أيار 2009 العدد (14)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

May  2009 No (14)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب البيئة والتنمية في صور الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

شخصية بيئية:

رحم الله هذه الشخصية البيئية..

خبيرة القانون الدولي في المياه د. فادية دعيبس مراد التي ترجلت مبكرا

تحسين يقين

خاص بآفاق البيئة والتنمية

 

فجعت مؤخرا الأوساط البيئية برحيل شخصية أسهمت بشكل لافت في قضايا المياه، والتي أثبتت رغم حداثة سنها دورا رائدا للفلسطينيين وللنضال الفلسطيني لاستعادة الحقوق ومن ضمنها حقوقنا المائية.

إنها الدكتورة فادية دعيبس مراد  التي رحلت إثر حادث مؤسف، ونحن في أمس الحاجة لخبرتها وعلمها ودورها في هذا المجال الحيوي، تلك الشخصية الغنية ثقافة وفكرا وفنا ووطنية وطموحا وإثبات للذات الوطنية، الشخصية، والنسوية أيضا.

إضاءة

توجهت د. فادية في دراستها للدكتوراة للقانون الدولي مع أن تخصصها في البكالوريوس هو الهندسة، وفي الماجستير مياه، نبع من إيمانها بدور القانون والعلم معاً في فتح المجال لاقتراحات إبداعية في الحلول العادلة، فلا سلام بدون عدالة، ولا حياة بدون عدل، وبلا مياه.

قضت د. فادية دعيبس مراد سنواتها الـ 16 وهي تعمل وتدرس وتبحث في القضايا المتعلقة بالمياه في فلسطين، حيث مارست عملها في مجال التخطيط ورسم الاستراتيجيات والمساهمة في صياغة القوانين مثل قانون الماء الفلسطيني، وهي مستشارة لعدة مؤسسات أجنبية في قضايا المياه في فلسطين.

وللراحلة كتب تبحث في القضايا المتعلقة بالمياه؛ فمن كتبها الهامة في الموضوع "المياه في فلسطين: المشاكل، السياسات، الرؤيا" التي كانت محررة له ومساهمة في تأليف فصل من الكتاب، بالإضافة لكتاب بعنوان قوانين المياه الدولية، وأثرها على أزمة المياه في الشرق الأوسط وغيرها، مما يمكن أن يعاد نشرها لتعميم الفائدة.

واستمرت د. فادية نشيطة في مجال عمل الأبحاث، فقد نشرت بحثاً مهماً ضمن كتاب لليونسكو، والبحث بعنوان: الإصلاحات المطلوبة على المستوى الوطني في قضايا المياه من نواحي قانونية وسياسات واستراتيجيات.  كما أنها قدمت مقالاً في مجلة دنفر القانونية عن: القانون الدولي المائي، وتطبيقاته على المياه الجوفية بين الدول.  وكانت نشطة في حضور المؤتمرات، وكانت تسعد بأن أفكارها في الموضوع تلاقي القبول في الخارج.

عملت د. فادية دعيبس مراد في سلطة المياه في فلسطين، وسعت إلى إيجاد حلول على المستوى الدولي تكون مبنية على القانون الدولي، وهي معروفة على المستوى المهني بامتلاكها لقاعدة معلومات قوية في موضوع تخصصها، إضافة إلى اقتناعها الشخصي بالهدف الذي تسعى إليه والذي يعطي نتائج طيبة للجميع.

قبل 4 سنوات، فيما عدّ وقتها تتويجاً لدورها في مجال البيئة والقضايا المتعلقة بالمياه في فلسطين والشرق الأوسط، والذي اعتبر أيضا مؤشراً على إيمان المؤسسات العالمية بالحقوق الفلسطينية وتضامنها مع مطالب الشعب الفلسطيني العادلة، منحت مؤسسة إدبرج السويدية د. فادية دعيبس مراد جائزتها السنوية للعام 2005.

وقد جاء في الرسالة الإعلامية أن اختيار الباحثة الفلسطينية من بين المرشحين والمرشحات يعود إلى نشاطها في القضايا المتعلقة بالمياه في فلسطين والشرق الأوسط، وتركيزها على رصد آثار المصادر الشحيحة للماء على الجوانب البيئية والاجتماعية والقانونية، وأضاف بيان مؤسسة إدبرج الصحفي، أن الفلسطينية مراد استحقت ثناء لجنة التحكيم؛ لأنها قدمت مثالاً طيباً على أنه يوجد دوماً أمل بالوصول إلى حلول سلمية لقضايا المياه بين الدول خاصة في فلسطين في ظل ظروفها الحالية.  ورأت المؤسسة في الباحثة مراد نموذجاً يمكن أن يحتذى به على المستويات المختلفة في سبيل تحقيق تنمية مستدامة وتعايش سلمي بين شعوب الأرض.

وقد رأت الراحلة د.فادية الجائزة أبعاداً رمزية تؤشر على تضامن المجتمع الدولي مع المطالب الفلسطينية، وتشجيعاً لها للاستمرار في الأبحاث بقصد المساهمة في الوصول إلى حلول عادلة.

نقد جريء

وبالرغم من تأييدها في البحث عن حلول سلمية لقضايا البيئة والمياه، للتعاون مع الأطراف الأخرى، بمن فيها إسرائيل، إلا أنها وجهت نقداً حاداً للمشاريع الفلسطينية – الإسرائيلية المشتركة في مجال البيئة والماء، فقد رأت أن هناك مشاريع كثيرة لم تكن جزءاً في إحداها، والسبب يعود إلى عدم وجود أساس قوي للتعاون، فلم تدخل رحمها الله في تلك المشاريع "لأنها لا تدل شيء بالنسبة للمستقبل" كما قالت لنا وقتها.

ثقة د. فادية دعيبس مراد كانت كبيرة في المستقبل، وكانت متفائلة بوجود مشاريع حقيقية تعاونية مشتركة تعمل على المستقبل، أكثر من لحظة الحاضر، تستند إلى تحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني في حقوقه المائية والبيئية.

موضوع المياه حقوقي وليس سياسيا فقط!

قبل عام في لقاء مع سويس إنفو (swissinfo) بيرن، سويسرا، (في 18 نيسان 2008) ، كان لشرح الصورة: خبيرة المياه الفلسطينية الراحلة فاديه دعيبس تصريحات مهمة.  فقد أكدت على أن موضوع المياه حقوقي وليس سياسيا فقط! في سياق إثارتها موضوع "العلاقة بين حقوق الإنسان والفقر والسيطرة على مصادر المياه والأراضي الزراعية" على هامش الاجتماع السنوي للفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية في برن.

كان ذلك إضافة هامة لها عندما حللت سبب تفاقم المشكلة، والتي أرجعتها "لتركيز نظرنا نحن الفلسطينيين لموضوع المياه "على أنه قضية سياسية وليس موضوعا اقتصاديا أو اجتماعيا أو حقوقيا. وقد تم دوما تسييس موضوع المياه، وخاصة من قبل الفلسطينيين للأسف، لأنهم لم يتطرقوا للمياه من منظور حقوقي".
فالمنظمات الأهلية على حد قولها وقتذاك "كانت تخشى الحديث عن هذا الموضوع أو إبرازه بشكل أساسي في اهتماماتها لهذا السبب.... " لكننها شعرت أن الأمور تغيرت الآن بحيث "أصبحت الكثير من المنظمات الحقوقية الدولية تتردد على فلسطين، ولديها رغبة كبيرة في إدراج موضوع المياه كجزء من المنهج الحقوقي...".

وقالت: "نحن كشعب مُنتهكة حقوقه نحتاج إلى تحضير الحجج والبيانات الكافية التي تثبت أن هذا الموضوع ليس موضوعا سياسيا بل هو حقوقي بالأساس يتم تسييسه لأمور سياسية وأجندات واضحة، ويجب أن نعلن للجميع حتى يتم التعامل مع هذا الموضوع كحق أساسي وأن نجد له العلاج أو الاستجابة الصحيحة".

وهذا ما دعت إليه الراحلة د. فادية دعيبس مراد، لنظل متذكرين أيضا أن موضوع المياه حقوقي وليس سياسيا فقط!

 

الخطاب للجمهور الغربي

امتلكت الراحلة أسلوبا مقنعا ومؤثرا على الجمهور الأجنبي؛ فقد كان من الطبيعي أن تتحدث د. فادية للجمهور الغربي عن ارتباط المياه بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي الواضح جدا. مبينة أن المياه كانت من الأسباب التي تم بها الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، مشيرة إلى أن المياه كان لها دور إستراتيجي في الخطة الصهيونية، خصوصا في رسم حدود دولتهم، "فحتى الآن، لا توجد حدود رسمية، ولكن نحن نعلم أن إسرائيل عمدت إلى تضمين أكبر ما يمكن من منابع المياه خاصة في نهر الأردن ضمن حدود دولتها. وهذا واضح من خلال استيلائهم على هضبة الجولان حيث توجد منابع نهر الأردن، والاستيلاء على الضفة الغربية التي يقبع تحت أراضيها الحوض الجوفي الكبير الذي تستغل منه إسرائيل 40% من احتياجاتها المنزلية والزراعية وغيرها".

وعلى اللحن نفسه، عزفت الدكتورة فادية دعيبس خبيرة القانون الدولي في المياه، حين كانت صريحة وجريئة في توقعاتها من السياسة الإسرائيلية في قضية المياه، إحدى قضايا الحل النهائي أو الدائم!

ففي معرض سؤال وجه لها في تلك المقابلة حول نتيجة الجهود والأعمال والتوقعات المستقبلية قالت د.فاديه: "ليس لي أمل كبير فيما قيل أو سيقال لأنني أعمل في هذا الميدان منذ 15 سنة..." لكن ورغم هذا التشاؤم بالاحتلال بالطبع، إلا أنها أبقت باب الأمل مفتوحا كي نتفاءل دون أن نفرط في تفاؤلنا، فقد أردفت د. فادية تقول: "لكنني أجد أنه يجب أن نواصل المعلومات عما يحدث، ولكن دون الإرادة السياسية للدول، ودون الضغط والحملات على صانعي القرار لن يتغير شيء برأيي، نحن مجرد رسل وعلينا أن نتعلم كيف نوصل رسائلنا، ولا أعتقد أننا نجحنا بشكل كبير حتى الآن".

 

سلب المياه

تحدثت أيضا عما تقوم به إسرائيل من "تحويل مياه نهر الأردن خارج منطقة الحوض لري صحراء النقب وتحويلها إلى منطقة خضراء قابلة للحياة، بينما تحرم السكان الفلسطينيين الأصليين يوميا من مقومات الحياة من مياه وغذاء وبيئة نظيفة".  وأوضحت أيضا" عدم التكافؤ في استخدام المياه بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فالحوض المائي الجوفي الذي يوجد تحت الضفة الغربية، تستخدم منه إسرائيل 85% بينما يستخدم الفلسطينيون 15%، وهو ما يوضح الفجوة ويوضح السيطرة التي سمحت لإسرائيل بإصدار القرارات العسكرية بمنع تطوير أية مصادر مائية جديدة مثل حفر آبار جديدة وغير ذلك".
ونوهت إلى "حصتنا في نهر الأردن بما أن أراضينا متاخمة لضفته. ولكننا لم نحصل ولو على نقطة ماء منه منذ العام 1967، نظرا لوجود منطقة عازلة عسكرية لا يُسمح حتى بالوصول إليها".

وأشارت إلى "نسبة لاستهلاك الفرد، إذ يتراوح المعدل اليومي للشخص الفلسطيني ما بين 35 و80 لترا، بينما يصل المعدل بالنسبة للفرد الإسرائيلي إلى 300 لتر. متحدثة عن حوالي 220 تجمعا فلسطينيا فيه أكثر من 300 ألف فلسطيني لا تصلهم خدمات المياه من حنفيات وشبكات صرف، وهذا يمثل نصف التجمعات السكنية الفلسطينية التي لا تتوافر فيها خدمات الصرف الصحي".

تلك لغة يتفهمها المواطن الغربي، وتثير المفارقة العجيبة والظالمة في مسألة استهلاك الماء.. 

ولم تكن تنسى قطاع غزة " ، وفي غزة نتحدث عن كارثة كبرى لأن حوض غزة هو حوض مستنزف ومهدد بالاختراق من قبل مياه الصرف ومياه البحر، وذلك بسبب الزيادة في الاستخدام من هذا الحوض ونظرا لعدم وجود رقابة على عملية الاستخدام بسبب غياب القانون والمشاكل الداخلية والخارجية".

Ytahseen2001@yahoo.com

 

للأعلىé

 
 

 

التعليقات

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
 
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.