تشرين الثاني 2009 العدد (19)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

November2009 No (19)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

سياحة بيئية وأثرية قراءة في كتاب البيئة والتنمية في صور الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

قراءة في كتاب:

تحديات الأمن الغذائي العربي

كتاب:  تحديات الأمن الغذائي العربي

مراجعة وتقديم:  د. صبحي القاسم

سنة الإصدار:  2009

عدد الصفحات:  156 صفحة من القطع المتوسط

الناشر:  المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت

 

قراءة:  محمود الفطافطة

 

يضم الكتاب بين دفتيه، أعمال ندوة تتصل بمعضلة الأمن الغذائي العربي في ظل التطورات الإقليمية والدولية، عقدت في منتدى عبدالحميد شومان الثقافي في آواخر العام2008، وشاركت فيها نخبة من المفكرين والمختصين في شؤون الزراعة والاقتصاد والأمن الغذائي العربي، وقدمت فيها دراسات جادة ومناقشات مستفيضة.

وفي مقدمته لهذا الكتاب يرى الخبير والباحث الاقتصادي، الدكتور صبحي القاسم :"أن مفهوم الأمن الغذائي قد تطور ليشمل كفاية جميع أفراد المجتمع من السلع الضرورية، بعد أن كان يقتصر على الاكتفاء الذاتي، وأصبح مفهوم الأمن الغذائي ينطوي على أربعة أركان هي، أولا:  إتاحة المعروض من المواد الغذائية، سواء من الإنتاج المحلي أو من السوق العالمية، ثانيا:  استقرار المعروض من المواد الغذائية على مدار السنة ومن موسم لآخر،  ثالثا:  إتاحة المواد الغذائية للمواطنين كافة وتناسبها مع دخولهم،  رابعا:  سلامة الغذاء وفق المواصفات المعتمدة.

 

اكتفاء ذاتي أم اعتماد على الذات؟!

ويضيف القاسم:"يعني ذلك أن يحصل كل مواطن على احتياجاته الغذائية الضرورية على مدار السنة دون حرمان، سواء من الإنتاج المحلي أو المستورد، وقد استبدل بمفهوم الاكتفاء الذاتي مفهوم الاعتماد على الذات، وهذا يعني قيام الدولة بتوفير الغذاء من إنتاجها المحلي، فضلا عن توفير النقد الأجنبي من إمكانياتها الذاتية لاستكمال احتياجاتها من سوق الغذاء العالمي" .

 

تطورات و أبعاد

ويستعرض الكتاب في المقدمة مجموعة من التطورات التي برزت على مستوى القطر والاقليم العربي والدولي التي تؤثر على الأمن الغذائي العربي، وأهمها:

 *  ارتباط تقلبات أسعار المواد الغذائية مع تقلبات اسعار النفط سلباً أو إيجاباً؛  إذ ارتفعت أسعار المواد الغذائية وأهمها الحبوب والحليب والزيوت والسكر اعتباراً من العام 2006، وحتى شهر تشرين الثاني لعام 2008، كما ارتفعت أسعار القمح في السوق الدولية.  فعلى سبيل المثال وصلت إلى 500 دولار في منتصف العام 2008 ثم انحدرت إلى حوالي 200 دولار للطن الواحد في الثلث الأخير من العام نفسه، وارتبط هذا الارتفاع ببرميل النفط ليصل إلى 147 دولاراً في الربع الثالث من عام 2008 لينخفض إلى أقل من خمسين دولاراً مع نهاية عام 2008.

* تقلب أسعار الأسمدة؛ إذ ارتبطت مع أسعار النفط ارتفاعا وانخفاضا في عام 2008

*  توجهت عدد من الدول المصدرة للحبوب وبالذات القمح والذرة الصفراء والشعير، مثل أميركا وكندا والبرازيل، لتوليد مادة الإيثانول عندما ارتفعت أسعار النفط، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الحبوب التي تشكل أهم وارادات معظم البلدان العربية من الحبوب.

*  ازدياد نسبة التصحر جراء تملح التربة في عدد كبير من البلدان العربية ومنها السعودية ودول شمال أفريقيا.

*  تناقصت كميات المياه السطحية في عدد كبير من البلدان العربية، كما انخفضت مناسيب المياه الجوفية. كل ذلك أدى الى تزايد الملوحة بدرجات متفاوتة في عدد كبير من البلدان العربية جراء الضخ الجائر.

*  على الرغم من الإنجازات التي حققتها عدد من الدول العربية في تخفيض نسبة نمو السكان إلا أن عدد السكان في الدول العربية قد تضاعف خلال الربع الاخير الذي امتد من ( 1982 ـ 2007 ) اذ بلغ 329 مليون نسمة.

