التلوث بثاني أكسيد الكربون يقلل المغذيات في المحاصيل
واشنطن / خاص: أفاد باحثون في أيار الماضي أن ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو ربما يخفض جودة المكونات المغذية لبعض من أهم المحاصيل الزراعية في العالم.
جاء ذلك بعد تجارب قاموا بإجرائها تتضمن الظروف المناخية المتوقع أن تسود في منتصف القرن.
وتبين من التجارب أن اثنين من المكونات الغذائية هما الزنك والحديد كانت كميتهما أقل في القمح والأرُز وفول الصويا والبازيلاء التي تزرع في حقول الهواء الطلق، حيث وفر العلماء أجواء فيها تركيز من غاز ثاني اُكسيد الكربون بمستوى يتوقع أن تصله الأرض قرب عام 2050، وهو 550 جزء لكل مليون.
وزرع العلماء 40 نوعا من ستة حبوب وبقوليات مختلفة، ويشمل ذلك الذرة والذرة الرفيعة في سبعة مواقع في ثلاث قارات هي آسيا واُستراليا وأمريكا الشمالية.
وقال أندرو ليكي، اُستاذ بيولوجيا النباتات في جامعة إيلينوي وهو أحد الباحثين "هذا أمر مهم لأن نحو ملياري شخص في مختلف أنحاء العالم يحصلون على معظم هذين العنصرين الغذائيين (الزنك والحديد) من خلال تناول (منتجات) المحاصيل".
وقال الباحثون إن هذه النتائج تشير إلى واحد من التهديدات الصحية المهمة التي تبين أنها مرتبطة بالتغير المناخي.
وقال الدكتور صامويل مايرز، من كلية الصحة العامة في جامعة هارفارد، الذي قاد الدراسة المنشورة في دورية (نيتشر) ان هناك بالفعل مشكلة صحية كبيرة في العالم نتيجة لعدم تناول كمية كافية من الزنك والحديد.
وأشار مايرز إلى أن نقص الزنك يؤثر على جهاز المناعة، ويجعل الناس أكثر عرضة للوفاة المبكرة جراء أمراض كالملاريا والالتهاب الرئوي والإسهال. وقال مايرز ان نقص الحديد يؤدي إلى إرتفاع نسب الوفاة أثناء الولادة، وفقر الدم، وتراجع معدل الذكاء، وتراجع الإنتاجية في العمل.
وسعى العلماء إلى قياس تأثير التغير المناخي على النوع البشري في العقود المقبلة، بما في ذلك تأثير مستويات ثاني أكسيد الكربون التي ترتفع جراء حرق الوقود الاُحفوري (الفحم والنفط والغاز) منذ مجيء الثورة الصناعية.
ويبلغ تركيز غاز ثاني اُكسيد الكربون في الجو حاليا نحو 400 جزء من كل مليون جزء. وهو في تصاعد. وتوصلت الدراسة إلى أن القمح الذي ينمو تحت مستويات مرتفعة من غاز ثاني اُكسيد الكربون تقل فيه نسب الزنك بنسبة 9%، وتقل فيه نسب الحديد بنسبة 5%، بالمقارنة بالقمح الذي ينمو في الظروف العادية. وتقل نسبة الزنك في الأرُز الذي ينمو تحت مستويات مرتفعة من غاز ثاني اُكسيد الكربون حوالي 3%. ويقل الحديد في ذلك الأرُز بنسبة 5%.
وفي القمح والأرُز كان محتوى البروتين أقل في المحاصيل التي نمت في ظل مستويات مرتفعة من غاز ثاني اُكسيد الكربون.
وظلت المكونات الغذائية في الذرة الرفيعة على حالها بعدما نمت في ظروف فيها مستويات مرتفعة من الغاز. وعلل الباحثون ذلك بالقول إن تلك المحاصيل تقوم بنوع من البناء الضوئي يركز ثاني أكسيد الكربون في أوراقها.
وحاكى العلماء المستويات المرتفعة من تركيز غاز ثاني اُكسيد الكربون في الهواء بإستخدام نظام يعرف باسم "الإثراء الحر لتركيز الهواء" أو "فيس"، وهو نظام يقوم على إخراج ومراقبة وتعديل مستويات ثاني اُكسيد الكربون من أجل محاكاة الظروف التي ستسود في المستقبل.
وقال ليكي ان الأرُز والقمح وفول الصويا أنتجت مزيدا من السكريات من خلال البناء الضوئي في الظروف التي تحاكي المستقبل وأنتجت بذورا أكثر بنسبة 15% من الظروف الطبيعية، ولكن محتوى الزنك والحديد كان أقل.
وأشار إلى أن هناك حاجة لمزيد من العمل لتحديد تفاصيل الأسباب التي تجعل المستويات المرتفعة من غاز ثاني اُكسيد الكربون تقلل الزنك والحديد.