|
|
![]() |
|
||||||||||||||
|
|
||||||||||||||||
|
أيار 2009 العدد (14) |
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا |
May 2009 No (14) |
||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
بعد أن كان أكثر أنهر العالم اختزانا للقيم البيئية والتربوية والدينية إسرائيل حولت نهر الأردن إلى مستنقع ملوث بالمياه العادمة
ج. ك. / خاص بآفاق البيئة والتنمية
من يزر نهر الأردن هذه الأيام، يره نهرا فقيرا بالمياه مشوه المعالم ومرتعا للنفايات السائلة الإسرائيلية، ويلحظ أيضا جفاف منابعه وروافده التقليدية التي دأبت إسرائيل على سرقتها وتحويلها إلى وجهات أخرى. والجريان المائي البارز والوحيد الذي يمكن ملاحظته في الجزء الجنوبي من النهر هو تدفق المياه العادمة.
ويمكن القول إن نهر الأردن الخلاب وذا الأهمية التاريخية، يعد أطول نهر
في فلسطين، بل هو، عمليا، المسطح المائي الوحيد الذي يمكن اعتباره
نهرا، ومن المعروف أنه حتى عشية إنشاء ما يسمى "الناقل القطري" الإسرائيلي عام 1964، كانت تصب في نهر الأردن كميات ضخمة من المياه، تكفي لتغطية جميع احتياجات الاستهلاك المنزلي والبستاني لجميع الفلسطينيين والأردنيين معا. إلا أنه، لدى إنشاء ما يسمى "ناقل المياه القطري" أقامت إسرائيل سدا لمنع تدفق مياه بحيرة طبرية في النهر. ومن أصل 1.3 مليار متر مكعب مياه طبيعية كانت تصب في الماضي على طول الجزء الجنوبي من نهر الأردن، لا يصب فيه حاليا سوى 70 مليون مترمكعب فقط، علما بأن جزءا قليلا جدا من هذه المياه تعد طبيعية، وهي جلها مياه الأمطار الشتوية. والسوائل الوحيدة التي تجري بشكل ثابت في النهر هي المياه العادمة الإسرائيلية غير المعالجة ومياه برك الأسماك والمياه المرتجعة من الزراعة. وتعد التجمعات الاستيطانية اليهودية في طبرية وغور الأردن وبيسان من أكبر ملوثي النهر، حيث تعمد هذه التجمعات إلى صب كميات هائلة من المياه العادمة غير المعالجة فيه. وفي الماضي غير البعيد، كان كل من نهر اليرموك وبحيرة طبرية، على حدة، يزود نصف كمية المياه الجارية إلى نهر الأردن الذي يقع في منطقة غنية بالآثار التاريخية. إلا أن إسرائيل أوقفت جريان المياه الطبيعي إلى النهر الذي يتسم بأهمية دينية وسياحية واقتصادية، وأفاضت عليه كميات ضخمة من مياه المجاري، فحولته إلى مستنقع مائي ملوث، بعد أن كان، عبر العصور، من أكثر أنهر العالم اختزانا للقيم التربوية والدينية والبيئية والسياحية. الجدير بالذكر أيضا، أنه إثر إيقاف إسرائيل لجريان المياه الطبيعية في نهر الأردن الذي يغذي البحر الميت، وإقامتها ما يزيد عن 18 مشروعا لتحويل مياه النهر إلى مشروعاتها الزراعية في صحراء النقب، انخفض كثيرا مستوى البحر الميت وتدهورت أوضاعه وجف جزؤه الجنوبي. وللتغطية على مسئوليتها في تدمير البحر الميت، ابتدعت إسرائيل فكرة قناة البحرين (الأحمر – الميت) بذريعة "إنقاذ الأخير من الجفاف"، علما بأن إعادة تغذية نهر الأردن بروافده المائية الطبيعية كفيلة بفرملة التدهور الحاصل في البحر الميت، إن لم يكن إصلاح جزء هام من الخراب الحاصل.
تضليل وكذب
ولتمويه دورها التخريبي لبيئة نهر الأردن، تدعي إسرائيل بأن الأردن
والسلطة الفلسطينية، تعدان من "الدول المشاطئة" للنهر، وهما يعملان،
كما إسرائيل، على ضخ كميات كبيرة من مياه النهر، وفي المقابل يضخان فيه
المياه العادمة والمياه متدنية الجودة. وبالطبع، هذه "المساواة" في
المشاطأة غير صحيحة إطلاقا، إذ لا يوجد للفلسطينيين أية سيطرة أو سيادة
على أي جزء من نهر الأردن، ومن المثير للدهشة والتساؤل، أن الإسرائيليين، وبالرغم من كونهم المسبب الأساسي في استنزاف وتدمير نهر الأردن، فقد ضموا إليهم أطرافا فلسطينية وأردنية للمشاركة في مشروع بحثي يدعي الإسرائيليون بأن له أبعادا بيئية صرفة. بمعنى أن بعض ضحايا النهب الإسرائيلي لمياه نهر الأردن وتدميره، أي الفلسطينيين والأردنيين، قد انخرط مع الإسرائيليين في مشروع بحثي مشترك، يهدف إلى "دراسة كمية المياه اللازمة لإصلاح نهر الأردن الجنوبي"، كما يدعي الإسرائيليون. فهل المطلوب من الطرف الفلسطيني أن يشارك الإسرائيليين في مشروعهم الهادف إلى إصلاح ما أفسده الأخيرون بشكل منظم، من خلال ما قاموا به من تجفيف الروافد المغذية للنهر، وتحويلها إلى قنوات مياه عادمة بأبخس الأثمان؟ والمفارقة هنا، أن السلطة الفلسطينية التي تفتقر إلى الحد الأدنى من أشكال السيادة السياسية على الأرض والموارد المائية الفلسطينية التي تقع بالكامل تحت هيمنة الاحتلال، والتي (أي السلطة) تعد مجرد سلطة حكم ذاتي مرجعيتها السيادية قانونيا هي دولة "إسرائيل"(هذا هو الفهم المتعارف عليه عالميا للحكم الذاتي)، خولت نفسها المشاركة في مشاريع "سيادية" ("قناة البحرين" والبحث الإسرائيلي – الفلسطيني – الأردني المشترك "لإنقاذ نهر الأردن")، تهدف أصلا إلى تثبيت الوجود الصهيوني الاستيطاني في فلسطين بعامة، وفي الأغوار وصحراء النقب بخاصة. لقد استنزفت إسرائيل، ولا تزال تستنزف، كميات ضخمة من مياه نهر الأردن ، علما بأن مجمع نهر الأردن يحوي أكبر كمية مياه في المنطقة، ولاسيما أنه يغذي معظم المياه السطحية المستعملة. ويبلغ الطول الكلي لنهر الأردن 360 كم، ومساحة حصاده السطحي 18300 كم2. وحاليا، تعد مياه نهر الأردن أهم مصدر تستخدمه إسرائيل للمياه العذبة، وهو يغطي نحو 33% من المياه العذبة التي يستهلكها الإسرائيليون. كما تسرق إسرائيل سنويا نحو 650 مليون متر مكعب من مياه بحيرة طبرية شمالا، وتنقلها، عبر "ناقل المياه القطري"، إلى صحراء النقب جنوبا. |
||||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
التعليقات |
||||||||||||||||
|
|
||||||||||||||||
|
الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة. |
||||||||||||||||