 

قدرات وملامح

وفيما يتعلق بحالة الأمن الغذائي العربي في الوقت الحاضر، بين الكتاب أن قدرة البلدان العربية تتفاوت في انتاج المواد الغذائية الأساسية المتاحة للاستهلاك من مواردها الوطنية بدرجة كبيرة، مثلما تتفاوت في استيراد هذه المواد بدرجة كبيرة أيضاَ. ويضيف الكتاب: "على الرغم من زيادة إنتاج عدد من المواد الأساسية، وأهمها القمح، إلا أن صافي فاتورة استيراد المواد الغذائية قد بلغ 18 مليار دولار في عام 2006 مقابل 12,6 مليار دولار في عام 1997. ومن المرجح أن تزداد قيمة الفاتورة؛ إذ تشير الارقام الاولية لعام 2007 إلى أنها قد بلغت 19,7 مليار دولار؛ وقد تزيد على 20 مليار دولار في عام 2008.

إلى ذلك، فالكتاب يجمل ملامح الأمن الغذائي العربي، وفق ما يراها الباحثون المشاركون في الندوة، وذلك في فترة السنوات الخمس ( 2003 ـ 2007 ). هذه الملامح تتمثل في:

*  تصطاد البلدان العربية كميات من الأسماك تزيد على المتاح للاستهلاك لجميع البلدان العربية؛ إذ بلغت قيمة الفائض المصدر حوالي مليار دولار لعام 2007.

* استطاعت البلدان العربية إنتاج ما يصل الى كامل المتاح للاستهلاك وبنسبة تتراوح من 96 ـ 101 % لعدد من المواد الغذائية وهي: البطاطا، والخضراوات، والفواكه.

*  تمكنت البلدان العربية من إنتاج البيض واللحوم البيضاء بنسبة بلغت في معدلها من 76% للحوم البيضاء و97% للبيض، هذا مع العلم أن معظم البلدان العربية تعتمد على استيراد 60% من الذرة الصفراء وجميع ما تحتاجه من فول الصويا لتصنيع أعلاف الدواجن.

*   تمكنت البلدان العربية من إنتاج الحليب ومنتجاته بنسبة تصل الى 70% من المتاح للاستهلاك.

*  استمرت جميع البلدان العربية في استيراد القمح بنسب تتفاوت من 32 % الى 100% لتلبية المتاح للاستهلاك، باستثناء سوريا والسعودية. وقد بلغ معدل العجز لجميع الدول العربية ما نسبته 45% من المتاح للاستهلاك.

*  استمرت جميع البلدان العربية في استيراد البقوليات بنسبة بلغ معدلها 40% من المتاح للاستهلاك.

*  أما الزيوت والسكر واللحوم الحمراء فقد بلغ معدل استيرادها بنسبة 67 و 65 و 18% على التوالي.

*  توزع صافي فاتورة واردات المواد الغذائية في الوطن العربي للفترة 2003 ـ 2007 بنسبة 48% للحبوب، و 15% للألبان، و12,5% للحوم الحمراء والبيضاء، و11% للزيوت، و8% للسكر، و5% لبقية المواد التي تشمل البيض والبقوليات والفواكه والخضار والبطاطا.

*  الملمح الأخير لهذا المشهد، يتمثل في أنه بلغت حصة أربع دول عربية ما نسبته 70% من صافي واردات المواد الغذائية للوطن العربي، وهي: السعودية، والجزائر، والإمارات، ومصر، كما بلغت حصة خمس دول أخرى وهي: ليبيا، والكويت، ولبنان، واليمن، والأردن ما نسبته 20% من مجمل صافي الواردات، أما قيمة صافي الواردات للدول العشرة الباقية فقد بلغت 10% فقط. ومن الجدير بالذكر (وفق الكتاب) أن صادرات المغرب وموريتانيا قد فاضت عن الواردات بقيمة مقدارها 100 مليون دولار سنوياً للفترة (2003 ـ 2007).

 

الغذاء ...أسعار وأزمة!

وفي السياق ذاته، يتطرق الكتاب إلى ورقة بحثية حول ارتفاع الأسعار وأزمة الغذاء العالمية، أعدها د. محمد سالم استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس. يقول د. سالم في بحثه: "إن الصورة العامة للازمة توضح أن هناك نحو 37 دولة في العالم تواجه أزمة غذائية حادة، منها 21 دولة في افريقيا وحدها، حيث تبهظ الفاتورة الغذائية ميزانيات أفراد هذه الدول، وتصل إلى نحو 60% من الدخل.  ويبين أن من تأثيرات هذه الازمة أن مخزون العالم من المواد الغذائية الاساسية انخفضت كفايته من 125 يوماً في العام 2002 الى 60 يوماً في العام 2008، وهذا ما له من نتائج خطيرة جداً. أي أن إرتفاع اسعار المواد الغذائية أثر على كفاية المخزون العالمي.

 

مناخ وحلول

وفي دراسة حول قضايا البيئة والتغير المناخي، يبين د. وليد عبد ربه (وزير زراعة سابق في السلطة الفلسطينية) أن للتغير المناخي آثارا كبيرة على الأمن الغذائي والزراعة، ويمكن إجمالها في:

ـ الزراعة تعد عاملاً مؤثراً ومتأثراً بتغير المناخ على غرار الأسمدة، وهناك زراعات معينة، إضافة إلى قطع الغابات والرعي الجائر، واستهلاك الثروة الحيوانية، وإنتاج (الوقود الحيوي).

ـ الجفاف، فيضانات وسيول.ـ قلة الإنتاج والإنتاجية (شح المياه، خروج مساحات من الزراعة، التصحر والتملح، وتغير أنماط الإنتاج وتهديد التنوع الحيوي). ـ تهديد مرافق البيئة التحتية ( طرق، سدود، خزانات، وغيرها). ـ أمراض إنسان، ونبات وحيوان. ـ تأثر الغابات سلباً نتيجة لجفاف التربة وحرائق الغابات.

أما بخصوص الحلول والإجراءات لمثل هكذا مشكلة، فيضع د. عبد ربه أهم ثلاثة، وهي:

ـ تحسين إدارة الطلب وترشيد استهلاك الطاقة . ـ توفير الطاقة البديلة ( الشمس، الرياح، المياه والطاقة الحيوية). ـ الاستخدام الأمثل والمستدام للموارد المتاحة كالأرض والمياه والمراعي.

 

أين البحث العلمي من الزراعة؟

تعالج إحدى ورقات الندوة مسألة البحث العلمي والتطوير الزراعي، قدمها د. صبحي القاسم. يذكر فيها:  أن قدرات الدول العربية تتفاوت في مدى توليد المعارف والتقنيات الزراعية بدرجة كبيرة، وقدرتها أيضاً على توطين المعارف والتقنيات التي تشتريها من الدول المتقدمة. كما تتفاوت قدرات المزارعين بين دولة عربية وأخرى وفي داخل الدولة العربية الواحدة لدرجة كبيرة أيضاً.  ويبين: أنه ليس من الصدفة أن تتمكن دولة المغرب، على سبيل المثال، من تحقيق فائض ولو متواضع في ميزانها الزراعي التجاري؛ إذ أسست مركزاً للبحوث الزراعية ووفرت له البيئة الحافزة للبحث والتطوير.

ويظهر د. القاسم أنه تم تأسيس مراكز لحوث زراعية بعيد منتصف القرن العشرين وبلغ عدد وحداتها البحثية ما يقرب من 150 وحدة بحث، توزعت بنسبة 72% في القطاع العام، و18% في الجامعات، و6 % في المؤسسات العربية والإقليمية، و4% في القطاع الخاص.

 

توصيات

وفي النهاية، لو تتبعنا ما خرج به المشاركون في الندوة من توصيات ومطالب، فيمكننا إيجازها في التالي:

ـ العمل على تشكيل مجموعات ضغط زراعية، على المستوى القومي والقطري، لتنفيذ هذه الاستراتيجية، علماً أن "اللوبي" الزراعي لا يقتصر على المزارعين فقط، بل يجب أن يشمل كافة المثقفين والسياسيين وأصحاب رؤوس الأموال والنواب، من أجل الضغط على صانع القرار لايلاء القطاع الزراعي ما يستحق من اهتمام.

ـ العمل على الاهتمام وتعزيز الركائز الخمس التي تقوم عليها الزراعة، وهي: التعليم العالي، والبحث العلمي، واإارشاد الزراعي، وتوفير الدعم المالي للتسويق، والدعم المالي للمزارعين والقطاع الزراعي.

ـ في ظل وجود عدم تعاون حقيقي في القطاع الزراعي بين الدول العربية نفسها، وكذلك داخل الدول ذاتها بقطاعاتها ومؤسساتها المختلفة، فالأمر ماس وضروري باتباع علاقة وطيدة وتنسيق دائم ومثمر بين كافة هذه الأطراف، وصولاً إلى تحقيق درجة مقبولة من الأمن الغذائي العربي.

ـ التركيز على نقل التكنولوجيا الزراعية من الدول المتطورة، وقيام الصناديق العربية بالاستثمار الجاد والكبير في قطاع الزراعة، والعمل على ابتكار كل الوسائل والسياسات لترشيد الاستهلاك المائي، وغير ذلك من المطالب والملاحظات.

للأعلىé

 

 

التعليقات

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:

بريدك الالكتروني:

:

التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.