اذار 2009 العدد (12)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

March 2009 No (12)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب البيئة والتنمية في صور الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

منبر البيئة والتنمية:


 

 

 

مقاطعة السلع الإسرائيلية ومحاربة النزعة الاستهلاكية:  بين  العقيدة البيئية والاقتصاد المقاوم

 

جورج كرزم

 

تتطلب مواجهتنا للاحتلال الإسرائيلي وممارساته الإجرامية ضد شعبنا المتمثلة في المجازر البشرية، وحرب التجويع والحصار والعزل العنصري وتدمير اقتصادنا وإنتاجنا - تتطلب، أضعف الإيمان، الدفاع عن أنفسنا اقتصاديا، وبخاصة لأن سوقنا الفلسطينية لا تزال حتى هذه اللحظة مباحة لشتى المنتجات الصهيونية والأجنبية التي شكلت وتشكل عاملا أساسيا من عوامل ضرب إنتاجنا والعديد من الوحدات الصناعية الفلسطينية التي لم تصمد أمام المزاحمة الخارجية.  وأكثر أشكال المقاومة جذرية وفعالية يتمثل في المقاطعة الشعبية للمنتجات الصهيونية، بالتوازي مع تحسين جودة الإنتاج المحلي وتوسيع وتطوير القطاعات الإنتاجية الفلسطينية المختلفة وتوفير الحماية والدعم الحقيقيين للمنتجات المحلية، وبخاصة الغذائية والزراعية. 

عندما نشتري بضائع إسرائيلية أو أميركية (باعتبار أن الولايات المتحدة الأميركية داعم رئيسي لإسرائيل في تسليحها وتمويلها وعدوانها المتواصل على شعبنا)، فإننا نعمل عمليا على دعم وتقوية اقتصاد الاحتلال الذي سيزيد من وحشيته وجرائمه ضدنا.  لهذا، وبدلا من أن ندعم (دون قصد) اقتصاد الاحتلال، يجب علينا جميعا أن نعمل كل ما بوسعنا لإضعافه، وذلك من خلال التوقف عن شراء بضائعه، وتشجيع اقتصادنا الفلسطيني وحمايته، من خلال شرائنا للبضائع الفلسطينية والعربية، علما بأن لكل البضائع الصهيونية الأساسية (الغذائية وغير الغذائية) يوجد مقابلها بضائع فلسطينية أو عربية بديلة.  كما أن الكثير من الأشياء التي نشتريها من المحلات التجارية هي بضائع إسرائيلية غير ضرورية لحياتنا اليومية (سكاكر، شوكولا، مسليات وألعاب وغيرها)، لهذا علينا التوقف فورا عن شرائها.

إذن، عدم شراءنا بضائع الاحتلال وشراؤنا بضائع فلسطينية وعربية، معناهما تقوية صمودنا بشكل عام وصمودنا الاقتصادي بشكل خاص؛ ذلك لأننا نعمل على حماية اقتصادنا وإنتاجنا المحليين اللذين يواجهان حرب تدمير منظمة، علما بأن جزءا هاما من السلع التي نستهلكها (وغالبيتها مستوردة من إسرائيل والخارج) لا يشكل "احتياجات" أساسية وحيوية، وبالتالي يمكننا الاستغناء عنها، مقللين بذلك من تسريب الفائض المالي المتراكم للخارج، وبالتالي نعيد استثمار هذا الفائض داخليا، استثمارا منتجا ومستداما.   

ومما لاشك فيه، أن وقف أو فرملة استيراد أو تدفق السلع الغذائية الصهيونية والأجنبية الأخرى إلى السوق الفلسطينية والتي تسببت وتتسبب في ضرب الإنتاج الغذائي والزراعي المحلي وكساده، يشكل مطلبا اقتصاديا ووطنيا ملحا ويساهم جديا في تعزيز الاقتصاد المحلي المقاوم، وتثبيت الارتباط بالأرض، والانطلاق لزراعة المزيد من الأراضي.

 

محاربة النزعة الاستهلاكية

ويتطلب التوجه الاقتصادي المقاوم، محاربة النزعة الاستهلاكية المهيمنة والمتمثلة ليس فقط في شراء المنتجات الصهيونية والأميركية بل حتى السلع الكمالية المحلية، وبالتالي لا بد من نشر الوعي

التنموي والاستهلاكي الذي يعني ترشيد الاستهلاك وتكريس نمط استهلاك وطني، عبر تثقيف أنفسنا في بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا العامة وغيرها، على استهلاك المنتجات الفلسطينية والعربية التي يمكن أن تستبدل تدريجيا المنتجات الصهيونية والأجنبية الأخرى.

وهنا لا بد من التنويه إلى أنه ليست كل السلع المنتجة محليا هي سلع وطنية، بل وللتدقيق، علينا التمييز بين سلع وطنية وسلع محلية.  فالسلع الوطنية هي السلع التي صنعت من مواد أولية (خام) فلسطينية أو عربية.  أما السلع المحلية فهي السلع التي صنعت من مواد أولية أجنبية أو مستوردة، علما بأن الكثير من المواد الخام ومستلزمات التصنيع يحصل عليها المنتج الفلسطيني من مصادر صهيونية وأجنبية أخرى، بمعنى أنه قد تكون نسبة فلسطينية (أو عربية) سلعة معينة 40% أو 50% أو 90% أو 100%.  وهنا لا بد من إيجاد الآلية المناسبة لتعريف المستهلك بالإنتاج الفلسطيني ومدى استفادة الاقتصاد الفلسطيني من كل سلعة نشتريها. 

وتجدر الإشارة إلى أن العديد من السلع الأميركية في أسواقنا المحلية هي في الواقع سلع صهيونية، بمعنى أن أصحاب الشركات الأميركية التي تصنع هذه المنتجات هم صهاينة يرصدون جزءا من أرباحهم لدعم الدولة اليهودية والمنظمات الصهيونية الأميركية والعالمية.  كما يجب أن نحذر السلع الصهيونية المتسربة إلى سوقنا المحلية بأسماء فلسطينية وعربية.

وعندما نتحدث عن مقاطعة المنتجات الصهيونية، فالمقصود شكل أساسي من أشكال مقاومة التطبيع مع الصهاينة ومؤسساتهم ومشاريعهم، باعتبار أن التعامل الفلسطيني والعربي مع المنتجات الصهيونية يعتبر تطبيعا مع هذه المنتجات والشركات والمصانع الصهيونية التي تصنعها.

وبما أن الشرائح الشعبية هي التي يقع على عاتقها الدور الأساسي في حماية المنتج المحلي، فلا بد لهذه الشرائح الواسعة من شعبنا الفلسطيني أن تستفيد من الأرباح الناتجة عن التزامها بموقف مقاطعة المنتجات الصهيونية ودعم المنتجات المحلية؛ وذلك بتوفير مزيد من فرص العمل في المصانع والمنشآت الفلسطينية، والارتقاء بالاقتصاد الفلسطيني إلى حالة يستطيع معها توفير فرص أكبر للعمل ومستوى أعلى من الاعتماد على الذات.

 

نزعة الإفراط في التسوق:  من أهم أسباب الأزمة البيئية العالمية

وفي عصر مراكز التسوق الكبيرة (malls) والإغواء بتنوع الإنتاج السلعي وضخامته، لا يتوانى العديد من الناس عن شراء سلع جديدة، بالرغم من صلاحية نفس السلع القديمة.  فنزعة شراء المزيد والمزيد من الأشياء التي كثيرا ما لا تكون ضرورية، والإسراع لاستبدال المنتج الجديد بآخر قديم، يعدان أحد أسباب الأزمة البيئية العالمية المتمثلة في هدر الموارد والطاقة وتلوث الهواء. 

وفي سياق حالتنا الفلسطينية، من الواضح أن محاربة النزعة الاستهلاكية والتقليل إلى الحد الأدنى من مشترياتنا، بالتوازي مع التركيز على شراء المنتجات الفلسطينية أو العربية إجمالا، إنما يصب في طاحونة الحفاظ على مواردنا المحلية والتقليل من التلوث البيئي، ناهيك عن انسجام هذا التوجه مع اقتصاد الصمود والمقاومة.

فمن خلال تركيزنا على السلع الوطنية والمحلية والسلع الغذائية الطبيعية والبلدية، والمنتجات التي خضعت لأقل قدر ممكن من التصنيع، والتي لم تسافر مسافات طويلة، إنما نساهم في الحد من استهلاك الطاقة والتلوث البيئي والصحي.

 

وحيثما أمكن، فلنشتر سلعا مصنعة محليا، وبخاصة تلك السلع التي تعرضت لأدنى درجات التصنيع، وأنتجت بطريقة عضوية وأخلاقية، وتحتوي على حد أدنى من التغليف القابل لإعادة الاستعمال والتدوير.  ولنشتر منتجات غذائية محلية وموسمية، تم إنتاجها من مواد طبيعية.  وبشكل عام، فلنتجنب البلاستيك والمعادن.  

إن عملية الشراء من المنتجين المحليين، بشكل عام، أرخص، وتقلل من نفقات المواصلات، فضلا عن تدويرها لنقودنا في داخل بلدنا.  كما أن شراء احتياجاتنا من المحلات التجارية المحلية، والتركيز تحديدا على المنتجات المحلية والبلدية، يساعدان في الاحتفاظ بأموالنا داخل البلد، ويعززان التجارة المحلية.  بمعنى أن التجارة بالمنتجات المصنعة محليا، ومع الشركات والمنشآت المحلية، تضمن الحفاظ على معظم حركة السيولة المالية في إطار نفس المجتمع؛ وبالتالي تقليل تبعيتنا للاحتلال وتمتين استقلاليتنا الاقتصادية والغذائية، وفي المحصلة تعزيز اقتصاد الصمود والمقاومة.

 

مراكز لتجديد السلع القديمة وتدويرها

ولدعم هذا التوجه البيئي – التنموي المقاوم، لا بد من التفكير والتخطيط لإنشاء مراكز خاصة في مختلف المدن الفلسطينية، في الضفة الغربية وقطاع غزة، والأرض المحتلة عام 1948، تعمل على إعادة استعمال السلع وتجديدها؛ وبالتالي التقليل إلى الحد الأدنى من عملية الاستبدال المدمر بيئيا ووطنيا للسلع الجديدة بسلع قديمة.  وإلى مثل هذه المراكز، يجلب المواطنون سلعهم المنزلية القديمة أو التي تحتاج إلى إصلاح، مثل الأثاث، الأدوات الكهربائية، الملابس، الأحذية وغيرها، حيث يتم إصلاحها وترميمها وبيعها بأسعار رخيصة.  كما يستطيع المواطنون أن يحضروا إلى هذه المراكز منتجات قابلة للتدوير مصنوعة من البلاستيك أو من الزجاج أو من الكرتون أو من الورق أو من غير ذلك.  وتتم في هذه المراكز عملية فرز المواد القابلة للتدوير وجمعها وإرسالها للمنشاة المناسبة المختصة في التدوير.

وقد تكون مثل هذه المراكز تابعة للمجالس البلدية التي يمكنها، بالتعاون مع وزارة البيئة، الاستثمار في مثل هذا المشروع، بحيث يخصص له مبنى خاص.    ويشكل هذا المشروع، بالتالي، فرصة للبلديات لرفع وعي المواطنين حول أهمية إعادة استعمال سلع "اليد الثانية" (second hand) القديمة والأقل بريقا وجاذبية، والتي يمكن تحويلها إلى سلع تتماشى مع "الموضة"، تماما كما يعكف بعض الناس على شراء الأثاث العتيق أو الملابس القديمة.  وقد يستفاد من هذه المراكز، كمواقع للتربية والتدريب في مجال التدوير، فضلا عن الاستفادة منها لنشاطات بيئية أخرى، أو لتنظيم دورات تعليمية خاصة للشرائح الطلابية المحتاجة في المجالات الاجتماعية والاقتصاد المنزلي وغيرها.

وتعد عملية إعادة استعمال المنتجات من المبادئ الأساسية للحفاظ على البيئة، علما بأن إلقاء أية سلعة قديمة في حاوية القمامة سيتسبب في إشغالها حيزا في مكب النفايات، ومع مرور الزمن، سينبعث منها إلى البيئة المحيطة مواد مؤذية، وأحيانا مواد سامة تتسرب إلى باطن الأرض أو المياه الجوفية.

إذن، حينما نمتنع عن إلقاء السلع القديمة في مكبات النفايات، فإننا نعمل على منع التلوث طويل الأمد ونقلل حجم النفايات في المكبات.  وبالإضافة إلى ذلك، نخفض، بشكل عام، إنتاج السلع الجديدة واستنزاف المواد الخام واستهلاك الطاقة في الإنتاج، واستعمال الوقود في المركبات؛ وبالتالي، نقلل من انبعاث غازات الدفيئة ومن التلوث.      

للأعلىé

   

 

هل يمكن إعادة إعمارغزة دون الاستثمار في دولة الغزاة؟!!

نسرين مزاوي / الناصرة

 

بعد انتهاء المجازر الإسرائيلية في غزة ومع حلول "بشائر" المصالحة العربية ، يدور الحديث حول إعادة إعمار غزة، وكل ما يشغل بالنا، بما فينا الجزيرة، وغيرها من منابر إعلامية رائدة وملتزمة، بالإضافة إلى المنابر الإعلامية الصهيونية هو:  كم من المال سوف يستثمر في الإغاثة وإعادة الإعمار؟ من أين سيأتي هذا المال؟ من إيران أم من السعودية أم من أميركا أو غيرها من دول رفاه الشمال؟ وأهم ما في الموضوع كيف ستدخل هذه الأموال إلى غزة عن طريق أبو مازن أم عن طريق هنية؟  وفي الواقع إن دخلت هذه الأموال إلى غزة عن طريق أبو مازن أو عن طريق هنية، في نهاية المطاف ستعود جميعها إلى جيوب الاحتلال.

خلال الأيام السوداء الغابرة حلت علي صديقة من الخارج تعمل في مؤسسة أوروبية للتعاون الدولي تهتم بالتنمية في إفريقيا وفي مناطق الصراعات، ومن الطبيعي أن تقوم في أيام مثل هذه الأيام بمحاولات ومساع لتجنيد الدعم للأهل في غزة عن طريق عملها في هذه المؤسسة أو غيرها.  ومن ضمن الحديث حول الموضوع، قامت بشرح طرق العمل المتبعة في هذه الحالات في مؤسستها وغالبا في المؤسسات الأخرى أيضا....  "لكي يتم توفير أكبر كمية من المستلزمات يجب على الجمعية المحلية الشريكة أن تفحص الأسعار بالسوق وتنتقي السعر الأرخص بحيث تستطيع شراء أكبر كمية ممكنة بواسطة المبلغ المعطى.  فإذا تحدثنا على سبيل المثال عن الأدوية، قد يكون من الأفضل شراؤها من وكيل محلي وعدم تكبد مصاريف الشحن من مكان إلى أخر؛ وبهذا يمكن استثمار اكبر كمية ممكنة من المبلغ لشراء أكبر عدد ممكن من المستلزمات......".  خلال الحديث وجدت نفسي أقول لها... "لا لا لا لا ....... ربما من الأفضل أن لا نأخذ هذه الأموال..... لا ترسلوا أموالا نحن لا نريد أموالا... لا نريد دعما ماديا... لا نريد أموالا..."!!!

طبعا المشروع سيتم والأموال سترسل وكلي ثقة بأن الجمعية الشريكة ستقوم بواجبها الإنساني على أفضل حال ممكن، وأبقى وحدي مع صور الجنود المتراقصين على الدبابات وعلى جثث الأطفال... 

هل تتم مداواة أطفال غزة وشهدائها بأدوية من صناعة إسرائيلية، كونها على الأرجح الأرخص في السوق المحلية؟!! هل تتم إعادة إعمار غزة بأسمنت إسرائيلي؟؟!! أم سنقوم باستيراد الأسمنت من مصر أو ربما من الأردن أو السعودية؟؟؟!! أو قد ترسل لنا إيران سفنا محملة بالأسمنت والأدوية؟!! وماذا بالنسبة لطاقة النفط والكهرباء التي قطعت عن غزة لفترات طويلة، هل هي ذات الطاقة والكهرباء التي ستستعمل لإعادة الإعمار أم ستأتي الكهرباء الإيرانية عبر جسر هوائي، وربما إلكتروني عابر للقارات؟؟؟!!  هل تعي إيران والسعودية وقطر أن استثمارهم في إعادة الإعمار ما هو إلا استثمار في اقتصاد الاحتلال ؟؟!!  وهل نستورد الغذاء والملبوسات والمستلزمات الأساسية عبر ميناء غزة وعبر مطارها أو ربما عبر الحدود الحرة!!! أم ستقوم الدولة الغازية بالتجارة بجثث وجثامين الأطفال؟؟؟!!  والرز والقمح ومسحوق الحليب والفوط الصحية التي قمت بالأمس بشرائها من أجل الأهل في غزة هل هي لمنفعتهم أم لمنفعة غزاتهم؟؟؟!!!

 

يمكنكم قراءة مقالات إضافية للكاتبة في المدونة التالية:  

http://www.nisreenmazzawi.blogspot.comm

للأعلىé

 

التعليقات

 
 

البريد الالكتروني:

الموضوع: منبر البيئة والتنمية

التعليق:

أشكرك من كل قلبي على عمق وشمولية طرحك لمسألةمقاطعة السلع الإسرائيلية وربطها باقتصاد المقاومة والبعد البيئي...

 نهاد صرفندي


الموضوع: منبر البيئة والتنمية

التعليق:

هذا بالفعل طرح نوعي، لم يسبق أن تطرق إليه أي كاتب أو مفكر فلسطيني وعربي

 م. عبيدات


 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
:
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.