أيار 2009 العدد (14)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

May  2009 No (14)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

> اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب البيئة والتنمية في صور الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

ندوة العدد:

"آفاق البيئة والتنمية" تفتح ملف الزحف الإسمنتي الجائر وانكماش المساحات الخضراء في شمال الضفة الغربية

خاص بآفاق البيئة والتنمية

 

-مسؤولون وأكاديميون وخبراء يشعلون ضوء إنذار أحمر لوقف تدمير الأرض الزراعية الخصبة.

-الوكيل المساعد في وزارة الزراعة: إذا استمر الحال على ما هو عليه لن تجد الأجيال القادمة مساحات تزرعها.

-مهندس التخطيط في الحكم المحلي: الحل في مخطط لاستعمالات الأراضي.

-الأكاديمي د. أحمد حمَاد: التوسع الرأسي للمساكن سيخفف من الاعتداء على الأرض الزراعية.

-محمود حسين: الزراعة مصدر مهم في التنمية، ولدينا الكثير من المفاهيم الخاطئة ضد الأرض، وسيأتي اليوم الذي نستورد فيه زيت الزيتون!

-سعادة أبو شيخة: تطبيق القانون وتوفير بنية تحتية في الجبال سيضع حداً للمأساة.

- الصيدلاني والمزارع عمر صبّاح: لا أفهم لماذا يحاولون تدمير الأراضي الزراعية.

-المزارع إسماعيل جرار: أراضي مرج بن عامر تقلصت كثيراً، وهناك شوارع في السهول بعرض 50 متراً!

 

ضوء أحمر

   حطت النسخة الحديثة من ندوة "آفاق البيئة والتنمية" في جنين هذه المرة، وناقشت في منطقة كانت تسمى ذات يوم"البساتين"، الهجمة المسعورة للزحف العمراني. وأشعل مسؤولون وخبراء وأكاديميون وعاملون في جمعيات زراعية ما يشبه ضوء الإنذار الأحمر، لإنقاذ ما تبقى من مساحات زراعية في شمال الضفة الغربية. وقال المشاركون في الورشة التي حملت عنوان" الجفاف والزحف الإسمنتي الجائر في شمال الضفة الغربية وانكماش المساحات الخضراء: الحلول البيئية الممكنة" إن الوقت آخذ بالنفاد، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه فستتبخر الأراضي الزراعية المتبقية، بفعل سياساتنا الخاطئة، واعتداءاتنا المتكررة على المساحات الخصبة، وستلومنا الأجيال القادمة بفعل تقصيرنا.

استغاثة

  وأطلق المجتمعون مناشدة للرئيس محمود عباس ومجلس الوزراء لحماية ما تبقى من أرض زراعية. كما حثوا الأفراد والجمعيات الزراعية والمتضررين من التدمير على التحرك العاجل، والقيام بجهود إعلامية لوقف الزحف الجائر، وبخاصة وأن القانون يقف في صفهم.  فيما أبدت جامعة بيرزيت استعدادها في المساهمة بتوفير بدائل  تساهم في التوسع العمراني المنطقي، عبر دراسات وتصوير جوي. وأطلق المتخصصون نداء استغاثة للمواطنين بتغير ثقافتهم السلبية من مكانة الزراعة وقيمتها ودورها، كما حثوا   على الشروع بتبني فكرة التوسيع الرأسي. ودعوا لتطبيق القوانين، وتفعيل الفتوى الشرعية لمفتى جنين بتحريم البناء في الأراضي الزراعية، مع إجراء مقاربات  خلال ورش عمل توضح التكلفة العالية للبناء في الأراضي السهلية مقارنة بالجبال. وطالبوا بفرض قيود صارمة على التوسع في المخططات الهيكلية للتجمعات المختلفة، وملاحقة الجهات والأفراد المخالفين للقوانين التي تحمي الأرض الزراعية.

 

حل لا وصف

   واستهل الكاتب والصحافي عبد الباسط خلف، الذي أدار الندوة، بالتعريف بأهدافها، التي لا تسعى لوصف المشكلة وإنما لجهة اقتراح مقدمات حلول عملية وسريعة، وممارسة دور إعلامي ضاغط لوضع القضية على أجندة الجهات المسؤولة والأفراد للقيام بواجباتهم فضلا عن محاولة تطوير الوعي البيئي.

  وأورد خلف معطيات أشارت إلى المشهد القاتم في جنين وما جاورها، إذ تسير وسيلة التدمير بوتيرة عالية، وتتلاشى المزيد من المساحات الخضراء في كل عام، كما تختفي التحركات التي تطالب بتفعيل تطبيق قانون الزراعة.

  وشارك في الورشة التي شهدت مداولات ساخنة، الوكيل المساعد  في وزارة الزراعة لشؤون المحافظات الشمالية المهندس محمود حسين، ومدير التخطيط في الإدارة العامة بوزارة الحكم المحلي المهندس إبراهيم الهموز، ومساعد عميد كلية الآداب بجامعة بيرزيت، د. أحمد حماد، الذي يختص في استخدامات الأراضي وتدهورها. والصيدلاني المزارع عمر صباح، الذي يقاوم محاولات تدمير الأراضي الزراعية، ومدير اتحاد لجان العمل الزراعي  في جنين المهندس سعادة أبو شيخة، ونائب مدير عام وقاية النبات بوزارة الزراعة المهندس أمجد صلاح والمزارع إسماعيل جرار الذي تضرر من تدمير الأراضي الزراعية بمرج ابن عامر، فيما تغيب القائم بأعمال رئيس بلدية جنين علي الشاتي، وسكرتير مجلس التنظيم الأعلى هاني نجوم.

 

وعي غائب

 ورأى الوكيل المساعد في وزارة الزراعة لشؤون المحافظات الشمالية المهندس محمود حسين، أن وزارته تعاني موضوع الزحف العمراني باتجاه الأراضي الخصبة منذ تأسيسها العام 1994. وقال: "الحقيقة أنه لا يوجد وعي بالمخاطر التي نواجهها، وكنت في وقت سابق أتحدث لمسؤولين في دول الخليج العربي منذ عشرين سنة، عن ضرورة الاهتمام بالزراعة والإنتاج الغذائي، غير أن  هؤلاء المسؤولين لم يكترثوا وقتئذ بالأمر، وكانوا يكتفون بالقول: (إن من يملك المال يشتري أي سلعة يريدها، من أي مكان يريده.)"

 وأضاف حسين: كنت أقول لهم سيأتي اليوم الذي لا ينفع فيه المال، وهذا ما حدث بالفعل عشية أزمة الغذاء العالمي، إذ بدأت دول كثيرة بمنع بيع السلع التي تنتجها.

 وقال: في الأراضي الفلسطينية لا ننتج غير 7 في المئة من القمح والشعير والمواد العلفية التي نحتاجها. في حين ننتج يتصف قطاع الدواجن والبيض باستيراد مستلزمات الإنتاج الأساسية له.

 وأضاف حسين: إذ استمر الحال على ما هو عليه من زحف جائر وتدمير، فسيأتي اليوم الذي نستورد فيه زيت الزيتون من الخارج!

 يوالي: جاء قانون الزراعة في عام 2003 لحماية الأراضي الزراعية، إذ اعتبر كل الأراضي خارج المخططات الهيكلية لمدن والبلدات أرضاً خصبة، ممنوعا البناء فيها إلا بشروط مقيدة، ولخدمة قضايا الإنتاج الزراعي فقط، وليس لبناء الفلل.

 

فلسفة عرجاء

  يفيد المهندس حسين وهو عضو في مجلس التنظيم الأعلى، صُدمنا بمعادلة غير منطقية يقول أنصارها إن من حق أصحاب الأرضي التصرف بأملاكهم كيفما شاءوا، وكنت أرد عليهم بتساؤل: هل لو كان معي مليون دولار وتاجرت بالمخدرات، وقلت هذا مالي وأنا حر فيه، لكان الأمر طبيعياً ومقبولاً!

  وأوضح المهندس إبراهيم الهموز أن وزارة الحكم المحلي سعت إلى إيجاد مخطط  استعمالات الأراضي، ونفذت تصويراً جوياً، لتحديد التوسعة العمرانية، في ظل نمو سكاني مطرد يصل إلى ثلاثة ونصف في المئة.

 وتابع: كان الحال قبل قيام السلطة، معقداً، إذ فرض الاحتلال قيوداً على البناء وتوسعة التجمعات السكانية. وهو الأمر الذي أعاق تنفيذ العديد من أعمال البناء.

  ومضى الهموز يقول: المشكلة اليوم أن كل أرض خارج المخطط الهيكلي تصنف على أساس أنها أراضٍ زراعية وهذا بحاجة إلى تعديل وتصنيف الأرض الزراعية إلى فئات .

 وطالب أمجد صلاح، استثمار الفتوى التي أصدرها مفتى جنين الشيخ محمد صلاح، والتي قضت بتحريم البناء في الأراضي الزراعية الصيف الماضي. كما استغرب من قيام البلدية بمد طرق للبيوت التي تخالف القانون في السهول، وتقصيرها عن فعل الشيء نفسه في الجبال.

 

خلل ثقافي

  وقال د. أحمد حماد إن الاتجاه السائد اليوم ينادي بتحويل الأراضي الزراعية إلى مناطق صناعية، وكتل من الإسمنت، في وقت تنتشر فيه ثقافة خاطئة تقلل من أهمية قطاع الزراعة ومكانته، وتسود فيه ثقافة التوسع الأفقي في إقامة المساكن، ما يؤدي إلى التهام المزيد من الأراضي الخصبة.

 وأضاف: إن غياب الرقابة من الجهات المسؤولة، وتراجع الوعي الشعبي للمواطنين، هما الأساس في القضية، التي يجب أن تحل من أسفل الهرم باتجاه الأعلى، وليس العكس.

 واستغرب حمّاد من قبول  المواطن ببناء بيت قرب برك المياه العادمة في الأراضي السهلية.

 فيما أكد محمود حسين أن ثمة مشكلة كبيرة تسود المجتمع الفلسطيني، إذ يعتقد كثيرون أن التنمية تنبع من الصناعة، وهذه فكرة خاطئة، لأن الاستثمار في الزراعة  أمر مهم إذا أحسنا إدارته، على عكس ما يتم ترويجه لصالح الصناعة وغيرها. فإسرائيل تصدر سنوياً بذوراً مُحسنة بعشرة مليارات دولار، وهذا مبلغ كبير.

 وتابع: تُعد الزراعة واحدة من أهم مصادر التنمية، كما أنها تمتص بشكل كبير العمالة الزائدة، ولدينا أدلة كثيرة، فثمة مستثمرون اتجهوا نحو زراعة الأعشاب الطبية والاستثمار بها، وهي تجربة أثبتت نجاحات كبيرة. كما أن هذا القطاع استوعب الكثير من الأيدي العاملة التي فقدت مصادر دخلها بفعل الحصار وجدار الفصل العنصري. 

تصحر

  وقال المهندس سعادة أبو شيخة: المصيبة أن الأراضي الزراعية مهددة بسلسلة أخطار، فنحن نتحدث عن الزحف الجائر، ونشير في الوقت نفسه إلى التصحر والجفاف، فضلا عن الجدار العنصري الذي سرق الكثير من المساحات الخصبة، واستولى على العديد من مصادر المياه.

 وأضاف: ثمة 19 في المئة من مساحة الأراضي الزراعية في العالم، أي قرابة 3ملايين كيلومتر مربع، مهددة بالتصحر، بسبب التغيرات المناخية، وتراجع معدلات الهطولات المطرية.

  وأشار الصيدلاني والمزارع عمر صّباح، أنه يمتلك وعائلته مئة دونم من الأراضي الخصبة، اعتاد هو وأفراد أسرته وأجداده زراعتها منذ نحو 400 سنة بالقمح والبطيخ والبقوليات، غير أن الزحف العمراني هددها، وأراد تحويلها إلى منطقة مزروعة بالإسمنت والمباني!

  وأضاف: أعتمد على الزراعة كمصدر للدخل، ويكفي فقط أننا نساهم في إنتاج القمح، ونبيعه للسوق المحلية، ونسد احتياجات نسبة ولو بسيطة جداً من سكان جنين. والأهم ثقافة الإنتاج ودعمها، وتوفير الأراضي للأجيال القادمة، والتفكير في مستقبلها.

 وتابع يقول: هناك خلل يتم الترويج له، وهو أن الزراعة غير مدرة للدخل، وهذا شيء مبرمج، يستهدف قتل فكرة الإنتاج نهائياً.

 وقال محمود حسين: المشكلة أن الأمور في مجلس التنظيم الأعلى  لا تمر بسلاسة لصالح دعم الأراضي الزراعية، ففي أحيان كثيرة يقال إن من حق وزارة الزراعة تسجيل تحفظها، لكن هذا لا يقدم ولا يؤخر.

 

مقاضاة

  فكر حسين في رفع دعوى قضائية ضد مجلس التنظيم الأعلى، لكونه يساهم في زيادة وتيرة الاعتداء على الأرض الزراعية، ويخالف نص المادة(11) من قانون الزراعة التي تمنع أية اعتداءات، غير أنه امتنع عن ذلك لأسباب قاهرة.

 وتابع: "نعمل في الوزارة على استصلاح الأراضي الجبلية، ودفعنا 10 ملايين دولار، لصالح العمل قي 50 ألف دونم، لكن حجم الأراضي الخصبة التي تم تدميرها أكبر بكثير مقارنة مع  ما تم استصلاحه!"

 وذكر د. أحمد حماد: إن  نحو 140 كم من أراضي مرج ابن عامر التي تمتد على مساحة 360 كم مربعا هي داخل المناطق الفلسطينية المحتلة العام 1967، والباقي محتل منذ عام 1948.  إضافة لسهول صانور وعرابة وبعض المساحات في طولكرم. يروي: هذا المكان الذي نجلس فيه، كان مليئا بالنخيل والبساتين.

 كان حماد من فريق وزارة التخطيط الذي أجرى دراسة لصالح تصنيف الأراضي واستخدامها، وخرج بالكثير من التوصيات، وأبرزها اعتبار مرج ابن عامر ومناطق زراعية أخرى في شمال الضفة الغربية مناطق محميات زراعية، لكن حصلت تجاوزت كثيرة من جانب جهات عديدة، كما ساهم غياب التنسيق بين الجهات المختلفة، وتنازعها على الصلاحيات للوصول إلى هذه النقطة.

 

إنقاذ

  وقال: بوسع البلديات تشجيع المواطنين على البناء في المناطق الجبلية، عبر شق طرق ومد شبكات كهرباء ومياه. إلى جانب الامتناع عن تقديم هذه الخدمات في قلب الأراضي الزراعية. كما أن علينا إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أراض زراعية خصبة، وعدم تحويلها لكتل من الإسمنت.

 وتابع: هناك مخطط محكم لضرب المزارع، فالمحاصيل الزراعية الإسرائيلية تغزو السوق الفلسطيني، وتنافس السلع المنتجة محلياً، وهو أمر يحدث في كل المدن، كما في مواسم الخضار والفاكهة.

 ورأى إبراهيم الهموز أن الحل في وقف تدمير القطاع الزراعي يتأتى بممارسة قاعدة الهرم لدورها، كي تصل إلى قمته، ولذلك التجأت وزارة الحكم المحلي في بناء خططها بناء على الاستفادة من الاحتياجات التي تقترحها مؤسسات المجتمع المحلي.

 فيما اقترح سعادة أبو شيخة، تبني توصية  لطالب من قطاع غزة  وردت في رسالة ماجيستير، عبر إقدام السلطة بحماية الأرض الزراعية بشراء الأراضي الخصبة من المستثمرين، للحفاظ على طبيعتها، فضلا عن التوسع الرأسي  في الأبنية.

 

شهادة

  وقال المزارع إسماعيل جرار، الذي يعمل في الأرض منذ طفولته: أهم المناطق الزراعية في جنين تم تخريبها بالبناء، فمثلاً منطقة مثل(الطبايخ) تحولت اليوم إلى(الحي الأمريكي). وشقت البلدية طرقاً بعرض 50 متراً في  المرج، لتدمير ما تبقى منه.

 وأعاد جرار عجلة التاريخ إلى الوراء، حين تحدث عن القيمة الاقتصادية الكبيرة للأراضي الزراعية التي تم تدميرها، فالبطيخ من جنين كان يصل إلى الأردن والشام والخليج. وكانت هناك نسبة كبيرة من العمال والمزارعين، كما أن الوضع الاقتصادي للمزارعين كان أفضل من اليوم.

 ورأى د. حماد أن التغيير والضغط على سياسات الجهات المتهمة بالمسؤولية عن تدمير الأراضي الزراعية، يجب أن يكون هو العنوان لأي نشاط. إذ يمكن الشروع في جهود جماعية ومنظمة وإعلامية تحث على الكف عن التخريب، وبخاصة لأن البدائل متوفرة وأقل تكلفة، إذا ما توجهت نحو الجبال.

للأعلىé

 
     

 

التعليقات

 
 

لموضوع:ندوة العدد 1العدد14

التعليق:

الايميل:gazawin@yahoo.com

 كشفت هذه الندوة عن تآمر واضح لجهات فلسطينية حكومية لتدمير ما تبقى من أرض

 زراعية في شمال الضفة.  السؤال:  لصالح من هذا التدمير، ومتى يحاسب المجرمون؟

 نادر الغزاوي


لموضوع:ندوة العدد 1العدد14

التعليق:

الايميل:gazawin@yahoo.com

 

 أعبر عن شكري واحترامي لمجلة آفاق البيئة التي دأبت على تنظيم ندوات شهرية

 تعالج بصراحة وشجاعة قضايا بيئية ببعديها السياسي والوطني وتكشف عن المستور

 من تطاولات وتجاوزات ومؤامرات صهيونية وفلسطينية ضد أرضنا وبيئتنا

 المنكوبتين.

 ساهرة قحامش


 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
:
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.