خلال مؤتمر لمجلة آفاق البيئة والتنمية: مبيدات محظورة وخطرة تباع في الأسواق الفلسطينية... ودعوة لتشديد الرقابة على المزارعين
عقدت مجلة آفاق البيئة والتنمية الصادرة عن مركز العمل التنموي / معا مؤتمرا صحفيا في 29 نوفمبر الماضي، وذلك بالتعاون مع شبكة المنظمات الأهلية البيئية وشبكة أجيال الإذاعية ومؤسسة هنريش بل الألمانية. كشف المؤتمر عن معطيات ومؤشرات مقلقة حول الاستخدام العشوائي والمفرط للمبيدات الكيميائية من قبل المزارعين، مستندة إلى وثائق وفحوصات مخبرية أكدت وجود متبقيات كيميائية كبيرة في عينات من الخضار تم فحصها من مختلف محافظات الوطن.
|
خاص بآفاق البيئة والتنمية
|
المؤتمر الصحفي حول المبيدات الكيميائية المميتة المتداولة في الأسواق الفلسطينية |
كشفت مجلة آفاق البيئة والتنمية الصادرة عن مركز معا، خلال مؤتمر صحفي عقد في 29 نوفمبر الماضي، عن معطيات ومؤشرات مقلقة حول الاستخدام العشوائي والمفرط للمبيدات الكيميائية من قبل المزارعين، مستندة إلى فحوصات مخبرية أكدت وجود متبقيات كيميائية كبيرة في عينات من الخضار تم فحصها من مختلف محافظات الوطن.
يأتي هذا المؤتمر الصحفي بالتعاون مع شبكة المنظمات الأهلية البيئية وشبكة أجيال الإذاعية ومؤسسة هنريش بل الألمانية، وقد شارك فيه كل من مدير وحدة الدراسات في مركز معا جورج كرزم، والصحافي الاستقصائي فراس الطويل والمهندس الزراعي البيئي سعد داغر، فيما اعتذرت وزارتا الزراعة والصحة عن المشاركة لأسباب خارجة عن إرادتيهما، وقد نسق للمؤتمر الصحفية ربى عنبتاوي.
وأفاد الصحفي فراس الطويل بوجود استخدام مفرط للمبيدات الخطرة وبعضها من المحظور محليا وعالمياً.
وكشف عن ظاهرة خلط المزارعين لعدد من المبيدات الكيميائية وهذا ما يزيد من تفاقم السمية جراء التفاعل بين المركبات الكيميائية المختلفة ما يولد مواد شديدة الخطورة والسمية. معلناً أن المؤشرات الأولية "مقلقة ولا تبشر خيراً".
وختم مداخلته حول واقع تهريب المبيدات او شرائها من المستوطنات نظرا لرخص أسعارها مقارنة بالسوق الفلسطيني، ما يترتب على ذلك غياب للضوابط والمعايير في الاستخدام.
الصحافي الاستقصائي فراس الطويل يتحدث في المؤتمر الصحفي حول واقع المبيدات في أراضي السلطة الفلسطينية
فوضى المبيدات وغياب الرقابة
أما الخبير البيئي جورج كرزم فتحدث بإسهاب حول أنواع المبيدات الكيميائية المحظورة وأسمائها العلمية والتجارية والمتوفرة في السوق الفلسطيني، مشيرا إلى أن التعاطي مع المبيدات يجب أن يكون بحذر شديد حيث أقرّت مؤسسات عالمية مختصة، مثل IARC وWHO، بضرر هذه المبيدات وتسببها بأمراض سرطانية وعصبية وتناسلية ووراثية.
وذكر كرزم إعلان الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) التابعة لمنظمة الصحة العالمية، في آذار عام 2015، أن مادة "الغلايفوسات" التي ما تزال متداولة في الأراضي الفلسطينية (المادة الفعالة في بعض مبيدات الأعشاب) "يحتمل أن تكون مسببة للأورام السرطانية لدى البشر"
وحذر كرزم أيضا من مواصلة السماح فلسطينيا للمادة الفعالة imidacloprid المسرطنة، والمسببة لتشوه وراثي في كروموسومات الكرات اللمفاوية، إضافة إلى مبيد الأعشاب 2,4-D الذي يسمى تجاريا "بر سوبر" ويتسبب بأمراض سرطانية. كما حذر بقوة من استمرار تداول بعض المبيدات الفسفورية العضوية مثل المادة الفعالة fenamiphos المعروفة باسمها التجاري "نماكور" والتي لا تزال مسموحة رسميا في الضفة والقطاع؛ علما أن هذا المبيد يعتبر من أخطر المبيدات الفسفورية العضوية، إذ أن له أعلى درجة سمية (درجة سمية a)، وقد منع استعماله في دول عديدة، بسبب كونه مدمرا للجهاز العصبي المركزي لدى الإنسان ويسبب تشوهات تناسلية وخلقية؛ ويضاف إلى ذلك المبيد الفسفوري العضوي methidathion بأسمائه التجارية المختلفة مثل "سوبر أسيد"، "سوبراثيون" وغيرهما؛ وهذا المبيد سام جدا (درجة سميته b) ومحظور في العديد من دول العالم بما فيها الاتحاد الأوروبي، وهو يعد مسرطنا، ويتلف الجهاز العصبي وقد يحدث تضخما في الكبد.
ونوه كرزم إلى أن حظر تداول مبيدات معينة أو السماح باستعمالها في مناطق السلطة، لا يستند إلى منهج علمي واضح؛ فيمنع مبيد محدد في سنة معينة، ثم يعاد السماح باستعماله في سنة أخرى
جورج كرزم المحرر المسؤول في مجلة آفاق البيئة والتنمية يتحدث في المؤتمر الصحفي حول المبيدات المتداولة في الأسواق الفلسطينية
وأشار إلى أن الهدف من المؤتمر هو دق ناقوس الخطر وحث جميع الجهات الحكومية والمعنية على التحرك الفوري لمواجهة الواقع الكيماوي المقلق في الغذاء الفلسطيني، مشدداً على ضرورة التنسيق بين وزارتي الصحة والزراعة وبين سائر الوزارات والمؤسسات الرسمية والأهلية ذات الصلة.
ولفت كرزم إلى أنه غالبا لا تُفْحَص البضائع الزراعية الإسرائيلية القادمة من إسرائيل بشكل رسمي إلى مناطق السلطة الفلسطينية والتي تحمل ما يسمى "شهادة منشأ" وتصريح من وزارة الزراعة الفلسطينية، باعتبار أن هذه البضائع تكون معروفة المصدر؛ أي توجد "ثقة" بالسلع الزراعية الإسرائيلية. كما أن المُنْتَج الزراعي المحلي لا يفحص غالبا قبل التسويق أيضا.
وتساءل كرزم في المؤتمر: " كيف سيقيس المواطنون في منازلهم معدل "الحد الأعلى المسموح به دوليا"؟ هل يجب أن يتوفر في كل منزل مختبر كيميائي لقياس المتبقيات الكيميائية إذا كانت فوق المعدل أو تحت المعدل؟
ودعا كرزم إلى ضرورة إنشاء هيئة غذائية مشتركة تضم الوزارات والمؤسسات والمنظمات غير الحكومية المعنية، بحيث تراقب الإنتاج الغذائي والزراعي في الضفة والقطاع؛ بما في ذلك مجال المكافحة الكيميائية التي تعاني من العشوائية والفوضى.
المؤتمر الصحفي حول واقع المبيدات الكيميائية في الضفة الغربية وقطاع غزة
داغر: الزراعة البيئية الأفضل فلسطينياً
أما المداخلة الثالثة فكانت للمهندس مناصر الزراعة البيئية "سعد داغر" الذي أعلن رفضه القاطع لاستخدام الكيماويات الزراعية، مشيراً إلى أنها أتت من عقلية الحرب والأغراض العسكرية ومن منظوره "لا يمكن جلب الخير من عقلية الشر" مشيراً أيضاً إلى أن ما يعرف بفترة أمان المبيد "أي الفترة ما بين رش المادة إلى أن تتحلل المادة الفعالة" هو أكذوبة لأن تحلل المادة الفعالة ينتج عنه مواد أولية قد تكون اشدُّ ضرراً وخطرا من المادة الفعالة نفسها .
وحول جدلية الزراعة البيئية وأنها لا تصلح إلا للحيازات الصغيرة والحدائق المنزلية، فنفى داغر ذلك بدليل أن 81% من الحيازات الزراعية اقل من 10 دونم أي أنها تصنف صغيرة، وبالتالي نتحدث عن أغلبية صالحة لتطبيق فكرة الزراعة العضوية البيئية، كما أن الحيازات الكبيرة تنتج سلعاً للتصدير إلى السوق الخارجي وليس المحلي وبالتالي فلا مانع من تطبيق فكرة الزراعة البيئية على الإنتاج المحلي.
وتشير المؤشرات الدولية وفق داغر إلى أن 70-75% من الغذاء العالمي مصدرهُ الحيازات الصغيرة ، مؤكداً من خلال تجربته الذاتية وإشرافه على العديد من المزارع البيئية في فلسطين، ان الفكرة قابلة للتطبيق وهي منتجة أكثر من الزراعة الكيماوية "من حيث القيمة الغذائية" مستشهدا بتجارب عالمية في الهند وكاليفورنيا حيث أثبتت أن الزراعة البيئية قادرة على إنتاج من 6-9 أضعاف كميات الزراعة الكيماوية.
وختم مداخلته بأن التجربة الفلسطينية في صدد التطوير، وهناك مؤشرات ايجابية على حراك بيئي جيد من حيث ازدياد المؤمنين بهذا النوع من الزراعة والراغبين بالتحول إليها في مزارعهم.