سياحة بيئية واثرية
مدينة صفد الفلسطينية

إبراهيم سلامة خوري
تبعد مدينة صفد 35 كيلومترا عن مدينة طبريا وتعلو 843 مترا عن سطح البحر الأبيض المتوسط، ومن المعتقد ان اسمها يعني "المكان المشرف أو المطل" وبالفعل فهي تطل على نواح بعيدة متعددة حولها. وقريبا منها نشاهد جبل الجرمق(جبل ميرون) الذي يعتبر اعلى جبل في فلسطين ويعلو عن سطح البحر المتوسط 1208 أمتار.
حصنها يوسيفيوس سنة 67 ميلادية اثناء مقاومته للرومان (قبل استسلامه) ولا تتوفر المعلومات عن الزمن الذي فيه دخلت اليها المسيحية، ولكنها من الطبيعي دخلتها في الحقبة التي تلت نشأة المسيحية وأضحت في حوزة العهد البيزنطي الى سنة 638 حين فتح العرب البلاد وجاءها الصليبيون فيما بعد. وقام الملك فلك انجو (Fulk Anjou) سنة 1140 ببناء حصن فوق قمتها ولم يصمد هذا الحصن امام قوى صلاح الدين سنة 1188 ولكن الصليبيين استعادوه. ورغما عن إضافتهم التحصينات اليه فقد احتله أخيرا السلطان بيبرس سنة 1266 وذبح من الصليبيين خمسمائة لرفضهم اعتناق الإسلام. وهناك مغارة لا زالت تدعى باسم بنات يعقوب (راهبات) حيث كانت تحوي عظام القتلى.

في القرن السادس عشر الميلادي قدم الى مدينة صفد العديد من علماء الدين اليهودي ومعظمهم ممن طردوا من اسبانيا وكانوا من دراسي الكبالة، وقد أثمرت دراستهم الدينية عن تحول هام في تفكيرهم الديني اذ أصبح اقرب الى الروحانية بعد ان كان سابقا قريبا الى الفلسفة الدنيوية. وتنتشر العديد من المعابد اليهودية التي تخص الطوائف اليهودية ومنها السفاردية والأشكنازية. وهناك من يدعي أن في المدينة كرسي النبي الياس.
لا زالت بقايا القلعة الصليبية ترى وسط الحديقة العامة رغم أنها طمرت ويحيط بها الخندق. اما طرق المدينة فهي ضيقة وأزقتها ملتوية تعطي فكرة عن المدن والقرى الشرقية العتيقة. وهناك حارة الفنانين يسكنها ويعمل فيها عدد من ذوي الفنون الشرقية مثل الرسم والتصوير الزيتي والحفر وغيره من المصنوعات الفنية التي تعرض للسياح. وفي الناحية الجنوبية يوجد الجامع الأحمر وعلى مدخله كتابة تاريخها يعود الى سنة 1275 من أعمال الملك الظاهر.

في سنة 1759 حدثت هزة أرضية هدمت معظم مباني المدينة فأعاد تعميرها علي بن ظاهر العمر ولكنها هدمت ثانية بزلزال آخر سنة 1837 وكان من أفظع الزلازل التي حدثت في تلك المنطقة قتل من جرائه خمسة آلاف نسمة من سكانها.
في سنة 1948 هَجَّر الصهاينة سكانها العرب الذين كان يربو عددهم عن 13 ألف نسمة من الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين. ولم يتجاوز آنذاك عدد سكانها اليهود ألفي نسمة. وأصبح سكانها، بعدئذ، يهودا فقط.
عن: الدليل السياحي لأهم الأماكن الدينية والأثرية في الأرض المقدسة
|