لندن/ آفاق البيئة والتنمية: أفاد تقرير صدر في حزيران الماضي أن العالم خسر مساحة من الغابات الاستوائية المطيرة البكر على مدى العام الماضي تعادل مساحة سويسرا، إذ استمرت عمليات إزالة الغابات، وخصوصاً في منطقة الأمازون البرازيلية، بلا هوادة.
وكشفت منصة "غلوبال فورِست ووتش"، المدعومة من معهد الموارد العالمية غير الربحي والتي تعتمد على بيانات حول الغابات تجمعها جامعة ماريلاند الأميركية، أن العالم فقد نحو 41 ألف كيلومتر مربع من الغابات الاستوائية المطيرة في عام 2022.
وأكثر البلدان تضرراً في هذا المجال كانت البرازيل، حيث تمثل المنطقة المدمرة 43% من الخسائر العالمية على هذا الصعيد، وتليها جمهورية الكونغو الديموقراطية (13%) وبوليفيا (9%)
وكانت السنة الماضية هي الأخيرة في ولاية حكومة الرئيس البرازيلي اليميني السابق غايير بولسونارو (2019-2023)، المسؤولة عن أكثر من 40 في المئة من إجمالي الخسائر.
وقال فرانسيس سيمور، المسؤول في معهد الموارد العالمية "أرقام 2022 محبطة على وجه الخصوص، كنا نأمل أن نشهد في الوقت الحالي بيانات مبشرّة بالمنعطف فيما يتصل بفقدان الغابات".
وأجرت "غلوبال فورِست ووتش" تقييماً بشأن "الغابات البكر"، والتي تشمل الغابات الناضجة التي لم تكن عرضة للإزالة أو تعاد زراعتها في التاريخ الحديث.
وتشكل هذه الغابات درعاً في مواجهة تغير المناخ لأنها تمتص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون.
وقال واضعو التقرير أن خسائر العام الماضي في الغابات الاستوائية أدت إلى انطلاق حوالي 2.7 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل انبعاثات الهند السنوية بسبب الوقود الأحفوري.
وقالت ميكايلا فيس، مديرة منصة "غلوبال فورِست ووتش" في مؤتمر صحافي "نحن نفقد واحدة من أكثر أدواتنا فعالية لمكافحة تغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي، ودعم صحة وسبل عيش الملايين من الناس".
يُذكر أن حوالي 1.6 مليار شخص، نصفهم تقريباً من السكان الأصليين، يعتمدون مباشرة على موارد الغابات لكسب عيشهم.
وفي عهد بولسونارو، غضت الإدارة البرازيلية الطرف عن الإزالة غير القانونية للغابات، وأضعفت حقوق السكان الأصليين، وتراجعت عن الكثير من التزاماتها على صعيد السياسات البيئية للبلاد.
وتعهد خليفته، الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي أدى اليمين في يناير/ كانون الثاني الفائت، بإنهاء تدمير منطقة الأمازون البرازيلية بحلول عام 2030. ومع ذلك، يعتقد الخبراء أنه سيتعين عليه التغلب على تحديات جمّة لتحقيق ذلك.
ويخشى العلماء من أن حوض الأمازون، الذي ضربه تغير المناخ وإزالة الغابات، سيتحول في النهاية إلى سافانا (حقول أعشاب).
ومن شأن هذا التحول أن يؤدي إلى اضطراب عميق في الأحوال الجوية في أميركا الجنوبية وسائر أنحاء الكوكب. ويُخزن حوالي 90 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون في الأشجار والتربة في غابات الأمازون المطيرة، أي ضعف الانبعاثات العالمية السنوية.
وفي جمهورية الكونغو الديموقراطية، دُمّر أكثر من نصف مليون هكتار من الغابات في عام 2022، وفق التقرير. ويعود السبب الرئيس في ذلك إلى الزراعة وإنتاج الفحم للأسر، حيث تفتقر 80% منها للتيار الكهربائي.
وقد وقّعت جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 2021 صفقة بقيمة نصف مليار دولار لحماية الغابات المطيرة في حوض الكونغو.
ولكن قُوّضت بمناقصة أخيرة لتصاريح استخراج النفط والغاز أطلقتها السلطات.
في المرتبة الثالثة من التصنيف، فشلت بوليفيا في خفض معدل إزالة الغابات فيها، والذي زاد بنسبة 32% مقارنة بعام 2021.
وقال التقرير إن "غالبية الخسائر حدثت في المناطق المحمية التي تغطي آخر بقع من الغابات الأولية في البلاد"، ولفت الباحثون إلى أن إنتاج الكاكاو وتعدين الذهب والحرائق هي الأسباب الرئيسة لهذا الوضع.