مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
أيــار 2013 - العدد 54
 
Untitled Document  

مكرهة صحية بصفة رسمية
مستنقع من المياه العادمة يحول منازل المواطنين في حي أم الدرج  بمدينة الظاهرية إلى صناديق مغلقة
سجن ومقرات الأجهزة الأمنية في الظاهرية مصدر انتشار ذبابة اللشمانيا السامة وأمراض الكبد الوبائي

المياه العادمة المنسابة من مقرات الاجهزة الامنية تتجمع تحت الاعشاب

ثائر فقوسة
خاص بآفاق البيئة والتنمية

"الشرطة في خدمة المواطن" عبارة  لم نجد لها تطبيقا على أرض الواقع في تفاصيل هذا التقرير، بل على العكس تماما،  فإن تقصير الشرطة يساهم في تعرض المواطنين للخطر ويحرمهم من العيش في بيئة نظيفة. فالقصة بدأت منذ سنوات، عندما أخذت المياه العادمة الناتجة عن سجن ومقرات الأجهزة الأمنية التابعة لمركز شرطة مدينة الظاهرية بالتجمع في مستنقع كبير بالقرب من منازل المواطنين في حي أم الدرج والبالغ عددهم أكثر من 2000 نسمة، حيث تتدفق "مياه المجاري" نحو بيوت المواطنين، إضافة لتلويث مياه آبار الجمع ما يعني انتشاراً للأمراض والروائح الكريهة، ورغم الشكاوي المقدمة من المواطنين للجهات المختصة، إلا أن المشكلة تتفاقم منذ سنوات وما زالت تنتظر الحل.

المياه العادمة تغطيها الاعشاب بشكل كثيف

مياه ملوثة وأمراض
المواطن ياسر البطاط المقيم بمحاذاة مركز الشرطة، يفيد بأن منازل المواطنين في حي أم درج تحولت إلى سجون مغلقة منذ أكثر من ثماني سنوات، أي مع بداية ظهور المشكلة، حيث يصعب فتح النوافذ والأبواب بسبب انتشار الروائح الكريهة والحشرات، كما أن تدفق المياه العادمة خارج أسوار المركز حرمت المواطنين الاستفادة من جمع  مياه الأمطار التي كان يعتمد عليها لسد حاجة الأهالي بسبب النقص الشديد في المياه، كما حرمتهم من تعبئة آبارهم من المياه الواصلة عبر شبكة البلدية بسبب تسرب "المجاري" إليها وتلويثها، وتابع البطاط أن المواطنين توجهوا إلى مدير المركز والبلدية والصحة لوضع حدٍ لمعاناتهم، إلا أن المشكلة مستمرة وتزداد تعقيداً بسبب اتساع رقعة المستنقع، فيما أشار المواطن محمد خليل بأن تلوث مياه الآبار والروائح الكريهة، ساهم في انتشار الأمراض سيما بين الأطفال وكبار السن الذين أصبحوا يعانون من ضيقٍ في التنفس، ومشاكل في الأمعاء والجهاز الهضمي، كما تترك لسعات الحشرات سيما البعوض، بقعاً حمراء منتفخة، وطفحاً جلدياً حيث ناشد خليل الجهات المختصة الإسراع في حل المشكلة.

غياب الحلول
"الوضع صعب، وهو فوق طاقة البلدية ولا يمكن وضع حد لهذه المشكلة لقلة الإمكانيات،  ودورنا يقتصر على توصيل الشكاوي الى الجهات المختصة". هذا ما صرح به رئيس قسم الصحة في بلدية الظاهرية ماهر وريدات  مؤكدا أن هناك شكاوي شبه أسبوعية تصل من سكان حي أم الدرج لوقف هذه المكرهة الصحية، حيث طلبت البلدية من قسم البيئة في مديرية الصحة زيارة الموقع لتقييم الأثر البيئي الناتج عن المستنقع، وتبين أن هناك أضراراً بيئية وصحية، مثل انتشار ذبابة اللشمانيا، وظهور أمراض التهاب الكبد الوبائي الناتج عن تلوث المياه بالجراثيم والميكروبات إضافة إلى الروائح الكريهة، وتابع أن البلدية توجهت إلى محافظ الخليل ومدير الشرطة لحل المشكلة لكن دون جدوى.
ويرى وريدات أن على الجهات المختصة وخاصة الشرطة الإسراع بإيجاد حل مؤقت للتخفيف من معاناة المواطنين في حي أم الدرج، وذلك من خلال إنشاء حفر صماء لتجميع المياه العادمة الناجمة عن استخدام  نحو 350 فرداً لمرافق المركز الصحية، وبعد ذلك على الشرطة توفير صهريج نضح لشفط الحفر والتخلص منها في أماكن مخصصة بعيدة عن السكان، وطالب الوريدات المواطنين المتضررين بضرورة الاعتصام أمام مقر محافظة الخليل للمطالبة بحل المشكلة.

بنية تحتية غير صالحة داخل المركز الامني

البيئة الفلسطينية ما زالت تنتظر الرد
من جهتها قالت مصادر من قسم البيئة التابعة لمديرية الصحة في جنوب الخليل أن الطاقم الذي قام بزيارة الموقع أعد تقريراً ميدانياً أظهر فيه مدى الخطورة والأضرار التي تلحقها "المكره الصحية" المتشكلة منذ سنوات في الجهة الشرقية من مركز الشرطة، وهو عبارة عن مستنقع كبير من المياه العادمة تنمو عليه أعشاب كثيفة تتكاثر عليها أنواع عديدة من الحشرات الناقلة للأمراض، وتنبعث منه روائح كريهة تؤثر على صحة المواطنين والبيئة المحيطة بهم.
وتابع المصدر، بأن المديرية قامت برفع توصيات إلى مدير شرطة محافظة الخليل من أجل البحث عن حلول سريعة وممكنة لحماية المواطنين، ومازالت تنتظر الرد. فيما أشارت مصادر من مركز شرطة الظاهرية أن الخطر الناتج عن هذا المستنقع لا يصيب المواطنين فقط بل يطال أفراد الأجهزة الأمنية والسجناء المقيمين في المركز، مؤكدا ان قيادة الشرطة قامت بمخاطبة الجهات المانحة للبحث عن حل سريع لهذه القضية، حيث قام فريق من مؤسسة  "USAID " بزيارة المركز للإطلاع على المشكلة دون اعطاء وعود لحلها،  وتابع المصدر ان الشرطة مستمرة في البحث عن مؤسسات مانحة لإعادة تأهيل البنية التحتية للمركز، وحل مشكلة الصرف الصحي بشكل نهائي.

مياه المستقع اثناء تسربها خارج اسوار المركز الامني

أضرار صحية وزراعية
فيما أفاد المختص في الموارد الطبيعية المهندس مجدي حمدان بأن "مياه المجاري" الناتجة عن المركز تعتبر من مصادر التلوث الخطيرة في حال تسربها الى مياه الشرب فهي تجعلها حقلا خصباً لتجمع واستقطاب أعداد هائلة من الكائنات الدقيقة، مثل البكتيريا والفيروسات والطفيليات اضافة الى الحشرات التي تنقل العديد من الأمراض للإنسان، حيث يعتبر التلوث الميكروبي للمياه السبب في انتشار وباء السالمونيلا والتهاب الكبد الوبائي، كما تؤدي هذه الفيروسات الى إصابة الإنسان بالكوليرا والتيفوئيد وشلل الأطفال، ويتابع حمدان أن تأثير "المجاري" لا يقتصر على مياه ابار الجمع في حي ام الدرج بل يلوث المياه الجوفية عموماً، من خلال زيادة نسبة الأملاح ونسبة النيترات مما يجعلها غير صالحة للاستخدام الآدمي. كما ان تدفق المياه العادمة تجاه الأراضي الزراعية يساهم في  تصحر التربة عبر زيادة تركيز نسبة أملاح الصوديوم، الأمر الذي يساهم في جفاف النباتات وموتها.

التعليقات

لو اقترف هذا الانتهاك البيئي الخطير مواطن عادي بسيط لاتخذت ضده إجراءات وعقوبات، أليس كذلك؟  أم أن \"حاكمك ظالمك لمين تشكي همك \"...

يسرى رحمون

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية