مؤسسة "عمار الأرض الفلسطينية" أطلقت حملة لاستيعاب كميات كبيرة من الورق المستخدم في المؤسسات والمدارس والجامعات الأمر الذي يعدُّ عبئاً اقتصادياً وبيئياً كبيرا. مشروع فصل النفايات الورقية بدأ من المدارس والبنوك كخطوات عملية على أرض الواقع لفصل النفايات وإعادة تدويرها، حيث لوحظ أن المدارس تخرّج كميات ضخمة من النفايات نهاية كل فصل دراسي، والبنوك كذلك، وعلى هذا الأساس انطلق مشوار التواصل مع الشركات والمؤسسات وتم توزيع صناديق خاصة لفصل هذه النفايات.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
"احم شجرة بتدويرك ورقة" .. حملة أطلقتها مؤسسة "عمار الأرض الفلسطينية" لأهداف عدة، وذلك لاستيعاب كميات كبيرة من الورق المستخدم في المؤسسات والمدارس والجامعات الأمر الذي يعدُّ عبئاً اقتصادياً وبيئياً، حيث تشكل النفايات الورقية ما يقارب ال10% من إجمالي النفايات في الضفة الغربية وقطاع غزة حسب أيمن أبو ظاهر، المدير العام لدائرة التوعية في سلطة جودة البيئة.
ويشير أبو ظاهر أن النفايات الورقية تعتبر موردًا هاما، ولها عائد اقتصادي كبير في حال إعادة تدويرها، اضافة الى إزالة الاثر البيئي المترتب عن هذه المخلفات، ويؤكد بأن هناك طموح متنامٍ بأن تستقبل صناعات مختلفة هذه المخلفات.
من جهتها أوضحت المهندسة البيئية يسرية رمضان من وزارة الحكم المحلي، أن الدراسات التي صدرت مؤخرا أشارت إلى أن النفايات الورقية والكرتون في الضفة الغربية تشكل ما نسبته 14.6% من إجمالي النفايات الصلبة الناتجة يوميا في الضفة ومقدارها نحو 1800 طن؛ أما في قطاع غزة فتشكل النفايات الورقية12% من إجمالي كمية النفايات الناتجة (وهي تحديدا 1200 طن)، أي أن الضفة الغربية تنتج يوميا نحو 262,8 طن نفايات ورقية، بينما ينتج قطاع غزة يوميا حوالي 144 طن.
وأضافت بأن هناك بعض المبادرات للتخلص من هذه النفايات سواء من قبل المجالس المشتركة أو مبادرات فردية من بعض منظمات المجتمع المدني، وهي قليلة جدا ولا تشكل الا جزءا يسيرا من إجمالي نفايات الورق والكرتون. وما يتم جمعه بغالبيته يذهب إلى مكبات النفايات.

المخلفات الورقية بعد فرمها
فكرة المشروع
وحول هذه الحملة ومشروع تدوير النفايات الورقية قالت "سميراء القاضي" مسؤولة قسم المشتركين في مؤسسة عمار الارض،
أن مشروع فصل النفايات الورقية بدأ من المدارس والبنوك كخطوات عملية على أرض الواقع لفصل النفايات وإعادة تدويرها، حيث لوحظ أن المدارس تخرّج كميات ضخمة من النفايات نهاية كل فصل دراسي، والبنوك كذلك، وعلى هذا الأساس انطلق مشوار التواصل مع الشركات والمؤسسات وتم توزيع صناديق خاصة لفصل هذه النفايات.
بدأت الحملة في 2014 تحت عنوان "احم شجرة بتدويرك ورقة" حيث تم التواصل مع المؤسسات لوضع 1600 صندوق، و1000 كيس من الاكياس البيئية التي تساعد في الفصل، ووصلت الحملة للقطاع الحكومي والخاص بأكثر من 700 موقع، وأشارت القاضي الى أن التوزيع كان مجاني بدعم من شركة كابي للمشروبات، وهم أول المساندين لهذه الحملة.
أما عن آلية النقل فقالت القاضي أن البداية كانت من خلال السيارة الشخصية حتى تم توفير فورد ترانزيت، والان هناك حافلتين مخصصتين للنقل، حمولة 3 طن ونصف، وحمولة 2 طن، اي تراكتورين وفورد، وقد توسعت الحملة لتشمل ايضا المدارس الخاصة، ومدارس الوكالة.
المشروع لا يخلو من تكاليف باهظة، هناك تكاليف عمال وتكاليف صيانة وتكاليف نقل، وهذه التكاليف تتحملها عمار الارض كما أوضحت القاضي، ولا يوجد داعم او راعي للمشروع، وبالتالي يتطلب الامر اتخاذ خطوات معينة للعمل، كتوعية ومرافقة للمؤسسات في بعض الزيارات، ثم يتم الاتفاق معهم على العمل، وبالتالي هذه تكاليف إضافية، فالمشروع غير مجدٍ اقتصاديا بالنسبة لنا.
وأعربت القاضي عن أملها بالعثور على داعم للحملة من المهتمين بالشأن البيئي، تقول: " حققنا انجازات على أرض الواقع، حيث جمعنا أكثر من ألف طن ورق وأرسلناهم للتدوير، بدلاً من أن تلقى في مكبات النفايات وتشكل عبئاً على البيئة".

النفايات الورقية المختلطة مع سائر النفايات في المكبات
آلية العمل
وعن الموقع الجغرافي لنطاق عمل الحملة في الضفة فقد تمكنت المؤسسة من تغطية منطقة محافظة رام الله والبيرة وضواحي القدس، هناك مواقع تجميع في الشمال والوسط، وهناك خطة لتغطية منطقة الجنوب قريباً.
وعن الية العمل أوضحت القاضي أن البرنامج يتم على مدار عام كامل، "هناك برنامج متكامل لكافة الموظفين وعمال النظافة وتقارير بيئية ودورية وورش عمل للتقليل من استخدام الأوراق.
وتتجه النفايات الورقية نحو الفرّامة، والتي هي عبارة عن آلة كبيرة الحجم تقوم بفرم الاوراق للتخلص منها بشكل آمن، كأوراق البنوك والشركات الخاصة، ومؤسسة عمار الأرض هم الوحيدون الذين يقدمون هذه الخدمة حاليا.

طالبات يعرضن مشغولاتهن الجميلة من المخلفات الورقية
رسوم رمزية للفرم
وقالت القاضي أن هذه الاوراق والملفات السرية كان يتم حرقها لكن البلديات تحاول منع عملية الحرق، فأصبحت المؤسسات في حيرة من أمرها حول كيفية التخلص منها، وقد أوجدت عمار الأرض هذه الآلية الآمنة والتي تقوم بفرم أكثر من 300 ورقة بنفس السحبة ومن ثم ضغطها، ولضمان السرية تأتي المؤسسات بنفسها لتتخلص من أوراقها مقابل رسوم رمزية وهي 35 اغورة على كل كيلوغرام، ويمكنها فرم 700 box files)) في اليوم الواحد.
سلطة البيئة تساند المشروع
بدوره أعرب أيمن الظاهر عن مساندة سلطة جودة البيئة للمشروع، وقال أن التشجيع على القيام بهكذا مشاريع يعبر عن سياسة سلطة البيئة من واقع الايمان العميق أن مسألة النفايات يجب ان تنتقل من كونها عبئاً على المواطن والدولة إلى مورد حقيقي يستفاد منه في مختلف المجالات.
وقال أن سلطة البيئة شاركت المؤسسة بحملات التوعية بدءا من المدارس وتشبيكها مع عمار الارض للعمل في كافة القطاعات والمحافظات.
يضيف "العام المنصرم كان لدينا أكثر من برنامج في المدارس في محافظات نابلس والخليل وطولكرم والبيرة، وبالتالي جزئية استخدام جمع الأوراق مهمة جدا ويمكن أن تتحول لمصدر حقيقي للتنمية وحلّ لمشكلة بيئية مؤرقة".

ورشة توعوية حول إعادة تدوير المخلفات الورقية
الأثر الاقتصادي والبيئي
تعتبر النفايات الورقية عبئا على المؤسسات وعلى الشركات وكذلك على الدولة، حيث كان يتم التخلص منها في مكب زهرة الفنجان بشكل تقليدي كما أشارت القاضي، الى أنها الان تتجه نحو المصانع التي تعيد تدويرها رغم أن نسبة المعاد تدويره حتى الان قليلة جدا، وهناك أمل بأن تتضاعف عدد المصانع التي تستقبل هذه النفايات لاعادة استخدامها من جديد.
وأشارت المهندسة البيئية يسرية رمضان أنه يمكن تحقيق الفائدة بشكل دقيق فقط من خلال دراسة جدوى لهذا الغرض وهي غير متوفرة لدينا على الاقل في الوقت الحالي، لكن هناك قطعا فائدة وتتحدد بناءً على عدة معطيات منها سعر الطن من الورق ومدى توفر مصانع في الضفة والقطاع.
وأوصت رمضان بضرورة اعتماد سياسات خاصة لتشجيع إعادة التدوير عبر إشراك القطاع الخاص للاستثمار في النفايات بشكل عام حسب ما أقرته الاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة. مشيرة إلى أن ما تم استغلاله حتى الان هو نسبة قليلة جدا، ولا يوجد أرقام محددة حول حجم المستغل من النفايات الورقية.
وقال أبو ظاهر أن بعض الصناعات الورقية المتعلقة بجمع الورق يتم حاليا تصنيعها وإعادة استخدامها لأغراض أخرى في إطار استخدامها من جديد، كاستخدامها في انتاج صناعات مثل الكرتون المقوى، فهناك مثلا صناعة فلسطينية للكراتين الخاصة ببيض الدواجن، حيث يتم إنتاج نوع الكرتون من خلال تشكيلها من جديد.
وأضاف "لغاية الان لم نصل لمستوى الاستفادة بنسبة 10% وممكن أننا لم نصل لـ1%، نحن نحتاج لصناعات أكبر لإعادة التصنيع لأغراض مختلفة".