خضارها لا تعرف الرش بالمبيدات أو الأسمدة الكيماوية
الاحتلال يطبق الخناق على قرية وادي فوكين ويحولها إلى معزل منسلخ عن العالم الخارجي

خاص بآفاق البيئة والتنمية
تُحاصَر قرية وادي فوكين الفلسطينية من جهاتها الثلاث بالمستعمرات اليهودية التي أقيمت على أراضيها المصادرة. وقد أطبق الاحتلال الخناق على القرية؛ فحولها إلى معزل منسلخ عن العالم الخارجي، من خلال إنشائه سلسلة الجدران والأبراج والأسلاك الشائكة وطرق الدوريات العسكرية. وتتواصل الضربات الإسرائيلية الموجعة على أهالي القرية الوادعة، دون رحمة، ومن كل الاتجاهات. فمن ناحية، تتوسع مستعمرة اليهود المتدينين "بيتار عيليت" على مساحات واسعة من أراضيهم الزراعية. ومن ناحية أخرى، قررت وزارة الحرب الإسرائيلية مؤخرا إقامة جدار عازل إضافي طوله سبعة كيلومترات، بموازاة ما يسمى الخط الأخضر الواقع على طول التلال المحيطة بالوادي من الجهة الغربية، علما أن هذا الجدار سيحاصر ليس فقط وادي فوكين، بل قرى أخرى أيضا مثل حوسان ونحالين. وذلك بالإضافة إلى جدار الفصل العنصري الذي يعكف الاحتلال على إنشائه من الجهة الشرقية للقرية البالغ عدد سكانها 1400 نسمة.
وتقع قرية وادي فوكين غربي مدينة بيت لحم التي تبعد عنها نحو عشرة كيلومترات. وهي محاذية لما يسمى خط الهدنة الذي رسم عام 1949. وقد دمر الصهاينة القرية مرتين. وفي عام 1954، وبسبب الاعتداءات الصهيونية، أجبر معظم أهاليها على الرحيل إلى مخيم الدهيشة قرب بيت لحم. وإثر احتلالها عام 1967، أخذت إسرائيل تنشئ المستعمرات التي ابتلعت أراضي المزارعين الفلسطينيين.

وعلى أحد التلال المواجهة للقرية، نشاهد حاليا عشرات المنازل الاستيطانية الجديدة الواقعة في شارع جديد تم تعبيده مؤخرا بمستعمرة "بيتار عيليت". وتعد هذه المنازل جزءا من ضاحية استيطانية جديدة أقيمت خلال الأسابيع الأخيرة على أراضي وادي فوكين. ليس هذا فقط، بل إن مخلفات هائلة من تراب الحفريات والباطون ونفايات الإنشاءات في المستعمرة تتراكم في أكوام ضخمة تخنق ينابيع القرية.
ولا يستطيع أهالي وادي فوكين السفر إلى القدس سوى عبر ما يعرف بشارع 60 (شارع الأنفاق) الذي يسمح للإسرائيليين فقط باستعماله. أما الفلسطينيون؛ فقد سَمَح لهم الاحتلال بالتحرك عبر طرق التفافية خاصة بهم تنتشر فيها الحواجز والمعابر العسكرية. وحصيلة هذه الممارسات الاحتلالية دمار كارثي للبيئة والينابيع والطبيعة.
وبالطبع، الجدران العنصرية التي يعكف الاحتلال على إقامتها، ستتسبب، في النهاية، بتشويه المشهد البيئي المميز للوادي، وستجفف ما تبقى من ينابيع. كما ستمزق نسيج الحياة الزراعية لأهالي القرية الذين ما فتئوا يزرعون المحاصيل البلدية العضوية، وستسلبهم أيضا مصدر رزقهم الوحيد.

وادي الينابيع الغزيرة
يعد الوادي الذي تقع فيه قرية وادي فوكين مميزا؛ إذ يتدفق فيه 11 ينبوعا طبيعيا من المياه الجوفية الجبلية. وحينما تمتلئ الينابيع بالمياه التي تنساب على أطرافها، تأخذ القنوات المائية المفتوحة بالامتلاء بالماء الذي يصل إلى برك التخزين الصغيرة التي أنشئت قرب حقول القرية، لريها بالمياه العذبة الطبيعية. ومنذ قرون، لم تتغير طريقة العمل في حقول وادي فوكين؛ إذ إن المحاصيل تروى بمياه الينابيع العذبة المنتشرة في المنطقة.
ولا تعرف خضار وادي فوكين الرش بالمبيدات أو الأسمدة الكيماوية؛ إذ إن مزارعي القرية يزرعون الخضار البلدية العضوية، منذ مئات السنين، وقبل أن يكتشفها حديثا أنصار الزراعة العضوية.
ومنذ بضع سنين، تعمد بعض تعاونيات المنتجات العضوية الإسرائيلية في القدس إلى شراء خضار وادي فوكين النظيفة من الكيماويات.
التعليقات
|