مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
حزيران 2013 - العدد 55
 
Untitled Document  

خمسة ملايين فيتنامي لا زالوا يعانون من السرطانات والولادات المشوهة بسبب الأسلحة الكيميائية الأميركية وفي مقدمتها مبيد الأعشاب 2,4-D (بر سوبر)

نحو خمسة ملايين فيتنامي لا زالوا يعانون حتى يومنا هذا من الولادات المشوهة والسرطانات بسبب الأسلحة الكيميائية التي استخدمتها الولايات المتحدة ضد الشعب الفيتنامي أثناء الثورة

جورج كرزم
خاص بآفاق البيئة والتنمية

أشارت العديد من المراجع العلمية والطبية العالمية، منذ فترة طويلة، إلى أن مبيد الأعشاب 2,4-D الذي يسمى تجاريا "بر سوبر" قد يتسبب بأمراض سرطانية.  إذ، ومنذ أواخر التسعينيات، اعتبرت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC ) التابعة لمنظمة الصحة العالمية أن هذا المبيد قد يتسبب بأمراض سرطانية (Pesticides News no. 37, Septrember 1997, p. 20 ). 
بل ومنذ أواخر الثمانينيات، قضت المحاكم الأميركية على شركة داو (Dow ) التي تعد أبرز منتجي هذا المبيد، بدفع غرامة مقدارها 1.5 مليون دولار بعد إثبات أن تعرض عامل زراعي، أثناء عمله، لمبيد 2,4-D تسبب بشكل مباشر في إصابته بالسرطان ومن ثم وفاته ( (Journal of Pesticide Reform, 1987, 7:4(30) .  وقد يتسبب هذا المبيد في أورام خبيثة بالدماغ، إضافة إلى تسببه في سرطان الغدة الدرقية وتشوهات خلقية ووراثية وأمراض تناسلية وخلخلة التوازن الهورموني في الجسم وتلف الكبد.  إضافة إلى تسببه في تلوث المياه الجوفية.  
ورغم حظر استعماله في العديد من دول العالم، إلا أن العديد من مزارعي العالم الثالث، بما في ذلك مزارعين فلسطينيين، لا زالوا يستعملونه حتى اليوم.  وقد استخدم الاستعمار البريطاني هذا المبيد في الخمسينيات، كمكون أساسي في السلاح الكيماوي المعروف بـِ Agent Orange (العنصر البرتقالي) ضد الثوار في ماليزيا؛ ومن ثم استخدمه الاستعمار الأميركي بكثافة ضد الثورة الفيتنامية؛ فدمر وأباد أدغالا وغابات وقرى بكاملها أثناء ملاحقته للثوار.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية، طيلة الستينيات وحتى هزيمتها في فيتنام عام 1975، اقترفت جرائم الإبادة الجماعية ومجازر بشرية ضد الفيتناميين، واقترفت قواتها جميع أنواع جرائم الحرب؛ فقصفت الشعب الفيتنامي بأكثر من 11 مليون جالون من المادة الكيميائية السامة والمسرطنة Agent Orange (العنصر البرتقالي) التي استخدمها الأميركيون بشكل واسع لإبادة القرى والمزارع والغابات التي كان يختفي بها الثوار الفيتناميون؛ علما أن مبيد الأعشاب ,D 2,4 (البر سوبر) يشكل مكونا أساسيا في مادة العنصر البرتقالي (نحو 50% منها).  كما قصفت أميركا فيتنام بأكثر من ستة ملايين طن من القنابل، ونحو نصف مليون طن من القنابل الحارقة (النابالم).  وما يزال أكثر من خمسة ملايين فيتنامي (من أصل 88 مليون هم سكان فيتنام) يعانون حتى يومنا هذا من السرطانات والولادات المشوهة (مواليد دون أيدي أو أصابع، أو تشوهات خلقية) بسبب الأسلحة الكيميائية التي استخدمها الاستعمار الأميركي ضد الشعب الفيتنامي، وبخاصة مادتي Agent Orange ، والديوكسين. 
والمعروف أن الشعب الفيتنامي دفع ثمنا فادحا من أجل تحرير وطنه من براثن الاستعمار الأميركي وأعوانه؛ إذ يقدر عدد الشهداء الفيتناميين الذين قتلتهم الأسلحة الكيميائية وآلة الحرب الأميركية بأكثر من ثلاثة ملايين، وما يعادل هذا الرقم أيضا من الجرحى، إضافة إلى العديد من القرى التي أبيدت عن بكرة أبيها، وأكثر من عشرة ملايين لاجئ.

التعليقات

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية