اذار 2009 العدد (12)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

 March 2009 No (12)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب البيئة والتنمية في صور الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

قراءة في كتاب: 

"اغتيال البيئة الفلسطينية"

تأليف:  مصطفى سعد الدين قاعود

سنة الإصدار:  2008

عدد الصفحات:  128 صفحة (قطع متوسط)

عرض ومراجعة:  محمود الفطافطة

 

 إن اغتيال البيئة يعادل اغتيال الإنسان، كما يعادل عمليات التطهير العرقي التي رافقت نكبة فلسطين عام  1948، واعترف فيها المؤرخون الصهاينة وعلى رأسهم بني موريس الذي بذل جهداً يائسا لتبريرها. والفرق بين اغتيال البيئة والتطهير العرقي هو فرق ظاهري فقط. أما الجوهر فواحد، لأن تجريف الأراضي الزراعية وتلويث الغذاء والماء والهواء جريمة وتخلف وراءها مجزرة ولكن على شكل لوحة سريالية، تغيب فيها أظافر الجاني وتخنفي سوءة المجني عليه، وتنتهي المسالة عند حدود الوعد بإعادة الإعمار وإعادة التأهيل ولكن فقط (عندما يكف الفلسطينيون عن استخدام العنف).

 

منهجية التدمير

هذا بعض  مما جاء في مقدمة كتاب" اغتيال البيئة الفلسطينية" الذي يبين مؤلفه مصطفى قاعود أن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على البيئة الفلسطينية بكل مقوماتها وعلى رأسها الإنسان الكائن البيئي الأول، بالإضافة إلى كونها نتيجة من نتائج الاحتلال، هي أيضا هدف قائم بذاته؛ فهي تتم بدافع توسيع الاستيطان بالدرجة الأولى، وفي كثير من الأحيان كانت بدافع إشباع العنصرية الدفينة ، التي يتلذذ بها ضباط وجنود جيش الاحتلال بسبب تربيتهم على ذلك .

ويؤكد قاعود أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي عملت، بشكل منهجي ومدروس، على تدمير البيئة الفلسطينية، حيث أوغل الاحتلال في مصادرة جميع أوجه الحياة الفلسطينية بهدف القضاء على كل مقومات الشعب الفلسطيني وإرغام الفلسطينيين على الرحيل من تلقاء أنفسهم، عندما تنعدم أسباب الحياة. ورغم الرهان الصهيوني البائس على رحيل الفلسطينيين(كما يشير الكاتب)، فقد أذهل الفلسطينيون العالم بصمودهم وتشبثهم بأرض الآباء والأجداد، رغم تضاؤل مقومات الحياة وانعدامها في العديد من القرى والبلدات، وبخاصة تلك التي أصبحت معزولة عن محيطها الفلسطيني لسبب جدران الضم والفصل العنصري.

ويضيف: "صمد الفلسطينيون ودفعوا ثمن النصر عدة مرات ، وظلت إسرائيل تحت وطأة الهزيمة الأخلاقية، حيث يثير الصمود الفلسطيني حفيظة قادة إسرائيل فيستخدمون الجرافة والدبابة والرصاص الحي والأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً ضد الناس العزل، لإخلاء الأرض وتوطين من لا تربطهم أية صلة بها فيها".

 

اعتداءات لا حصر لها

ويوضح المؤلف أنه نظراً لكثافة الاعتداءات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية، لا يمكن في هذا الكتاب إجمال كافة الانتهاكات التي وقعت منذ بداية الاحتلال عام 1967 حتى الآن، منوهاً إلى أنه لا بد في البداية من تقديم موجز عن تلك الاعتداءات الخطيرة، حيث يقول: " إن أشرس هذه الاعتداءات بعد استهداف الإنسان الفلسطيني، حملات تجريف الأراضي الزراعية وقطع الأشجار المثمرة وبخاصة الزيتون والحمضيات،حيث لم تتوقف تلك الحملات ولو ليوم واحد منذ اليوم الأول للاحتلال.

 ويذكر الكاتب: إن تلك الحملات ترافقت مع عمليات منظمة لهدم المنازل وبناء المستوطنات، واستتبع ذلك سرقة المياه والرمال والتربة الزراعية، وتحويلها كلها للمستوطنات أو خلف ( الخط الأخضر) وتوظيفها لاستخدامات مختلفة، منها على سبيل المثال تبريد مفاعل ديمونا الهرم. ومن أخطر الانتهاكات في رأي قاعود تلويث مصادر المياه التي يستخدمها الفلسطينيون، وتلويث الأحواض الجوفية بالمياه العادمة القادمة من المستوطنات، وردم وتسميم الآبار وتدمير البنية التحتية من شبكات المياه والمياه العادمة، وتدمير الثروة الحيوانية، وتجريف وإغلاق الطرق الرئيسية والزراعية، واستهداف الهواء من خلال استخدام الغازات والأسلحة المحرمة دولياً، والإضرار بالبيئة السمعية من خلال الحملات العسكرية المستمرة والقصف الجوي والمدفعي واستخدام صنوف الأسلحة كلها؛ مما ترك أثراً بالغاً على الصحة النفسية للأطفال والمسنين.

ومن الاعتداءات التي يذكرها الكاتب كذلك، استهداف البيئة التعليمية، وتخريب الفضاء التجاري والاقتصادي مما أدى إلى إفقار الفلسطينيين، الأمر الذي ترك أثره على البيئة الاجتماعية ، واستهداف البيئة الثقافية ، واستهداف التراث وتدمير المعالم الحضارية والآثار وإعدام البيئة السياحية، ونقل المناطق الصناعية الملوثة من إسرائيل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة أو المحاذية ( للخط الأخضر)، وإعاقة عملية تخلص الفلسطينيين من نفاياتهم الصلبة والسائلة الصناعية منها والمنزلية ، علاوة عن الملوثات الناجمة عن مفاعل ديمونا، والصناعات النووية والكيماوية الناشطة في إسرائيل، إلى جانب الإضرار بالبيئة الدينية واستهداف حرية العبادة.

 

استهداف الرمز والهِوية

ويشير المؤلف إلى أن إسرائيل أقدمت على جرائمها بحق البيئة الفلسطينية ،على أساس أن لديها القدرة على تعويم الحقائق، لكن ما لم تدركه إسرائيل بحكم عنصريتها( والكلام لقاعود) هو أن الكوارث البيئية التي تصنعها لن تبقيها بمنأى عن الخطر، ففلسطين رقعة جغرافية واحدة، وتلويث الماء والهواء لا يعرف حدودا وسرعان ما يمتد إلى المناطق المجاورة ؛ فهي وهذه الحال تتصرف بعقلية المجنون الذي يخرق السفينة وهو على ظهرها.

 

ولأهمية شجرة الزيتون لدى الفلسطينيين، واستهداف إسرائيل لها بشكل ممنهج ومكثف، تطرق المؤلف،وبإسهاب للحديث عن اعتداء الاحتلال على هذه الشجرة، حيث يذكر أن ثمة علاقة روحية سرمدية بين الفلسطيني وشجرة الزيتون؛ فكلاهما شكلا على مر التاريخ ثنائية تشير إلى عمق الانتماء إلى هذا الوطن التاريخي، فكانت شجرة الزيتون رمزاً لفلسطين بخيرها وقدسيتها، وللفلسطينيين بعطائها وتجذرها". ويوضح الكاتب قاعود أن حرب إسرائيل على شجرة الزيتون هي حرب على الهوية الوطنية الفلسطينية ، فكانت المستوطنات والطرق الالتفافية على حساب هذه الشجرة ، وقد قلع الاحتلال مئات الآلاف من أشجار الزيتون، ففي ظل الانتفاضة الفلسطينية الأولى قلع الاحتلال ما يزيد على نصف مليون شجرة 80% منها زيتون، وحتى في ظل ( عملية السلام) تم تجريف حوالي 22 ألف دونم كلها أشجار زيتون بحجة شق الطرق الالتفافية .

ويستعرض الكاتب أثر جدار الفصل العنصري على شجرة الزيتون الفلسطينية، موضحاً أن هذا الجدار كان بمنزلة نكبة حقيقية لهذه الشجرة، وتجريف الأراضي، حيث إن إسرائيل جرفت الأراضي بعرض 200 م من أجل بناء الجدران ويضاف إليها عرض 50 م لإقامة أسيجة وطرق أمنية ، وذلك حوالي (787) كيلو متر ؛ هذا بالإضافة إلى عزل الأراضي الزراعية عن أصحابها بسبب تلك الجدران، حيث لا يتمكن الفلاح من الوصول إلى أرضه والعناية بها، وما هي إلا سنوات حتى تتحول تلك الأرض إلى أرض مهجورة وخربة تسهل سرقتها وضمها لصالح المشاريع الاستيطانية.

 

لا دولة بلا مياه

وكذلك الحال، فإن المؤلف قاعود يتطرق إلى موضوع المياه، باعتباره العمود الفقري للحياة الإنسانية، فيقول: "إنه في ظل إصرار إسرائيل على مواصلة سرقة المياه الفلسطينية، وإصرارها على إبقاء الواقع المائي على ما هو عليه، بل وربما أسوأ مما هو عليه في إطار أية تسوية محتملة لا يمكن أن تقوم دولة فلسطينية قابلة للحياة؛ وبذلك لا تعرض إسرائيل حياة الفلسطينيين إلى الخطر فحسب، بل تقوض أساس وجودهم في وطنهم؛ وهي بذلك كما في حالة الاستيطان وجدران الضم والفصل العنصريين تقتل كل مقومات الحياة ولا تبقي أمام الفلسطينيين "سوى نافذتين" الأولى: نافذة الرحيل عن وطنهم، والثانية: التشبث بها والدفاع عنها.

ويوضح الكاتب أن موقف إسرائيل من قضية المياه وحدها يدلل على مدى بهتان الادعاءات الإسرائيلية بشأن السلام، وأن هذه القضية شديدة الحساسية يمكن لها أن تفتح الباب مستقبلاً أمام حرب أو حروب  لا يمكن التكهن بنتائجها، مع العلم أن السياسة المائية التي تنتهجها إسرائيل لا تمس بحقوق الفلسطينيين المائية فقط، بل أيضاً بالحقوق المائية للجوار؛ وهذا مما يزيد من احتمالية نشوب حرب أو حروب قادمة حول هذا العنصر الحيوي التي لا يمكن للحياة قط أن تستقيم من دونه.

ويذكر الكاتب أن جرائم الصهيونية عصية على الإحصاء ، كما هي عصية على التوصيف؛ فهي أخطر من جرائم حرب، وأبشع من حرب إبادة ، وأكثر انحطاطاً من العنصرية، وأن ما ورد ذكره من حقائق في الكتاب من جرائم ضد البيئة الفلسطينية والإنسان الفلسطيني ما هو إلا مجرد نموذج من الجرائم التي ارتكبتها الصهيونية المتجسدة اليوم بإسرائيل في حق الشعب الفلسطيني وأرضه المقدسة وبيئته.

ويؤكد المؤلف قاعود أن إسرائيل اليوم تنتهج أكبر عملية تضليل في التاريخ؛ حيث إنه في الوقت التي تدعي فيه أنها تحب السلام وتنشد إلى تحقيقه مع الفلسطينيين فإنها تقوم، وبصورة ممنهجة ومتواصلة بتدمير مجمل تفاصيل ومكونات الحياة البيئية الفلسطينية، موضحاً أن هذه السياسة الإسرائيلية هي التي سببت العديد من الانتفاضات من قبل الشعب الفلسطيني، وأن مثل هذه الانتفاضات ستظل وستحتدم بصورة أقوى وأعمق ما دامت  عملية أسرلة فلسطين وتهويد أرضها ومقدساتها في حالة تسارع، وكذلك سلب كل ما يرمز إلى الهوية الفلسطينية من حضارة وتراث وقيم.

خلاصة القول:  إن ما قدمه قاعود في كتابه يشكل مساهمة معرفية متميزة وهامة؛ ذلك لأن هذا الكتاب يزخر بكثيرٍ من المعطيات والإحصاءات حول الجرائم الإسرائيلية بحق البيئة الفلسطينية من جهة، ولشمولية القضايا البيئية الفلسطينية التي تعرضت، ولا تزال، للتدمير الإسرائيلي الممنهج من جهة أخرى. هذا الكتاب العلمي والدقيق في معظم ما يحتويه من معلومات يشكل مرجعاً أساسيا في المكتبة العربية والفلسطينية لا يمكن لأي باحث أو مهتم في قضايا البيئة الفلسطينية الاستغناء عنه.

للأعلىé

 
     
     

 

التعليقات

 
 

 

الموضوع: منبر البيئة والتنمية

التعليق:

بعد الدراسات التي اجريتها في مشفى الشفاء وجدت ان هناك نسبه كبير في اعداد الاطفال ذوي الاعقات الجسميه وحلات الوفاه الكبير بين الاطفال الذي كانو في بطون امهاتهم في فترة الحرب وذلك من الفسفور الابيض


 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
:
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.