|
|
![]() |
|
||||||||||||||
|
|
||||||||||||||||
|
تموز 2008 العدد (5) |
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا |
July 2008 No (5) |
||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
مشـــاهد بيئيــــــة: لوحة بيئية... بألوان تنكأ بالتلوث سمر شاهين / غزة"يا ألله ما الذي جعلني أجتاز هذه الشوارع، أي جنون هو الذي دفعني لذلك، ألم أعِ أنني باجتيازي هذه الطريق أعرض نفسي للخطر وأي خطر .. ذلك الناجم عن الأتربة المتصاعدة من مصانع مواد الإسمنت وصناعة الحجر المتواجدة في حي سكني بمدينة غزة – حي الدرج- الذي يعدّ الأكثر ازدحاما في قطاع غزة". بهذه الكلمات أخذت تصرخ شيماء "ذات العشرين" عاما، وهي تنظر إلى ملابسها التي أضحت بلون الأتربة البيضاء وباتت عاجزة عن التنفس بصورة طبيعية؛ وصرخت مرة أخرى قائلة: يا ألله! إن كان هذا حال الإنسان القادر على الهرب والمضي قدما، فما هو حال البيئة هنا في قطاع غزة، حيث يلف التلوث المدينة من كل صوب وحدب؟
كانت هذه أولى محطات المشاهد التي تم رصدها، لنواصل جولتنا داخل المدينة التي بات فيها التلوث حديث الناس... وهنا وعلى أعتاب شارع النفق نقف في محطتنا الثانية لنرسم صورة عنوانها" الفخار ودخانه.. والمواطنون هم الضحية"، حيث دخان صناعة الفخار ينتشر في المكان ويغيب مظهره فترات طويلة ..والناس لا تعرف إلا الأبواب والشبابيك الموصدة حتى لا تكون فريسة سهلة للدخان السام، إلا أنها وبلا شك تتأثر من الدخان المتصاعد في كل لحظة. هذه شهادة أبو احمد صابر "32" عاما الذي بات اليوم يبحث عن منزل بديل لكي يتمكن من الهرب هو وأبناؤه وهم مازالوا أصحاء. وفي حديث مقتضب قال: "لم أعد أعرف ماذا أعمل فبيتي ملك لي ويوم اقتنيته كان بمنزلة حلم جميل، أما اليوم فبات كابوساً يلاحقني حيث لا بديل الآن أمامي سوى أن أغلق كل ما يمكن إغلاقه في انتظار الفرج". ويضيف: "في المساء أعمل على فتح النوافذ وأقوم بتنظيف الممرات الخارجية أنا وأبنائي، ونجلس قليلا من أجل التنفس حتى لو لدقائق لنستعد لصباح يملؤه الغبار الذي يعمل على تدمير المنطقة، وخنق كل ما يتواجد فيها". وعلى مقربة منه، كان الشيء الأكثر خطورة حيث توجد منجرة منزلية مقرها الطريق العام تعمل على صناعة "المشاطيح"، وهي عبارة عن قطع من الأخشاب يتم صناعتها ومن ثم بيعها لأصحاب المحلات التجارية .. هذه الأخشاب هي قديمة ومليئة بالمسامير الحديدية والدبابيس وكان عدد من الأطفال قد تجاوزوا العشرة يمتهنون ذلك الشيء، ويلقون بتلك المسامير في الطرقات دون مراعاة لخطورتها على الإنسان إذا ما أصيب بها. هذا من ناحية، ومن الجهة الأخرى كان رب العمل يعمل على استخدام ماكنة يتم من خلالها تنظيف الأخشاب من الزيوت التي وضعت عليها، وكان حجم الغبار الدخان المتصاعد يخنق كل من تفرض عليه الظروف أن يجتاز تلك الطريق . وتأبى المشاهد إلا أن تتوقف وتزداد خطورة في كل خطوة نخطوها. فخلال رصدنا لجملة المشاهد، اجتزنا طريقاً كان الأجمل لكن الرائحة كانت الأخطر؛ فالمنزل عبارة عن حظيرة أبقار وأغنام وروث تلك الدواب أمام المنزل، يزوره الذباب دون أن يغادره نهاراً، كما يزور البعوض سكان الحي ليلاً دون أن يغادرهم، فيتواصل الضرر عليها ليل نهار دون توقف. وتقول المواطنة بسمة الشيخ"37" عاما "إننا نعاني ولا أحد يستمع إلينا، ولا حلّ يلوح في الأفق؛ فالرائحة قتلتنا والبعوض ضيف ثقيل يأبي أن يغادرنا، أما الذباب فهو يقطن معنا داخل بيوتنا ويشاركنا حتى في لقمة العيش التي نتناولها"!. وتسترسل في حديثها وهي تبث همومها علّها تصل يوما لأصحاب القرار قائلة: "هذه المزرعة لها سنوات، ونحن بحكم الجيرة والعلاقات الطيبة لم نتكلم شيئا، لكن الأمر جدّ خطير والأمراض جراء الروائح تلاحقنا"، وأضافت: " إن الهواء أصبح ملوثا ويزداد الوضع قساوة وضراوة في فصل الصيف"؛ فما العمل؟
|
||||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
التعليقات |
||||||||||||||||
|
|
||||||||||||||||
|
الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة. |
||||||||||||||||