فن التدوير والحفاظ على البيئة
سيدة من الخليل تحول قصاصات الورق المستعملة الى أشكال فنية
|
إعادة تشكيل المخلفات الورقية إلى مناظر جميلة مستوحاة من الطبيعة |
ثائر فقوسة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
لم تعلم المواطنة فادية زاهدة من مدينة الخليل أن مشاهدتها لبرنامج على موقع "اليوتيوب" سيغير حياتها، ويحولها من امرأة تمارس دورها التقليدي في تربية الأولاد والاعتناء بالبيت، الى امرأة منتجة تساهم بشكل واضح في التخفيف من أعباء النفايات المنزلية وأثرها على البيئة.
فمشاهدتها لبرنامج "كيف يمكن لربة البيت الاستفادة ماديا من النفايات المنزلية" جعلها تفكر في كيفية تحويل الورق والكرتون المستخدمين في منزلها الى اشكال فنية تسر الناظرين اليها.
|
تحف فنية من المخلفات الورقية والكرتونية صنعتها فادية زاهدة من الخليل |
البداية
تقول المواطنة زاهدة بأنها بعد مشاهدة البرنامج، بدأت في عملية فرز النفايات داخل البيت، وأخذت تجمع قصاصات الورق والكرتون في حاوية خاصة وفي نهاية كل أسبوع، كانت تقوم بطلي الورق المجموع بالأواني المختلفة، ثم تبدأ بتشكيله بعد قصه وطيه الى أشكال جميلة مستوحاة من الطبيعة مثل الأزهار والطيور والأسماك، وكانت في البداية تستخدم ما تقوم بإعادة تصنيعه في تزيين بيتها، حيث كانت كمية الورق الصادرة عن منزلها قليلة ولا تكفي إلا لصناعة بضعة قطع فنية صغيرة.
وتضيف ان إعجاب الزوار والأقارب بما كانت تقوم به، جعلها تفكر في البحث عن كميات أكبر من نفايات الورق والكرتون لإعادة استخدامها في أعمال الزينة، حيث اتفقت مع جارتها على ان يقمن بعمليات فرز هذه المواد داخل منازلهن، وبعد ذلك يتم جمع الورق من المنازل وجلبه لمشغل زاهدة، وقد وصلت كمية الورق والكرتون المجموعة في بضعة أسابيع الى 50 كغم.
وكانت زاهدة تمضي في المرحلة الأولى ساعات طويلة في إعادة تشكيل الورق وتحويله الى مناظر جميلة حسب طلب جاراتها اللواتي أحببن الفكرة، وأخذن يزيّن منازلهن بأقل التكاليف.
لمسات مبتكرة
لم تتوقف زاهدة عند التصاميم التي أصبحت متكررة بل لجأت الى مواقع تنسيق الزهور وتصميم بطاقات أعياد الميلاد والأفراح على الإنترنت، وبدأت بإضافة لمساتها على الورق الذي كان في الأصل بين أكوام النفايات، وحولته الى أشكال فنية بأقل مجهود وتكاليف، ونشرت أعمالها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليصبح مشغلها الصغير عنواناً لمحبي الابتكارات الفنية البسيطة والجميلة في الوقت ذاته، اضافة الى بعض الفتيات الراغبات بتعلم هذه الحرفة.
سرعة انتشار أعمالها بين الناس ساهم في تلقيها العديد من الدعوات للمشاركة في المعارض الفنية والأسواق التجارية، حتى وصل الامر الى طلب بعض الفتيات المقبلات على الزواج من زاهدة بأن تعمل لهن زينةً ومناظر خاصة يتم استخدامها يوم الزفاف، مثل عمل سلال ورقية بأشكال وألوان مختلفة، تستخدمها العروس في توزيع الهدايا على المدعوين، الأمر الذي دفعها إلى التفكير بتطوير مشروعها ليصبح ذا طابعٍ تجاري.
|
|
تحفة فنية من نفايات كرتونية صنعتها فادية زاهدة |
زهرة من النفايات الورقية |
مشروع اقتصادي
ومع زيادة إقبال المواطنين على اقتناء هذه المنتجات، كان لا بد من توفير كميات كبيرة من الورق والكرتون لمشغلها، حيث فكرت زاهدة الاستفادة من فكرة قيام مجلس النفايات المشترك -الذي تأسس مؤخرا- بنشر وتوزيع عشرات الحاويات الخاصة بجمع الورق والكرتون في شوارع الخليل، لتكبير مشروعها بهدف تحقيق الربح المادي وتشغيل عددٍ من العاطلات عن العمل في المحافظة، وبدلا من جمع الكرتون وإرساله إلى المصانع الإسرائيلية، فإنها ترى أن من الأفضل الاستفادة منه فلسطينيا من خلال زيادة وعي المواطنين بالطرق التي يمكن من خلالها تحويل النفايات المنزلية الى مشاريع تعود بالفائدة على أبناء المجتمع، وتخفف من إلحاق الضرر بالبيئة.
ومن الجدير ذكره ان مجلس النفايات المشترك في محافظة الخليل يقوم بجمع ما يقارب من 50 طن يومياً من الكرتون، تجمع وتكبس وترسل الى إسرائيل، لعدم وجود مصانع فلسطينية متخصصة بإعادة تدوير الكرتون للاستفادة منه، ما يضطر المجلس الى بيعه الى المصانع الإسرائيلية بأثمان بخسة، تكاد لا تغطي تكلفة جمعه داخل المدن.
وأمام هذه المحاولات الفردية لإعادة تدوير وتصنيع النفايات بأنواعها، فإن مشروع زاهدة وغيره، بحاجة الى قيام الجهات المختصة بإعادة النظر بالاستراتجيات التي وضعت لدعم المشاريع الاقتصادية، والتفكير في مساندة وتطوير هذه المشاغل الصغيرة، التي من شأنها تغيير سلوكيات المجتمع بأكمله تجاه البيئة الفلسطينية.
|
|
تحفة من المخلفات صنعتها فادية زاهدة |
سلة كرتونية من المخلفات صنعتها فادية زاهدة |
|
|
سلال جميلة للمناسبات والأعراس صنعتها فادية زاهدة من المخلفات الورقية والكرتونية |
سلة من المخلفات الورقية أنتجتها الفنانة فادية من الخليل |
|