يتكون تقرير التقييم السادس (IPCC, Sixth Assessment Report) من مساهمات مجموعات العمل الثلاثة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، إضافة إلى تقرير تجميعي (SYR) يدمج مساهمات مجموعة العمل والتقارير الخاصة الصادرة.
وقد أنهت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الجزء الأول من التقييم السادس (AR6) الخاص بتغير المناخ 2021 "أساس العلوم الفيزيائية"، هذا التقرير هو نِتاج عمل فريق العمل الأول (Working Group I)، إذ اُنتهي منه في السادس من شهر أغسطس 2021 في الدورة الرابعة عشرة لمجموعة العمل الأولى، والدورة الرابعة والخمسين للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
يعتمد التقرير على التقييم الخامس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (AR5) والتقارير الخاصة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ 2018-2019، كما يتضمن التقرير أدلة جديدة عن علم المناخ من الأبحاث التي نُشرت في هذا المجال.
ويقدم مُلخص صانعي السياسات (SPM) فهماً للموقف الحالي للمناخ بما في ذلك كيفية تغيره ودور التأثير البشرى في تغيير المناخ، وحالة المعرفة حول مستقبل المناخ المحتمل والمعلومات المناخية ذات الصلة بالمناطق والقطاعات، والحد من التغيرات المناخية الناجمة عن الأنشطة البشرية.
يَتَناول مُلخص صانعي السياسات العديد من النقاط الهامة ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
أولاً: التأثير البشرى قد أدى إلى تدفئة الغلاف الجوي والمحيطات والأرض بحيث لا يدع مجالاً للشك، فقد حدثت تغيرات واسعة النطاق وسريعة في الغلاف الجوي والمحيطات والغلاف الجليدي والمحيط الحيوي.
وورد في التقرير أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الأنشطة البشرية مسؤولة عن ارتفاع درجات الحرارة بنحو 1.1 درجة مئوية منذ الفترة ( 1850- 1900 )- تمثل الفترة ( 1850- 1900 ) الفترة الأولى لعمليات الرصد الكاملة والوافية على مستوى العالم لتقدير درجة حرارة سطح الأرض وبما يتفق مع AR5 و SR1.5، وتعمل هذه الفترة الزمنية على تقريب ظروف ما قبل الصناعة).
كما خلُص التقرير إلى أنه من المتوقع أن تبلغ درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية أو أكثر في المتوسط في العشرين سنة المقبلة.
الزيادات الملحوظة في تركيزات غازات الاحتباس الحراري منذ حوالي عام 1750 ناتجة بشكلٍ لا لبس فيه عن الأنشطة البشرية، فقد أُبلغ عن قياسات غازات الاحتباس الحراري المُختلفة منذ عام 2011 في التقرير الخامس للتغيرات المناخية (AR5).
واستمرت التركيزات في الزيادة في الغلاف الجوي لتصل إلى متوسطات سنوية تبلغ نحو 410 جزء في المليون لثاني أكسيد الكربون (CO2)ونحو 1866 جزء في البليون لغاز الميثان (CH4) ، ونحو 332 جزء في البليون لأكسيد النيتروز (N2O) في عام 2019.
استحوذت اليابسة والمحيطات على نسبة شبه ثابتة عالمياً (حوالي 56% سنوياً) من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الأنشطة البشرية على مدى العقود الستة الماضية مع وجود اختلافات إقليمية.
وسُجلّت العقود الأربعة الماضية على التوالي أنها الأكثر دفئاً من أي عقد سابق لهم منذ عام 1850.
درجة حرارة سطح الأرض في العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين (2001- 2020) أعلى بنحو 0.99 درجة مئوية عن الفترة ( 1850-1900) .
كما أن درجة حرارة سطح الأرض في الفترة الزمنية ( 2011- 2020 ) أعلى بنحو 1.09 درجة مئوية عما كانت عليه في الفترة الزمنية ( 1850-1900).
وأشار التقرير إلى أنه من المُحتمل أن يكون التأثير البشري هو المحرك الرئيس للتراجع العالمي للأنهار الجليدية منذ التسعينيات وانخفاض منطقة الجليد البحري في القطب الشمالي بين (1979-1988) و(2010-2019).
كما أنه من المُرجح أن يكون التأثير البشرى هو المحرك الرئيس لارتفاع درجة حرارة السطح العلوي للمحيطات (من 0 إلى 700 متر) منذ السبعينيات، كما أن زيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون البشرية هي السبب الرئيس في زيادة حموضة ماء البحار والمحيطات.
ارتفعَ المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر بمقدار 0.20 متراً في الفترة ( 1901- 2018)، وبلغ متوسط معدل ارتفاع مستوى سطح البحر 1.3 ملم/سنة في الفترة ( 1901- 1971)، وارتفع إلى 1.9 ملم/سنة في الفترة ( 1971- 2006)، كما ارتفع مستوى سطح البحر إلى 3.7 ملم/سنة في الفترة ( 2006-2018)، ويعد التأثير البشرى هو المحرك الرئيس لهذه الزيادات.
ثانياً: بلغت تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي عام 2019 أعلى من أي وقتٍ مضى خلال ما لا يقل عن مليوني سنة، وأضحت تركيزات غازيّ الميثان وأكسيد النيتروز أعلى من أي وقت مضى خلال 800.000 عام على الأقل، إذ تجاوزت الزيادات في تركيزات ثاني أكسيد الكربون (47%) وغاز الميثان (156%) وبلغت الزيادة في غاز أكسيد النيتروز (23%) منذ عام 1750.
ثالثاً: يُؤثر تغير المناخ الناجم عن التدخل البشرى على العديد من ظواهر الطقس المُتطرفة في تكرارها وقوتها في كل منطقة في جميع أنحاء العالم مثل موجات الحر والأمطار الغزيرة والجفاف والأعاصير المدارية، وهو ما أُشير إليه منذ تقرير التقييم الخامس (AR5).
ويؤكد التقرير السادس ازدياد شدة وتكرار الموجات الحارة على مناطق كثيرة في دول العالم، بخلاف الموجات الباردة التي قَلَ تكرار حدوثها.
كما ازداد تكرار وشدة هطول الأمطار الغزيرة منذ خمسينيات القرن الماضي على معظم الأراضي التي تكون فيها بيانات الرصد كافية لتحليل بيانات الأمطار، ويعد تغير المناخ بسبب الإنسان محركًا رئيسًا لهذا، والذي ساهم في زيادة حالات الجفاف الزراعي والإيكولوجي في بعض المناطق بسبب زيادة البخر.
رابعاً: ستستمر درجة حرارة سطح الأرض في الارتفاع حتى منتصف القرن الحالي على الأقل في ضوء جميع سيناريوهات الانبعاثات التي دُرست في التقرير.
ومن جهة أخرى سيُتجاوز الاحترار العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية و 2 درجة مئوية في القرن الحادي والعشرين؛ ما لم تحدث انخفاضات كبيرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى في العقود القادمة.
كما قدم هذا التقرير تقييمًا أكثر تفصيلاً لتغير المناخ في الأقاليم والمناطق المختلفة، ويشمل تركيزاً على المعلومات المفيدة التي يمكن الاسترشاد بها في عملية تقييم المخاطر والتكيف والتخفيف وغيرها من العمليات المستخدمة في صنع القرار، لتشكل إطار عمل جديد يساعد في تفسير التغيرات الحادثة في الحرارة والبرودة والأمطار والجفاف والثلوج والرياح والفيضانات الساحلية وغيرها على المجتمع والنظم الإيكولوجية المختلفة.