خاص بآفاق البيئة والتنمية
لا تجد النفايات الصلبة في قطاع غزة طريقاً الى مكبات النفايات منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، فالشاحنات التي كانت تنقلها متوقفة أو مدمرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والوصول إلى المكبات أمر صعب في ظل الحرب وما خلفته من نفاد للوقود ودمار للبنية التحتية وهدم الشوارع. وإن أمكن جمع بعض النفايات، فإنها تذهب الى مكبات عشوائية قريبة، عن طريق عربات تجرها الدواب، ولكن أغلبها تبقى متكدسة بين الناس، وفي الطرقات وأمام المشافي ولا يتم جمعها، ما أدى الى انتشار الأوبئة والأمراض التنفسية والجلدية والكلى والتهاب الكبد الوبائي والجدري، وبخاصة في مناطق النزوح والازدحام. واقع ينذر بكارثة صحية كبرى، فالنفايات التي كانت تفرز بعناية قبل الحرب، أصبحت تتكدس بين الناس بما تحمله من أمراض تهدد صحتهم.
|
 |
النفايات المتراكمة تغرق جميع زوايا قطاع غزة |
لا تجد النفايات الصلبة في قطاع غزة طريقاً الى مكبات النفايات منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، فالشاحنات التي كانت تنقلها متوقفة أو مدمرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والوصول إلى المكبات أمر صعب في ظل الحرب وما خلفته من نفاد للوقود ودمار للبنية التحتية وهدم الشوارع.
وإن أمكن جمع بعض النفايات، فإنها تذهب الى مكبات عشوائية قريبة، عن طريق عربات تجرها الدواب، ولكن أغلبها تبقى متكدسة بين الناس، وفي الطرقات وأمام المشافي ولا يتم جمعها، ما أدى الى انتشار الأوبئة والأمراض التنفسية والجلدية والكلى والتهاب الكبد الوبائي والجدري، وبخاصة في مناطق النزوح والازدحام. واقع ينذر بكارثة صحية كبرى، فالنفايات التي كانت تفرز بعناية قبل الحرب، أصبحت تتكدس بين الناس بما تحمله من أمراض تهدد صحتهم.
"أوضاع كارثية"، وصفٌ أطلقته النازحة لينا راضي من مدينة غزة، على حياة النازحين في عموم القطاع، خصوصاً داخل مراكز الإيواء، فهي "تفتقر لأدنى مقومات الحياة الاساسية والصحية والبيئية".
وتضيف راضي التي نزحت برفقة عائلتها إلى خيمة في رفح أن هناك تكدساً شديداً للنفايات داخل مراكز الإيواء، وفي ممراتها وساحاتها وداخل غرفها، إضافة الى تواجد المياه القذرة، بسبب اكتظاظ آلاف النازحين، ما أدى الى انتشار الأوبئة والامراض والفيروسات.
وعن كيفية التخلص من هذه النفايات، تقول راضي: "يتم ذلك بجهود فردية وبأقل الإمكانيات التي قد توفرها وكالة الأونروا أو وزارة التنمية الاجتماعية كأدوات صحية بسيطة وقليلة، وتم تشكيل لجنة من صفوف النازحين لتنظيف المراكز، ويتم التخلص منها في مكبات عشوائية".

النفايات تغرق ما تبقى من شوارع وأحياء في غزة
وسُجلت حالات مرضية متنوعة، منها 280 ألف حالة امراض للجهاز التنفسي، و14 ألف حالة اسهال، و480 ألف حالة بمرض الجرب، اضافة الى انتشار الحشرات والقوارض(مركز الرعاية الصحية الأولية/ غزة) .
قبل الحرب، كان قطاع غزة يضم اثنين من المكبات الصحية: مكب الفخاري، ومكب جحر الديك الذي يخدم محافظتي غزة والشمال وأصبح غير صحي، بعد إجراء توسعة فيه، ليبقى "الفخاري" المكب الصحي الوحيد في القطاع، وفق مدير عام الإدارة العامة لمجالس الخدمات المشتركة في وزارة الحكم المحلي، سليمان أبو مفرح.
ورغم النقص في آليات الجمع قبل الحرب بجنوب القطاع (رفح وخانيونس والوسطى)، إلا أن أبو مفرح وصف وضع جمع النفايات بأنه جيد "كان لديهم نظام متكامل لإدارة النفايات، ضمن الشروط الصحية والبيئية، ويتم جمعها ومعالجتها بطرق صحية متكاملة بنسبة 95% حتى تاريخ 7 أكتوبر".
وبخصوص مجلسيّ خدمات غزة ومحافظة الشمال، فقد كان لديهما نقص كبير في أسطول الجمع وبحاجة لإنشاء مكب صحي، وخلايا صحية ومعدات لإدارة المكب وغيرها، حسب أبو مفرح.
وأوضح مدير مجالس الخدمات المشتركة أن الاحتلال استهدف مكب نفايات الفخاري، وخلف خسائر في البنية التحتية للمكب والمواد الموجودة فيه، والآليات إضافة إلى الخسائر البشرية، ما أدى إلى توقفه عن العمل بشكل كامل.
وقدّر في حديثة الخسائر بعشرات ملايين الشواكل، ما أدى إلى شلل عملية الجمع وإدارة وتقديم الخدمة التي لا تتجاوز 10%، بسبب تدمير الشوارع ونفاد للوقود والخطر على حياة العاملين أثناء تنقلهم.
ووصف أبو مفرح تراكم النفايات بأنه "هائل جداً، ولا إمكانية لجمعها، خاصة النفايات الطبية التي تلقى في الشوارع، ما يسبب كارثة صحية وبيئية، ويتم حرق جزء كبير منها، وما يتم جمعه ينقل لمكبات عشوائية".
وتحولت محافظات شمال وجنوب قطاع غزة إلى مكبات للنفايات، بسبب الحرب المستمرة والنقص الشديد في الموارد، وأدى ذلك إلى انتشار الأمراض والأوبئة وتلوث الهواء والماء والتربة.

النفايات تنتشر في جميع أنحاء مدن وقرى ومخيمات قطاع غزة
وأدت الحرب الى تزايد عدد المكبات العشوائية في غزة، حيث يتم جمعها من مدينة غزة في منطقتين: سوق اليرموك جنوب مدينة غزة، وهي منطقة مؤقتة لجمع النفايات من الأحياء الجنوبية للمدينة، وتقدر النفايات في اليرموك بحوالي 5000 طن، وسوق فارس شمال مدينة غزة، وهي منطقة مؤقتة لجمع النفايات من الأحياء الشمالية للمدينة، وتقدر النفايات في سوق فارس بنحو 25 ألف طن (وزارة الحكم المحلي- الإدارة العامة لمجالس الخدمات المشتركة).
وتعتبر منطقة شمال غزة منطقة خطرة ويصعب العمل فيها بسبب الدمار، فقد استشهد موظفان، وهناك نقص في الشاحنات، ودمرت الغارات الجوية الإسرائيلية مرآب بلدية غزة وعطلت 74 آلية ومركبة ثقيلة (تدمير كلي وجزئي)، ولا جدوى من إصلاحها (المصدر السابق).
وحسب مجلس الخدمات المشترك لإدارة النفايات الصلبة في جنوب غزة، فإن قيمة الأضرار التي لحقت بمكب نفايات الفخاري الصحي تقدر بنحو 3.5 مليون شيكل.
وشملت الأضرار التوقف الكلي للمكب بعد أن كان يستقبل أكثر من 600 طن يوميا من النفايات، ويخدم أكثر من 17 هيئة محلية في محافظات خانيونس ورفح والمنطقة الوسطى، بالإضافة الى وكالة الغوث.
وإلى جانب ذلك، سجل المجلس تدميراً كلياً وجزئياً للأبنية والمنشآت بتكلفة 1.7 مليون شيكل، تضمنت تدمير ورشة الصيانة والمستودع وما يحتويه من معدات وقطع غيار ومخزون، وتدمير المبنى الإداري الرئيسي وبركة تجميع الامطار والبوابة الرئيسية، وإعطاب خمس آليات ثقيلة بتكلفة إجمالية 1.7 مليون شيكل.

مكبات عشوائية تنتشر في مختلف أنحاء قطاع غزة بين ما تبقى من مبان ومنشآت مدنية
انهيار نظام إدارة النفايات الطبية
ويشير مجلس الخدمات المشترك لإدارة النفايات الصلبة إلى انهيار نظام إدارة النفايات الطبية في غزة أثناء الحرب، إذ "لا يتم فصل النفايات المعدية، وفي حال تمكنوا من وضع النفايات المعدية في أكياس، يلقونها مع النفايات العادية، ولا توجد سجلات لكميات النفايات المعدية أثناء الحرب، ولكن تقدرها هيئة الخدمات المشتركة في الجنوب فقط، بأكثر من 2000 كغم يومياً".
ويؤكد المجلس على أن "الوضع البيئي لمكبات الطوارئ حرج للغاية في اللحظات الحالية، لأن هذه المكبات مفتوحة دون أي حدود، ومفتوحة أمام "النباشين"، والنفايات متناثرة، وأحيانا تقع بالقرب من المناطق السكنية".
من جانبه، يقول المدير التنفيذي لمجلس الخدمات المشترك في محافظتي غزة والشمال عبد الرحيم ابو القمبز إن نفايات غزة والوسط كانت تجمع لفترة بسيطة بعد اندلاع الحرب في وسط مدينة غزة، بسبب عدم التمكن من الوصول إلى مكب جحر الديك، ولاحقاً تم إغلاقه بشكل كامل ويصعب الوصول إليه بسبب موقعه عند السياج الحدودي.
ويضيف أبو القمبز أن "هناك حوالي 70 ألف طن من النفايات متكدسة في وسط مدينة غزة، وهذا أثر على الناس من ناحية الروائح وانتشار الأمراض والفيروسات، وحالياً لا يوجد وقود لتحريك شاحنات النفايات أو تشغيل محطات الصرف الصحي وآبار المياه، ووصلت الأمور في الشمال لمرحلة كارثية، وإن استمر الوضع فإننا مقبلون على وضع في غاية الصعوبة".
وبالنسبة لوضع الجنوب فهو ليس أفضل من الشمال، بتعبير أبو القمبز، إذ يُمنع الوصول إلى مكب الفخاري في محافظة خانيونس، ويتم تجميع النفايات في ساحات عامة غرب رفح وخانيونس والوضع مزري جداً.
وعلى مستوى الأضرار المادية فقد تم تدمير أكتر من 90 شاحنة من أصل 110 شاحنات في محافظة الشمال (غزة والشمال)، كما قال.

نفايات غزة
ويشير إلى أن نفاد الوقود وتدمير البنية التحتية أدى إلى "تكدس كميات هائلة من النفايات في الشوارع وأمام المستشفيات ومراكز الإيواء، وطفح الصرف الصحي في الشوارع وشاطئ البحر، ونقص خدمة المياه بشكل حاد وكبير في المدينة".
وكانت محافظتا غزة والشمال تنتجان حوالي 1600 طن من النفايات قبل الحرب يومياً، يتم التخلص منها بمكب جحر الديك.