; اصدقاء البيئة والتنمية
 
 
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين أول 2011 العدد-39
 
:اصدقاء البيئة و التنمية

 

 

سيدة الروح

أمي-سيدة الروح

عبد الباسط خلف:

في كل نقاش يدور مع أمي، يشتعل شوقها للأرض، بعد أن أطاحت أوجاع الروماتيزم بحيويتها، وقدرتها على العمل، وتفقّد أشجارها، واستعادة ذكريات صباها.
أكتب عن أمي التي مارست حب البيئة والأرض، دون أن تخضع لدورة تدريبية واحدة، وبعد أن أزاحها الحظ العاثر عن إكمال تعليمها، فتركت صفها الأول، مثلما خانها حلمها وحظها، فاقتلعتها النكبة من مسقط رأسها حيفا، التي أحبت: البحر، والكرمل، والوديان.
أدون لها بعضاً من الوفاء الذي تستحق، فهي التي رسمت لي لوحة حب الأرض، والإحساس بالطبيعة.
أوثق بعضاً مما قالته لي من ملامح تغيرٍ مناخي، وغياب مشهد صديق للبيئة: نبع الحاووز الذي جف، شوقها لحمل جرة ماء على رأسها والسير حافية القدمين، حقول البطيخ التي انقرضت حيث قضت طفولتها فيها، السهول الممتدة، الحصاد، قطاف الزيتون، إزالة الأعشاب، مراقبة المطر وحبه، البحث عما تنبت الأرض من حشائش، التعرف على التنوع الحيوي، أساطير النباتات البرية، رائحة الأرض، القمح، الصحة، الأفق غير المحتل بالاسمنت.
أسجل شذرات مما علمته لي، من زرع، وغرس، ورعاية للأرض، ومواقيتها.
أسترد ما قالته لي للإقلاع عن اصطياد العصافير، ومطاردة الحجل، ونصب الشرك للإيقاع بالطيور.
أحن إلى رائحة الطفولة، لأستمد منها ومن تعاليم أمي- أمد الله في عمرها وخفف أوجاعها-لأتذكر كيف لها أن تكون مدرسة للتربية البيئية المنزلية: لا تقلع، أزرع، ابتعد عن الشنار، أروِ الأرض، انتظر الشتاء، لا تحرق، أعد استخدام الأشياء مرة أخرى، لا ترم بقايا الطعام في الأرض، وغيرها الكثير...
زاولت سيدة روحي التربية البيئية، فصنعت الغذاء المنزلي الصحي، وعلمتنا طرق حفظه وتخزينه، وكانت لا تعد الخبز إلا في المنزل، وتحذرنا من شراء الأطعمة المعلبة، والمشروبات الغازية، وأي شيء ملفوف بالمعادن، وقد استخدمت المواد والقماش والبلاستيك غير مرة في تدوير محلي النشأة.
كنت أراقبها وهي تكرر استخدام الأشياء، من دون أن تتعلم مصطلح "التدوير"، فتستخدم الوعاء غير مرة، وتخلل، وتجفف، وتحفظ الأطعمة بطريقتها، قبل أن تتسلل لنا ثقافة التبريد والتجميد، التي بردت قلوبنا، ونشفّت دمنا.
أزهارها، ووردها، وغراس زيتونها، وفولها، وبصلها، وعدسها، وسمسمها، وبطيخها، وبندورتها، ومشمشها، وعنبها، ولوزها، وزعترها، وفلفلها، وتينها، وخبزها، وغيرها كلها كانت منتجة محلية الصنع، ولم تتسلل إليها المواد الحافظة، أو الكيماويات السامة.

أقارن بين تعاليم أمي، وما يضخ اليوم في مناهج مدرسية، لأكتشف الفارق: الكم والكيف والتطبيق والفكرة المجردة والاكتفاء الذاتي.
أسأل نفسي، كيف هن أمهات اليوم؟ هل لا زلن بالمهارات نفسها، أم أن الحداثة وما بعد الحداثة والتفكيك والعولمة و"التمويل" و"الفيس بوك" و"الآي بود"، أفقدت قدرة أمهات "اليوم" على مهارات التربية البيئية الخلاقة؟
أدامك الله يا معلمتي، وسيدة روحي.

 

لا تُحَمِّلوا أبنائكم في المدرسة أكياس "النايلون" السامة بل زَوِّدوهم بعلب الطعام المُعَمِّرَة!

السفرطاس التقليدي
سفرطاس حديث

جورج كرزم
خاص بآفاق البيئة والتنمية

بخلاف ما هو قائم في العديد من الدول، لم تتبلور في المستوى الفلسطيني مجموعة منتجات وأدوات تغليف خضراء خاصة بحفظ الغذاء ("الزوادة") التي يحضرها التلاميذ معهم إلى المدرسة.  إذ لا يزال معظم الأهالي يغلفون أطعمة أطفالهم في المدارس بأكياس "نايلون" تستخدم لمرة واحدة ومن ثم تلقى مصيرها في مكب النفايات.  لكن اللافت ان بعض الأهالي القلائل، أخذوا، في السنوات الأخيرة، يستعملون علب أطعمة مستدامة، على غرار العلب القديمة التي كنا نستعملها في طفولتنا، في الخمسينيات والستينيات، لوضع أطعمتنا المدرسية فيها.  بل عاد البعض يستخدم ما يعرف بـِ "السُفُرْطاس"، وهو عبارة عن مجموعة من العلب المعدنية مثبتة فوق بعضها البعض، توضع فيها أنواع الطعام المختلفة للمدرسة أو مكان العمل.  ويوجد حاليا طبعة بلاستيكية عصرية للسفرطاس مصنوعة من البلاسيك المُقَوَّى والمستدام.    
إلا أن "السفرطاس" الذي رافق التلميذ وشنطته المدرسية لسنين طويلة، اختفى مع تطور أكياس "النايلون" السامة التي أصبحت تستخدم لوضع طعام المدرسة أو العمل فيها. 
ومع تزايد الوعي حول أهمية الحفاظ على البيئة، فضلا عن الوعي الصحي، لجأ البعض إلى التفتيش عن بدائل أكثر اخضراراً، علما بأن أساس التغيير في المفهوم والسلوك البيئيين لدى الأهالي، كان بتأثير أبنائهم التلاميذ أنفسهم وما تعلموه ومارسوه بين جدران المدرسة من تفكير أخضر وتدوير، كما الحال في بعض مدارس رام الله، على سبيل المثال.  بل أخذت بعض المدارس توجه وتعلم تلاميذها على جمع وتدوير الورق والكرتون والقناني.  وطلبت بعض المدارس الأخرى من الأهالي، كمدرسة وروضة الفرندز للبنات، بأن لا يُحَمِّلوا أبناءهم أكياسا للطعام، بل أن يزودوهم بعلب طعام مستدامة ("tapper ware ") يمكن استعمالها مرارا وتكرارا لبضع أشهر أو سنوات.
ولترسيخ هذا النهج المدرسي البيئي، لا بأس أن تبادر وزارة التربية والتعليم بتوزيع علب طعام معمرة على تلاميذ الصف الأول، بمناسبة دخولهم مرحلة التعليم الأساسية؛ كي يضعوا فيها "زوادتهم" المدرسية اليومية.  وتشكل علبة الطعام هذه جسراً رمزيا بين جهاز التعليم والمنزل.  ويمكن، مع علب الطعام، إرفاق مَطْوِيَة أو دليل يتضمن شرحا مبسطا حول برنامج الوزارة البيئي، الخاص بالروضات وبالصفوف المدرسية الدنيا، ومعلومات وألعاب بيئية للأهالي والتلاميذ على حد سواء.  وقد يتضمن الدليل أيضا أفكاراً وتوصيات عملية حول التغذية السليمة في المدرسة والمنزل وخارجهما أيضا، فضلا عن إرشادات حول الوجبات المختلفة وغير ذلك، علما بأن مواجهة تحديات تغذية أطفالنا تعد مسألة يومية حساسة ترافق الأهالي والطواقم التعليمية.  
ويحبذ أـن يكون البرنامج البيئي المدرسي مشتركاً بين وزارة التربية والتعليم، وزارة الصحة، سلطة جودة البيئة، لجان أولياء الأمور، ومنظمات أهلية ذات صلة.  والغرض الأساسي من هذا البرنامج هو تعليمي تربوي مميز؛ بحيث يساهم في تحسين الوضع الصحي لجميع الأعمار في المدارس الفلسطينية، ويرسخ عادات غذائية صحية ونمط حياة نشط.  وقد يرعى البرنامج هيئة الصناعات الغذائية الفلسطينية أو أطر زراعية فلسطينية.
نأمل أن يكون هذا العام الدراسي، عام التغذية والصحة السليمين لأطفالنا.

 

على غرار الزوايا التي يسمح فيها بالتدخين:
تخصيص أماكن خاصة في المدرسة للحديث بالهواتف الخلوية

خاص بآفاق البيئة والتنمية

سمع غالبية القراء بقرار الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC ) منح حقول أشعة الخليوي درجة B2 ، أي "مسرطنة محتملة للإنسان".  وربما سمع البعض أيضا بالتقرير الجديد الصادر عن الاتحاد الأوروبي الذي يحذر من مخاطر الأشعة الخلوية ويدعو إلى إطفاء الأجهزة في الصفوف المدرسية.  ولتجنب العواقب الصحية التي قد تتسبب بها الأشعة الراديوية غير المؤينة المنبعثة من الخلوي أوصت مجلة آفاق البيئة والتنمية في عددها السابق (أيلول 2011) بالتقليل إلى الحد الأدنى من استعمال الخلوي في مكالماتنا، واستخدامه في أوقات الضرورة الملحة فقط، والتخلي عن استعماله كوسيلة للعب أو لأهداف ترفيهية أو لسماع الموسيقى أو للقرصنة على الآخرين أو للتصوير.  ونشرت المجلة قائمة من التوصيات الأساسية لتقليل الأضرار الصحية التي قد تنجم عن استعمال الخلوي.
ونظرا لكون خلايا الأطفال في طور النمو وهي بالتالي أكثر حساسية للإشعاعات، لا بد من التشديد على القيود المتعلقة باستعمال الأطفال وتلاميذ المدارس للخلوي.  لذا، نقترح، في هذا السياق، بأن تبادر وزارة التربية والتعليم العالي إلى تعميم نظام جديد لاستعمالات الخلوي في المدارس؛ بحيث تخصص في كل مدرسة أماكن خاصة يسمح فيها للطلاب بالحديث بالهواتف الخلوية، تماما كما الزوايا الشهيرة التي يسمح فيها بالتدخين في العديد من المؤسسات العامة والخاصة.  بل، وللتأكيد على جدية إجراء الوزارة المقترح، يفضل فرض عقوبات على الطلاب المخالفين الذين يتحدثون بالهاتف الخلوي أو يرسلون عبره الرسائل، في الصفوف المدرسية أو في أروقة المدرسة. 
وفي سياق التوصيات المقترحة، يطلب من كل مدير مدرسة أن يحدد مواقع معينة في نطاق مساحة المدرسة، يسمح فيها للطلاب باستعمال أجهزة الخلوي؛ وذلك لتقييد الاستعمال وتقليص الأضرار  البيئية – الصحية والاجتماعية، ولتعميم عادات متوازنة لاستخدام الخلوي. 
ولا بد من التوصية أيضا بالامتناع قدر الإمكان عن الكلام بجهاز الخلوي؛ إذ يمكن للرسائل المكتوبة (SMS ) أن تستبدل الكثير من المحادثات الكلامية، علما بأن هذه الرسائل أرخص وتقلل كثيرا من الأشعة. 
وخلال العام الدراسي، من المفيد جدا أن تنظم وزارة التربية والتعليم العالي برنامج توعية خاص يتناسب مع الأعمار المختلفة.  ولا بد من التشديد بشكل خاص على أن يشكل المعلمون قدوة في هذا المجال؛ فيعمدون هم أولا إلى الالتزام بالتوصيات المقترحة. 
وفي مرحلة لاحقة، قد يسن قانون يمنع أصلا استعمال الأجهزة الخلوية في المدارس.

 

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
  مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية