
ترى ما معنى تغريد جوقة الأطيار على هذه الغصون؟
أتسبيحة اليقظة هو؛ أم ترنيمة الربيع؟ أم أهزوجة الحياة؟ أم هو مساجلة ومناقشة تتبادل فيها الأطيار آراءها الصغيرة وأفكارها المجهولة لدينا؟
فردا فردا تنتقل الأطيار الرشيقة إلى أعالي الشجرة متخيرة لوقوفها الفتي من الغصون حتى يتجمع هناك العدد الوافي ؛ ومن يدري هل أولئك أعضاء فصيلة أو قبيلة أو طائفة أو جماعة؟ وبعد سكون لحظات يخرج عصفور أولا ؛ وتخرج بعده عصافير كثيرة تنتظر (تنتظم؟) سربا يتأثر أثر العصفور السابق ويتجه اتجاهه ؛ فتلوح في الأفق تلك الظاهرة الطبيعية البسيطة الفتانة : سرب الأطيار يجتاز السماء! لا أظن أن هناك مشهدا اقدر(من) هذا على إثارة الشوق إلى المجهول في الإنسان ؛ واهتياج حنينه إلى بلاد نائية وأنحاء معروفة ؛ وإذكاء رغبته في مغادرة مكان أقام فيه لينزع إلى المغامرة وركوب الأخطار واقتحام الأهوال وتمزيق الحجاب الذي ضربته أحكام المسافة وأنظمة الطبيعة من دونه.
لاشك أن للأطيار فضلا كبيرا في إنشاء الطيران وترقيته ؛ ليس من الوجهة الميكانيكية فحسب ؛ ولكن خصوصا من حيث تنبيه حاسة المجهول في الإنسان وشحذها في هجرة الديار؛ وارتياد شاسع الأمصار؛ ونعرف ما لا يعرف من أمور وممكنات وأفكار.
(2)
الينبوع الحزين
أنا الينبوع الصافي ، وهو ذا الربيع!
ظليلة تحنو الشجرة عليّ، وأنا في فيئها الحنون جاثم
بلورية الجلباب بلورية الحنين تتلاحق مياهي ، وقد أودعها الربيع لأعج الشوق
مياهي تفضض الحصى وترطب الأعشاب والأدغال في جريها الحثيث إلى حيث لا تدري . هي تتوق إلى رشيد السخاء كيلا تحسب ولا ندخر.
وتتوالى الساعات فلا يتفيأ شجرتي شريد الهجير ومرآتي المتثنية لا ترسم وجه المرتوي الشكور !
ليس من عابر غير ذاك الذي أخذ مني ما أخذ ليقذفني بالأحجار ويترك منه تذكار اللعنة والأقذار
اليأس خالط صفائي والكآبة حلت في مياهي !
وبت أحلم بالذين طوحت بهم السبل فهاموا في الفقر عطاشا،
بينما مدرارا أجاجي (؟) يناديهم وينطق باسمهم جزافا !
ولامستني مؤاسية في الظلام الأفنان ، فاستحالت مياهي عبرات وغدا نشيدي شهيقا وانتحابا:
الربيع الحزين الحزين ، هو ذا الربيع !
ربيع الجحود والهجران ، كيف أحتمل الربيع؟
(3)
( ماهو النهر؟ )
ما هو النهر أيها السيدات والسادة ؟ وهل يكون نهراً إذا هو انبثق من مصدره ، وانصب في البحر دفعة واحدة ؟ إنما يتفجر ينبوع النهر في أعالي الجبال ، فيهرول مقهقها على الصخور ، حتى إذا ما حشر وسط الشواجن (طرق الأودية ) الخضراء ملأ الوادي ألحاناً وأنغاماً . يجري في الصحارى والقفار فتنقلب القفار والصحارى مروجاً خصيبة وجنات زاهرة . يسير في البادية والحضر على السواء فيروي سكان المدينة وأهل القرية بلا تفريق بين الشريف والحقير . يرضع الأشجار بتغلغله في صدر الأرض الملتهب ، ويغذي الأثمار والنبات ناظماً لآلئ في ثغور الورود وكلما وزع من مياهه زادت مياهه اتساعاً وتدفقاً فيتابع السير بعقيقه الفخم واسع العظمة رحب الجلال . حتى إذا ما جلب النفع على الكائنات ، وملأ الديار خيراً وثروة وجمالا ، رأى البحر منبسطا لاحتضانه ، فشهق الشهيق الأخير، وانصب في صدر البحر مهللاً مكبراً.
كذلك عاطفة الأخوة لاتكون أخوة حقيقية إلا إذا أخرجت من حيز الشعور إلى حيز العمل . تتفجر عذوبتها على ذرى المجتمع ، وتجري نهراً كريماً بين طبقاته ، فتلقي بين المتناظرين سلاماً ، وبين المتدينين تساهلاً ، وتنقش محامد الناس على النحاس ، أما العيوب فتحفظها على صفحة الماء . تساعد المحتاج ما استطاعت بلا تفريق بين المحمدي والعيسوي والموسوي والدهري .
(4)
(كآبة )
حزينة اليوم روحي وحزنها القاتم مؤلمي.فعلام الاكتئاب؟
أترى الأوراق المتناثرة عن غصونها تدري لأي غرض تقلبها الريح وتتلاعب بها في تطايرها ؟
إنها لتتناثر تلك الوريقات المسكينة وتتهاوى أكواماً . هي التي كانت يمضها أسر الالتصاق بشجرة أنالتها الحياة ، هي التي نزعت إلى الانعتاق والتحرر، هاهي في نهاية الأمر فائزة بحريتها . لقد أبصرتك تتولدين ، ياوريقاتي العزيزة ، ورقبتك تنبتين ، وكنت صغيرة .. تنمين في حلة خضراء ناضرة.
هلاّ حدثتني ، كم من همس عذب طار اليك ، وكم من قبلة طاهرة شهدت وأنت على الأفنان ؟ أما كفاك العناق فيما بينك كلما مر عليك النسيم مداعبا ؟ أيتها الحسودات الصغيرات ، من عل رأيت السرور يمر فطلبته ظنا منك أن السعادة على الأرض . لكن لا ! لا سعادة عندنا لأن الإنسان يرسم أمانيه ثم يعجز دون تحقيقها .
وأنت أيتها الوريقات الساذجة ، التي بذلت أقصى الجهود للتخلص من ربقة العبودية ، إنك لن تظفري حتى ولا بالانهواء والمثوى عند قدم عزيزة تدوسك حيث تذوقين لذة الجور والإذلال ممن تحبين. إنما التقلب في التراب والتمرغ في الأوحال هو كل ما تنالين من التحلل والاضمحلال .
وأنا حزينة إذ أراك تتناثرين ، وترفرفين، وتتهافتين نحو مثواك القاسي، وحزني هذا جداً مؤلمي.
المشويات

ناديا البطمة
تمهيد:
يزخر المطبخ الفلسطيني بأطباق شعبية شهية ومنوعة وبسيطة وذات قيمة غذائية جيدة، وهناك تركيز كبير على استعمال زيت الزيتون في طهو الخضر المحلية والبقول الجافة يفوق استعمال اللحوم الحمراء، فقد كانت النساء تُربي الدواجن والأرانب في البيوت لتستفيد من لحومها خاصة في تغذية الحوامل والنفساء والمرضى.
أما اللحوم الحمراء فكان استعمالها أقل، حيث كان ذبح الذبائح في الأعياد والأعراس والمآتم والمناسبات، وأيضاً إكراما للضيف، لذا يقول المثل الفلسطيني "الضيف رحمة" أي أنه بسبب هذا الضيف الذي يُكرّم تُكرّم العائلة في معيته.
ويستهلك المجتمع الفلسطيني في غذائه الألبان ومنتجاتها أكثر من اللحوم ذاتها وهذه ظاهرة صحية، كما يستعمل اللبن الجميد القليل الدسم وطعمه مستساغ ومرغوب في الطبخ، ويعنى الجميع بتخزينه كل ربيع، وتُشكل محافظة الخليل أكبر منتج في البلاد لهذا النوع من اللبن.
وطبقنا اليوم المشويات جمع (مشوية) ويقابلها في المعنى (المتبل) أما الاسم الشعبي (المشوية) فسببه أن الخضر تنضج وتطهى غالباً بالشي في الطابون أو الفرن أو تُهبّل على البخار. وهناك مشوية الباذنجان، ومشوية الكوسا، ومشوية القرع الأصفر ومشوية البندورة ومشوية البطاطا.
مكونات طبق المشوية: نوع من الخضر المذكورة وثوم ولبنة بلدية أو لبن جميد (مرسية لبن) وطحينة محلولة بالليمون الحامض.
طريقة العمل:
تُطهى الخضر بطريقة الشيّ أو التهبيل على البخار حتى تنضج وهي من طرق الطهو الشائعة وكلاهما يحفظ العناصر الغذائية لتلك الخضر.
- تُقشر الخضر المشوية ثم تهرس ويضاف إليها اللبنة البلدية والثوم المدقوق مع الملح، حيث تفرد جميعاً في صحن التقديم ويسكب عليها بعض الزيت.
يمكن تتبيل الخضر المذكورة باللبن الجميد ويُقلى الثوم بالسمن البلدي بدل زيت الزيتون ويوضع على الخليط، ويمكن إضافة قليل من النعنع الجاف مع الثوم المدقوق في التقلية، حيث ينشر رائحة شهية كما يسهل عملية الهضم علاوة على نكهته.
- أما البندورة المشوية فتقشر وتهرس ويضاف إليها الثوم المدقوق بالملح والزيت البلدي، كما ويمكن تتبيل الباذنجان المشوي بالبندورة المشوية والثوم والزيت بدل اللبنة أو اللبن الجميد (مرسية اللبن)، وهي مشوية لذيذة خاصة بالباذنجان البتيري صيفاً والبندورة البلدية الحامضة العصير.
وهناك من يرغب بتتبيل الخضر سواء الباذنجان أو الكوسا أو القرع الأصفر بمحلول الطحينة مع الليمون الحامض والثوم، وهو طعم آخر للمشوية يختلف عن اللبنة، أما البطاطا المشوية فهي أفضل خاصةً للأطفال في مرحلة الفطام التدريجي والتحول نحو أغذية بديلة ومنوعة.
ولا تزال ربّات البيوت إلى اليوم، تشوي الخضر مع كل "خبزة" على الأفران البلدية البيتية التي حلت محل الطابون القديم وأفران السوق في المدينة، علاوة على أن الشي، يكسب الأطعمة نكهة خاصة ومميزة.
وصحتين وعافية
زهرة من أرض بلادي
عنب الحية (شربيط، عليق)

د. عثمان شركس / جامعة بيرزيت
الاسم اللاتيني:Smilax aspera L.
الاسم الانجليزي:Rough Bindweed
إسم العائلة: العائلة الزنبقية / فساغية
الاسم العربي المحلي الشائع: عنب الحية، شربيط، عليق.
الوصف: نبات متسلق كالعليق ومعمر. وهو من أكثر المتسلقات انتشاراً في مناطق مناخ البحر المتوسط ومن أكثرها تسلقا على أشجار البلوط والصنوبر والسنديان والبطم وغيرها من الأشجار الحرجية، وهو يتسلق بواسطة الزوائد الشوكية والأوراق المرافقة التي تحولت إلى محاليق.
وأوراق عنب الحية تشبه شكل القلب، وأما الأزهار فان الواحدة فيها تحتوي على أربع بتلات وستة أسديه. والعليق نبات شائك جداً، وساقه الخشبي يعمر طويلاً. وعلى طول الساق يوجد أشواك تشبه الكلاليب. وأزهاره صغيرة (ذات قطر يتراوح بين 3-4 ملم). ذات لون ابيض مصفر. تنتظم في خصل عنقودية في إبط الأوراق وفي نهايات الفروع.
فترة الإزهار: تشرين أول- كانون ثاني.
التوزيع الجغرافي: ينتشر العليق في المناطق التي تتلقى كمية من الأمطار تزيد عن 350 ملم، في الجبال الوسطى والمنحدرات الغربية والسهل الساحلي والأجزاء الشمالية من بلادنا.
الاستعمال: تستخدم الجذور كمصفاة للدم، كما تساعد على التعرّق وإدرار البول، موصوفة للربو، التهاب المفاصل، أمراض الجلد، الروماتيزم والسفلس.
|