مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين أول 2012 العدد-48
 
Untitled Document  

الطاقة الشمسية: تصحيح العبث وتبديد الخرافات

خاص بآفاق البيئة والتنمية

بالرغم من مزاياها البيئية-المناخية والصحية والاقتصادية والوطنية الكثيرة، لم تكتسب الطاقة الشمسية شعبية واسعة بعد، ربما لأن أساطين شركات النفط والغاز والكهرباء الأحفورية لا يملكون الشمس، وبالتالي، فهم، أينما كانوا، يعيقون ويحبطون بقوة محاولات ومبادرات إنتاج الكهرباء الشمسية.  فلم يبق ادعاء ضد آفاق الطاقة الشمسية لم يلوحوا لنا به؛ ابتداء من صغر المساحات الجغرافية، وبأن الطاقة الشمسية لا يمكنها تزويد سوى نسبة هامشية من احتياجات الكهرباء المحلية، وبأن من المجدي أكثر ماليا واقتصاديا توليد الكهرباء من حرق الفحم، وبأن صيانة وحماية المنشآت الشمسية مكلفة!  بل هلل بعضهم بأن المستقبل هو للطاقة النووية؛ والطاقة الشمسية لا يمكنها توفير "أمن الطاقة" في فلسطين وسائر البلاد العربية.  وإلى حد ما، يعكس هذا النمط من النقاش الأحاديث "الشعبوية" الشائعة في الشارع.  فهو نقاش متدنٍ علميا وغير موضوعي، ومنحاز للوقود الأحفوري وللإنتاج المكثف للكهرباء.  وبهذا المعنى، مثل هذا النقاش مستهلَك، أسير المفاهيم المسبقة  ويفتقر إلى الرؤية.  لذا، ينبغي تصحيح العبث وتبديد بعض الخرافات.
بداية، لا بد من التنويه إلى أن معدل سطوع أشعة الشمس في فلسطين، إجمالا، يتراوح بين 5.5-6.5 كيلو واط للمتر المربع يوميا؛ بالمقارنة مع 2.4-4.4 في ألمانيا، أو 2.4-3.4 في بريطانيا اللتين تستثمران استثمارات كبيرة في الطاقة الشمسية، بالرغم من شح الشمس لديهما.  وبالرغم من الطاقة الشمسية الهائلة الكامنة في بلدنا، فإن مساهمتها في قطاع الكهرباء هامشية للغاية؛ ما خلا سخانات المياه الشمسية، حيث بلغت، عام 2011، نسبة الأسر الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة التي تتوفر لديها تلك السخانات حوالي 66% من الأسر.
من الواضح، إذن، أن إنتاج الكهرباء الشمسية يمكن أن يستحوذ على حصة أكبر بكثير في قطاع الطاقة الفلسطيني.  وذلك بدلا من إطلاق التحفظات التي لا تستند إلى أساس علمي؛ من قبيل أن الطاقة الشمسية متقطعة، وتتأثر بالغيوم والظلام، وتطوير تقنيات تخزين الكهرباء الشمسية لا تحل سوى جزء يسير من المشكلة، كما أن الخلايا أو الأبراج الشمسية تحتل مساحات كبيرة؛ بل يزعم بعضهم أن الطاقة الشمسية مكلفة وحرق الفحم والغاز والسولار أقل كلفة، متجاهلين تماما التكاليف البيئية والصحية الباهظة  لعمليات الحرق.

وفي الواقع، وبحسب التقنيات الحديثة غير المكلفة، يمكننا إنشاء أنظمة شمسية قادرة على توليد آلاف الميغا واط على مساحات الأسطح غير المستغلة في مختلف الأنحاء الفلسطينية.  وبعد احتساب الفاقد من عمليات نقل وتحويل الكهرباء، فيمكننا إنتاج كمية من الكهرباء تلبي ما لا يقل عن ثلث الطلب الفلسطينيى، كمرحلة أولى.
ولو اكتفينا فقط بمساحات الأسطح الكبيرة، أي 400-500 متر مربع فما فوق، فيمكننا عندها أيضا إنتاج ما لا يقل عن 6-7% من احتياجات البلد من الكهرباء.  كما يمكننا تعظيم الطاقة الشمسية الكامنة الكبيرة، في حال إنشاء أنظمة شمسية على أسطح مزارع الدواجن، أو إقامة الخلايا الشمسية على الدفيئات الزراعية، أو استخدام الألواح الدقيقة (الأفلام) كطلاء على الزجاج والنوافذ...ولا ينقصنا سوى إعمال عقلنا العلمي المبدع.
كل ما تحدثنا عنه سابقا عبارة عن فوائد مباشرة.  لكن، ما هي المزايا غير المباشرة؟  يمكننا الحديث هنا عن ثلاث مزايا هي، أولا حماية البيئة؛ إذ كلما انكمش عدد محطات الطاقة الفحمية لصالح المنشآت الشمسية كلما تحسنت أوضاعنا البيئية-المناخية.
وثاني هذه المزايا الاقتصاد الأخضر.  إذ بإمكان الاستثمار في الطاقة الشمسية الإسهام الجدي في توفير فرص عمل للعاملين في تطوير وإنتاج وإرساء وتصدير الأنظمة الشمسية، محليا.
وثالث المزايا تنويع مصادر الطاقة وفك ارتباطنا بالكهرباء الأحفورية والبنى التحتية اللازمة لتخزينها ونقلها، وتقليل التبعية لمصادر الطاقة الأحفورية التي يتحكم الاحتلال الإسرائيلي مع جهات خارجية فيها وفي أسعارها وتوزيعها، وبالتالي تعزيز "أمننا الطاقي" واقتصادنا المعتمد على الذات.

التعليقات

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية