l لأول مرة منذ أحد عشر عاما: كمية الأمطار بفلسطين التاريخية في عامي 2012 و2013 تجاوزت المعدل السنوي التراكمي
 
 
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
حزيران 2013 - العدد 55
 
Untitled Document  

شهرا شباط  وآذار هذا العام هما الأكثر قحلا في فلسطين منذ خمسين عاما!
لأول مرة منذ أحد عشر عاما: كمية الأمطار بفلسطين التاريخية في عامي 2012 و2013 تجاوزت المعدل السنوي التراكمي

غرق قرية برقين في بحيرة الأمطار الغزيرة-تصوير عبد الباسط خلف

جورج كرزم
خاص بآفاق البيئة والتنمية

تجاوزت كمية الأمطار هذا العام المعدل السنوي، إذ بلغ المعدل الإجمالي لأمطار فصل الشتاء الأخير (2012-2013) في مختلف أنحاء فلسطين التاريخية نحو 110% قياسا بالمعدل السنوي التراكمي.  بل إن كمية الأمطار في حوض نهر الأردن، وبحيرة طبرية تحديدا التي دأب الاحتلال في العقود الأخيرة على سرقة واستنزاف مئات ملايين الأمتار المكعبة سنويا من مياهها- بلغت 114% قياسا بالمعدل السنوي التراكمي في تلك المنطقة.  ووصل إجمالي كمية المياه التي صبت في بحيرة طبرية خلال فصل الشتاء الأخير نحو 460 مليون متر مكعب؛ أي أكثر بكثير من المعدل السنوي التراكمي.  وهذا يشير إلى الكثافة الكبيرة للأمطار التي هطلت في مطلع شتاء هذا العام.  وقد تميز النصف الأول من فصل شتاء هذا العام، وتحديدا حتى أواخر كانون ثاني، بالأمطار الغزيرة والكثيفة.  إلا أن هذه الصورة المطرية المشرقة تغيرت كليا في النصف الثاني من فصل الشتاء، وتحديدا في شهري شباط وآذار اللذين تميزا بكونهما الأكثر قحلا في فلسطين منذ خمسين عاما؛ ما غير ميزان الهطول المطري خلال فصل الشتاء الأخير الذي بدا نصفه الأول واعدا جدا.  وبحسب خبراء المناخ، تميز آذار الماضي باعتباره الأكثر سخونة من بين جميع أشهر آذار السابقة؛ وتحديدا منذ بدء تسجيل المعطيات المناخية في فلسطين.
وخلال آذار الماضي، كانت درجات الحرارة خلال النهار أعلى بنحو درجتين إلى أربع درجات مئوية فوق المعدل السنوي التراكمي لشهر آذار.  كما أن كمية الأمطار التي هطلت في ذات الشهر كانت ضئيلة جدا؛ وتراوحت تحديدا بين 20 إلى 40 مليمتراً في شمال فلسطين قياسا بالمعدل السنوي التراكمي في ذات المنطقة والذي يتراوح بين 90-120 مليمتراً.  بل إن بعض مناطق فلسطين، وبخاصة المناطق الجنوبية، لم تهطل فيها الأمطار قطعيا منذ أواخر كانون ثاني هذا العام.
كما أن كميات الأمطار خلال شهر شباط الماضي كانت أقل بكثير من المعدل السنوي التراكمي.  وبحسب المسح المطري الذي أجرته آفاق البيئة والتنمية لفلسطين التاريخية، تبين بأنه خلال العقود السبعة الأخيرة، هطلت مرة واحدة فقط كمية أمطار، خلال شهري شباط وآذار، أقل من هذا العام، وتحديدا عام 1957 في المنطقة الوسطى.
انحباس الأمطار والجفاف اللذين ميزا شهري شباط وآذار الماضيين تسببا أيضا في وقف جريان المياه في الوديان؛ حيث لم تسجل حوادث فيضانات في جميع أنحاء فلسطين.  بل، وفي بعض الينابيع الكبيرة وروافد نهر الأردن التي ينهب الاحتلال مياهها، هبط كثيرا حجم التدفق المائي خلال النصف الثاني من فصل الشتاء الأخير.

تقلبات مناخية غير متوقعة
لو قارنا فصل شتاء هذا العام بفصل شتاء العام الماضي (2011-2012)، نجد أن عدد الأيام الماطرة في شهر كانون ثاني 2012 كان الأكبر، خلال شهر واحد، منذ أن بدأت عملية القياس المنظم للمتساقطات في فلسطين.  ففي بعض المناطق الشمالية سُجِّل عام 2012، هطول المطر في 29 يوما في شهر كانون ثاني من أصل 31 يوما.  وبحسب تعريف خبراء الأرصاد في فلسطين، اليوم الماطر هو ذاك الذي تُسَجَّل فيه 0.1 مليمتر من المطر فأكثر.  وبناء عليه، وثقت معظم محطات تسجيل المطر في المناطق الشمالية 26 يوماً ماطرا فأكثر (عام 2012)، وذلك قياسا بالرقم القياسي السابق، وتحديدا 25 يوما سجل في كانون ثاني عام 1947.  وقد تجاوز هذا الرقم ما سجل في عامي 1969 و1992 اللذين اعتبرا الأكثر مطرا منذ بدء توثيق كميات الأمطار؛ إذ سجل 24 يوما ماطرا في كانون ثاني من سنة 1969، كما سجل 24 يوما ماطرا في شباط 1992.  وينسحب الرقم القياسي في عدد الأيام الماطرة على كميات الأمطار أيضا.  ففي جنين والمناطق الشمالية وصولا إلى حيفا والناصرة والجليل، تراوحت كميات الأمطار خلال شهر كانون ثاني 2012، بين 250 إلى 300 مليمتر؛ ما يعد أكبر بـ 1.5 – 2 مرة من المعدل السنوي التراكمي للمتساقطات في ذات الشهر.  بينما اقتربت كميات الأمطار في المناطق الجبلية والوسطى من المعدل التراكمي.  أما في المناطق الجنوبية مثل الخليل والنقب فقد ظلت كميات الأمطار أقل من المعدل.  وبالرغم من أهمية هذه المعطيات من الناحية الإحصائية، إلا أنه لا يمكننا أن نستنتج منها معالم الاتجاهات المناخية المستقبلية.
وللمقارنة، اقتربت كمية الأمطار عام 2011 في المناطق الشمالية من المعدل السنوي التراكمي، بل تجاوزته في بعض المواقع؛ بينما اعتبر فصل الشتاء بذات العام في القدس-رام الله وجبال المناطق الوسطى الأكثر جفافا منذ عام 1998، وبلغت كمية الأمطار فيها حتى 27 آذار (2011) نحو 300 مليمترا، أي أقل من 60% من المعدل الطبيعي حتى هذه الفترة.
وعلى سبيل المثال، هطلت في أواخر شباط 2011 بشمال فلسطين، كميات غزيرة من الأمطار؛ لدرجة أن كمية الأمطار في بعض المناطق الشمالية، بلغت، خلال يوم واحد (في 26 شباط 2011)، أكثر من 45 مليمترا.  وفي ذات اليوم، لم تنهمر قطرة واحدة في المناطق الوسطى والجنوبية.  وقد تكررت هذه الظاهرة طيلة شتاء 2010-2011؛ بمعنى أن فلسطين انشطرت آنذاك، من الناحية المطرية، إلى شطرين:  المناطق الشمالية التي هطلت فيها كميات مُرْضِيَة من الأمطار وقريبة من المعدل السنوي، والمناطق الوسطى والجنوبية؛ وبخاصة تلك الواقعة جنوب خط طولكرم حيث كان الوضع المطري فيها سيئا والميزانية المائية متردية.  وحتى 27 آذار 2011 لم تتجاوز كميات الأمطار في المناطق الجبلية بنابلس ورام الله والقدس 60% من المعدل السنوي المعتاد حتى ذات الفترة، و55% من المعدل السنوي الكلي. 
وخلافا لفصلي شتاء عامي 2012 و2013 اللذين برز فيهما شهر كانون ثاني باعتباره الأكثر مطرا، كان شهر شباط، في السنوات الأخيرة السابقة لهذين العامين، هو الأكثر مطرا بين أشهر المطر الأساسية.  وبالرغم من هطول الأمطار خلال بضعة أيام في شهر شباط 2012، إلا أن الكمية كانت أقل من شباط عام 2011. 
ومنذ مطلع شتاء عام 2012 ولغاية 21 شباط من ذات العام، هطلت في شمال فلسطين أكثر من 540 مليمتر من أصل 539 مليمتر هو معدل الأمطار السنوي التراكمي، ما يعني تجاوز المعدل السنوي.  أما في القدس والمناطق الوسطى فقد تجاوزت الكمية 400 مليمتر من أصل 537 مليمتر (المعدل السنوي التراكمي)، أي نحو 75% من إجمالي المعدل السنوي.   
وفي المحصلة، تجاوزت كمية الأمطار في فصلي شتاء عامي 2012 و2013 في فلسطين التاريخية، المعدل السنوي التراكمي، وذلك لأول مرة منذ نحو أحد عشر عاما.

التعليقات

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية