شباط 2009 العدد (11)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

February 2009 No (11)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب البيئة والتنمية في صور الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

منبر البيئة والتنمية:


 

 

التاريخ يعيد نفسه:

الهمجية الإرهابية لأعداء البيئة والإنسانية ضد الشعب المحاصر

 

خولة المهند

رئيسة جمعية أصدقاء البيئة-البحرين

فلأبدأ ببيان أن الحروب عدوة أولى للبيئة وأن قصف البشر وبيوتهم ومكان معيشتهم هو حرب على البيئة والإنسان، وأن الطيور والأشجار تنسى في هذه المرحلة وإن كانت حتما تعاني هي كذلك، إلا أنه من العبثية الحديث عن أي شيء الآن في فلسطين قبل الإرهاب الصهيوني ضد الإنسانية والبيئة . أفلام رعب لا تصدق تجري في غزة أمام مرأى ومسمع العالم.

عندما انتشلت نفسي من سيطرة الألم والإحباط والغضب، أردت أن أعرف كيف يستطيع الإعلام الغربي تزييف هذه الحقائق الصارخة؟ كيف يستطيعون تبرير الجرائم اللاإنسانية؟ هل هذا ممكن أصلا؟

تابعت محطة السي إن إن لساعتين متواصلتين. كان من الصعب عدم تغيير المحطة لكنني صمدت لأنني أردت الوصول إلى إجابة سؤالي. فعندما نعرف كيف يحققون ذلك قد ننجح في عكس النتيجة.

المظهر العام (لاسيما للأمريكي البسيط) هو الحياد ومحاولة نقل الخبر والاستماع إلى الطرفين، ثم يأتي الشيطان في التفاصيل كما يقال. هناك ملاحظات أساسية قوامها أن كل من يتحدث من مذيعين (محايدين افتراضا) يتحدث وفق مسلمات أساسية تحكم مجرى الحديث والحوار واختيار المحاور الرئيسية له.

المسلمة الأولى: التعامل مع الكيان الصهيوني وممثليه كدولة وكمسئولين والاستماع لهم والنقاش في وجهة نظرهم والأخذ بما يقولونه كحقائق

المسلمة الثانية :أمن إسرائيل مسألة لا يختلف فيها اثنان..السؤال هو كيف نحقق ذلك وإن كان ضرب حماس يحقق ذلك أم لا.

المسلمة الثالثة أن الأهداف التي تضرب هي حماس وليس غزة.

 المسلمة الرابعة أن إسرائيل إنما ترد.

والمسلمة الخامسة أنه لا يتم سماع صوت حماس لأنها منظمة إرهابية.

المسلمة السادسة أن إسرائيل احتاجت للاجتياح البري واضطرت له اضطرارا.

المسلمة السابعة أن ما يحدث في غزة الآن هو حدث منفصل له سبب ويراد الوصول إلى نتيجة فيه، وليس حلقة من مسلسل يتعرض له الفلسطينيون منذ سنوات.

المسلمة الثامنة: الأطراف التي تمثل وجهة نظر الفلسطينيين عليها إثبات ما تقوله وإلا فهو وجهة نظرها طبعا

 

وبناء على كل هذه المسلمات فإن السؤال المهم الذي تطرحه السي إن إن ويبقى في ذهن المشاهد هو: هل ستحقق "إسرائيل" هدفها من الاجتياح البري أم لا؟ هل ستتعلم حماس درسا قاسيا أم لا؟ هل ستشل قدرتها على ضرب "إسرائيل" وتهديد "الآمنين" أم لا؟

تحدثوا مع السفير الإسرائيلي في أمريكا ومع قائد "الحملة البرية" ومع صهيونية على حدود غزة يفترض أنها مراسلة أخبار وكل ما تقوله هو تكرار للخطاب الصهيوني. عندما تحدث البرغوثي واستهزأ بالسؤال الذي يوحي بحرب بين حماس وإسرائيل قائلا : لا مجال للمقارنة! ما هي صواريخ حماس التي تتكلمون عنها؟ ردت عليه المذيعة "المحايدة" هذه الصواريخ قتلت بشرا في إسرائيل ليجيبها : كم عددهم ؟ فتتهرب من الإجابة : كل روح لها قيمتها.

عندما ذكر البرغوثي مئات الشهداء (عند ربهم يرزقون) وآلاف المصابين، وبدأ في بيان أن الاجتياح البري إنما هو لمنع الحلول والمبادرات الدولية ولوأد مساعي وقف إطلاق النار والتهدئة التي وافقت عليها حماس، ارتبكت المذيعة وسألته : من يلومون؟ من يلوم الناس في غزة؟  ثم انقطع الاتصال فجأة، لتعود لبث لقاءاتها السابقة مع الصهاينة دون أن تلخص أهم ما قاله البرغوثي . وبعد عروض طويلة لما قاله إيهود براك وغيره (إعادة كاملة)، يقال للمشاهدين أنه سيتم إعادة بث ما قاله البرغوثي. المفاجأة الكبرى (لي أنا طبعا فربما المشاهد الأمريكي لم ينتبه أو انضم لتوه للبرنامج) أن ما يبث هو عبارة واحدة فقط لا أذكر أصلا أن البرغوثي قالها:  الرئيس الأمريكي أوباما سيرث إرثا ثقيلا.

باختصار: القضية الرئيسية ضاعت! الاحتلالان الإرهابي على الأبرياء ، انتهاك حقوق الإنسان، انتهاك حقوق المرأة، انتهاك حقوق الطفل، لم يأت أحد على ذكرها. لم نسمع كلمة "جريمة" أو "اعتداء" أو "مذابح". بل "الإرهاب" (كلمتهم المفضلة) تم ذكره ولكن ليس لوصف إرهاب الدولة الصهيونية على الشعب الأعزل ولكن لوصف حماس!

عند هذا أقف عن سرد حكايتي مع السي إن إن والتي أرهقتني نفسيا، وأتساءل : هذا هو إعلام الصهاينة وأحلافهم.. الإعلام التي اعتاد على خداع المشاهد الأمريكي واعتاد على تزوير الحقائق .. ما هو إعلامنا المضاد؟ على الإعلام مسئولية في نصرة إخواننا في فلسطين (اليوم وفي العراق ولبنان وغدا ربما في كل دولة عربية) .. من يقوم بهذا الدور؟ لماذا دائما ما نفشل في القيام بهذا الدور الهام؟ قضية مهمة دون حلها سيستمر جزء غير بسيط من العالم في رؤيتنا من منظور ظالم.

وفي ظل ذلك أيضا لابد لمؤسسات المجتمع المدني جميعها ودون استثناء أن تقوم بدورها ودون تقصير.

صدر عن جمعية أصدقاء البيئة  بيان  ندد بالإرهاب الصهيوني الهمجي الذي استهدف تدمير الإنسان والبيئة في غزة المحاصرة والتي كانت تعيش في ظروف بيئية سيئة جدا، فرضها عليهم الحصار الصهيوني الإرهابي وسط تواطؤ عالمي عبر الدعم المباشر وغير المباشر للكيان الصهيوني العنصري، وعبر التخلف عن نجدة الفلسطينيين المحاصرين في أسوأ ظروف بيئية حرموا فيها من الماء الكافي والصحي، ومن المأوى الآمن الذي يلبي حاجاتهم الإنسانية، ومن الظروف الصحية والنفسية والإنسانية التي تفرضها إعلانات حقوق الإنسان والطفل ومواثيق الأمم المتحدة وأبسط المعايير الإنسانية.

وعبر البيان عن قلقه البالغ من الآثار البيئية الكبيرة المتوقعة من جراء استخدام القنابل الموجهة والتي تنبئ بوجود مواد كيميائية ونووية خطرة، وفي غياب الرقيب الدولي فإن الكيان الصهيوني لن يتورع عن بث أية سموم تفتك بالإنسان وتلوث الهواء والتربة والمياه لتفتك بمن نجا من القصف المباشر (والتي لا يبدو أن هناك من يدرسها).

كما ندد البيان بإرهاب الدولة الصهيونية ضد منظمات الإغاثة وحقوق الإنسان العالمية وممثليها ممن تطوعوا لمساعدة الجرحى والمصابين والمحاصرين في غزة، وندد بالتحديد بمهاجمة الآلية العسكرية البحرية للدولة الصهيونية لقارب الكرامة الذي انطلق بمساعدات طبية وإنسانية من أوروبا مع تصعيد الإرهاب العسكري الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني الأعزل بغزة.

كما دعا البيان مؤسسات المجتمع المدني لإرسال رسائل تنديد إلى منظمات الأمم المتحدة، وحثها على القيام بدورها المفترض في حماية الأبرياء العزل في غزة من الاحتلالان والقتل والتنكيل الذي على العالم أن يخجل من نفسه، حين يرتكب ذلك أمام مرآه وتحت سمعه وهو متواطئ مع مرتكبيه إما خوفا وإما طمعا.

هنا دور مهم على مؤسسات المجتمع المدني في البحرين أن تقوم بمسئولياتها كل حسب مقدرتها واتصالاتها وعلاقاتها وإمكاناتها. يجب إيصال صوت أهل غزة للعالم ليفتح الجميع أعينهم على الحقيقة ولتحرك شعوب العالم لإنقاذ الشعب المحاصر في وطنه.

وهنا أحمل ممثلي المجتمع المدني لغرب آسيا مسئولية كبرى في تسجيل الجرائم الإرهابية في ملفات اجتماعات المجتمع المدني والاجتماعات الوزارية، وأخص منها اجتماع برنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي سيعقد في نيروبي هذا الشهر. يجب تسجيل وحفظ استنكار عالمي لهذه الجرائم وحث أجهزة الأمم المتحدة لأخذ إجراءات لإنقاذ البيئة والإنسان في غزة وفي فلسطين المحتلة وفي العراق ولبنان.

أعز الله أهل غزة وتغمد شهدائها برحمته وأبدلهم دورا ووطنا وأمنا وسعادة لم يسمح لهم بها الصهاينة الإرهابيون القتلة المجرمون المتجردون من القيم والإنسانية.

 للأعلىé

   

 

في استحالة وقف تغير المناخ

حبيب معلوف / لبنان

كشف المؤتمر العالمي الأخير الذي نظمته الأمم المتحدة في بوزنان (بولندا) للبحث في قضية تغير المناخ، ووضع البدائل لبروتوكول كيوتو الذي أبرم عام ١٩٩٧ الذي فشل العالم في تطبيق بنوده، بعد الفشل في تطبيق بنود الاتفاقية الإطارية التي وضعت العام ١٩٩٢... أنه يستحيل التوصل إلى اتفاق جديد العام القادم في كوبنهاغن، كما يستحيل أن يتم تطبيق الاتفاقيات السابقة والعودة إلى مستويات انبعاثات العام،.١٩٩  أي ما قبل الثورة الصناعية، ما دام العالم لم يتراجع عن نموذجه الحضاري التقدمي والتنموي المسيطر، وأن مناخ العالم سيستمر في التغير. 

تتميز مشكلة تغير المناخ، عن غيرها من المشاكل العالمية، بأنها مشكلة عالمية فعلا، وطويلة المدى، إن لناحية تراكمها عبر التاريخ، ولاسيما مع تراكم تركيزاتها منذ ما بعد الثورة الصناعية، أو لناحية أثرها البعيد المدى (خمسين سنة في أقل تقدير)، حتى لو تم وقف الانبعاثات العالمية المتسببة بالظاهرة كليا غدا.

 بالإضافة إلى ذلك، تنطوي هذه الظاهرة على تفاعلات معقدة بين المناخية والبيئية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية والثقافية...الخ. ومن يراجع تقارير سيناريوهات الانبعاثات وسيناريوهات التخفيف وغيرها من السيناريوهات التي وضعها خبراء المناخ، يكتشف أن نوع التخفيف وحجمه وتوقيته وتكاليفه... أمور معقدة أيضا وتعتمد على ظروف كل دولة وعلى مسارات ما يسمى "التنمية" فيها.  كما تبين العديد من السيناريوهات أن هناك، في المدى المنظور، موارد لا تزال وفيرة من الوقود الأحفوري (المتهم الأول بالتسبب بالتغير المناخي) ستؤدي بالتالي إلى عدم الحد من الانبعاثات في القرن الواحد والعشرين. إن هذا الوقود هو الأرخص والأوفر، وسيظل الغالب على إمدادات الطاقة في العالم حتى العام ٢٠٢٠ على أقل تقدير، وهو الموعد الذي تتحدث عنه جميع الوعود الدولية للالتزام بالتخفيض من الانبعاثات، في حين أن المطلوب، حسب الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ التي أبرمت العام ١٩٩٢ العودة إلى مستويات عام ١٩٩٠ من الانبعاثات. 

وإذا عرفنا أن اتباع سياسات وإجراءات التخفيف من الانبعاثات يمكن ان يلحق بالضرر اقتصاديا بالدول التي تعتمد في إنتاج الطاقة على الوقود الأحفوري (من فحم ونفط وغاز)، وبكل القطاعات التي تعتمد على هذه الطاقة، وأن الصناعات الأخرى التي تعتمد على الطاقة المتجددة لا تستطيع حتى إشعار آخر أن تنافس تلك الصناعات التاريخية الكبيرة في المدى المنظور، وأن المشكلة ستبقى في الصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة... نعرف كم يبدو مستحيلا الالتزام بأي تعهد للتخفيف، أو الوفاء بأي التزام في المدى المنظور.  بالإضافة إلى ذلك، فإن أي إجراء حقيقي وجدي للتخفيض في العالم يجب أن يؤدي حتما إلى تخفيض أي فرد في العالم من حجم استخدامه للطاقة، بعكس ما يقترح مفهوم "التنمية" القائم على الزيادة. 

والحال هذه، لا مجال للتفاؤل في أي سيناريو أو أي طرح، تابعنا عرضه في مؤتمر بوزنان الدولي الأخير، وهو أكبر إطار ترعاه الأمم المتحدة لمعالجة هذه الظاهرة العالمية.  وإذ انبهر البعض بما أعلنه آل غور عن تغيير سياسة بلاده (الولايات المتحدة الأميركية) مع العهد الجديد تجاه هذه الظاهرة العالمية، وإشادته بدور الشريك الأكبر الصاعد في التلوث (الصين)، لكونها قد رصدت ٦٠٠ مليار دولار للقيام بأكبر عملية تشجير في التاريخ لاصطياد الكربون... إلا أن هذا البعض قد تغافل، عن حقيقة، أن المشكلة هي في طريقة عيش سكان بلاده ونظامها الذي لا بديل جديا عنه من قبل الحزبين الذين يتبادلان الحكم، وأن الصين لا تزال تعتمد على الفحم الأكثر تلويثا في ثلثي حاجتها من الطاقة (وهي البلد الأول في العالم في إنتاج الفحم واستهلاكه)، وهو لا يزال يعتبر الوقود الأول في هذا البلد السائر بسرعة نحو تقليد الولايات المتحدة في طريقة عيشها، كونها البلد الثاني أيضا في استهلاك الطاقة وفي زيادة الانبعاثات بعد الولايات المتحدة الأميركية.

كما تجدر الإشارة إلى أنه مع النمو الذي عرفته الصين في الـ٢٥ سنة الأخيرة، لم تعد الصين مكتفية ذاتيا من النفط، بل بدأت بالاستيراد للمرة الأولى العام ١٩٩٣.  وقد ارتفعت المستوردات بشكل حاد من ذلك الحين، وقفز الطلب ما بين العام ١٩٨٤ وحتى العام ١٩٩٥ من ١,٧ مليون برميل إلى ٣,٤ ملايين برميل يوميا. وبحلول العام ٢٠٠٥ تضاعف مرة ثانية حيث وصل إلى ٦,٨ ملايين برميل في اليوم، لتتخطى ٨ ملايين برميل يوميا في العام ٢٠٠٧.  ومنذ العام ٢٠٠٣ سبقت الصين اليابان كثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، وهي تعد الآن ثالث أكبر مستورد للنفط بعد الولايات المتحدة واليابان، حيث تستورد الآن أكثر من ٤٠٪ من إمداداتها النفطية.  وبالرغم من العمل الدائم على تطوير الإنتاج المحلي للنفط وتطوير الحقول وتوسيع الإنتاج في غرب الصين، ولاسيما حقول النفط البحرية في بحور الصين الجنوبية والشرقية وإعادة هيكلة صناعة النفط، فقد توقعت وكالة الطاقة الدولية مؤخرا أن تستورد الصين ٨٠٪ من إمداداتها وان تصل مستورداتها من النفط إلى ١١ مليون برميل يوميا عام ٢٠٢٠ ، وهو التاريخ المقترح لتخفيف الانبعاثات في العالم.
لهذه الأسباب وغيرها، يتجه المناخ إلى مزيد من التغير، وعلى العالم أن يتوقع أكثر السيناريوهات سوءا.

للاعلىé

 

التعليقات

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
:
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.