|
|
![]() |
|
||||||||||||||
|
|
||||||||||||||||
|
تموز 2008 العدد (5) |
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا |
July 2008 No (5) |
||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
"الحراس الجدد" للأرض الفلسطينية أشبال وشبان يعشقون أرضهم ويواجهون أعداء الاقتصاد المقاوم
محمود الفطافطة خاص بآفاق البيئة والتنمية
أشبال ما زالت أعمارهم غضة، هذا يبذر القمح، وذاك يحصده، وآخر يقاوم قسوة "دراسته". أطفال رفضوا البقاء ككثيرٍ من أترابهم يتسكعون في الشوارع، أو التقوقع، متسمرين، خلف مواقع الإنترنت وغرف الدردشة، فسعوا أن تكون عطلتهم الصيفية ذات فائدة إنتاجية، وطنيا وبيئيا، لهم ولمجتمعهم.
هؤلاء الذين نتحدث عنهم أطفال ينتمون لعدد من المدارس في مدينة رام الله، تتراوح أعمارهم ما بين (13 ـ 16) عاماً، عمل "ملتقى العروبة الثقافي" على توعيتهم بأهمية الأرض واستصلاحها وفلاحتها؛ ذلك لأن هذه الأرض هي أساس الصراع وجذر المواجهة الدائرة بين الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني منذ عقود طويلة خلت.
نموذج متميز ومقاومة للحصار وقد قام هؤلاء الصبية مؤخراً بحصد محصول القمح الذي غطى مساحة تتجاوز 10 دونمات، تقع في منطقة "شيبان" المحاذية لمستعمرة "بساغوت" المقامة على أراضي جبل الطويل بمدينة البيرة. وتسابق العشرات من هؤلاء الأشبال، وبمعية العديد من أصدقاء الملتقى للقيام "بالحصاد الثاني" لمحصول القمح، الذي يقوم عليه "شباب العونة"، ذلك التجمع الذي انطلق من واقع وأفكار وتطلعات ملتقى العروبة.
طبيعة هذا المشروع التطوعي، والذي يعتبر نموذجاً متميزاً، بل نادراً في المشهد الفلسطيني، تحدثنا عنه رئيسة الملتقى، والعنصر الفعال والموجه لهذا المشروع كفاح كيال، حيث تقول: "لقد جاءت فكرة العونة كعمل وطني تطوعي، يسعى إلى البحث عن أراضٍ بور أو سواها، تكون محاذية للمستعمرات الإسرائيلية؛ وذلك من أجل استصلاحها وزراعتها، حتى لا يستطيع المستوطنون وجنود الاحتلال مصادرتها والسيطرة عليها".
وتضيف: "نقوم باستشارة أصحاب هذه الأراضي، حتى نأخذ منهم موافقة مباشرة للبدء في هذا العمل، مبينة في الوقت ذاته أن العديد من أصحاب الأراضي يرحبون بخطوتنا وعملنا، ويشيدون به، ويوافقون على ما نطلبه منهم". إلى جانب ذلك، فهم ، أي أصحاب هذه الأراضي، يرون أن هذا الأمر قد يساهم في الحؤول دون مصادرة أراضيهم من المستوطنين أو جنود الاحتلال أو من قبل بعض الجماعات التي تمتهن وضع يدها على الممتلكات، سواء الخاصة منها والعامة.
وفيما يتعلق بعوائد ما يتم جنيه من محاصيل مختلفة، تبين كيال أن قسما منها يذهب لتسديد ما ترتب من نفقات خاصة بتمويل مثل هذا المشروع أو ذاك، بينما يذهب قسم آخر إلى عائلات الشهداء والأسرى والفقراء، وذلك في خطوة، حسب كيال، تؤكد على محورين أساسيين: الأول، يتمثل في استصلاح الأرض والمحافظة عليها من السلب الصهيوني، في حين يكمن المحور الثاني، في تقديم، ولو القليل، لمن يعانون من وطأة الفقر وشدة الحرمان،ولاسيما تلك العائلات التي سلب منها من يعيلها.
إلى ذلك، تستعرض كيال مضمون وأهداف المشروع الذي يقوم عليه مجموعة من الشباب والشابات المتطوعين الذين يعملون على استصلاح مساحات من الأراضي وزراعتها، وذلك لتعزيز مفهوم الاقتصاد المقاوم ونشر قيمه وأهميته من جهة، وتخفيف وطأة الحياة المعيشية القاسية لفئات معوزة كأهالي الشهداء والأسرى من جهة أخرى.
هؤلاء المتطوعون، كما تذكر كيال، أرادوا من خلال استصلاح مساحات واسعة في منطقة رام الله أن يحافظوا على الأرض وحمايتها من غول المصادرة الإسرائيلية، وتشجيع المواطن الفلسطيني للعودة إلى الأرض بوصفها وسيلة الإنتاج الوحيدة القادرة على بناء اقتصاد مقاوم، لاسيما في ظل الحصار المالي والاقتصادي المفروض على شعبنا، إلى جانب تشجيع روح العمل التطوعي الشعبي كرافعة أساسية نحو النهوض بشبابنا لمستوى التحديات، فضلاً عن تشجيع الزراعة العضوية لحماية الصحة من السموم التي تبثها الزراعات الكيماوية.
وركزت هذه المجموعة في عملها على استصلاح واستغلال الأراضي المحاذية للمستوطنات المقامة على أراضي شعبنا، والمعرضة لخطر المصادرة من قبل إسرائيل أو التسريب لجهات مرتبطة به. وفعلاً قام هؤلاء الشباب العام الماضي بزراعة مساحات كبيرة من المحاصيل والمزروعات تقدر بـ 60 دونماً، والواقعة في منطقة قبالة مستوطنة "بساغوت" المقامة على أراضي مواطني حي"جبل الطويل" شرق رام الله.
إرادة وانتماء وهذا الجهد الشبابي التطوعي لم يكن سهلاً أو بسيطاً، إذ كانت الأرض التي استصلحوها أشبه بمكب نفايات في بعض مساحتها، بينما كانت مساحات أخرى مزدحمة بالحجارة والصخور وفقر التربة، ولكن إرادة الشباب، وصدق انتمائهم أذاب الصعاب والتحديات التي واجهتهم. ولم تقتصر الصعاب على ذلك، بل أخذت أشكالاً اخطر وأقسى. ففي البداية تم سرقة أدوات الاستصلاح والزراعة (فؤوس، طواري، أمشاط أرض...الخ) إلى جانب سرقة بذور كانت معدة للزراعة.
ورغم ذلك، لم يتهاون أو يتراجع الشباب والشابات في العمل، بل قاموا بزراعة قرابة 6 دونمات بالبصل، والفول والبازيلاء، والبقدونس، وغيرها من المحاصيل الشتوية، إلى جانب زراعة القمح في المساحة الباقية. وبعد نضج المحصول المزروع بمساحة الستة دونمات، بدأت "الأيدي السوداء" بمحاولاتها التخريبية، فمن اجتثاث مئات أشتال الفول المثمر إلى القيام "بدهس" مساحة منه بواسطة "تراكتور"، ونهاية بسرقة المحصول بالكامل، إلى جانب تخريب محصولي البازيلاء والبصل.
وبإزاء هذا المشهد اتهمت كفاح كيال الاحتلال الإسرائيلي، وإن كان بشكل غير مباشر، حيث قالت: "إن الأيدي التي امتدت إلى مثل هذا المشروع الوطني التنموي، الهادف إلى تخفيف وطأة الفقر والحاجة لدى الكثير من الأسر الفلسطينية، لا يمكن إلا أن تكون وثيقة الصلة بالاحتلال الذي يسعى بكل أساليبه وأدواته للحيلولة دون تمكن، أو حتى محاولة، الفلسطينيين من تحقيق شيء من مقومات الاستقلالية الاقتصادية، والتخلص من التبعية لاقتصاد الاحتلال".
رسالة وضرورة التعميم وأضافت: "إن ما جرى من تخريب وسرقة للمحاصيل الزراعية العام المنصرم، هو رسالة إلى العاملين في المشروع لوقف نشاطاتهم التي تزعج وتضر بالاحتلال وخططه الساعية دوماً إلى مصادرة الأرض وطرد سكانها منها، فضلاَ عن منع الفلسطينيين من الانتماء لأرضهم أو الاهتمام بها، الأرض التي بذلوا النفس والنفيس من أجلها"، مؤكدة على مواصلة العمل في هذا المشروع والعمل على توسيعه حتى تصبح فلسطين خضراء، ونصل، ولو باليسير والتدرج، إلى اقتصاد الصمود والمقاومة كمقدمة أولى للاستقلال السياسي.
ودعت كيال إلى تحويل مجموعة "شباب العونة" إلى ظاهرة شعبية على امتداد الوطن، حتى يزرع كل شبر من الأراضي الفلسطينية التي تواجه خطر المصادرة والاستلاب، لاسيما بعد إقامة جدار الفصل العنصري، ومطالبة أصحاب الشأن والاختصاص بالمتابعة الجادة والمستمرة لمن قام بهذا الفعل "التخريبي" حتى يأخذوا عقابهم، ولا يقوموا بتخريب أو حرق ما بقي من محصول القمح وغيره من جهة، والعمل على حماية المشروع وطنياً وشعبياً من جهة ثانية."
خلاصة القول: إن مثل هذا النموذج التنموي الوطني المتميز "شباب العونة"، جدير بأن يعمم على جميع أنحاء الوطن، حتى نقلل اعتمادنا على الاقتصاد الإسرائيلي، كمقدمة لخلق حالة من الاستقلالية الاقتصادية التي هي العمود الفقري للاستقلال السياسي. كما أن على الجميع حماية هذا المشروع ومثله، حتى لا نترك مشاريعنا الوطنية لقمة سائغة لعبث الاحتلال وأدواته، لأن ذلك جزء مهم من مقاومتنا متعددة الأشكال والأنواع ، فلنحسن هذه المقاومة، ونجدّد ممارستها وإشاعتها. |
||||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
التعليقات |
||||||||||||||||
|
البريد الالكتروني: S.Dirawi_south@yahoo.com الموضوع: الرئيسي 3 التعليق: This is a real and genuine revolutionary model of resistance economy if this model is disseminated through all Palestine. Then we will start the first real and authentic step towards the liberation of occupied Palestine and towards our liberation of Israeli chemical poisons in our food...
Samer Dirawi البريد الالكتروني mahnmood@yahoo.com: الموضوع: الرئيسي 3 التعليق: خلاصة القول: إن مثل هذا النموذج التنموي الوطني المتميز \"شباب العونة\"، جدير بأن يعمم على جميع أنحاء الوطن، حتى نقلل اعتمادنا على الاقتصاد الإسرائيلي، كمقدمة لخلق حالة من الاستقلالية الاقتصادية التي هي العمود الفقري للاستقلال السياسي. كما أن على الجميع حماية هذا المشروع ومثله، حتى لا نترك مشاريعنا الوطنية لقمة سائغة لعبث الاحتلال وأدواته، لأن ذلك جزء مهم من مقاومتنا متعددة الأشكال والأنواع ، فلنحسن هذه المقاومة، ونجدّد ممارستها وإشاعتها. البريد الالكتروني: saedah_hassan@hotmail.com الموضوع: رئيسي 3 التعليق: يساهم هذا النموذج التنموي المتميز في رد الاعتبار للاقتصاد المقاوم القائم على الانتاج واالاستهلاك المستند إلى الموارد المحلية، في خطوة تنموية وطنية باتجاه التحرر من التبعية المذلة للاحتلال في طعامنا وشرابنا...إن مثل هذا النموذج التنموي الطليعي يفضح كل التنظيرات الاقتصادية والسياسية التي تروج لتعميق التبعية في كل شيء للأجنبي، بل إن في هذا النموذج ممارسة عملية وواقعية لصون مواردنا وبيئتنا من جشع المرضى الاستهلاكيين في مجتمعنا وما أكثرهم، وحماية لأرضنا ومواردها من عبث الاحتلال وسمومه الكيماوية...فالتحية والاجلال لشباب الاقتصاد المقاوم، آملين أن تعم هذه التجربة الفريدة جميع مناطق ومدن وقرى ومخيمات وطننا المحتل... حسن سعادة البريد الالكتروني: abd.1995@jupiter.palnet.com الموضوع: رئيسي 3 التعليق: هاذا انجاز جميل والله ينصر فلسطين فتح - فتح - فتح - الوطن
|
||||||||||||||||
|
|
||||||||||||||||
|
الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة. |
||||||||||||||||