أيار 2009 العدد (14)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا 

May  2009 No (14)

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب البيئة والتنمية في صور الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

 

شبلاق: 10% فقط من مياه غزة صالحة للشرب

غزة ...تعاني اليوم من فقدان التنوع الحيوي بفعل ممارسات الاحتلال

خبير: القطاع يفتقر إلى التنوع البيئي ...والمطلوب مشاريع عاجلة لإنقاذه

سمر شاهين / غزة

خاص بآفاق البيئة والتنمية

 

أربعة شهور مضت على الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة ، التي استهدفت كل شئ في قطاع غزة ، حيث كان للبيئة النصيب الأكبر من ذلك العدوان لاسيما وأن الاحتلال استخدم  صورا شتى من الأسلحة الفتاكة بما فيها الأسلحة المحرمة دوليا ليذهب ضحيتها البشر والشجر والحجر. نجم عن الحرب الغاشمة دمار واسع طال كافة مناحي البيئة وعناصرها فتلوثت المياه والتربة والهواء، ودمرت البنية التحتية والفوقية شر تدمير وتدهورت مجموعات الكائنات الحية (Biota) بشقيها الحيواني (Fauna) والنباتي (Flora) تدهورا كبيرا وخطيرا.

آفاق البيئة والتنمية تفتح ملف التنوع الحيوي في قطاع غزة عقب الحرب لتقف على حجم المخاطر والانتهاكات التى تكبدها.

ويعرف التنوع الحيوي أو التنوع البيولوجي (Biodiversity) تباين عناصر الحياة على الأرض ولعل أهم ما يجذب اهتمام المختصين هو التنوع في مستويات النوع (Species) والنظام البيئي (Ecosystem) وملامح الأرض الطبيعية (Landscape) التي تعرض كل منها للبطش والدمار بفعل الآلة الحربية الصهيونية التي لم تبق ولم تذر.

تزخر فلسطين رغم مساحتها الصغيرة (27,000 كيلومتر مربع) بتنوع حيوي هائل على مستوى الملامح الطبيعية أو على مستوى النظم البيئية نظرا لتنوع المناخ والتضاريس والغطاء النباتي الذي يكسوها. تذكر التقارير والكتب العلمية أن فلسطين تؤوي حوالي 3000 نوع نباتي بري بين أشجار وشجيرات ونباتات عشبية كما أنها تؤوي أكثر من 120 نوعا ثدييا و530 من الطيور البرية و100 نوع من الزواحف و7 أنواع من البرمائيات إضافة إلى 350 – 400 نوعا من أسماك المياه العذبة والمالحة.

يقع قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 365 كيلومترا مربعا في أقصى الجنوب الغربي لفلسطين ويزدهر بتنوع حيوي لا بأس به رغم المشاكل البيئية التي يعاني منها. أوضحت دراسات علمية حديثة أن حوالي 120 نوعا نباتيا و20 نوعا من الثدييات البرية و120 نوعا من الطيور و20 نوعا من الزواحف و3 أنواع من البرمائيات و100 نوع من الأسماك البحرية تتواجد في بيئات قطاع غزة المختلفة سواء أكانت يابسة أم بحرية. يواجه التنوع الحيوي في قطاع غزة تحديات جمة تفتك به وتهدد عشائره ومنها الازدحام السكاني وتناقص وتغيير المواطن البيئية والتلوث والاستغلال الجائر للموارد الطبيعية، وتعد هذه التحديات كسرا هامشيا إذا ما قيست بمخاطر الاحتلال الصهيوني على كافة مناحي البيئة الفلسطينية بما فيها التنوع الحيوي.

من جانبه قال المواطن تحسين قلجة "45" عاما: لقد دمر الاحتلال بيئتنا بصورة شبه كاملة حيث انتهج سياسة القضاء على التنوع البيئي بصورة كاملة مضيفا: " لقد عمل على إزالة الأشجار من جذورها ولم يكتف بقطعها فقط رغم علمه الكبير بأهمية وجود تلك الأشجار من أجل البيئة ".

ويضيف قائلا: اقطن هنا في حي الزيتون وقد كان المكان هذا – بدا وكأنه ارض قاحلة لم تعرف يوما عنوانا للأشجار- لقد كان حديقة كبيرة مليئة بكافة أصناف الأشجار والعديد من الحيوانات والطيور النادرة التي كنت احرص على تربيتها، أما اليوم فقد غاب كل شئ، نعم غاب كل شئ ولم يعد أمامي إلا هذه الأرض المحروقة.

ويبين المواطن حسين محمود " 48" عاما من سكان خانيونس أن الاحتلال قضى على العشب الاخضر بالدرجة الأولى وباتت الأرض غير صالحة للزراعة، إضافة إلى قضائه على معظم الحيوانات التي كات تمثل مصدر للدخل والحفاظ على توازن البيئي فض لا عن  تدمير برك الأسماك التي كانت تنتشر في المنظقة الجنوبية لتوفير مصدر للدخل وللغذاء.

ويضيف والألم يعتصر كلماته: "أصبحنا نعيش في صحراء إن جاز لنا التعبير فلا أشجار ولا مياه نظيفة ولا أسماك نعتاش منها ولا خضر ولا أعشاب تنمو في الأرض".

الخبير في المياه م. منذر شبلاق قال لـ"آفاق البيئة والتنمية: "إن قطاع غزة مقبل على كارثة مائية حقيقية "، مشيرا إلى أن 10% من مياه غزة صالحة للشرب، مشيرا إلى أنه يتم كلورة كل قطرة ماء من أجل سلامة الغزيين حيث وصلت الكلورة في الكثير من الأحيان إلى 100%.

وقال مدير مصلحة مياه بلديات الساحل في غزة :" على المؤسسات المانحة والممولة  أن تسرع في عملية تمويل المشاريع ذات العلاقة في تنظيم البيئة المائية وإلا فإن كارثة اأ النصر ستتكرر في مناطق أخرى، لافتا إلى أن المصلحة مازالت تدق ناقوس الخطر فيما يتعلق بكمية ونوعية المياه في قطاع غزة ، مشيرا إلى أن مياه الخزان الجوفي باتت في مناطق عديدة شديدة الملوحة نتيجة اختلاطها بمياه البحر.

 

تدمير منظم

ويقول د. عبد الفتاح عبد ربه أستاذ العلوم البيئية المساعد في قسم الأحياء – الجامعة الإسلامية بغزة تعتبر الزراعة بأنماطها المختلفة العمود الفقاري للمجتمع الفلسطيني في قطاع غزة وإذا كانت النظم البيئية الطبيعية نادرة الحدوث في قطاع غزة بسبب الازدحام السكاني والضغط على الموارد الطبيعية، فإن النظم البيئية الزراعية متعددة ومتنوعة بل هي التي جابهت الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة منذ سنوات من خلال توفير المحاصيل والمزروعات المختلفة للمجتمع الغزي. 

وأشار إلى أن الحرب الصهيونية المدروسة تكفلت بتدمير النظم البيئية الطبيعية منها والزراعية لتزيد من وقع الحصار على سكان القطاع، فكان تجريف الأراضي الزراعية وتدمير تربتها ومحاصيلها ولاسيما الإستراتيجية منها كالزيتون والحمضيات واللوزيات والحبوب والدفيئات. وأشارت وسائل الإعلام المختلفة أن آلة الحرب الصهيونية الجوية والبرية والبحرية ألقت خلال الحرب عدة ملايين من الكيلوجرامات من القنابل والقذائف المعروفة وغير المعروفة بما فيها القنابل الفسفورية والارتجاجية والفراغية والعنقودية وربما التي تحمل إشعاعات خطرة على الصحة والبيئة لتدمر البنيان وتمزجه بالتربة وتحرق النبات الطبيعي والمزروع. لعبت الدبابات والجرافات الصهيونية أيضا دورا كبيرا في تدمير المساحات الطبيعية والزراعية من خلال تجريف الأراضي وقلب التربة ومزجها بالملوثات المختلفة؛ مما يعني تغييرا متعمدا وواضحا في هيكلية وبنية النظم البيئية والملامح الطبيعية للأرض.

 

تدمير الأنواع النباتية

تشير التقارير العلمية أن مئات الآلاف من الأشجار المعمرة قد تم اجتثاثها وقلعها بفعل الدبابات والجرافات والمعدات الصهيونية في كافة أنحاء قطاع غزة، ولاسيما المناطق الشرقية المحاذية للحدود ومناطق شمال قطاع غزة ولعل محافظة شمال غزة كانت هي الأكثر حظا في الدمار. لعبت القنابل الفسفورية دورا في حرق الغطاء النباتي في المناطق التي تعرضت للقصف؛ وهذا ما أدلى به السكان المحليون في مناطق القصف.

لعب كل من الحصار والحرب دورا في تدمير الغطاء النباتي في كثير من مناطق قطاع غزة، حيث لجأ العديد من السكان ولاسيما سكان المناطق الريفية والقريبة من المحررات إلى قطع الأشجار المعمرة وأشكال أخرى من الغطاء النباتي لاستخدامه وقودا أو علفا لحيواناتهم بسبب نقص إمدادات الوقود وغاز الطهي. أدت كل هذه المظاهر إلى تدمير الغطاء النباتي وتجزئته وتأخر نموه وربما زيادة معدلات انجراف التربة وتعريتها.

 

تدمير الأنواع الحيوانية

يعتبر الغطاء النباتي عاملا مهما في تقدير حجم العشائر والأنواع الحيوانية المختلفة المعتمدة على وجوده ولاسيما الطيور البرية. تبعا لذلك فإن عمليات التدمير والتجريف التي نالت من الأشجار المعمرة وكافة أشكال الغطاء النباتي وخصوصا في المناطق الشرقية لقطاع غزة قد أثرت بطريقة أو بأخرى على الأنواع الحيوانية السائدة أو العابرة للحدود صوب قطاع غزة. يذكر أن المناطق الشرقية في قطاع غزة تشهد تنوعا حيوانيا أكثر من المناطق الغربية منه بسبب قلة حركة السكان وقلة العمران وكثرة البساتين والأراضي الزراعية في المناطق الشرقية، إضافة إلى قرب المناطق الحدودية الشرقية من الغابات والأحراش المتواجدة في المناطق الصهيونية شرق الحدود. 

إن جل عمليات صيد الحيوانات البرية التي يقوم بها بعض السكان تتركز في المناطق الشرقية لقطاع غزة، وقد سجل الباحث مرارا قيام الصيادين بصيد الثدييات البرية مثل الأرانب البرية والثعالب الحمراء وقط الأدغال والقط البري وابن آوى والنمس المصري، وصيد الطيور البرية مثل الصقور والعقبان والشنار واليمام والعصافير المتنوعة (الدوري والهرد والتفاحي والحسون الذهبي وطيور اللامي غيرها) بغرض أكلها كما في حالة الأرنب البري والشنار واليمام أو تربيتها كما في حالة الصقور والحسون الذهبي أو بيعها لبعض حدائق الحيوان المنتشرة في معظم محافظات قطاع غزة كما في حالة معظم الثدييات الكبيرة نسبيا.

إن تدمير الاحتلال الصهيوني أثناء الحرب وقبلها للغطاء النباتي بكافة صوره وأشكاله في المناطق الشرقية والشمالية الغربية لقطاع غزة أدى وبدون أدنى شك إلى تجزئة النظم البيئية وتقليل محتواها البيولوجي ولاسيما الطيور التي تختبئ أو تبني أعشاشها على الأشجار والشجيرات. إن الأثر طويل الأمد الذي يلعبه إزالة الغطاء النباتي يتمثل في تناقص عناصر التنوع الحيواني والعشائر الحيوانية، ولعل الأرنب البري (Lepus capensis) والقط البري (Felis silvestris) والطيور الجارحة (Raptors) التي تواجه تهديدا مستمرا منذ عقود في قطاع غزة تعتبر من بين عناصر التنوع الحيواني الأكثر تأثرا وتضررا.

 

تدمير حدائق الحيوان

شهد قطاع غزة في العامين الأخيرين ازديادا ملحوظا في عدد حدائق الحيوانات التي أنشأت للترفيه ولتعليم سكان القطاع ولاسيما الأطفال بعناصر التنوع الحيواني في بيئتهم الفلسطينية وفي بيئات الدول الأخرى كما أنها تدر ربحا لممتلكيها. عمد الاحتلال الصهيوني في أيار 2004 إلى التدمير الكلي لحديقة حيوان رفح وكرر في حربه الأخيرة تدميره لحديقة حيوان غزة التي تؤوي حيوانات جلها من البيئة الفلسطينية. تشير وسائل الإعلام أن 95% من حيوانات الحديقة لاقت حتفها دهسا بالآليات ورميا بالرصاص.

تدمير مبنى المختبرات العلمية في الجامعة الإسلامية

تأسس قسم الأحياء بالجامعة الإسلامية في مطلع الثمانينيات وسنويا تضاف لمتحفه الناشئ عشرات الحيوانات من البيئة الفلسطينية منها عينات نادرة مثل حيوان الكيب (Coypu or Nutria = Myocastor coypus ) الذي سجل دخوله لقطاع غزة مرة واحدة عام 1997. قام الاحتلال الصهيوني بقصف وتدمير مبنى المختبرات في الجامعة الإسلامية الذي يحتوى متحفا للتاريخ الطبيعي (Museum) يضم مئات العينات والأنواع المحنطة من حيوانات البيئة الفلسطينية؛ مما أحدث خللا  في تدريس المساقات العلمية التي تعنى بالتنوع الحيوي والبيئة. يعد المتحف رغم صغره النسبي ذا أهمية في جذب طلبة العلم من الجامعات والكليات والمدارس من مختلف مناطق قطاع غزة ليتعرفوا على طبيعة حيوانات البيئة الفلسطينية وهذا بدوره يساهم في إكسابهم الوعي تجاه الحفاظ على عناصر التنوع الحيوي محليا.

 

 للأعلى

 
     

 

التعليقات

 
 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
 
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.