:اريد حـــلا
كيف نساهم في التخفيف من تلوث الماء؟
جورج كرزم
عندما نتحدث عن تلوث الماء، سرعان ما يتبادر إلى أذهاننا المصانع التي تطلق كميات ضخمة من الملوثات إلى المياه السطحية والجوفية. إلا أن المصانع، إجمالا، تتسبب بنحو 9% من تلويث المياه السطحية. أما التلوث الأهم والأخطر، فهو المتصل بالمياه الجوفية. حيث أن الأمطار والثلوج التي تسقط على الشوارع وأسطح المباني والمزارع، تجري وهي محملة بمواد كيميائية سامة وخطرة موجودة في نفاياتنا، مثل الأسمدة والمبيدات الكيميائية.
وعلاوة على مشكلة تلوث المياه، توجد أيضا أزمة المياه العذبة ومدى توافرها، علما بأن المياه العذبة موجودة بوفرة، نسبيا، على الكرة الأرضية. إلا أن الخلل يكمن في توزيعها الذي لا ينسجم مع الانتشار السكاني في العالم. حيث تتمتع بعض البلدان بمياه غزيرة تفوق كثيرا حاجاتها، بينما تعاني العديد من البلدان الأخرى من شح خطير في المياه.
وعلى المستوى الفلسطيني، شكلت الهيمنة الإسرائيلية على المصادر المائية العربية أحد أهم أسباب شن إسرائيل عام 1967 لحربها التوسعية. إذ أن الضفة الغربية تزود إسرائيل بـِ 40% من المياه. كما أن نحو 80% من المياه العذبة التي يشربها الإسرائيليون في تل أبيب وضواحيها، مصدرها المياه الجوفية في منطقة نابلس الجبلية، ناهيك عن احتياطي المياه الضخم في منطقة الخليل-بيت لحم.
ويتجسد الإرهاب المائي الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، بدوافع استعمارية عنصرية، في نهب إسرائيل لحوالي 70% من إجمالي موارد المياه السنوية في الضفة والقطاع لصالح مستعمراتها، ومن الباقي، أي نحو 30%، فإن حوالي 18% عبارة عن مياه مالحة أو أن استخراجها صعب ومكلف، وهذا يعني بأن المتاح من المياه لسكان الضفة والقطاع ليس أكثر من 12% من إجمالي موارد المياه.
وفي المقابل، تتمتع المستعمرات اليهودية بوفرة غير محدودة من المياه العذبة وعالية الجودة، ولا توجد لديها أية مشكلة في استهلاك ما تشاء من مياهنا، والمطلوب من الشعب الفلسطيني فقط أن يقتصد ويعطش، ويُحْرَمَ من الاستفادة من مصادر مياهه الطبيعية المتوفرة في الضفة الغربية تحديدا بغزارة، علما بأن الإسرائيليين يتمتعون بالمياه المدعومة حكوميا.
وقد تسبب استغلال "إسرائيل" لمواردنا المائية وضخها الزائد للمياه في قطاع غزة، في هبوط سطح الماء الباطني إلى ما دون مستوى التغذية الطبيعي، وبالتالي تدفقت المياه المالحة والملوَّثة إلى المياه الجوفية القليلة المتاحة لفلسطينيي القطاع، الأمر الذي جعل جودة هذه المياه متدنية جدا، بل وغير صالحة للاستخدامات البيتية والزراعية.
وفيما يتعلق بجودة المياه الفلسطينية في الضفة الغربية، يقول خبراء المياه الفلسطينيون، بأن هذه الجودة، من حيث المصدر، جيدة، علما بأن مصادر المياه المتاحة للفلسطينيين تتمثل في المياه الجوفية والآبار العميقة. وقد تكون المياه في بعض مناطق الضفة الغربية، أحيانا، ملوثة، بسبب قِدَم عمر شبكة التوزيع، علما بأن عمر العديد من الشبكات خمسون عاما. وفي هذه الحالة، من الطبيعي أن يكون هناك تلوثٌ معين في المياه.
وبخصوص بعض الأمراض المرتبطة بتلوث المياه في الضفة الغربية، فإن بعض الأمراض تنتشر في مناطق جنوب الخليل. ويعزو الخبراء الأمراض الناتجة عن تلوث المياه، إلى بعض الخضار المروية بمياه المجاري.
ويعتقد الكثيرون، بأن البديل لمياه الشرب التي قد تكون ملوثة، يكمن في شرب مياه العبوات. إلا أن هذه المياه، ليست، بأي حال، صحية أكثر من مياه الشرب العادية، خاصة وأن بعض المواد الكيميائية المكونة لقناني البلاستيك، ترشح في الماء بداخل القناني، فتلوثه. فضلا عن كون هذ العبوات مكلفة وغير متوفرة للجميع، ويشجع استهلاكها الصناعات الملوِّثة والمنتجة لكميات هائلة من النفايات، وخاصة القناني البلاستيكية غير القابلة للتحلل.
يمكننا جميعا، على المستويين الفردي والجماعي، الالتزام بسلوكيات بيئية تساهم في إحداث انخفاض ملموس في هدر الماء وتلويثه. ويأتي على رأس هذه السلوكيات، الاقتصاد في استهلاك الماء.
كما لا بد من تجنب استعمال المواد الكيميائية الملوِّثة في منازلنا، مثل المنظفات والمطهرات والمبيضات السامة، خاصة وأنها تلوث الماء عند جريانها في قنوات الصرف الصحي. فلنحاول استبدال هذه الملوثات بمواد أنظف بيئيا.
ولنحاول أيضا شراء منتجات لا تلوث الماء، خاصة أنواع الصابون والمنظفات المنزلية التي تحوي على ملوثات للمياه، مثل الفوسفات.
وأخيرا، يجب ألا نتردد في الاحتجاج الجماعي ضد الجهات الملوِّثة لمياهنا، وأن نبادر إلى إبلاغ السلطات المحلية عنها، وخاصة المصانع والمعامل وغيرها من المنشآت التي تطلق نفاياتها الملوثة والسامة إلى الوديان والأنهار والجداول وسائر مجمعات المياه السطحية.
للمزيد من التفاعل، أو للحصول على معلومات إضافية، يمكنكم الكتابة على العنوان الإلكتروني التالي:
george@maan-ctr.org
|