تشرين أول 2009 العدد (18)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

October 2009 No (18)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب البيئة والتنمية في صور الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

قراءة في كتاب:

النفايات الخطرة بين مطرقة الفساد وسندان العولمة

 

كتاب:  "المسؤولية الدولية عن نقل وتخزين النفايات الخطرة"

تأليف:  معمر رتيب عبد الحافظ،

سنة الإصدار:  2008

عدد الصفحات:  606 (قطع متوسط)

 

قراءة:  محمود الفطافطة

 

إذا كان القرن العشرون هو قرن الخوف ـ كما وصفه الفيلسوف "ألبير كامي" ـ فإن القرن الحادي والعشرين هو قرن الرعب من الأخطار الفادحة الناشئة عن نقل النفايات السامة والنووية من البلدان الصناعية الكبرى إلى الدول النامية أو (دول العالم الثالث).

بهذا الحديث بدأ د. معمر عبد الحافظ مقدمة كتابه"، والذي نال عليه أطروحة الدكتوراه من جامعة أسيوط. بقول الباحث إن نقل هذه النفايات السامة هو نوع جديد من الغزو أطلت علينا به جحافل الاستعمار الحديث، غزو لا يحتاج إلى استخدام مدافع أو رشاشات أو دبابات، ولا يتطلب إنزال قوات عسكرية من البحر أو الطائرات . انه غزو عِفن : بتمثل في إغراق البيئات البحرية والبرية لمدن الدول النامية والفقيرة للنفايات السامة والخطيرة للدول الصناعية الغنية، وهو أمر يؤدي إلى إهلاك الحرث والنسل، والقضاء على الأحياء إن عاجلاً أو آجلاً.

 

أكبر التحديات

ويوضح الباحث أن معظم بلدان العالم شهدت في القرن العشرين معدلات نمو لم يسبق لها مثيل، وبخاصة في مجالات الصناعة والنقل والزراعة والتجارة واكتشاف واستغلال الموارد الطبيعية؛ مما ترتب عليه ظهور مشكلات التلوث البيئي بأشكاله المختلفة، والتي تعتبر من أهم وأخطر المشكلات التي تواجه الجنس البشري وبخاصة مشكلة سباق التسلح النووي في العصر الحديث. وترجع أهمية هذه المشكلة وخطورتها (وفق المؤلف) إلى أنها لم تعد مشكلة محلية قاصرة على بلد دون الآخر، بل أصبحت مشكلة عالمية تمثل أكبر التحديات التي تواجه المجتمع الدولي في هذه الأيام.

 ذلك أن التلوث البيئي لا يعرف حدودا يقف عندها وإنما آثاره ممتدة على أرجاء المعمورة لدرجة خطيرة تجعلنا ندق جرس الإنذار خشية أن يأتي اليوم الذي يصبح فيه وجود مكان خال من التلوث ضربا من المستحيل.  ويذكر الكاتب أنه من أهم الأمثلة على عالمية ظاهرة التلوث البيئي وخطورتها واهتمام المجتمع الدولي بها أن الأمم المتحدة اتخذت شعار " only one earth" "فقط ارض واحدة" ليكون شعار أول مؤتمر دولي عقد في استكهولم سنة 1972 ليناقش مسألة الإنسان والبيئة.

ويؤكد الباحث عبد الحافظ أن مستوى النفايات الخطرة والسامة التي تتولد كل عام يستمر في الارتفاع، وتتزايد الكميات التي تنتقل من الدول المتقدمة إلى الدول النامية؛ مما يشكل أضرارا خطيرة للبيئة والصحة الإنسانية، هذه الأضرار تتضاءل أمامها جميع الأخطار المحدقة بالعالم النامي، مثل: خطر المخدرات أو تجارة السلاح أو غسل الأموال وغيرها، وفي ظل امتداد مخاطر النفايات الخطرة وما تمثله من تلوث سواء في التربة أو المياه الجوفية وغيرهما، فإنها لا تزيد من تفاقم الأمور فقط وإنما تندرج بشكل صريح في إطار قضية البيئة بصفة عامة، والتي باتت تمثل بجانب الديمقراطية وحقوق الإنسان أحد أهم أضلاع مثلث الأفضليات في النظام العالمي الجديد.

 

"عصر النفايات"

ويشير الكاتب إلى ما ذكره الناقد الاجتماعي "فانس باكارد" في كتابه" صانعو النفايات"  من أن المؤرخين قد يشيرون إلى وقتنا هذا بأنه "عصر النفايات". وإذا أضفنا إلى ذلك، الاتجاه عن عمد فيما يمكن أن نلقبه "جريمة العصر" لجعل أفريقيا مقبرة للنفايات الخطرة في العالم، حيث تحاك المؤامرات بين تجار النفايات الخطرة وأصحاب السلطة الأفارقة لامتداد أراضي وسواحل القارة، وذلك بحثاً عن الكسب السريع، وبعيداً عن أي وازع من ضمير، لتؤكد الاتجاه العام القائل: إن أفريقيا قد اعتبرت ـ على مدى سنوات عديدة ـ مقبرة للنفايات الخطرة من بلدان العالم الصناعي.

 

"إرهاب السموم"

فالقضية ليست جديدة (حسب عبد الحافظ)،ولكنها طفت على السطح بعد أن اتسع نطاقها وثبت تورط أكثر من دولة من الشمال والجنوب فيها، وهي انعكاس لتجارة غير مشروعة تخضع لأحكام العرض والطلب، والرغبة الجامحة في المكسب من كافة الأطراف؛ ولكنها تجارة نفايات سامة فهي أخطر كثيرا من تجارة المخدرات والرقيق الأبيض، وهي بعث آخر لعهد بيع العبيد الأفارقة في العالم الجديد بالقارة الأميركية منذ قرنين من الزمان؛ ومن ثم فليس من المبالغة في شيء إطلاق وصف" إرهاب السموم" على تلك التجارة غير المشروعة للنفايات الخطرة والتي تدفنها دول الشمال الصناعي في أراضي دول الجنوب الفقيرة.

ويؤكد الباحث أن موضوع دفن النفايات الخطرة أثار اهتماما دوليا وإقليميا كبيرا نظرا لخطورة هذه النفايات على البيئة والصحة الإنسانية، وقد توجت هذه المجهودات الدولية بإبرام اتفاقيات عالمية وإقليمية، لعل من أهمها اتفاقية بازل بسويسرا لعام 1989 بشأن التحكم في حركة نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود الدولية، واتفاقية باكو لعام 1991 والخاصة بالرقابة على نقل أو عبور النفايات الخطرة إلى القارة الأفريقية.

ويضيف: " لما كان هدف القانون الدولي البيئي منع أو تقليل التلوث البيئي أو السيطرة عليه عبر الحدود الوطنية، مع إيجاد نظام قانوني فعال لإصلاح الأضرار الناجمة عن هذا التلوث، فإن المسؤولية الدولية هي التي تحقق أهداف القانون الدولي للبيئة؛ إذ إنها تؤدي دوراً بارزاً في حماية البيئة، حيث تقوم بمنع الضرر  وإصلاحه، الأمر الذي يجعلها أفضل السبل القانونية لحماية البيئة الدولية. وبالرغم من أهمية دور المسؤولية الدولية في مجال البيئة، فإن الاتفاقيات الدولية  والعالمية والإقليمية التي أبرمت بهدف حماية البيئة من التلوث بالنفايات الخطرة تجاهلت وضع قواعد محددة بشأن المسؤولية عن الانتهاكات الدولية الخاصة بمنع نقل النفايات الخطرة عبر الحدود الدولية(وفق الباحث).

 

مبررات الاهتمام

ويتطرق الباحث عبد الحافظ في مقدمته إلى الأسباب التي دعته إلى تناول موضوع الكتاب، وأهمها:

* أن موضوع تلوث البيئة بالنفايات الخطرة والمسؤولية الدولية المترتبة على نقل تلك النفايات وتخزينها، من الموضوعات الحديثة التي لم تأخذ حقها بعد في الدراسات المعمقة من جانب القانون الدولي العربي رغم أهميته الفائقة؛ حيث يحتاج هذا الموضوع إلى دراسات متخصصة لتنبيه الشعوب والحكومات العربية إلى مخاطر ذلك النوع من التلوث.

* أن تجارة النفايات الخطرة تمس مصالح مصر الحيوية وتؤثر على الأمن القومي المصري، عبر ما تدخل به السفن المحملة بالنفايات الخطرة، والذي هو خرق لسيادة القانون المصري الذي يحظر دخول هذه النفايات أو استيرادها.

* تمثل هذه القضية خطورة على الدول النامية، وبخاصة الدول الأفريقية؛ فهذه الدول تدفع ضريبة التقدم الصناعي والتكنولوجي الذي تجني الدول الصناعية الكبرى وحدها عائده، بينما يعود هذا التقدم وبالا على الدول الفقيرة والنامية.

 

توصيات

وخرجت الدراسة بجملة توصيات، أهمها:

ـ يجب توسيع تعريف النفايات الخطرة الوارد في الاتفاقيات الدولية ليشمل النفايات الذرية؛ وبالتالي خضوع ذلك النوع من النفايات الضارة للتنظيم القانوني للنفايات الخطرة.

ـ تجريم تصدير النفايات الخطرة كليا، وضرورة تعزيز التكامل بين النظم القانونية الدولية العالمية والإقليمية لتحقيق حماية أوفر للبيئة ضد التلوث للنفايات الخطرة.

ـ مكافحة الاتجار غير المشروع بالنفايات الخطرة، وتصنيف ذلك العمل باعتباره "جريمة دولية".

ـ مناشدة جامعة الدول العربية بتبني سياسة عربية متكاملة لحماية البيئة من التلوث بالنفايات الخطرة، ومقاومة دفن تلك النفايات في أراضي الدول العربية.

للأعلىé

 

 

التعليقات

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:

بريدك الالكتروني:

:

التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.