|
|
![]() |
|
||||||||||||||
|
شباط 2009 العدد (11) |
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا |
February 2009 No (11) |
||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
تراثيات بيئية: |
||||||||||||||||
|
البيئة في أدب جبران خليل جبران علي خليل حمد المقدمة للبيئة حضور واضح وكثيف في أدب جبران خليل جبران؛ ولا يقتصر حضور البيئة وعناصرها لديه على استعمالها في صياغة أفكاره وعرضها، كما هو الحال عند معظم الأدباء والشعراء الآخرين، ولكنه يتجاوز ذلك إلى اعتبار البيئة- الطبيعية أو الأرض- كائنًا مقدساً، واعتبار عناصرها، من جبال وبحار وانهار وأشجار وأزهار وحيوانات وغيرها، كائنات مقدسة، تربطها بالكاتب الشاعر جبران علائق المحبة والاحترام والتقديس ووحدة المنشأ والمصير. الكيان البيئي الأكثر حضوراً في أدب جبران هو الأرض، وعلى نحو أخص لبنان، الذي يمكن اعتباره مرجعيّة لا يفهم تطور كتابات جبران أو حتى حقائقها إلاّ بالاستناد إليها. وحضور البيئة هذا عند جبران جليّ تماما منذ كتاباته الأولى، مثل: "الموسيقى"، إلى الأخيرة، مثل: "النبي"، و"حديقة النبي" الذي نشر بعد وفاته، وإن تكن الوشائج بينه وبين البيئة تزداد عمقاً ومتانة، مع اقتراب مسيرته الأدبية من نهايتها.
الأرواح المتمردة/ صراخ القبور [السلسلة الغذائية] [قلت] لذاتي: الأعشاب تمتص عناصر التراب. والخروف يلتهم الأعشاب. والذئب يفترس الخروف. ووحيد القرن يقتل الذئب. والأسد يصيد وحيد القرن. والموت يفني الأسد. فهل توجد قوة تتغلب على الموت فتجعل سلسلة هذه المظالم عدلاً سرمدياً! أتوجد قوة تحوّل جميع هذه الأسباب الكريهة إلى نتائج جميلة؟ أتوجد قوة تقبض بكلفّها على جميع عناصر الحياة وتضمهّا إلى ذاتها مبتسمة مثلما يُرجع البحر جميع السّواقي إلى أعماقه مترنّماً؟
الأجنحة المتكسرة الأجنحة المتكسرة هي القصة الطويلة الوحيدة التي كتبها جبران، وهي تروي ثورة امرأة ضد زواجها من حبيبها، ويعتقد أنها تمثل قصة حب جبران نفسه.
[الأمومة] كل شيء في الطبيعة يرمز ويتكلم عن الأمومة، فالشمس هي أم هذه الأرض ترضعها حرارتها وتحتضنها بنورها ولا تغادرها عند المساء، إلا بعد أن تنومها على نغمة أمواج البحر وترنيمة العصافير والسّواقي، وهذه الأرض هي أمّ للأشجار والأزهار، تلدها وترضعها ثم تفطمها. والأشجار والأزهار، تصير بدورها أمّهات حنونات للأثمار الشهية والبزور الحّية. وأمّ كل شيْ في الكيان هي الروح الكلية الأزلية الأبديّة المملوءة بالجمال والمحّبة
[بحيرة النار] تحت عنوان" بحيرة النار" في الأجنحة المتكسرة، يقابل جبران بين النفس الإنسانية وعالم البيئة، فيقول: "إنّ الجبال والأشجار والأنهار تتبدّل هيئاتها ومظاهرها بتقلّب الحالات والأزمنة مثلما تتغير ملامح وجه الإنسان بتغير أفكاره وعواطفه، فشجرة الحور التي تتعالى في النهار كعروس جميلة يلاعب النسيم أثوابها تظهر في المساء كعمود دخان يتصاعد نحو اللاشيْ. والصخر الكبير الذي يجلس عند الظهيرة كجبّار قوي يهزأ بعاديات الزمن يبدو في الليل كفقير بائس يفترش الثرى ويلتحف الفضاء. والساقية التي نراها عند الصباح متلمعة كذوب اللجين ونسمعها مترنّمة بأغنية الخلود تخالها في المساء مجرى دموع يتفجر من بين أضلع الوادي ونسمعها تندب وتنوح كالثكلى. ولبنان الذي ظهر منذ أسبوع بكل مظاهر الجلال والرونق عندما كان القمر بدراً والنفس راضية قد بان في تلك الليلة كئيباً منهوكاً مستوحشا أمام قمر ضئيل ناقص هائم في عرض السّماء وقلب خافق معتلّ في داخل الصدر."
دمعة وابتسامة "دمعة وابتسامة" مجموعة من الشعر المنثور، يقدم فيها جبران ملاحظات عامة حول الحياة وبعض الشخصيات العامة فيها.
[مناحة في الحقل] تحت عنوان "مناحة في الحقل" في كتاب" دمعة وابتسامة"، يقارن جبران بين الطبيعة الجميلة في الريف والبيئة الملوثة في المدينة، فيقول: "عند الفجر قبيل بزوغ الشمس من وراء الشقق جلست في وسط الحقل أناجي الطبيعة..." وبينما كنت على هذه الحالة مرّ النسيم بين الأغصان متنهّداً تنّهد يتيم يائس، فسألت مستفهما: لماذا تتنهد يا أيها النسيم اللطيف؟ فأجاب لأنني ذاهب نحو المدينة مدحورا من حرارة الشمس. إلى المدينة حيث تتعلق بأذيالي النقيّة مكروبات الأمراض وتتشبث بي أنفاس البشر السّامة. من أجل ذلك تراني حزينا. ثم التفت نحو الأزهار فرأيتها تذرف من عيونها قطرات الندى دمعاً، فسألت: لماذا البكاء يا أيتها الأزهار الجميلة؟ فرفعت واحدة منهن رأسها اللطيف وقالت: نبكي لان الإنسان سوف يأتي ويقطع أعناقنا ويذهب بنا نحو المدينة ويبيعنا كالعبيد ونحن حرائر، وإذا ما جاء المساء وذبلنا رمى بنا إلى الأقذار. كيف لا نبكي ويد الإنسان القاسية سوف تفصلنا عن وطننا الحقل؟لحقل؟لحقل؟لحقل؟ وبعد هنيهة سمعت الجدول ينوح كالثكلى، فسألته: لماذا تنوح يا أيها الجدول العذب؟ فأجاب: لأنني سائرٌ كرها إلى المدينة حيث يحتقرني الإنسان ويستعيض عني بعصير الكرمة ويستخدمني لحمل أدرانه. كيف لا أنوح وعن قريب تصبح نقاوتي وزراً وطهارتي قذراًُ؟ ثم أصغيت فسمعت الطيور تغني نشيداً محزناً يحاكي الندب فسألتها: لماذا تندبين يا أيتها الطيور الجميلة؟ فاقترب مني عصفور ووقف على طرف الغصن وقال: سوف يأتي ابن آدم حاملاً آلةً جهنمية تفتك بنا فتك المنجل بالزرع، فنحن نودع بعضنا بعضاً لأننا لا ندري من منّا يتملّص من القدر المحتوم. كيف لا نندب والموت يتبعنا أينما سرنا؟سرنا؟سرنا؟ طلعت الشمس من وراء الجبل وتوّجت رؤوس الأشجار بأكاليل ذهبية وأنا اسأل ذاتي: لماذا يهدم الإنسان ما تبنيه الطبيعة؟"
البدائع والطرائف تحت عنوان" نفسي مثقلة بأثمارها" يصف جبران البيئة المعطاء الخصبة التي لا تجد كمالها لفقدان المستقبل أو المتلقّي لما تقدمه من عطاء، يقول:
[نفسي مثقلة بأثمارها] "نفسي مثقلة بأثمارها فهل في الأرض جائع يجني ويأكل ويشبع؟ نفسي طافحة بخمرها فهل من ظامئ يسكب وبشرب ويرتوي؟ ألا ليتني كنت شجرة لا تزهر، ولا تثمر، فألم الخصب أمرّ من ألم العقم، وأوجاع ميسور لا يؤخذ منه شيْ أشد هولاً من قنوط فقير لا يرزق.يرزق. ليتني كنت بئراً جاّفة والناس ترمي بي الحجارة فذلك أهون من أن أكون ينبوع ماءٍ حيّ والظامئون يجتازونني ولا يستقون. ليتني كنت قصبةً مرضوضة تدوسها الأقدام فذاك خير من أن أكون قيثارة فضية الأوتار في منزلٍ ربّه مبتور الأصابع وأهله طرشان.
[الأرض] تنبثق الأرض من الأرض كرها وقسراً. ثم تسير الأرض فوق الأرض تيها وكبراً. وتقيم الأرض من الأرض القصور والبروج والهياكل. وتنشئ الأرض في الأرض الأساطير والتعاليم والشرائع. ثم تملّ الأرض أعمال الأرض فتحوك من هالات الأرض الأشباح والأوهام والأحلام. ثم يراود نعاس الأرض أجفان الأرض فتنام نوماً هادئاً عميقاً أبديا. ثم تنادي الأرض قائلة للأرض: أنا الرحم وأنا القبر وسأبقى رحما وقبراً حتى تضمحّل الكواكب وتتحول الشمس إلى رماد.
[أيتها الأرض] وتحت عنوان" أيتها الأرض"، يقول: ما أكرمك أيتها الأرض وما أطول أناتك. ما اشد حنانك على أبنائك المنصرفين عن حقيقتهم إلى أوهامهم، الضائعين بين ما بلغوا إليه وما قصّروا عنه. نحن نضجّ وأنت تضحكين. نحن نذهب(ننهب) وأنت تفّكرين. نحن نجدّف وأنت تباركين. نحن ننجّس وأنت تقدسين. نحن نهجع ولا نحلم وأنت تحلمين في سهرك السّرمدي. نحن نكْلِم صدرك بالسيوف والرماح والجماجم وأنت تغمرين كلومنا بالزيت والبلسم . نحن نزرع راحاتك العظام والجماجم وأنت تستنبتينها حوراً وصفصافا. نحن نستودعك الجيف وأنت تملأين بيادرنا بالأغمار ومعاصرنا بالعناقيد. نحن نصبغ وجهك بالدم وأنت تغسلين وجوهنا بالكوثر. نحن نتناول عناصرك لنصنع منها المدافع والقذائف وأنت تتناولين عناصرنا وتكونين منها الورود والزنابق. ... ما أنت أيتها الأرض ومن أنت؟ أنت أنا أيتها الأرض! أنت بصري وبصيرتي"، أنت عاقلتي وخيالي وأحلامي، أنت جوعي وعطشي، أنت ألمي وسروري، أنت- غفلتي وانتباهي. أنت الجمال في عينّي، والشوق في قلبي، والخلود في روحي. أنت أنا أيتها الأرض، فلو لم أكن لما كنت.
النبي، وحديقة النبي يشتمل كتاب النبي وهو أشهر كتب جبران على مجموعه من الحكم والتعاليم والوصايا التي وعظ بها جبران أبناء مهجره في أثناء توجهه لمغادرتهم عائداً إلى بلده الأصلي؛ كما يشتمل كتاب" حديقة النبي" لجبران على تعاليم وحكم ووصايا مماثلة لأبناء بلده بعد عودته إليه؛ ويعتبر كتاب" السابق" مقدمة جبرانية لكتاب النبي.
[قطرة الندى] وعن قطرة الندى، يقول: وذات صباح، والسماء لم تأتلق بعد بالنور، راح الجميع يتنزهون في الحديقة، ويتأملون المشرق، وهم صامتون حيال الشمس الطالعة. وأومأ المصطفى، بعد برهة، بيده وقال: " ليست صورة شمس الصباح في قطرة الندى، أقل من الشمس، وانعكاس الحياة في روحكم ليس أقل من الحياة. إن قطرة الندى تعكس النور لأنها هي والنور شيْ واحد، وانتم تعكسون الحياة، لأنكم أنتم والحياة شيٌْ واحد. وعندما يخيم الظلام عليكم، قولوا: "الظلام فجر لمّا يولد بعد، وعندما يلفّني الليل بجلبابه، فإن الفجر يولد في نفسي على نحو ما يولد فوق الروابي. وليست قطرة الندى التي تنداح كرةً في شفق الزنبق، غير شبيهة بكم، وأنتم تجمعون روحكم في قلب الله. وإن خطر لقطرة الندى أن تقول: ولكني سأظل بعد ألف سنة قطرة ندى، قولوا لها: ألا تعلمين أن نور تلك الأعوام كلها يشرق في دائرتك؟ " |
||||||||||||||||
|
الخمسينية
ناديا البطمة
القسم الثاني من فصل الشتاء يسمونه (الخمسينية) ومدتها خمسون يوماً تبدأ من أول شباط إلى الثاني والعشرين من آذار. ويقسمون الخمسينية إلى أربعة أقسام متساوية كل قسم منها اثناعشر يوماً ونصف اليوم وسميت (السعود الأربعة).
السعود الأربعة: ويروي عن سبب هذه التسمية أن جماعة قد خرجوا للغزو ومعهم شخص اسمه "سعد" فهبت عاصفة ماطرة شديدة البرد ولم ينج منهم إلا شخص واحد، ولما رجع لقومه سأله والد سعد عن سعد فأجاب لقد ذبح سعد ناقته واختبأ بداخلها لشدة البرد فابتسم الوالد لأنه تيقن أن سعداً قد نجا، ولما عاد سعد ورآه والده من بعيد قال "جاء سعد الذابح". وفي رواية أخرى أنه قد حدث وفي أيام الدولة الأموية ولما عرف البريد بواسطة الخيل والإبل كان سعد هو الذي ينقل البريد في بلاد الشام، وفي أوائل شباط (الخمسينية) خرج سعد بالبريد من دمشق وكانت الأمطار والعواصف والبرد الشديد، ناقته واختبأ بداخلها فسمي سعد الذابح. وفي الفترة الثانية التي تلتها والتي يسمونها سعد بلع أي أن سعداً كان (يبلع) أي يأكل من لحم الناقة التي ذبحها، ولهذا فهم يعتقدون أن الأرض في سعد بلع تبلع كل المطر الساقط فلا يظهر بركاً على سطح الأرض. وبعد سعد بلع قالوا سعد السعود، لأن سعد نجا فسعد حيث يبدأ الدفء والحرارة ولهذا يقولون في سعد السعود بدور الدم في العود أي تحرك الدم في شرايين سعد بعد أن كان مُتجمداً من البرد؛ والمثل صحيح حيث إنه في أواخر شباط تنتهي فترة سبات النبات فيبدأ امتصاص الغذاء من التربة، حيث تكون قبل ذلك العصارة ساكنة وتتم تغذية النبات من المواد المخزونة. وبعد سعد السعود يأتي سعد الخبايا إذ تخرج جميع الحيوانات المختبئة من البرد كالأفاعي وغيرها، وفيه أيضاً خرج سعد من مخبئه فسمي سعد الخبايا. هذه السعود الأربعة قسمت كالآتي: سعد ذابح: من 1-13 شباط وهي فترة تتسم بالبرد الشديد فيقول المثل "سعد ذابح ما بخلي كلب نابح". سعد بلع: من 13-25 شباط وهو كناية عن الأرض في تلك الفترة تبتلع ما يسقط عليها من أمطار نتيجة ابتداءً ارتفاع درجة الحرارة. سعد السعود: 25 شباط إلى 9 آذار حيث تزداد درجة الدفء وتبدأ ذوات الدم البارد بالحركة مثل الأفاعي وغيرها يقول المثل: (في سعد الخبايا بتطلع من الأرض الخبايا أو تطلع الخبايا).
الريّ الصيفي: إن المطر في الخسمينية أي فترة (السعود الأربعة) ضرورة لما يسمونه الريّ الصيفي ويعرفون ذلك من تجمع الماء على وجه الأرض فيقولون "رقت الأرض" كما يعرف الريّ الصيفي من جريان الأودية والمسيلات. إن أشهر المطر عند الفلاحين هي: كانون الأول وكانون الثاني "كوانين" أي المربعانية وشباط وآذار أي خمسينية الشتاء، ويعتبرون شهر نيسان "الخميس" متمماً لأشهر المطر.
المستقرضات وخلال فترة سعد السعود 25 شباط إلى 9 آذار تأتي المستقرضات ومدتها سبعة أيام: ثلاثة من أواخر شباط وأربعة أيام من أوائل شهر آذار؛ وتمتاز في أغلب الأحيان بالمطر الشديد والفيضانات وهبوب الرياح الشديدة والبرد القارس. ويقول المثل الشعبي: "إذا تأخر المطر عليك بالمستقرضات" والمستقرضات هي الأيام التي سمتها العرب قديماً أيام العجوز وهي: صنّ، وصنبر، ووبر، والآمر، والمؤتمر، والمعلل، ومطفي الجمر. ويعبر المثل الشعبي: "بالمستقرضات عند جارك لا تبات" دليل شدة البرد والمطر الغزير.
شهر شباط يقول المثل: "شباط الخباط بشبط وبخبط وريحة الصيف فيه" بمعنى أنه يمتاز بالدفء حيث تسقط فيه الجمرات الثلاث: "جمرة الهوا" في 5 شباط والتي تدفئ الهواء "، وجمرة الماء" في 14 شباط وتدفئ الماء ، وجمرة الأرض" في 21 شباط وتدفئ الأرض. ويضرب المثل للرجل كثير الهياج ويهدأ بسرعة. ويرى آخرون أن 21 شباط هو موعد سقوط الجمرة الأولى، و27 شباط هو الجمرة الثانية، و6 آذار الجمرة الثالثة. أما المثل "شباط عدو العجائز" فتروي هذه القصة عنه حيث قالت العجائز شباط شبط، وآذار وذرذر، وراح المطر؛ فسمعهن شهر شباط فأخذ يخاطب شهر آذار قائلاً: آذار يا ابن عمي أربعة منك وثلاثة مني. أي بمعنى آخر ثلاثة أيام من شباط وأول أربعة أيام من آذار. فهبت الرياح وهطلت الأمطار مدة سبعة أيام، وجرفت السيول العجائز، فيقول المثل "آذار يا ابن عمي أربعة منك وثلاثة مني ويا ويلك يا عجوز السوء مني ". - وهذه مجموعة من الأمثال الأخرى في شهر شباط: "مثل غيمة شباط محركة الشتا" قمح شباط ما بيملي الرّباط (أي أن زراعة القمح في شباط لا يعطي غلة). شباط غيمو وهواه أحسن من شمسه وشتاه. شباط جر العنزة بالرباط (يمتاز هذا الشهر بالتقلبات الجوية وعدم الاستقرار. برد شباط بمنع الجراد والقحاط. (القحاط، القحط). راح شباط الغدار وإجا آذار الهدار. سرحنا أول شباط عً زراعة العنبات". (هذا هو الوقت المناسب لغرس العنب والتين "عقلاً" ؛لذلك يؤجلون زراعته حتى يزول البرد وتنتهي فترة سبات الشجر وتنمو أوراقه وتتفتح أزهاره. مثل شباط بعير وبستعير وبيضل ناقص (بعير وبستعير، يعطي ويستدين). وفي الأدبيات الفلسطينية اقتبس موضوعا بعنوان من "وحي شباط" من كتاب خطرات ريفية بقلم المرحوم حسن مصطفى. لشهر شباط ظواهر تستلفت النظر، فهو من دون الشهور الشمسية ناقص العدد فكل أربع سنوات يصل بعد جهاد إلى أن يصير 29 يوماً. وما يكاد يسجل ذاك الرقم القياسي حتى يهبط ويعود كالمعتاد. ومالي ولتعليلات علماء الفلك لذلك، فكثيراً ما ارتبكت وتبلبلت مواعيد عينت في (30) من ذلك الشهر. ويظهر أن هذا الشهر عند عقلاء القطط أطول بكثير مما هو متعارف عليه عند علماء الفلك وإن اتفقوا جميعا على بدئه، فلطالما كانت كثرة مواء القطط نذيراً بقرب حلول شباط الكريم. وعندما يعلو المواء ويستحيل إلى زغردة وتتقطع إلى مفاصل واضحة تكاد تقترب في بعض الأحيان من النطق يكون هذا هو أول الشهر وفق التقويم "القططي" الذي يوافق التقويم "الشمسي" والقط أدرى.. ويظهر أن النباتات الشتوية تشارك علماء الفلك وعقلاء القطط في هذا التقويم. فالفجل واللفت والكرنب وغيرها من أمثال تلك لنباتات تبدأ "الشنبطة" في أول هذا الشهر قد ينمو فيها "طلق" يدعى عادة بلغة الزراعة "شنبوط" يتفرع إلى فروع عدة تزهر بعدئذٍ في الربيع ومن ثم تتحول تلك الأزهار إلى بذور ومن ظواهر هذا الشهر أيضاً أنه خباط" فلا انتظام في أحواله الجوية؛ فقد تسطع شمسه ويصفو بعده ويدفأ نهاره، وما تكاد تقول "ما شاء الله" حتى يعصف ريحه وتتلبد غيومه ويشتد برده بدون سابق إنذار، فيلمع البرق ويقصف الرعد وتهطل الأمطار وتسيل الأودية. ولا يدوم هذا أيضاً فتهز كتفيك غير مستغرب وتقول: "هذا شباط ما عليه رباط". وتنسج الخرافات حوله تلك القصة المشهورة بأن بدوية استقلت مطر شباط في عام ما فقالت: "مر شباط الخباط ما بل لا نعجة ولا شعواط"، فسمعها شباط وكان في الخامسة والعشرين من عمره، ولحظ قصر المدة الباقية له؛ فالتجأ لأخيه آذار فاستقرض منه أربعة أيام أضافها على الثلاثة الباقية من عمره فصب فيها كل ما قدر عليه من مطر وبرد وثلج فأروى الأرض وطفحت السيول حتى جرفت ما عند البدوية من حلال وراحت هذه الأيام في الفصول السنوية تدعى بالمستقرضات. أيها الشهر.. لقد صدق من سماك "شباط الخباط اللي ما عليه رباط". |
||||||||||||||||
|
|
|
|
||||||||||||||
|
التعليقات |
||||||||||||||||
|
|
||||||||||||||||
|
الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة. |
||||||||||||||||