بالرغم من ادعاء تفوقها في تكنولوجيا الطاقات البديلة إسرائيل متخلفة في استغلال الطاقات المتجددة
إسرائيل تخوض مغامرات نووية مرعبة تعرض حياة الملايين للخطر
|
الرادارات العسكرية التي نصبتها الولايات المتحدة الأميركية في صحراء النقب بمحاذاة المفاعل النووي في ديمونا |
جورج كرزم
خاص بآفاق البيئة والتنمية
تشكل الطاقة المتجددة مصدراً لأقل من 1% من الكهرباء في إسرائيل. وبالمقارنة مع الدول الصناعية المتقدمة، تعد إسرائيل متخلفة في مجال استغلال الطاقات المتجددة؛ ففي الوقت الذي نصبت أمامها هدف إنتاج 5% من الكهرباء من الطاقة المتجددة في عام 2013؛ تولد إسرائيل، حاليا، من الطاقة الشمسية أقل من 0.5% فقط من كهربائها. ولغاية الآن، لم تنفذ مشاريعها الكبيرة لاستغلال الطاقة الشمسية في صحراء النقب؛ والتي يتوقع أن تزود الإسرائيليين بـِ 2.5% من إجمالي استهلاكهم للكهرباء. وفي العقود القليلة القادمة، يتوقع أن يزداد استهلاك الكهرباء في إسرائيل بنسبة 30%.
أما الطاقة النووية التي يعتبرها البعض طاقة متجددة، فيعد استخدامها في إسرائيل مثار خلاف، في العديد من المستويات. أولها، المستوى السياسي-الاستراتيجي. إذ وفقا لما كشفت عنه مصادر عالمية متعددة، فإن إسرائيل تعتبر، حاليا، قوة نووية عسكرية. وطالما بقيت هذه المسألة ضبابية، وطالما لم توقع إسرائيل على المعاهدة الدولية لمنع انتشار السلاح النووي، فسيكون من الصعوبة بمكان على إسرائيل أن تقيم محطة طاقة نووية مدنية؛ ذلك أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لن تدعم إسرائيل في المجالين التكنولوجي والتمويلي، كما أن ضغوطا كبيرة قد تمارس على الشركات المنتجة للمفاعلات الذرية لئلا تزود إسرائيل بالمعدات اللازمة، قبل أن تبدي الأخيرة شفافية كاملة في كل ما يتعلق بقدراتها النووية.
ويتمثل الجانب الأهم المثير للمخاوف الجدية في النشاط النووي الإسرائيلي، في حقيقة أن فلسطين صغيرة بحجمها، وبالتالي، فإن عواقب استراتيجية قد تنجم عن أي خلل إشعاعي نووي خطير، ابتداء من تلويث إشعاعي للأحواض المائية الجوفية بسبب تسرب مواد مشعة، وانتهاء بانتشار كثيف لغازات وجسيمات مشعة في جميع أنحاء فلسطين بسبب خلل فني كبير قد يحدث في المفاعل النووي.
علاوة على ذلك، بما أن فلسطين تقع في منطقة جيولوجية نشطة زلزاليا، فإن زلزالا كبيرا قد يدمر المفاعلات النووية ويؤدي إلى تسرب مواد مشعة خطرة.
ويفترض بإسرائيل التي تدعي تفوقها في مجال تكنولوجيا الطاقات البديلة وتعمل على تسويقها في البلدان العربية، كما كان الحال في مؤتمر الطاقة المتجددة الذي انعقد في أبو ظبي في كانون الثاني 2010 وشاركت فيه إسرائيل – يفترض بها، أن تعمل أولا على تخفيض انبعاثاتها الغازية الضخمة الناجمة عن نشاطاتها العسكرية ومحطاتها الفحمية المولدة للكهرباء، من خلال استثمارها في ترشيد استهلاك الطاقة وفي الطاقة المتجددة، بدلا من خوضها مغامرات نووية مرعبة تعرض حياة الملايين للخطر.
الصناعة النووية مدمرة للبشرية
أثبت زلزال اليابان عام 2011 بأن الصناعة النووية خطرة ومدمرة للبشرية. وبأن هذه الصناعة تواصل تضليل الناس، بادعائها أن لا شيء يمكن أن يؤذي المفاعلات النووية أو يشوش عملها أو يشكل خطرا عليها. والسؤال المطروح هو: كم من الكوارث الإضافية يجب أن تحدث قبل أن ندرك بأن المفاعلات النووية تشكل خطرا كبيرا وفوريا؟
ويعتبر معظم الناشطين البيئيين في العالم زلزال اليابان إثباتاً قاطعا بأن الصناعة النووية عديمة المسؤولية وخطرة جدا ومدمرة. ولا تزال المفاعلات الذرية تشكل خطرا كبيرا على البشرية؛ سواء نتيجة كارثة طبيعية، أو هجوم متعمد أو خطأ فني بشري. وفي جميع الحالات تعد التكلفة والخسائر البشرية والمادية أكبر بكثير من القدرات البشرية على تحملها.
وتشكل الكارثتان الطبيعية والنووية في اليابان، إثباتا كافيا لضرورة إلغاء البرامج النووية إلى الأبد، وللاهتمام أكثر بأمن السكان وبتحقيق الاستقلالية في مجال الطاقة، من خلال الاستثمار في الطاقة النظيفة والمتجددة والمستدامة.
والجدير بالذكر أن العواقب المدمرة التي قد تنجم عن المفاعلات الذرية لا علاقة لها بكون المفاعلات مدنية أم عسكرية؛ إذ أن المفاعلات الذرية اليابانية الأربعة التي انفجرت إثر الزلزال كانت تستخدم لأغراض مدنية، وتحديدا لتوليد الطاقة الكهربائية. وفي كلا الاستعمالين، المدني والعسكري، فإن الأضرار تنجم أساسا عن التسرب الإشعاعي ذاته.
بالإضافة للبعد السياسي، يوجد لاستغلال الطاقة النووية بعد بيئي؛ حيث تواجه المدرسة النووية العديد من المعارضين في العالم؛ وبخاصة إثر كارثة تشرنوبيل عام 1986 والتي أدت إلى تباطؤ كبير في عمليات إنشاء مفاعلات نووية جديدة في مختلف أنحاء العالم. إلا أن السنين الأخيرة شهدت نهضة جديدة في مجال الطاقة النووية؛ وذلك على خلفية رغبة الكثير من الدول في إنتاج الطاقة بأقل قدر من انبعاثات غازات الدفيئة. وحاليا، يوجد 431 مفاعلا نوويا في العالم.
أما في الحالة العربية الخليجية تحديدا، فيتوقع في السنوات القادمة، أن تنعش الأموال السعودية الصناعات النووية العالمية رغم تراجعها في الدول الغربية واليابان بسبب الكوارث النووية وضغوط الرأي العام.
وتتمثل أهم دوافع المعارضين لإنشاء مفاعلات نووية في خوفهم من حدوث خلل فني وتسربات إشعاعية، فضلا عن مشكلة التخلص من النفايات النووية. ويشكك المعارضون في صحة الادعاءات القائلة إن تحسنا كبيرا في جانب الآمان والسلامة قد طرأ في السنوات الأخيرة على المفاعلات الحديثة؛ حيث لم يسجل، منذ أكثر من عشرين عاما، حسب تلك الإدعاءات، أي خلل جدي. ويقول مناصرو المفاعلات النووية، إنه، وخلافا لمفاعل تشرنوبيل الذي كان من الجيل الأول؛ فإن المفاعلات التي يتم إنشاؤها اليوم هي من الجيل الثالث؛ بل إن مفاعلات الجيل الرابع التي تعد أكثر أمانا بكثير، في طريقها إلى الظهور في المستقبل القريب.
باعتقادنا، حينما يتحدث أنصار الطاقة النووية عن التكنولوجيا النووية الآمنة إنما يضللون الجمهور؛ لأن الحوادث النووية الخطيرة التي يتم إخفاؤها عن الجمهور لا تزال تحدث فعليا كل عام.
|