رغم العجز الجسدي الذي يعاني منه ذوي الاحتياجات الخاصة، الا ان ارادة الحياة الحية فيهم التي يتشبثون بها، دفعتهم لتخطي كل العوائق التي تحول دون استمراريتهم في العيش بكرامة وسط المجتمع.
ومع تغير النظرة المجتمعية للمعاق زاد اهتمام المجتمع بهم، فلم تقتصر الخدمات على الرعاية الطبية فقط بل اتجهت نحو سبل دمج هؤلاء مع الأفراد العاديين في المجتمع، من خلال اشراكهم بالمؤسسات المهتمة لحالتهم وإعطائهم دورات تدريبية تؤهلهم للانخراط في سوق العمل.
تنمية مستدامة
أسامة قديح منسق المشروع في مركز العمل التنموي معا، قال:" إن هذا المشروع يأتي ضمن مشروع " تحسين الأمن الغذائي للفلسطينيين الأكثر هشاشة"، والمنفذ من قبل المركز بالتعاون مع منظمة كير الدولية وبتمويل من الحكومة الكندية"، موضحا أنه يعتبر من المشاريع الرائدة في مجال تطوير الواقع المعيشي للأسر الفقيرة وللمؤسسات المحلية العاملة في المنطقة".
وأضاف: " حرصا من المركز على تحقيق الأمن الغذائي للمحتاجين فإنه يركز على اختيار المشاريع النوعية والتي تحدث اثرا كبيرا في حياة الناس، حيث قام المركز بتنفيذ مجموعة من الأنشطة على مدار سنتين ساعد خلالها على بدء مشاريع تنمية مستدامة.
مشروع مميز
أكد منسق المشروع على أهمية مشروع وحدة انتاج نشارة الخشب الذي ينفذ في منطقة البريج لصالح جمعية البريج للتأهيل المجتمعي من المشاريع الرائدة والمتميزة، حيث يتم انتاج نشارة الخشب والتي يتم استعمالها بكثرة في مزارع الدجاج البياض، حيث تشكل هذه الوحدة مصدر دخل لجمعية البريج للتأهيل المجتمعي مما يساهم في استمرار الجمعية في اداء مهامها في مجال تحسين الظروف المعيشية والحياتية لسكان المنطقة .
وأشار الى أن منطقة البريج تغلب عليها مشاريع تربية الدجاج اللاحم والبياض، ويكثر الطلب على هذا النوع من النشارة، وبما ان المنطقة تفتقر الى مثل هذه الوحدات، فان مربيي الدجاج يواجهون صعوبات في توفيرها مما يتطلب الجهد و المال الإضافي، ومع وجود هذه الوحدة اصبح مربيي الدجاج اللاحم والبياض يتحصلون على النشارة بسهولة ويسر وبأسعار تنافسية مما يساعد على تحسين دخل المربيين وتوفير دخل جيد للجمعية .
بصمة شخصية
ويقول اسماعيل علاء الدرة 25 عام (من ذوي الاحتياجات الخاصة) متزوج وزوجته تعاني من اعاقة سمعية ولديه 3 أولاد: " أنا عضو في جمعية البريج للتأهيل المجتمعي منذ سنوات، إرادتي للعيش بكرامة هي الدافع الوحيد الذي يجعلني أرفض أن أبقى عالة على المجتمع دون أن يكون لي بصمة تتناسب مع ميولي وأهدافي وأفكاري".
ويوضح أن المشاركة في العمل بوحدة نشارة الخشب هو ما يطمح له، لما له من أهمية في تحسين وضعه المادي، وكذلك اندماجه في الحياة اليومية للمجتمع.
ويتابع:" في السابق لم أكن أملك عملاً حتى استطيع تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقي وأستطيع ان أعيل أسرة لكن الآن انا سيد نفسي أعملوأنتج من خلال هذه الوحدة".
تدريب وتأهيل
وبدورها أكدت المهندسة هدى أبو شمالة منسقة المشاريع في جمعية البريج للتأهيل المجتمعيعلى أن تنفيذ مشروع وحدة انتاج نشارة الخشب من قبل مركز العمل التنموي "معا" منذ بداية شهر سبتمبر من العام الماضي في منطقة البريج يعتبر الأول في المنطقة، حيث سهل وجودهاعلى الكثير من مربي الدواجن المستفيدين وغيرهم من سكان المنطقة الوسطى والمناطق المجاورة الحصول على نشارة الخشب من وحدة الانتاج التابعة للجمعية بدلا من اللجوء الى مناطق بعيدة عنهم لشرائه.
وأشارت الى ان المستفيد في السابق كان يستغل من قبل التجار لعدم وجود منافس، لكن الآن ومع وجود وحدة نشارة في منطقة البريج التي تبيع لهم النشارة بسعر منخفض شجع الكثير من السكان ومربي الدواجن الإقبال على شرائه من الوحدة بكميات كبيرة.
وتقول م. أبو شمالة: " إن جمعية البريج للتأهيل تولي كل الاهتمام لذوي الاحتياجات الخاصة من اناث و ذكور لذلك كانت من المرحبين بتنفيذ هذا المشروع لما له أهمية في تأهيل المعاق الى العمل في المجتمع".
واشارت إلى أنهمتمكنوا من خلال المشروع مساعدة مجموعة من المعاقين سمعيا من خلال اخضاعهم لمرحلة تدريب وتأهيل للعمل في وحدة نشارة الخشب لكونها تشكل لهم مصدر رزق كبير، خاصة وأن فئة كبيرة منهم متزوجين ولديهم أسر ويعانون من التهميش المجتمعي هذا عدى عن كونهم عاطلين عن العمل بسبب حالتهم.
وأكدت على أن هذا المشروع شكل خطوط اخرى للإنتاج غير مربي الدواجن، من خلال اقبال الناس لشراء النشارة لاستخدامها في أعمال الزينة، فمثلا تباع لبعض المحلات لاستخدامها في عملية تزيين الأرض واكسابها اشكالا جميلة ورسومات فائقة الجمال، او للتزيين في الأثاث المنزلي، كما ويستخدمها البعض فى صناعة فحم الأقراص سريعة الاشتعال.
مصدر دخل للمزارع
المزارع فريح المصري 45 عام متزوج ولديه 7 أطفال، عاطل عن العمل منذ سنوات، هو ايضا أحد المستفيدين من المشروع منذ بدايتهفي منطقة البريج، لديه مزرعة دواجن صغيرة يعتاش منها، لكنه يجد صعوبة في تربية الدجاج اللاحم في هذا الطقس البارد، ومن خلال هذا المشروع الذي أصبح يشكل له مصدر دخل جيد.
يقول: " انا متعلم وصاحب شهادة لكن وبسبب الوضع الاقتصادي الراهن في قطاع غزة، لم أجد عمل سوى اللجوء الى تربية الدواجن، ومن خلال مشاركتي في المشروع الذي قدمته لي جمعية التأهيل في البريج تمكنت من شراء نشارة الخشب بكميات كبيرة وبأسعار مناسبة وجودة عالية لاستخدامها في امتصاص مخلفات الدواجن كما وعزل الرطوبة، مما سهل عليه عملية وساعدني على توسيع مشروعي الصغير".
ويؤكد أنه تم منحه المعدات اللازمة لتربية الدواجن من أسطوانة غاز لعملية التدفئة وخزان ماء والعلف اللازم للحفاظ على نمو الفراخ فأصبح باستطاعته التغلب على مشكلة موت الدواجن بسبب برودة الجو" .