ما هو العائد على الاستثمار في المباني الخضراء لدى التوفير في استهلاك الطاقة؟
15منزل نموذجي صديق للبيئة وموفر للطاقة
يتعامل معظمنا مع المباني باعتبارها أشياء جامدة وصامتة تهدف إلى خدمة قاطنيها. ولا يعرف الكثير من الناس بأن تلك "الأشياء الجامدة" عبارة عن بنى "حية" مسؤولة عن انبعاث نحو 40% من غازات الدفيئة في العالم ونحو 25-40% من استهلاك الطاقة. واستهلاك الطاقة في العديد من المباني القديمة والجديدة على حد سواء، أعلى بكثير من المطلوب فعلياً لأداء وظائفها. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يقدر الخبراء بأن نحو 30% من الطاقة المستهلكة في المباني يمكن توفيرها. ويعد التخطيط والتصميم السيئان واستخدام التقنيات القديمة، فضلا عن الاستعمال المبذر والتشغيل الخاطئ للأنظمة القائمة في المباني، من بين أهم العوامل المؤدية لظاهرة الاستهلاك المفرط للطاقة.
ويحدد استهلاك الطاقة في المباني استنادا إلى بعض المتغيرات مثل حجم المبنى، طريقة تشييده، المواد التي بني منها، المواد المغلفة له، طرق البناء، أنظمة التدفئة، التهوية، التبريد (HVAC)، أنظمة تسخين المياه، أنظمة الطاقة المتجددة (شمسية أم رياح مثلا) ونظام الإنارة. وبهدف الاستغلال الأمثل للطاقة، من الضروري القيام بعملية تقييم لوظائف وأداء مجمل الأنظمة في المبنى، منذ المراحل الأولى للتصميم. فالتصميم الجيد يحسن أداء الأنظمة المختلفة في المبنى، ويقلص النفقات الإجمالية لصاحب العقار؛ إذ أن لاختيار الأنظمة وطريقة تشغيلها تأثير كبير على تكاليف إنشاء المبنى وأدائه.
السؤال المطروح هو: ما دامت الأمور بهذا الوضوح، فلماذا لم تجر عملية التحسين الكامل لكفاءة الطاقة سوى في مبان قليلة بالضفة والقطاع؟ من بين العديد من المعيقات نذكر اثنين. أولهما يتعلق بنقص الأنظمة المناسبة التي تحفز المبادرين على تشييد المباني الخضراء. ويتمثل ثاني هذه المعيقات في خوف المبادرين من مرحلة التصميم المتعلقة في تشخيص وتحديد نقاط الضعف في أنظمة الطاقة.
ولو تجاهلنا مؤقتا السبب الأول، سنجد بأنه لا يوجد مبرر للسبب الثاني، أي لخوف المبادرين، نظرا للتحديثات التكنولوجية في هذا المجال. فحاليا، يمكننا الوصول إلى كفاءة طاقة مثلى، بواسطة استخدام برامج للمحاكاة المحوسبة. ومن خلال هذه البرامج، يستطيع فريق التصميم والتطوير أن يحسب ويتوقع مقدار الاستهلاك السنوي للطاقة في المبنى، وبالتالي الاختيار الواعي لحجم الأنظمة في المبنى وقدرتها؛ سواء لدى تشييد المباني الحديثة، أو لدى إعادة تأهيل المباني القائمة.
ويتوقع أن يُسْتَرَد الاستثمار (العائد على الاستثمار/ROI) في إعادة تأهيل وتصميم المباني، كي تصبح خضراء، خلال فترة ثلاث سنوات فقط، نظرا للتوفير المتوقع بنحو 40% في الاستهلاك السنوي للطاقة.