شذرات بيئية وتنموية...جفاف وورق وقماش و"طوفان" وبطيخ..
خاص بآفاق البيئة والتنمية
مؤشرات التصحر تظهر في أكثر من 50% من أراضي الضفة والقطاع
أرقام صادمة
تتابع نتائج التقرير الوطني الأول المقدم لسكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أكد ظهور مؤشرات التصحر في أكثر من 50% من الأرض الفلسطينية، ما يعني الحاجة إلى جهد كبير لإعادة تأهيل هذه الموارد الطبيعية المتدهورة، وما يقارب 15% منها في تدهور.
ووفق تقرير الإدارة العامة للغابات والمراعي والحياة البرية في وزارة الزراعة، لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر، (17 حزيران)، فأن أهم مسبب لتدهور الأراضي في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 هو الاحتلال الذي يُجرّف الأراضي الزراعية، والقطع الممنهج للأشجار (أكثر من مليون شجرة منذ عام 2000)، وإقامة عشرات المعسكرات والمستوطنات على أراضي الغابات بعد قطعها.
وحسب المعطيات، فإن أكثر من ربع الكرة الأرضية تعاني خطر تدهور الاراضي، والذي يؤثر على نحو110 دول، وما يقارب مليار ونصف من سكان الأرض.
وأشارت وزارة الزراعة إلى أن العديد من مؤشرات التصحر وتدهور الأراضي تظهر في الاراضي الفلسطينية، استنادًا على المعلومات الافتراضية المتوفرة من وكالة الفضاء الأوروبية، وبالاعتماد على ثلاثة مؤشرات موحدة كأساس للإبلاغ من خلال التقارير الوطنية الدولية هي: الغطاء النباتي، والإنتاجية، والكربون المخزن.
رغم أهمية التقرير وخطورته، فإن ما ينقصنا، وكخطوات عملية بسيطة وعاجلة، وقف الإعتداءات المجتمعية على الغطاء النباتي، متابعة الأشجار التي يجري تشتيلها كل عام ضمن حملات مختلفة الأسماء لـ"تخضير فلسطين"، وخاصة خلال الجفاف، وقف الرعي الجائر، وقف ظاهرة قطع الأشجار وخاصة المعمرة منها، وتشديد العقوبات على قاطعيها وحارقيها والمتاجرين بها، تقييد الكسارات ومقالع الحجارة، والحدّ من الزحف العمراني العشوائي، وغيرها من الممارسات.
صحيح أن الاحتلال هو أصل الداء في تدمير البيئة، لكن ممارساتنا الذاتية هي ما يفاقم الحال، ويعقد الأزمات، ويجعل من التغني بالبيئة، والادعاء بحمايتها، والاحتفال بها مسألة تزيد الأزمة، ولا تساهم في إيجاد مخارج عملية لها.
محارب عوض مدير مخابز القدس الآلية تحول تدريجيا من أكياس البلاستيك نحو الأكياس الورقية
حلم مؤجل
تحاور الشاب محارب عوض، مدير مخابز القدس الآلية وسط نابلس، وهو أسير أمضى ست سنوات في سجون الاحتلال، وأحب البيئة، وامتلك روح المبادرة، وتابع التحذيرات من استعمال البلاستيك في حفظ الطعام، واتخذ قراراً بالتحول من أكياس النايلون في شباط الماضي، واتجه نحو الأكياس الورقية لاعتبارات صحية وبيئية ثانياً، وهو ما أُعجب به حين زارَ تركيا وألمانيا.
وصلت مبادرة عوض إلى أزمة حادة، فقد نفذت الأكياس من الموردين، وعجز عن تأمين كميات إضافية، ورفض استعمال أنواع أقل جودة من الورق، ويبحث الآن عن حلّ، وينتظر المساعدة من جهات مختصة؛ لإكمال حلمه.
وأفاد بأن العودة إلى الأكياس الورقية ساهم في إرضاء الزبائن، نحو الشهرين، لكنه صار يتعرض للاستغلال من قبل بعض المصانع، ودفع تكلفة كبيرة قياسًا بالبلاستيك (أغورة واحدة بدل كل كيس)، وتبنى المبادرة، إلا أن الكمية نفذت، ولم يجد من يورد له كميات جديدة، وفي حال الاستيراد، فإن الكلفة ستتضاعف كثيرًا عليه، وهو ما يعتبره حلاً غير عملي.
ويأمل عوض أن يصل إلى حل قريب، يساهم في الحفاظ على البيئة، ويعفيها من ثقل الأكياس البلاستيكية، التي لا تتحلل، وتضر بالصحة، ويجري التعامل معها بالحرق.
تدريب أطفال في نابلس أساسيات التدوير
هندسة خضراء
تواظب المهندسة المهتمة بالبيئة سماح أسعد حبايبة، على تعليم أطفال في نابلس، أساسيات التدوير، وفي أحدث تدريب، نفذته لمنتدى الياسمين البيئي التابع لمركزي الطفل الثقافي والتعليم البيئي، ورشة ترميم القماش التالف، وصناعة قطع منه صالحة للاستخدامات المنزلية.
تتابع بدورك التدريب من أوله لنهايته، وتشاهد فرحة الأطفال ورغبتهم بالتعلم، حيث تنافست زهرات وفتيان على قص وتشكيل جدائل من شالات قديمة، فيما حاكت الأنامل الصغيرة دوائر ملونة، تصلح للاستخدام في مداخل المنزل والمطبخ ودورات المياه.
وشرحت حبايبة، التي تحمل شهادة الهندسة المعمارية منذ عام 2003، وتعمل في مجال تصميم المباني، أساسيات التدوير للصغار، وقالت إن هذا القماش كان سيذهب لحاويات القمامة، وبجهود صغيرة استطعنا إعفاء البيئة من ثقل إضافي، ولو تحول هذا لسلوك عام في مدننا وتجمعاتنا، وشمل الورق، والزجاج، والمعدن، والمواد البلاستيكية لصارت بيئتنا أنظف وأجمل. وأوضحت إن عادة التدوير تحتاج إلى هندسة، فقبل التنفيذ نضع التصاميم، ونتخيل الشكل الذي يمكن ابتكاره، وهي مهارات يمكن تطويرها من خلال التجربة ومتابعة الفيديوهات المنتشرة في الإنترنت.
وذكرت حبايبة للأطفال أنها بدأت تلتفت إلى محيط منزلها منذ الصغر، وشعرت باستفزاز من النفايات المتراكمة حوله، فجمعت البلاستيك والإطارات المطاطية، لتنظيف المكان والاهتمام ببيئته، ولتجميل المنزل بتحف فنية. كما صنعت في منزل أسرتها العديد من النماذج الورقية والبلاستيكية والمعدنية والزجاجية والمطاط، وجميعها كانت متجهة إلى حاويات القمامة، وأشركت أطفالها الثلاثة في أعمال التدوير.
وانهمك قرابة 30 طفلاً في حياكة قماش استغنى عنه أصحابه، وصنعت دوائر لسجادة صغيرة يمكن استعمالها في مدخل البيت. الجميل أن نبدأ بتطبيق الأفكار النظرية، ونجعلها تكبر، وتصنع الأمل والإلهام.
تحدي النفايات في مدينة جنين
نفايات واستعصاء
تتابع أخبارًا، نشرت في وسائل الإعلام عن لقاء طارئ عقد بداية حزيران الماضي، لبحث تحدي النفايات في مدينة جنين وتداعياتها، وإيجاد حل لها. وقال نائب رئيس البلدية فايز السعدي، إن اللقاء بحث عن "حلول خلاّقة" لتجاوز الازمة التي، تنعكس بالدرجة الأولى على صحة المواطن. وأعرب مدير عام الحكم المحلي، راغب أبو دياك عن استعداد الوزارة للمساهمة في حل المشكلة، والتخلص منها بأيسر الطرق وأسرعها. وأكد نائب رئيس مجلس الخدمات للنفايات الصلبة، بلال عساف، ضرورة العمل في خدمة جمع النفايات والتخلص منها. ودعا المدير التنفيذي للمجلس هاني شواهنة البلديات والمجالس المحلية لتسديد ديونها، كي تستطيع الطواقم القيام بمسؤولياتها. عدا عن دعوات مماثلة لرئيسي بلدية عرابه وبرقين، أحمد العارضة ومحمد صباح، وأعضاء من بلدية جنين وجهات اختصاص.
بعيدًا عن مكان الاجتماع، تنتشر النفايات العشوائية، ويشتكي المواطنون سوء التعامل معها، وتحفل مواقع التواصل الاجتماعي بمناشدات وانتقادات لسوء الحال، وقبل أيام من اللقاء اشتعلت النيران في مكب مؤقت وسط جنين كاد يتسبب بحرق عدة مركبات، لولا تحرك المارة والتجار، كما لا يجري التعامل الجيد مع مخلفات سوق الخضار والفاكهة المركزي.
بدورك، تُشبه النفايات دائمًا بـ"الطوفان" المستدام، الذي نغذيه نحن بانعدام الانتماء للأرض، وجهلنا بالبيئة، وتجاهلنا للصحة.
يبدو حل النفايات أسهل مما يمكن، إن توفرت الإرادة، وبالمستطاع البدء بإجراءات عملية، خلال مدة قصيرة، في فرز النفايات العضوية وتحويلها إلى أسمدة طبيعية (كمبوست) أو طاقة نظيفة، والتي تشكل وفق الجهاز المركزي للإحصاء أكثر من 50% من مكونات النفايات الصلبة. وبهذه الخطوة، يمكن حلّ غالبية المشاكل المرافقة للنفايات، كالروائح، والحشرات، والقوارض، والعصارة الخطرة، وغاز الميثان.
وفي مرحلة متوسطة، يمكن الانتقال لمعالجة النفايات الورقية والبلاستيكية، عبر إعادة تدويرها، وهي مشاريع ليست بمعجزة، ولا تشبه برامج الفضاء.
مهارة التدوير في نابلس
أزمة وتسوق
تتلقى دعوة من مجموعة "شراكة" التطوعية و"حكي القرايا" في جنين، للحديث في ورشة ستناقش نهاية حزيران التحديات التي تواجه البطيخ، وتبحث أسباب انخفاض إنتاجيته، والحلول الممكنة لحماية المزارعين وتشجيعهم على زراعة هذا الصنف. تعقبها زيارة مزرعة مجاورة، للاطلاع والشراء المباشر.
جوهر الأزمة باختصار: انقراض أمهات البذور، وانتشار أمراض التربة، وتراجع الأمطار، والظروف الجوية المُتغيرة، والممارسات الزراعية المُفرطة في الكيماويات، واختفاء الأنماط الزراعية التقليدية، وهشاشة التسويق وغياب الحماية للمنتج المحلي، ومنافسة المنتج الإسرائيلي، وتوقف التصدير إلى الخارج.
aabdkh@yahoo.com