مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
حزيران 2013 - العدد 55
 
Untitled Document  

العمارة الخضراء توفر أكثر من 40% في استهلاك الطاقة وتقلل من احتمالية الإصابة بالمرض

عمارة خضراء نموذجية

ج. ك.
خاص بآفاق البيئة والتنمية

تعد المباني الخضراء من أكثر الوسائل الفعالة للتوفير في الموارد وتقليل انبعاث غازات الدفيئة وتحسين جودة الحياة في المدن.  إلا أن عائقا أساسيا يحول دون التطبيق الواسع لهذه الوسيلة، ألا وهو عدم اليقين المتصل بتكاليف البناء الأخضر.  وقد حاولت بعض الأبحاث التي نشرت مؤخرا التعامل مع هذه المسألة.
العمارة الخضراء تعرف باعتبارها صممت وبنيت أخذا في الاعتبار عددا كبيرا من الجوانب البيئية، ابتداءً من التوفير في استهلاك الطاقة، وانتهاء باستعمال مواد أعيد تدويرها، والامتناع عن استخدام المواد السامة.  ويتم إنجاز هذه الجوانب من خلال العزل الحراري للجدران، وتعظيم الاستفادة من الإنارة الطبيعية، واتباع آليات مختلفة للتوفير في المياه والكهرباء، فضلا عن استعمال مخلفات الإنشاءات المعاد تدويرها كمواد خام في البناء.
ويمكننا القول إن الأهمية البيئية للبناء الأخضر حاسمة؛ إذ أن المباني تساهم في جزء هام من استهلاك المياه والطاقة، إضافة إلى انبعاث التلوث وغازات الدفيئة؛ كما أنها مستهلك كبير لمواد التعدين والمحاجر.
وإجمالا، تكلفة الاستثمار الإضافي في المبنى، بسبب المكونات الخضراء (البيئية)، تزيد بنسبة 2-4% أكثر من الاستثمار في المبنى العادي.  ويحتل إجمالي الاستثمار في الطاقة (بما في ذلك وسائل التكييف والإنارة المختلفة) نحو 60% من إجمالي الاستثمار الإضافي في المبنى.  وفي مجال الطاقة، يعد العزل تحديدا؛ مثل الجدران الحرارية والزجاج المزدوج،  المكون الاستثماري الأهم.
وتفيد هذه المعطيات بأن البناء الأخضر لا يزيد بشكل جدي تكاليف البناء.  لكن، وبسبب الاختلافات الكثيرة  في مكونات المباني الخضراء، فالمجال واسع للمرونة، وبالتالي اختلاف الأسعار.  ويتعلق الأمر بالمواصفات الرسمية للعمارة الخضراء؛ إذ كلما ازدادت المواصفات صرامة، كلما أدى ذلك إلى زيادة إضافية في تكلفة البناء.  لكن، بما أن طرق البناء الأخضر تتطور وتتحسن باستمرار، فإن ذلك يؤدي إلى تقليل التكلفة.     
وبالطبع، لا يمكننا الحديث عن البناء الأخضر دون الأخذ في الاعتبار تأثيره على جيب المستهلك، من ناحية النفقات الإجمالية لصيانة المنزل واستخدامات المياه والطاقة.
المجلس الدولي للبناء الأخضر نشر مؤخرا تحليلا لتكاليف إقامة مبنى أخضر، آخذا في الاعتبار الفائدة طويلة الأجل الكامنة في هكذا مبنى.  وقد تم تحليل عينة من المواصفات المعتمدة في مناطق مختلفة من العالم تتواجد في مراحل تطبيقية مختلفة. 
وبحسب المجلس الدولي، الأثر الاقتصادي الأبرز للمبنى الأخضر بعد إنشائه، يكمن في تقليص استهلاك الطاقة.  والمقصود توفير في استهلاك الطاقة يتراوح بين 30% وأكثر من 40%. 
فائدة أخرى إضافية للمبنى الأخضر أنه يقلل من احتمالية الإصابة بالمرض، وذلك بسبب التحسن الحاصل في التهوية والإنارة وتقليل التعرض للمواد الملوثة الموجودة حاليا في العديد من المباني العادية، بسبب استخدام المواد اللاصقة والمذيبات التي تنبعث منها أبخرة سامة.
ولدى تحليل العمارة الخضراء، ثمة جوانب أخرى يجب أخذها في الاعتبار وهي:  دمج هذا النمط من المباني في التخطيط الحضري الشامل، إضافة إلى استخدام طرق التشييد المتبعة في عملية البناء الأخضر في حال ترميم أو تجديد المباني القائمة. 
ويشدد العديد من المهندسين والمخططين العاملين في مجال البناء الأخضر على أن المباني يجب أن تكون جزءا من التخطيط المحلي للأحياء والذي يأخذ البيئة في الاعتبار؛ بما في ذلك المساحات الخضراء وطرق للدراجات الهوائية وبنية تحتية مريحة لمنشآت تدوير النفايات أو استعمال المياه العادمة المعالجة.  وفي مثل هذه المباني تتحسن كثيرا جودة الحياة.
وقد تكون عملية تجديد المباني القائمة بطرق البناء الأخضر جزءا من النشاط الشامل لتجديد المناطق الحضرية، والذي يسمح بتعزيز هياكل المباني ضد الزلازل، فضلا عن إضافة شقق وتجديد كلي للمبنى. 
وعندما تتبنى الحكومة والهيئات المحلية سياسات توفر "للمبادرين إلى إنشاء مبان خضراء" تسهيلات في إجراءات الترخيص وحوافز مالية، فستزداد الجدوى الاقتصادية للمقاولين.  وعندئذ، من البديهي أن يكون لذلك أيضا آثار بيئية بعيدة المدى.

التعليقات

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية