; اصدقاء البيئة والتنمية
 
 
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
شباط 2012 العدد-41
 
:اصدقاء البيئة و التنمية

 

 

"براعم" خضراء تُلوّن مدينة المهد!

خاص بآفاق البيئة والتنمية:

سحرت سجى زلوم، وكوثر عميش، ومي دعنا، وليانا مسودة، وبشرى الجنيدي، وخمستهن لا زلن على مقاعد الدراسة الأساسية، أنظار الجمهور الذي حضر  للمشاركة في مداولات المؤتمر الثاني للتوعية والتعليم البيئي، والذي حمل عنوان" المسؤولية البيئية للشباب".
وتقمصت بنات مدرسة نسيبة المازنية دور البيئة، فاختارت كل واحدة منهن عنصراً من عناصر الغطاء الأخضر يشرحن همومه وتحدياته. فغنين للهواء والماء والاحتباس الحراري، وقرعن أجراس الخطر من ممارسات أعداء البيئة، الذين يشعلون النار في أخضرها ويابسها.
وطوال عرض الفتيات الصغيرات لفيلمهن الوثائقي، استمر الجمهور في الالتصاق على مقاعده، ولم يقطع السكون الذي نسجنه، إلا نهاية العرض الذي نقل للصغار والكبار الطرق المختلفة للحفاظ على البيئة، والهواجس التي تسكن في مخيلة الخمسة.
تقول الزهرات في حوار تشاركي قصير، إن الإنسان يستطيع أن يعبر عن حبه للبيئة من خلال الرسم والإبداع، ولو أن كل واحد منا، قال "لا دخل لي"، فسندمر بيئتنا بأيدينا، وسنخسر كل شيء، لأن البيئة في بلادنا تنتظر من الجميع المساهمة في الدفاع عنها، ومحاربة المخربين لها.
رسالة تطمين
فيما رأى المدير التنفيذي لمركز التعليم البيئي، سيمون عوض، أن تقديم مبادرات خضراء من فتيات في مقتبل العمر، يعطي إشارات تطمين مفادها أن الجيل القادم يستشعر هموم البيئة، ويسعى للانتصار لقضاياها، وسيحارب لغاية المحافظة عليها خضراء، خالية من أشكال التلويث.
ومن الحقائق الصادمة التي أوصلتها زهرات الخليل، كيف أن تلوث الهواء يقضي سنوياً على 2,4 مليون إنسان، وفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية. بجوار مساهمة الأفراد غير الواعين للبيئة في تدمير عناصرها، وبخاصة حرق النفايات وهي الظاهرة التي تبرز في قرى الخليل كما هو حال بلدة إذنا، حيث يحرق تجار الخردة مواد خطرة لصالح  التفتيش عن القليل من المعادن وبخاصة النحاس، الأمر الذي يتسبب بكارثة صحية خطيرة، تتلف صحة المواطنين وتحرق مزروعاتهم، وتحرمهم من التمتع بالحياة.


جهود سوسن
ولم تكن الزهرات الخمس وحدهن، اللواتي أظهرن مبادرات الخليل الخضراء، فالمعلمة سوسن جلال من مدرسة عبد القادر القواسمي هي الأخرى، أطلقت مبادرة المدرسة صديقة البيئة، وحولت الساحات إلى حديقة خضراء، ونقلت لتلميذاتها تجارب عملية في صناعة الأسمدة والوجبات والعصائر الطبيعية، الخالية من التلويث والسموم.
تقول جلال: "بجهود ذاتية، وتطوع داخل مدرستنا، نقلنا الطالبات من مجرد الحديث النظري عن البيئة وعناصرها والتهديدات التي تقطع عليها الطريق، وحولناه إلى ممارسة تطبيقية، وأجرينا العديد من المعارض، وأشركن الأمهات، وصارت طالباتنا يقدمن وجبات خالية من السموم والأصباغ كطبق فطور مدرسي، كما صنعن عصيراً طبيعياً، وغرسن الأشجار، وانتصرن للحياة.
وكانت تعالت أصوات فتية في وجه متحدثين ومشاركين فات بعضهم قطار الشباب لتطوير الوعي البيئي، وقدم تربيون وجامعيون وإعلاميون أوراق عمل خضراء، فيما نثر أصحاب مبادرات بيئية تجاربهم الصديقة للتنوع الحيوي وللمفاهيم البيئية. عندما أطلق مركز التعليم البيئي النسخة الثانية من مؤتمره الأخضر، بعنوان 'المسؤولية البيئية للشباب'، لكن جلساته طالت ساعة عن موعد توقفها، ما يعني أنها كانت ساخنة، وتأثرت بالربيع العربي على ما يبدو، كما يقول المدير التنفيذي للمركز سيمون عوض.
أصوات شابة
ولم تخل مداخلات الشباب من انتقادات حادة، طالبت بتصويب المسار، ومنح البيئة الحيز الذي تستحقه. وقالت شابة في العشرينيات بنبرة حادة: إنها مستعدة لأن تنصب خيمة اعتصام ضد أكوام النفايات، وتقيم بجوارها لشهر بأكمله، وأشارت إلى أن ممارسات المجتمع عموماً تقتص من ثراء المشهد الجمالي لفلسطين، قبل أن تقاطعها أصوات التصفيق الحارة. وهو الشيء نفسه الذي فعله الشباب للنقد الذي أطلقه مدير مركز مسار للأبحاث الإعلامي نهاد أبو غوش، من أن الجيل الصاعد لم يأخذ حقه في المشاركة، فيما لا زالت اتحادات شبابية تمثل طلاب فلسطين بعيدة عن التجربة الديمقراطية منذ بدايات تسعينيات القرن الماضي. كما أن ممثلي الأجيال الصاعدة في إحدى المؤتمرات الفتية كانت لصالح الحرس القديم، تماماً كما هو الحال في معظم مؤسسات القيادة التي تخلو من الدماء الجديدة. وقال أبو غوش إن الشباب بوسعهم أن يقولوا كلمتهم في البيئة وتطوير الوعي نحوها.
مبادرات
وأستعرض محمد أبو صالح مبادرته، التي تتحدث عن 26 شرطًا بيئياً لمقالع الحجارة في محافظات الوطن، والحفاظ على بيئة خالية من التلويث، فيما قدمت نور مبارك تجربتها في  إدخال مفاهيم البيئة عبر منسوجات ريفيات بيت لحم عبر تدريب عملي لعشرين منهن، واستعرض الإعلامي البيئي عبد الباسط خلف مبادرته" نحو بيرزيت جامعة صديقة للبيئة" من خلال تطوير الوعي البيئي لطلبتها، وتطبيقه إلى ممارسة فرز النفايات والقلق بقضايا جودة البيئة داخل الحرم الجامعي.
ولم تتوقف الأصوات الشابة عن توجيه النقد لغياب الوعي والممارسة البيئية في المجتمع، فطالبوا بخطوات سريعة للخروج من الجمود كما وصفوه، وهو الشيء نفسه الذي تحدث عنه سيادة المطران منيب يونان راعي الكنيسة الإنجيلية اللوثرية، حين دعا الشباب إلى ثورات ربيع عربي ضد الممارسات المغلوطة للبيئة.
وسبقت كلمته أوراق عمل لمدير معهد الأبحاث التطبيقية "أريج"، جاد اسحق، ومدحت عثمان من مركز أبحاث الجليل، وأمجد حميدات من وزارة التربية والتعليم ومنى الدجاني من جامعة بيرزيت ومديرة التوعية والتعليم البيئي في سلطة جودة البيئة.
وكانت وزيرة التربية والتعليم العالي لميس العلمي التي مثلت رئيس الوزراء سلام فياض قالت في افتتاح المؤتمر، إن تنفيذ خطة للتنمية المستدامة في كافة مناحي حياة الإنسان، ومنها البيئة بوصفها الحيز الذي ينبغي أن يكون مهيئا وآمنا لتعيش فيه شجرة التنمية، يجب أن يشكل الشباب فيه الركيزة الأساسية لنجاحه.
ورصد محافظ بيت لحم عبد الفتاح حمايل الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأرض الفلسطينية، مشيرا إلى أن جدار الفصل العنصري ساهم كثيرا في إلحاق الضرر في البيئة الفلسطينية، إضافة إلى اقتلاع الأشجار وتجريف الأراضي الزراعية.
وأشار نائب رئيس سلطة جودة البيئة جميل المطور إلى المعركة السياسية البيئية التي خاضتها السلطة في مؤتمر ديربان بجنوب أفريقا، لانتزاع اعتراف دولي بحقوق الشعب الفلسطيني البيئية.

ضوء أخضر
وشبه المدير التنفيذي لمركز التعليم البيئي سيمون عوض البيئة بالوطن، وقال إن الهدف من المؤتمر هو تسليط الضوء على القضايا البيئية ومنها التربية البيئية ووضعها على سلم أولويات العمل الحكومي والأهلي في فلسطين من أجل تعزيز مفهوم المسؤولية البيئية كأداة في التغيير للسلوكيات باتجاه حماية أكثر للمصادر والموارد الطبيعية.
وقال إن المؤتمر يلقي الضوء على واقع الشباب بما يتعلق بالتربية البيئية وتبادل الخبرات وقصص النجاح، إضافة إلى خلق وتفعيل البرامج البيئية، وتشكيل لجنة من الشباب تعمل على نشر مفهوم المسؤولية البيئية للشباب داخل الأندية والمؤسسات الشبابية، وتشكيل لجنة وطنية من مؤسسات المجتمع المدني تكون مسؤولة عن متابعة توصيات المؤتمر .
وتناول الزميل جورج كرزم، مسؤول تحرير" آفاق البيئة والتنمية" في ورقته "البعد البيئي لاقتصاد المقاومة والدور الشبابي" محاور تتعلق بالاقتصاد البيئي المقاوم للاحتلال، والتوجه الشبابي والطلابي نحو تنفيذ وتعميم مبادرات وابتكارات بيئية تصب مباشرة في صميم اقتصاد المقاومة، وتحدث تيسير مرعي من جمعية الجولان للتنمية الشباب عن سبل النهوض بالواقع البيئي، وسلط مراد عوض الله من وزارة التربية والتعليم العالي الضوء على الثقافة البيئية، والأخلاقيات البيئية كمواطنة ومسؤولية.

 

مُعلمون يشقون مسارات خضراء في جبال نابلس

المؤرخ الجليلي شكري عراف(81 عاماً)، يستعرض صفحات تاريخية وجغرافية وبيئية لمعلمين ومعلمات

خاص بآفاق البيئة والتنمية

كان المؤرخ الجليلي شكري عراف (81 عاماً)، يستعرض صفحات تاريخية وجغرافية وبيئية لمعلمين ومعلمات قدموا من رام الله وبيت لحم إلى جنين، لتتبع مسارات خضراء في جبال نابلس، فزاروا جنين ونابلس ووادي الباذان المجاور.
يقول عرّاف، الذي يغزو الشيب شعره، في مستهل الجولة التي نظمها مركز التعليم البيئي، إن فلسطين غنية بالتاريخ والجغرافيا، وتحتاج منا أن نتعرف إلى ماضيها، وندرس إنسانها، ونتتبع نباتاتها وأشجارها وتنوعها الحيوي الفريد، ونفهم تربتها وخصائصها المتعددة، التي لا تكاد توجد في أي دولة أخرى في العالم، مقارنة بمساحة فلسطين الصغيرة، ولكن الغنية.
وانهمك أمام معلمين يُدرسون التربية البيئية، في تتبع الأهمية التي تناط بمربي الأجيال، بمهامهم في صيانة الذاكرة، والحفاظ على الهوية الوطنية، في مواجهة التهويد الذي لا  يُبقي ولا يذر، ولا يوفر الحجارة والوديان والمعالم التاريخية والبيئية. بينما تقدم صخور فلسطين وتربتها وأديرتها وأزهارها ومدنها وتاريخها رسالة حضرية تؤكد أنها استضافت 36 شعباً على مدار التاريخ، رحلوا كلهم فيما بقيت هي صامدة، ترفض الغزو الأجنبي.
وأعاد عرًاف، الذي أّعد 37 كتاباً ومرجعاً تاريخياً وبيئياً، ويعكف على نشر  ثلاثة أخرى، عجلة التاريخ إلى الوراء كثيراً عندما تتبع مراحل الوجود البشري في فلسطين، كما استعرض تجربته في إعداد مؤلفاته، وقال إن المعلمين يتصدون لمهمة خطيرة، تجبرهم على الإبداع في نقل التراث والتاريخ إلى الأجيال الشابة وبناء الإنسان.
واستثمر الباحث الجليلي الأشيب الوقت كله في المسارات البيئة التي طالت لعدة ساعات، وشملت أحراش جنين ومنطقة مرج بن عامر وأحراش يعبد ومناطق تاريخية كمقبرة شهداء الجيش العراقي والنصب التذكاري الألماني وكنيسة برقين التاريخية.
وأستعرض زكريا زيد، الذي يُعرف نفسه "أمين سر شجرة العروس التاريخية في طورة الشرقية"، والتي تجاوز عمرها الأربعة قرون، شرحاً للزائرين البيئيين عن الشجرة ورمزيتها ودلالاتها وتاريخيتها، وكيف صارت جزءا من التراث الاجتماعي والإنساني الفريد.
وقال: "الشجرة العملاقة، شهدت كثيراً من الأحداث وكانت نقطة اتفاق لتسليم واستلام العرائس، وشهدت حفلات زفاف في ظلها، كما عاصرت أجيالاً كثيرة، وهي ساحة متعددة الاستخدامات، وشاهدة على المكان الذي سقط بجواره الشهيد عز الدين القسام".
وقدم الصحافي المهتم بقضايا البيئة عبد الباسط خلف شرحاً للمعلمين طوال مسار الرحلة عن الأماكن التاريخية والجغرافية في جنين، بدءاً من مرج بن عامر، الذي يتعرض لموجة زحف إسمنتي تدمر أرضه الخصبة،  ثم  شرح عن كنيسة برقين التاريخية التي تعد ثالث أقدم مكان مقدس للمسيحيين، وكانت شاهدة على أشفاء المسيح للبرص، وانتهاءً بالنصب التذكاري الألماني الذي يوثق للعام 1917، وذكرى سقوط طيارين ألمان خلال الحرب العالمية الأولى في جنين. بموازاة الحديث عن مقبرة شهداء الجيش العراقي الذين سقطوا في معارك الدفاع عن فلسطين العام 1948.
وتتبع "خلف" القضايا البيئة الخطيرة التي تطارد الأراضي الزراعية، وتهدد تنوعها الحيوي الفريد، كالزحف العمراني العشوائي، وأنماط الزراعة غير العضوية، التي تبالغ في استخدام الكيماويات، وانتشار زراعات التبغ، والمفاحم التي تلوث البيئة بانبعاثاتها، وتهدد الصحة، عدا عن الجفاف ونهب الاحتلال للأرض والمياه، وإقامة جدار الفصل العنصري، وفوضى الكسارات وأبراج الهواتف العشوائية.

فلسطين تحتاج منا أن نتعرف إلى ماضيها وندرس إنسانها ونتتبع نباتاتها وأشجارها وتنوعها الحيوي الفريد

وقال المدير التنفيذي لمركز التعليم البيئي سيمون عوض، إن المسار البيئي والزيارات الميدانية تهدف إلى تنشيط المعلمين، وبناء قدراتهم، وتعريفهم بالتنوع الحيوي والغابات، إلى جانب الإطلالة على التحديدات التي تواجه البيئة.
وأضاف إن المسار الذي أمتد ليومين إضافيين، شمل زيارة المناطق الطبيعية في جنين، ومركز أبحاث التنوع الحيوي والبيئة (بيرك) في قرية تل بجوار نابلس، الذي يشرف عليه د. محمد سليم اشتية، وجولة في وادي الباذان برفقة د. عزمي بلاونة المهتم بالبيئة، والذي يسكن بجوار عيون الفارعة، ومكب زهرة الفنجان في جنين.
ووفق عوض، ناقش المعلمون والمعلمات، وعددهم 15 من مدارس رام الله وبيت لحم، مفاهيم حماية البيئة، والمناطق الطبيعية، والحفاظ على التنوع الحيوي، والمبادرات البيئية، وسبل تحسين الوضع البيئي في المدارس، وطرائق تنفيذ المبادرات البيئية، وواجب المعلم مع تلاميذه في قضايا البيئة. وبفعل جدار الفصل العنصري الذي اختطف محمية أم الريحان بمساحاتها التي تمتد على نحو 16 ألف دونم، اكتفى المعلمون والباحث عرّاف بمشاهدة الفيلم الذي أعده المهندس عبد المنعم شهاب من سلطة جودة البيئة، ونقل واقع المحمية المحاصرة، على إيقاع أشعار الراحل محمود درويش التي تصف فلسطين بجمالها الذي يستحق الحياة.

 

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
  مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية