تسرب مواد سامة إلى سطح الأرض وباطنها من محطات الوقود الفلسطينية

 

حزيران 2009 العدد (15)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا

June 2009 No (15)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب البيئة والتنمية في صور الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 
 

 

تسرب مواد سامة إلى سطح الأرض وباطنها من محطات الوقود الفلسطينية

ج. ك. / خاص بآفاق البيئة والتنمية

 

يتساءل الكثيرون من الناس عن جودة محطات الوقود ومواقعها العشوائية داخل الأحياء السكنية، والتلوث البيئي والصحي الذي تتسبب به للبيئة المحيطة وللأرض المقامة عليها ولباطن الأرض، فضلا عن مدى جدية عمليات المراقبة البيئية والصحية التي يفترض بالجهات المسئولة أن تنفذها، علما بأن بعض الكوارث البشرية والبيئية حدثت في السنوات الأخيرة، كان آخرها كارثة انفجار محطة الوقود في رام الله (أم الشرايط) قبل بضع سنوات، والتي راح ضحيتها مواطنون وأطفال أبرياء.

وفي الواقع، يتسبب الجزء الأعظم من مئات محطات الوقود المرخصة المنتشرة في الضفة والقطاع، في تلوث الأرض، مما يثير شكوكا قوية حول احتمال تلوث المياه الجوفية بالمواد الكيميائية المتسربة من تلك المحطات،  يضاف إلى ذلك انتشار محطات وقود عشوائية وغير مرخصة. 

وحاليا، تعد مسألة الكشف عن المواد الكيميائية السامة المتسربة من محطات الوقود في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكيفية معالجتها، عالقة وتفتقر إلى المتابعة والرقابة.  وتشكل خطوط أنابيب الوقود وخزانات الوقود الكبيرة والصغيرة مصدرا لتلويث مصادر المياه، علما بأن تسرب الوقود إلى الأرض وباطنها يؤذي الصحة العامة والبيئة.

وتعد مكونات الوقود مواد سامة قد تسبب تلفا للجهاز العصبي المركزي ولجهاز المناعة وللخصوبة.  كما أن مضافات الوقود (مثل مادة  MTBEالمذابة في الماء) تنتشر لمسافة مئات الأمتار.

وللكشف عن الملوثات المتسربة من محطات الوقود وتركيزاتها، يتم، بالعادة، فحص نسبة الغازات في الأرض، ومن ثم سائر الملوثات السائلة أو الصلبة.

وتعد البنية التحتية لمحطات الوقود المصدر الأساسي لتلوث الأرض.  وتتضمن تلك البنية موقع تعبئة الخزانات، والخزانات، ومواقع شحن السيارات بالوقود، وأنابيب نقل الوقود من الخزانات إلى مواقع الشحن.  والسؤال المطروح:  كم من محطات الوقود الفلسطينية تعكف، كل بضع سنوات، على إجراء فحوصات لمدى العزل القائم في خزانات الوقود وخطوط الأنابيب؟

ومن أهم أسباب تسرب الوقود في البنية التحتية للمحطات:  الافتقار إلى البنية التحتية المناسبة، الخلل في البنية التحتية للمحطة ولمواقع شحن السيارات بالوقود، تسرب في الخزان، إصابة أنبوب، تعبئة فائضة لخزانات الوقود في المحطة ولخزانات وقود السيارات، وسيلان الوقود عند الانتهاء من تعبئة السيارة بالوقود.  

للأعلىé

 

 

مغتصبون ولصوص ماشية

خالد منصور / مخيم الفارعة

 

    بعد اغتصاب الصهاينة لأرضنا لم نعد نستهجن قيامهم بأي فعل شنيع.. فذاكرتنا تختزن من أفعالهم وجرائمهم ما تضيق به حتى اكبر ألكتب والحواسيب، يفتكون بالضحايا بدم بارد، ينكلون بلا رحمة، ويمارسون سادية تفوق كثيرا ما كان يفعله النازيون، ويتلذذون بتعذيب الضحايا ورؤيتهم وهم يتألمون، يحرقون الكروم والحقول، ويلوثون مصادر المياه عامدين متعمدين.. كل ذلك أصبح جزءا من ثقافتهم ومن سلوكهم اليومي.. في القدس والخليل وفي مناطق الجدار وبمحاذاة المستوطنات وعلى الحواجز والطرق الالتفافية.. والحديث هنا لا يجري عن جيش المحتلين الإسرائيليين وحده-- بل وعن عصابات المستوطنين وميليشياتهم المنظمة والمسلحة، التي ترتكب جرائمها تحت سمع وبصر الجيش بل وبحمايته في أغلب الأحيان..

     وبلدة عصيرة القبلية-- الواقعة جنوبي نابلس-- نالها من عسف الاحتلال وجرائم المستوطنين خلال السنوات الماضية الشيء الكثير، فقد صودرت أجزاء واسعة من أراضيها ليقيم المحتلون عليها مستوطنة يتسهار.. ولأن الاستيطان يتمدد مثل السرطان، فقد ظلت هذه المستعمرة اللعينة تمتد وتلتهم من أراضي عصيرة القبلية والقرى العربية الأخرى المجاورة لها، حتى أصبحت حدود المستوطنة وطرقها الالتفافية تحاصر مباشرة منازل السكان في البلدة.. وقد شهدت هذه القرية الفلسطينية في العام الماضي سيلا من اعتداءات المستوطنين، الذين قاموا في إحدى المرات باجتياح البلدة وحرق وتحطيم العديد من منازلها.

    هذه البلدة الصامدة كانت يوم السبت 4 نيسان الماضي، على ميعاد مع جريمة جديدة ارتكبها المستوطنون بخسة شديدة.. فبعد ظهر ذلك اليوم خرج الأطفال عبد الوهاب ومحمد وصهيب مع أغنامهم إلى أراضي بلدتهم الواقعة في الجهة الجنوبية منها المحاذية لمستوطنة يتسهار، حيث يسكن مستوطنون يعتبرون الأشد تطرفا وكراهية للعرب.. خرج الأطفال إلى حيث الربيع يتجلى بأبهى صوره، وحيث المراعي الغنية بالحشائش، وكعادة كل الأطفال انطلقوا مثل الفراشات يقفزون من صخرة إلى صخرة ومن زهرة إلى زهرة يجمعون ورود-- الدحنون والرنجس والشايب شب والبسباس-- ويشكلون منها باقات جميلة ليقوموا بتقديمها لأمهاتهم وأخواتهم عند عودتهم، ولم يدر في خلد هؤلاء الأطفال الأبرياء الانقياء أن هناك عيونا مثل عيون الضبع الكاسر كانت ترقبهم من بعيد وتترصد خطواتهم.. وفجأة تسلل إلى المكان عصبة من نساء المستوطنين، يصحبن معهن عددا من أطفالهن، واقتربن دون ضجة حتى وصلن حيث كان الأطفال الفلسطينيون يلهون، وبدأت النسوة الماكرات وبتطفل واضح التودد إلى الأطفال العرب، ومحاولة كسر حاجز الخوف والريبة الراسخ في عقولهم تجاه كل ما هو يهودي، لدفعهم للاندماج مع أقرانهم من المستوطنين.. في البداية مانع الأطفال وحاولوا الابتعاد.. لكن في النهاية نجحت الخطة بالمكر والخداع، وبدا الأطفال باللعب سويا.. وأخذ الأطفال اليهود يسحبون الأطفال الفلسطينيون بعيدا عن أغنامهم أكثر فأكثر دون إثارة أي شبهة، وعندما أصبحوا على مسافة كبيرة بحيث لا يشاهدون الأغنام.. كان هناك فريق آخر من المستوطنين قد تسللوا من الوادي، وساقوا الأغنام بسرعة وأدخلوها إلى حرم المستوطنة.. وفور اطمئنان المستوطنات على نجاح خطة سرقة الأغنام، أخذن أطفالهن وعدن إلى داخل حرم المستوطنة.. وعندها بحث الأطفال الفلسطينيون عن أغنامهم فلم يجدوها في المكان، فجن جنونهم وشعروا بالحزن الشديد وبالألم، لأنهم أدركوا أنهم كانوا ضحية حيلة ودهاء  المستوطنين، الذين غافلوهم حتى تمكنوا من سرقة أغنامهم.. فشرعوا بالصياح ليلفتوا انتباه أهل بلدتهم ليأتوا إليهم وينجدوهم من هذه المصيبة.. وما هي إلا دقائق حتى زحف أهالي بلدة عصيرة القبلية نحو سياج المستعمرة، واخذوا يهزون السياج محاولين اقتلاعه.. وازداد هياج الأهالي وأصبح الموقف جد خطير، عندها حضرت إلى المكان قوات معززة من جيش الاحتلال ومن حرس المستوطنات، وأمروا حشود المواطنين العرب بالابتعاد عن سياج المستوطنة، وهددوهم بإطلاق النار.. لكن السكان رفضوا الابتعاد، وطالبوا الجيش بإعادة الأغنام فورا، وإلا فإنهم سيواصلون التجمع، وسيقومون بخلع الأسلاك الشائكة مهما كان الثمن.. عندها وعد الجيش الأهالي بإعادة الأغنام إن أوقفوا محاولتهم خلع السياج.. فقبل السكان العرب بالعرض، وما هي إلا ساعة حتى أحضر الجيش قطيع الغنم وسلمه للأهالي، فاكتشف الأهالي أن عدد الأغنام التي أعادها الجيش كان ناقصا اثنتين.. فأصروا على استعادة كل الأغنام، وبالفعل عاد الجيش وأحضر زوج الأغنام لينهي هذه القضية، ثم عاد سكان بلدة عصيرة إلى بيوتهم والكل فيهم يقول: لا يمكن التعايش مع هؤلاء المخادعين، ولا يمكن الوثوق بتصرفاتهم، بل وحتى إن أطفالهم يرضعون الخبث والدهاء.. الأمر الذي يفترض بكل فلسطيني الاحتراس والحذر منهم والانتباه إلى كل ألاعيبهم.. فهم أولا مغتصبون وهم أيضا لصوص ماشية.

 للأعلى é

 

أزمة التصحر في الوطن العربي

التصحر يهدد أكثر من 110 دول ومليار شخص يواجهون خطر نفاد مصادر الغذاء

د. عايد راضي خنفر

جامعة الملك خالد – المملكة العربية السعودية

التصحر كمفهوم بيئي

الصحارى هي أحد الأنظمة البيئية التي تكونت بفعل العوامل الجيولوجية والمناخية والهيدرولوجية وتميزت بالظروف القاسية والمتطرفة؛ فالتصحر هو تردي الأراضي في المناطق الجافة وشبه الجافة وشبه الرطبة وينتج عن عوامل تشمل تغيرات مناخية وأنشطة بشرية. وهو يدل على الانخفاض الكمي والنوعي في القدرات الإنتاجية للأراضي وتدمير الطاقة البيولوجية الكامنة وتدهور النظم البيئية، والمناطق الجافة هي الأراضي التي تقل فترة النمو فيها عن 120 يوما في السنة وتشمل الأراضي القاحلة التي تقل فترة النمو فيها عن 74 يوما في السنة وشبه القاحلة 75 ـ119 يوما في السنة. ويتسم المناخ في الأراضي الجافة بمستويات أمطار منخفضة وشديدة التغير مما يؤدي إلى مستويات إنتاج متدني وغير مستقر.  كما أن مساحة الصحارى وشبه الصحاري الطبيعية في العالم تقدر بثلث مساحة الأرض وبسبب التصحر تزداد هذه المساحة، وقد تصل إلى النصف على حساب المناطق الطبيعية الأخرى كالغابات ومناطق السهول والأراضي الزراعية وغيرها حيث تتحول سنوياً ملايين الهكتارات إلى أراض متصحرة.

تتميز دول الخليج العربي كما هو معروف بجفاف شديد وينعكس هذا في زحف الرمال وتكرر العواصف الترابية؛ لذا تكون تعرية التربة ظاهرة طبيعية لكنها تتسارع بمعدلات عالية نتيجة الضغط الرعوي والنشاطات البشرية الأخرى غير الرشيدة. وفي معظم دول الخليج العربي هناك معوقات عامة تعيق تنمية الأراضي تشمل: زحف الرمال وغزو الكثبان الرملية، وتدهور الغطاء النباتي، وتملح وتقشر وتصلب التربة وتدهور خصوبتها؛ وتوفر الأنظمة البيئية الصحراوية منافع وقيما مختلفة الأنماط لمستخدميها؛ فهي مصدر لرعي الماشية، ومكان لحماية ولجوء الحياة البرية وتتوفر على فرص للترفيه، وعندما تستخدم بشكل عقلاني يمكن إيقاف زحف الرمال وعملية تعرية التربة ومن ثم السيطرة على ظاهرة التصحر؛ وعلاوة على ذلك فالموارد الصحراوية في دول الخليج العربي تكون جزءا متمما للتراث والتقاليد الشعبية وتتمتع بمكانة واعتبار خاص من قبل السكان.

 

أبعاد  مشكلة التصحر

يبدو أن مشكلة التصحر لا تحظى عالمياً بالجهود اللازمة لمواجهتها، رغم ما تتصف به هذه المشكلة من خطورة واتساع. فالتصحر يهدد ما يزيد على 110 دول في العالم، ويواجه نحو مليار شخص خطر نفاد مصادر إنتاج الغذاء، بينما يتأثر نحو 250 مليون شخص تأثراً مباشراً بالتصحر. ويفقد العالم سنوياً نحو 24 مليار طن من التربة السطحية، كما تضررت نحو 70% من إجمالي مساحة الأراضي الجافة المستخدمة في الزراعة، وتقدر خسائر عملية التصحر بـ 42 مليار دولار سنويا؛ هذه الحقائق، كما وردت في التقرير الأخير للاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر التابعة للأمم المتحدة، تشير إلى اتساع حجم الكارثة البيئية والإنسانية الناجمة عن التصحر على مستوى العالم. ولكنها لا تعني حصر المشكلة في حدود الأرقام الواردة آنفاً؛ إذ إن أثرها يمتد ليشمل صحة الإنسان وأنماط حياته ومستقبل وجوده على سطح المعمورة.

الإنسان هو المسئول الأول عن تفاقم مشكلة التصحر على المستوى العالمي، كما تتداخل عوامل سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية وطبيعية في تعميق حجمها، الأمر الذي رتب على البشرية واجب التوقف والمراجعة والتصحيح، ما أمكن، في مسببات استنزاف موارد الطبيعة وزحف الصحراء، وكافة الأنماط السلوكية التي تؤدي إلى التصحر؛ كالاستخدام المكثف للأرضي الزراعية، والرعي الجائر والمبكر، وإزالة الغابات، والإسراف في الري وسوء الصرف وما هو أهم من ذلك كله، أي الحروب، ومخلفات التجارب النووية، والتلوث الناتج عن الصناعة.

الآثار البيئية الناجمة عن تلك الظاهرة

ـ استنزاف الموارد البيئية والتلوث بالغبار والكثبان الرملية والتغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض كما هو الحال في دولة قطر؛ فحركة الكثبان الرملية، وخصوصا الهلالية منها، تحدث في القطاعات الشرقية والجنوبية الشرقية من البلاد. وتساهم كثير من العوامل في تكوين هذه الحركة ، منها انبساط سطح الأرض وهبوب الرياح الشمالية الغربية السائدة.

ـ إن تدهور الغطاء النباتي وبسبب الظروف المناخية في السعودية  والتي تتميز بمناخ حار وجاف وتصنف كمنطقة جافة تحتل 5% من مجموع المناطق الجافة في العالم، يسبب خسائر اقتصادية تتمثل في انخفاض إنتاجية الأراضي الصالحة للزراعة إلى مستوى ضئيل؛ وأسباب هذه الظاهرة تعود إلى عوامل طبيعية وبشرية، أدت إلى تعرض التربة للانجراف بواسطة الرياح وتكون العواصف الترابية، والتلوث الناجم عن حمل هذه العواصف الترابية للمسببات المرضية وتلوث غذاء وشراب الإنسان والتأثير السلبي على مرضى التهاب القصبات والربو والحساسية حيث تزداد نسبة هذه الأمراض في المناطق التي تتعرض للعواصف الترابية، وقد تتسبب بوفاة البعض وتأثير الغبار على الأبنية  والأجهزة الالكترونية وتأثير الغبار على مدى الرؤيا والتسبب في حوادث السيارات وغيرها، وزحف الكثبان الرملية على الطرق ومشاريع الري، وتهديد المناطق الحضرية والأراضي الزراعية.

- إن التصحر أدى إلى تناقص وانقراض العديد من الأنواع النباتية والحيوانية ودمر حوالي ستة آلاف نوع نباتي وانكماش الغابات إلى أكثر من النصف وتناقص عدد الفقريات منذ عام 1990 إلى النصف؛ فالغطاء النباتي يعد قاعدة الهرم الغذائي في العالم والذي يقف الإنسان على قمته؛ وإن النبات هو المنتج الأساس للغذاء عن طريق تحويل طاقة الضوء إلى طاقة كيماوية كامنة على شكل بروتينات وكربوهيدرات هي أساس الغلاف الحيوي على الأرض.

- تحتل الغابات في غرب آسيا 4,7 ملايين هكتار وتشكل أقل من 0,1 في المئة من مجمل المساحة الحرجية في العالم، وهي تتأثر بالحرائق وقطع الأشجار والرعي والزراعة والتوسع الحضري. خلال السنوات العشرين الماضية، انخفضت مساحة الغابات في اليمن بنسبة 17 في المئة وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة بنسبة 50 في المائة، بينما زادت برامج التشجير مجمل المساحة الحرجية في الإمارات بنسبة 32 في المائة وبنسبة 20 في المئة في الأردن. التحديات والعوائق الرئيسية التي تواجه الإدارة المستدامة للغابات هي ضعف المؤسسات وعدم تطبيق القوانين، وسوء ممارسات استغلال الأراضي، والظروف المناخية القاسية ومحدودية المياه، ونقص الفنيين وخدمات التدريب الزراعي، وشح التمويل، والسياسات الفاشلة.

- أما تأثير حرب الخليج الثانية فتمثلت في التلوث النفطي في منطقة الشعيبة الصناعية في الكويت والناتج عن حرق وتفجير أبار نفط الكويت من قبل النظام العراقي في 1991، وتأثير ذلك على نباتات وتربة صحراء الكويت. حيث نتج عن ذلك كميات كبيرة من السخام والنفط غير المحترق على شكل غبار نفطي  انتقل إلى مناطق بعيدة، وتبين أن النباتات والتربة أصيبت بأضرار بالغة جراء هذا العمل والتغيرات الجيومورفولوجية الحاصلة في صحراء الكويت من ناحية تكون 300 بحيرة نفطية داخلية من آبار النفط المتدفقة بعد تفجيرها وتغطية سطح الأرض بالقطران، هذا عدا عن أخطار هذا التلوث النفطي على صحة الإنسان وعلى البيئة البحرية.

- لم تكن الإمارات العربية المتحدة بمنأى عن هذه المشكلة، فهي أمر واقع تفرضه مجموعة من التحديات البيئية للدولة؛ كالطبيعة الصحراوية الصعبة التي تمتد على نحو 80% من مساحة الدولة، والتزايد المطرّد في الأنشطة الصناعية المرتبطة بالنفط، وما تفرزه من مخلفات تؤذي البيئة، والنمو السكاني الذي وصل معدله حالياً إلى (5.6%)، والذي يعتبر من أعلى معدلات النمو السكاني في العالم، والمناخ الصحراوي الحار حيث تصل درجات الحرارة في فصول الصيف إلى 47 درجة مئوية.

 

التصحر والحد منه

1- من الضروري التوسع في عمل مصدات الرياح والأحزمة الخضراء حول المدن والقرى والطرق الخارجية والمنشآت المختلفة، وتشجير المساحات الفارغة فيها، وإنشاء المشاريع المائية والمخازن المائية في مناطق الصحراء وحفر الآبار الارتوازية لاستغلال المياه الجوفية في تحسين الغطاء النباتي في الصحراء، ودراسة واستنباط الأنواع النباتية وتحسين الغطاء النباتي للمناطق الصحراوية، واستخدام طرق المقننات المائية في زراعة المناطق شبه الجافة لتلافي مشكلة الجفاف، ووضع التشريعات الخاصة بتحديد مناطق الرعي والمحافظة على الحيوانات البرية، واستخدام الوسائل الحديثة في تثبيت الكثبان الرملية، كاستخدام الترب الثقيلة وإنشاء حواجز للكثبان الرملية ومراقبة اتجاهات سيرها واستخدام الوسائل الصحيحة في استغلال الأراضي الزراعية، وعدم استنزافها وجعلها عرضة للتصحر كاستخدام دورة زراعية مناسبة وطرق زراعية وري وطرائق مناسبة وغيرها واستخدام نظام ري كفء.

2- التوسع في انتشار محطات البحوث لدراسة ظواهر التصحر في المناطق المختلفة ووضع خرائط للمناطق المهددة بالتصحر ومسار حركة الرمال، ووضع الخطط الآنية والمستقبلية لمعالجتها والاعتناء بالحيوانات البرية وإطلاقها في مناطق محددة من الصحراء، والمحافظة عليها وتوفير مصادر طبيعية لتغذيتها، والاستفادة من بعض الدول التي لها تجارب متقدمة في مكافحة التصحر ووضع الخطط الإقليمية المشتركة في مكافحة التصحر، والقيام بحملة وطنية تستهدف توعية الجماهير ودفعها للمساهمة في المكافحة من خلال حملات التشجير والمحافظة على الحيوانات البرية، والاهتمام بالتصميم الأساسي للمدن وإعطاء الأهمية لنسبة المساحات الخضراء فيها، وتحديث وتطوير محطات الرصد الجوية وتزويدها بالتقنيات وتوسيعها لتغطي جميع أنحاء الوطن العربي.            

 للأعلىé

 

   

 

الألمان يدرسون احتمال إلغاء بعض عمليات فصل النفايات الصلبة

فلنتعلم الدرس الذي يعرفه كل مواطن ألماني:  "قمامة اليوم هي طاقة الغد"

جورج كرزم

خلال السنوات العشرين الأخيرة، عكفت السلطات الألمانية على تثقيف المواطنين على تصنيف القمامة إلى سبعة أصناف، مثل الورق والبلاستيك والزجاج ومخلفات الخضار.  إلا أنه تبين مؤخرا أن أبطال العالم في الفصل من المصدر، يدرسون احتمال إلغاء جزء من عمليات الفصل.  والسؤال هو:  ما الذي تسبب في هذا التغير، وماذا يمكننا أن نتعلم منه؟  والسؤال الأهم هو:  لماذا يمارس الألمان أصلا عملية الفصل؟

لقد اتضح أن الألمان أيضا لا يفصلون القمامة المنزلية كما يجب.  فلو تفحصنا سريعا محتوى حاويات النفايات نجد أن الفصل ، أحيانا كثيرة، غير دقيق؛ مما يلزم السلطات المختصة إجراء عملية فصل إضافية على نفس النفايات التي فصلت منزليا وجمعت بشكل منفرد.

كما تبين أن الآلات يمكن أن تنفذ أعمال الفصل أفضل بكثير من العنصر البشري، علما بأن التحسينات التكنولوجية التي جرت في السنوات الأخيرة، وبخاصة ثورة الفصل بواسطة الأشعة تحت الحمراء، جعلت عمليات فصل المادة العضوية، والورق، والبلاستيك، والزجاج أكثر دقة ونوعية.

لذا، تساءل صانعو القرار في ألمانيا عن جدوى تبذير الأموال العامة على عمليات فصل وفرز كثيرة، في المنازل والشوارع، مع ما يرافق ذلك من تلوث الهواء وحركة مكثفة لسيارات الجمع، في الوقت الذي تستطيع فيه الآلات تنفيذ هذه العمليات بشكل أفضل بكثير.

وبالطبع، لا توجد نية بإلغاء الفصل المنزلي نهائيا، بل تقليل كمية الفصل المنزلي.  إذ لا يوجد بديل لفصل النفايات العضوية النوعية فصلا يدويا في المنازل، بهدف إنتاج السماد الطبيعي (الكمبوست)، أو الفصل النوعي للورق والكرتون بهدف التدوير.

وحاليا، لا تزال عمليات الفصل المنزلية في ألمانيا تجري على أساس أربعة أصناف مختلفة، بالإضافة إلى ثلاثة تصنيفات في الشوارع.  المواد العضوية والورق والبلاستيك والزجاج المفصولة نوعيا ترسل إلى مصانع التدوير التي يعاني بعضها من صعوبة الاستدامة، بسبب الأزمة الاقتصادية.  أما سائر النفايات فتنقل إلى منشآت الفصل الأوتوماتيكية المركزية التي تعالج مئات الأطنان يوميا.  وهنا أيضا، تنقل المنتجات النوعية الناتجة من الفصل إلى مصانع التدوير.

وفي المرحلة الثانية، يتم تحويل المواد المتبقية ذات القيمة الحرارية المرتفعة والأقل مواءمة للتدوير، مثل الورق والكرتون والبلاستيك والنسيج – يتم تحويلها إلى منتج يسمى RDF يتقل بدوره إلى مصانع إنتاج الإسمنت، حيث يستفاد منه كوقود بديل لإنتاج الإسمنت، وبالتالي تهبط نسبة التلوث التي تسببها هذه المصانع.

 

طاقة الغد

تعد العمليات السابقة مجرد نصف المعالجة الألمانية للنفايات.  وأخذا بالاعتبار قرار الاتحاد الأوروبي بمنع دفن النفايات في المكبات، فإن نصف النفايات المتبقي ينقل إلى منشآت خاصة لاستخراج الطاقة البديلة للكهرباء ولمنشآت الحرق.  ويمكن إيجاد مثل هذه المنشآت في فرانكفورت وبرلين وفي المدن الأوروبية الغربية الكبيرة. 

والجدير بالذكر أن عملية حرق النفايات تجري من خلال الالتزام بمعايير بيئية مشددة، علما بأن السلطات الألمانية البيئية المختصة تتشدد مع ذاتها، وتتبنى معيارا لانبعاث الملوثات يعرف بـ bimsch أكثر تشددا من معيار الاتحاد الأوروبي.

وقد حظيت هذه المنشآت على تأييد كبير من الأحزاب الخضراء في ألمانيا.  ففي فرانكفورت، على سبيل المثال، مسئولة منشأة الحرق هي ذاتها ممثلة حزب الخضر.

ومما لاشك فيه، أن هناك الكثير مما يمكننا تعلمه من التجربة الألمانية في مجال التدوير.  وفي المستوى الفلسطيني، لا بد من بلورة خطة استراتيجية لمعالجة النفايات، تشمل فصل القمامة المنزلية لمجموعتين:  جافة ورطبة، فضلا عن إنشاء منشآت فصل، وإيجاد حلول جذرية لمعالجة النفايات المفصولة.  ومن المفيد جدا، أن يعمد المسئولون والخبراء والعاملون في قطاع النفايات الصلبة إلى زيارة منشآت الفصل والتدوير الألمانية، للتعلم عن قرب، الدرس الذي يعرفه كل مواطن ألماني:  "قمامة اليوم هي طاقة الغد". 

 للأعلىé

 

التعليقاتت

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
 
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا.