نفايات كورونا.. خطر داهم يستوجب صرامة في التخلص منها
خاص بآفاق البيئة والتنمية
أصبحت مسألة التخلص من النفايات الطبية في كل المشافي الحكومية والخاصة والمراكز الطبية، في ظل جائحة كورونا، مسألة بالغة الأهمية لا مجال للتهاون فيها منعا لانتقال العدوى وانتشار الأمراض. وتقع مسؤولية التعامل الحذر مع النفايات الطبية باعتبارها ذات خطورة عالية على عاتق الأفراد والمؤسسات على حد سواء. خصوصا أن مشاهد إلقاء الكمامات والقفازات الطبية في الشوارع باتت أمرا اعتياديا ينطوي على درجة عالية من الخطورة، في حين أن التخلص من النفايات في مراكز الحجر الصحي والمشافي؛ أصبح يتطلب إدارة صارمة بدرجة أعلى من ذي قبل، في ظل الانتشار المتسارع للوباء في الأراضي الفلسطينية والعالم. الواقع يشير إلى أن دليل إدارة النفايات الطبية الخطرة الخاصة بـ (فيروس كورونا) لم يطبق بحذافيره في مناطق مختلفة خصوصا مع تزايد أعداد المصابين بالفيروس، وظهرت ثغرات في مناطق متفرقة لم تكن لديها الدراية في التعامل مع نفايات من هذا النوع. ولوحظ أن تعليمات كانت تعطى للمرضى لكيفية التخلص من النفايات ووضعها في أكياس خاصة، لكن عدم الجاهزية لمثل هذا الوباء جعل من عملية التطبيق نسبية تتفاوت من هيئة محلية إلى أخرى.
|
 |
عامل بلدية رام الله أثناء عملية التعقيم |
في ظل جائحة كوفيد 19 أصبحت مسألة التخلص من النفايات الطبية في كل المشافي الحكومية والخاصة والمراكز الطبية مسألة بالغة الأهمية لا مجال للتهاون فيها منعا لانتقال العدوى وانتشار الأمراض. وتقع مسؤولية التعامل الحذر مع النفايات الطبية باعتبارها ذات خطورة عالية على عاتق الأفراد والمؤسسات على حد سواء. خصوصا أن مشاهد إلقاء الكمامات والقفازات الطبية في الشوارع باتت أمرا اعتياديا ينطوي على درجة عالية من الخطورة، في حين أن التخلص من النفايات في مراكز الحجر الصحي والمشافي أصبح يتطلب إدارة صارمة بدرجة أعلى من ذي قبل، في ظل الانتشار المتسارع للوباء في الأراضي الفلسطينية والعالم.
وقد حدد قرار مجلس الوزراء رقم (10) لسنة 2012 نظام إدارة النفايات الطبية وتداولها بدقة طرق جمع ومعالجة هذه النفايات. وحسب الوزارة فإن كمية النفايات الطبية الصادرة عن المشافي والمراكز الطبية الحكومية يتجاوز أربعة أطنان يوميا. وأمام الظرف الجديد الذي تمر به فلسطين والعالم، ما هي التدابير المتبعة للتعامل مع النفايات الطبية ككل ونفايات كورونا بشكل خاص؟

طواقم بلدية رام الله أثناء جمع النفايات
دليل إجراءات للتعامل مع نفايات كورونا
مع بداية رصد الوباء في الأراضي الفلسطينية مطلع شهر آذار الماضي، أصدرت سلطة جودة البيئة دليل إجراءات يوضح طرق التعامل مع النفايات الصادرة عن المصابين بفيروس كورونا منعا لانتقال العدوى. في بادئ الأمر، وكان الالتزام بتطبيق ما ورد في الدليل عاليا، لكنه سرعان ما بدأ بالتراجع حسب مراقبين مختصين في الشأن الصحي. وينص الدليل على تشكيل لجنة اشراف على إدارة والتخلص من النفايات المعدية خلال فترة الطوارئ تضم في عضويتها وزارة الصحة وسلطة جودة البيئة ومجلس الخدمات المشتركة والبلدية والمجلس القروي في المدينة أو القرية التي سوف يجري فيها التعامل مع النفايات الطبية وخاصة المعدية، وتسمي المحافظة مسؤولاً للتواصل اليومي مع لجنة الاشراف.
وبالتوازي مع ذلك يجب العمل على توفير حاويات بلاستيكية صلبة، ذات لون اصفر وغطاء محكم الاغلاق يفتح بالقدم ويوضع عليها ملصق ينص على عبارة " تحذير – نفايات خطرة معدية"، وتكون داخل أماكن انتاج النفايات المعدية خاصة. ومن ثم يوضع في الحاوية كيسان داخل بعضهما البعض لونهما أصفر سميك، للكيس الخارجي ربطة عنق محكمة ومكتوب عليها نفايات طبية خطرة معدية. يترافق ذلك مع التشديد على المعزولين والمحجورين والكادر الطبي المرافق بوضع نفاياتهم داخل الاكياس ويتم معاملتها على أساس أنها طبية خطرة.
وعند امتلاء الكيس المخصص للنفايات المعدية بحدود الثلثين يتم ربطه بشكل محكم وتجهيزه من قبل الكادر الطبي الموجود في المكان وتسليمه الى الشخص المكلف لنقله ضمن الاجراءات المحددة، ليتم بعد ذلك حسب الدليل تعقيم الاكياس وحاوية النفايات المخصصة قبل وبعد تفريغها من الأكياس التي بداخلها، ويتم التعقيم بمادة الكلور. وبعد ذلك تقوم البلدية بتسمية الفريق العامل المخصص باستلام النفايات ونقلها الى أماكن المعالجة والتخلص النهائي منها، على أن يشمل الفريق على سائق وعامل فني.
ولا تنتهي العملية هنا بل يتوجب على مديرية الصحة وسلطة جودة البيئة تسمية شخص يرافق الفريق المكلف بنقل النفايات الطبية المعدية منذ لحظة استلامها وحتى انتهاء عملية التخلص منها. مع مراعاة حظر التعامل مع النفايات الطبية وخاصة المعدية خارج أماكن الحجر والعزل والفرز، إلا من خلال الفريق المخصص والمؤهل والمدرب تدريبا جيداً، ويكون مجهزاً بكامل التجهيزات للتعامل مع النفايات وبشكل خاص بلباس الوقاية وكفوف سميكة ومزود بمعقمات وأداة مخصصة لالتقاط الاكياس ونقلها الى المركبة المجهزة المخصصة لنقل النفايات. وبعدها يأتي دور الهيئة المحلية لجمع النفايات الطبية وخاصة المعدية منها وفقا لجدول زمني منسق، على أن يتم مراعاة المواعيد المنصوص عليها بنظام ادارة النفايات الطبية بما لا يزيد عن 48 ساعة من عملية جمعها.
 |
 |
تعميم الحكم المحلي الفلسطيني |
تعميم سلطة جودة البيئة الفلسطينية في آذار 2020 |
 |
 |
تعميم سلطة جودة البيئة الفلسطينية في آذار 2020 |
تعميم سلطة جودة البيئة الفلسطينية في آذار 2020 |
يشدد الدليل على أن تنقل النفايات من أماكن تواجدها الى أماكن المعالجة أو التخلص النهائي بواسطة مركبة نقل مخصصة ومجهزة لهذه الغاية، تراعي الشروط المنصوص عليها في نظام ادارة النفايات الطبية ووفقا لما تقرره اللجنة حسب واقع الحال على ان تكون سيارة مغلقة يوضع فيها وعاء سميك لتوضع فيه اكياس النفايات الطبية. ويتم تحديد طريقة المعالجة والتخلص النهائي في حالة الطوارئ من قبل اللجنة المشرفة التي تُشكل بالتعاون مع هيئة الحكم المحلي وتقوم بتحديد المكان المناسب بيئياً وصحياً للمعالجة والتخلص النهائي من النفايات التي يجب ان تكون في مكان محروس وموضح أنه مكان تخلص من نفايات طبية. وتوكل مهمة الرقابة والاشراف على التطبيق السليم لهذه الإجراءات للجنة المشرفة على أن ترفع تقريرها أسبوعيا أو كلما دعت الحاجة الى ذلك.
 |
 |
حاوية مكشوفة ومهترئة في مشفى ثابت ثابت امتلأت بالنفايت الطبية الخطرة |
شاحنة داخل الساحة الخارجية في مشفى الشهيد ثابت ثابت الحكومي في طولكرم وقد امتلأت الحاوية المكشوفة والمهترئة بالأكياس السوداء والصفراء |
التزام متفاوت بدليل إدارة نفايات كورونا
إذا ما تم الالتزام بدليل الإجراءات فإنه مما لا شك فيه ستنحصر المخاطر المحتملة من النفايات الطبية خصوصا تلك المرتبطة بفيروس كورونا. لكن الواقع يشير إلى أن النظام لم يطبق بحذافيره في مناطق مختلفة خصوصا مع تزايد أعداد المصابين بالفيروس، وظهرت ثغرات في مناطق متفرقة لم تكن لديها الدراية في التعامل مع نفايات من هذا النوع. ولوحظ أن تعليمات كانت تعطى للمرضى لكيفية التخلص من النفايات ووضعها في أكياس خاصة، لكن عدم الجاهزية لمثل هذا الوباء جعل من عملية التطبيق نسبية تتفاوت من هيئة محلية إلى أخرى، في المدن بدا الالتزام أكثر وبدرجة أقل في الأرياف، كذلك بدا الالتزام متفاوتا من شخص إلى آخر، حسب المستشار القانوني لسلطة جودة البيئة مراد المدني. معبراً عن اعتقاده بأن الحد الأدنى من الالتزام كان حاضرا، لكن المطلوب برأي المدني هو التشدد في تطبيق الإجراءات الخاصة بالنفايات الطبية في الفترة المقبلة خصوصا أن الجائحة لم تنته.
بدوره يرى القائم بأعمال مدير الإدارة العامة لحماية البيئة في سلطة جودة البيئة أن هناك صعوبة في تحقيق الإدارة السليمة للنفايات الطبية، إثر وجود نقص في الأجهزة والمعدات اللازمة. وأكد ياسر أبو شنب، أنه "لا يوجد التزام كامل بقرار مجلس الوزراء المتعلق بإدارة النفايات الطبية؛ فتارة يوجد نقص في الأكياس الخاصة والعربات، وفي بعض المواقع توضع الحاويات في الخارج، وليس في أماكن خاصة معزولة عن الناس".
وعن دور سلطة جودة البيئة في ملف النفايات الطبية، أوضح أبو شنب أن الدور يتمثل في إصدار الأدلة والإرشادات، مشيرا إلى إصدار دليل خاص مؤخرا لكيفية التعامل مع النفايات الطبية الناتجة عن جائحة كورونا حال عدم توفر المحارق الخاصة بهذه النفايات، وذلك بعمل حفرة بمواصفات معينة للتخلص من النفايات بداخلها وفق شروط خاصة. ونوه في الوقت نفسه إلى أن الدور الرئيس في الرقابة والتفتيش في هذا الملف هو على عاتق وزارة الصحة؛ باعتبارها الجهة المُرخصة للمشافي والمراكز الطبية.
وزارة الصحة: نطبق نظام إدارة النفايات الطبية بنسبة 90%
بدوره أكد مدير دائرة صحة البيئة في وزارة الصحة نادر برهوش أن وزارته تسعى ضمن إمكانيتها السيطرة على ملف النفايات الطبية وتطبيق قرار مجلس الوزراء بخصوصه. وأضاف: "لدينا في كل مشفى أكياس خاصة لجمع النفايات الطبية، وهناك عملية فصل لها، وسيارة خاصة لنقلها، ونحن نلتزم بالنظام المعمول به في إدارة النفايات الطبية، وقمنا مؤخراً بشراء ثلاثة أجهزة (محارق صحية) لمعالجة النفايات والسيطرة عليها خصوصاً في ظل جائحة كورونا". ولفت إلى أن المحارق الثلاث تعالج 150 كيلو غراما من النفايات الطبية كل ساعة.
وتابع برهوش يقول: "لا ندعي الكمال، من الممكن أن تكون هناك ملاحظات، لكننا نطبق نظام إدارة النفايات الصادر عن مجلس الوزراء بنسبة 90% في المشافي والمراكز الطبية، وقمنا قبل شهرين بشراء أكياس نفايات صفراء ومعقمات ووزعناها على كل المشافي والمديريات في كل المحافظات، ولدينا حاويات خاصة للنفايات الطبية وعربات صغيرة لنقلها من المركز إلى السيارة".
تبقى مسألة إدارة النفايات الطبية بالغة الأهمية وتستوجب صرامة عالية في التعامل معها سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص. وفي ظل جائحة كورونا لا بد من التأكد تماما من تطبيق النظام الخاص بإدارة النفايات الطبية بنسبة 100% حفاظا على سلامة الجميع. في المقابل، تبقى هناك مسؤولية على عاتق كل منا في الحرص على عدم التخلص العشوائي من الكمامات والقفازات، والنفايات الصادرة عن المصابين أو المخالطين، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج.