تشرين الثاني 2009 العدد (19)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

November 2009 No (19)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

سياحة بيئية وأثرية قراءة في كتاب البيئة والتنمية في صور الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

شخصية بيئية:

سامي ناصر: "أبحث عن أفق أخضر"

عبد الباسط خلف:

 

يزاول  سامي علي ناصر "حرفة" الحنين إلى الطبيعة الخلابة والأفق غير المشوه الذي كان يحيط بقريته دير قديس، غرب رام الله، حينما احتفظت به الطفولة في سجلاتها.

  يروي:" أيام زمان كانت دير قديس والتجمعات المجاورة لها رائعة، ولأن طبيعة أراضينا من الصخر، فقد كانت أزهار النرجس تنتشر بكثرة. كنا نتمتع بمنظرها، ويوصينا الكبار بعدم قطفها."

 

نرجس غائب

 وفق ناصر الذي يحمل الدرجة الجامعية الأولى في الفيزياء، بجوار دبلوم في الهندسة الإلكترونية، فإن نرجس دير قديس صار نسياً منسيا، واحتلت مكانه المستعمرات الإسرائيلية، ومزارع الدواجن العشوائية، والأبراج المستخدمة في الاتصالات وغيرها من مشاهد تدمي العين.

 يوالي:" تحتل مستعمرة "كريات سيفير" القسم الجنوبي من البلدة، فيما تسيطر "نيلي" على الأقسام الشمالية من دير قديس، وهي المستعمرة التي افتتحها الاحتلال في اليوم نفسه الذي اغتيل فيه الرئيس المصري أنور السادات العام 1981."

 حرّكت الفيزياء الشاب سامي، الذي رأى النور العام 1970 ليلتقط التغيرات المتسارعة التي قضت على تنوع قريته الحيوي، وما أكملته أيدي البشر من مصانع وإنشاءات وأبراج حديدية، اختطفت  الأفق الجميل والتلقائي.

   يُفصل:" ما إن افتح اليوم باب بيتي، إلا وتقابلني بقوة رائحة مزارع الدواجن غير اللطيفة بالمرة، والتي تنتشر في القرية بكثافة، عدا عن فوضى أحد المصانع."

 

أقحوان حزين

 من الإشارات التي التقطها ناصر، تلك الأرض الصغيرة التي كانت مسرحاً لتنوع  حيوي فريد، وسط القرية. فصاحبها الحاج سعيد أبو زيد، كان يعتني بالأقحوان والبابونج البري، ويجففها ويوزعها، ثم يزرعها بمحصول البامية.

 انتقلت أرض الحاج أبو زيد من خانة المناطق الأخاذة، لتتحول إلى مكان تحتله أعمدة حديدية مرتفعة، وأطباق عديدة، صارت تتكاثر شيئاً فشيئاً، وتبث موجاتها لتدخل حالة من عدم التوازن والحيرة إلى عقل سامي، الذي يؤكد أن العلم لا زال حائراً في حسم أو نفي ضرر الأبراج، لكن نوم صغاره: عبد الله(7) سنوات، وبسمة(5) أعوام، وعبد الرحمن الذي يقف في ربيع عمره الرابع، وسارة التي ما زالت في أشهرها الأولى، صار مستقطعاً ويفتقر إلى العمق، بسبب الإزعاج والتشويه وأعمدة الحديد التي تطوق نظره وبيته وتتسلل إلى عقله.

 يقرأ سامي دائماً نصوص  قانون البيئة الفلسطيني، ويجد جماله في حفظ الحق بأكبر قدر من الصحة والرفاه للناس، لكن حساب البيدر يختلف عن حساب الحقل كما يقتبس من مثل عربي.

 

أسئلة صعبة

  يتساءل: "لماذا لا تكون حياتنا بريئة وطبيعية، دون أن نخرب وندمر عناصرها الحلوة؟ ولماذا ندمر الأشجار، والصخور، والطبيعة؟ وإذا كان الاحتلال يدمر أرضنا، وأقام جداره القاتل عليها، فهل نكمل نحن على ما تبقى منها؟"

   ينظر سامي، الذي يعمل منذ العام 1997 في مختبرات الفيزياء بجامعة بير زيت، بعين القلق إلى العبث بعناصر الطبيعة المتوازنة، وربما  أثقلته الفيزياء التي يدرسها، بأسئلة البحث عن الحركة التي تدمر سكون الطبيعة وتفقدها عناصر الثراء الأصيلة. ويعيد البحث عن جبل الدير الذي كان يضم موقعاً قديماً منذ أيام الاحتلال الإنجليزي، ويحزن لتحول دير قديس لما يشبه السجن بعد جدار الاحتلال الكريه.

 يضيف:" تشوه منظر قريتنا، ولم نعد نجد مساحة خضراء كما في الماضي، ولست أدري أيهما الأهم الطبيعة والأرض والزهور والهواء النقي وطيور الحجل(الشنار) التي اختفت، أم الحديد والأسمنت والتدمير والربح المادي الجشع."

 

عادة

  يُخصص سامي أيام الجمعة والأحد من كل أسبوع، والعطل الموسمية ليزرع الأشجار ويقلمها، وليجمع القمامة من محيط منزله، فهو لا يسر بأكوام النفايات ولا بالأرض الجرداء أو الأفق المشوه كما يقول.

  مثلت الطبيعة وجهة هامة لسامي، فهو الذي حرص على متابعة دروسه وفهمهما ومعالجتها منذ الابتدائية وحتى الثانوية في أحضان الأرض الخضراء، والجبال الرائعة. يقول:" كانت الأرض والجبل والأزهار الخلفية الدائمة التي أدرس بجنبها كل دروسي ومسائلي."

 ينهي بحزن: قد تفك المستعمرات باتفاق سلام ما، كما حدث في غزة، لكن المصانع والأبراج والعبث الذي يطارد الطبيعة، لا يمكن أن نعرف له نهاية محتملة! وها أنا ابحث عن أفق أخضر كله حياه وأمل، ولا أجده.

aabdkh@yahoo.com

للأعلىé

 

 

التعليقات

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
 
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.