الأرض تزداد سخونة، والسبب سلوكياتنا!
لا ريب في أن سلوكياتنا هي السبب فيما يحصل من تغيرات تطرأ على المُناخ، والتي أصبحت أهم قضية معاصرة رائجة بشكل رسمي سواء على مستوى العالم أو فلسطين. في الحقيقة أن مشكلة الاحتباس الحراري تزداد بسرعة كبيرة من سنة إلى أخرى، ويرجع ذلك إلى أساليب الحياة السلبية المتبعة، فبحسب تصوري ومنذ وجودي على هذه الأرض لم يسبق لي أن شعرت بموجات الحر الشديدة كما في شهر تموز خلال صيف 2017 مقارنةً بالأعوام السابقة، ولو فكرت بينك وبين نفسك عن مصداقية هذا الكلام ستجد أنه بالفعل يحدث في الواقع.
إن الأرض على وشك الغليان فاذا لم نتحرك بسرعة فسنحترق بجامها، وسنصل الى مرحلة لن نستطيع فيها فعل شيء. إذا لم أكن على خطأ فإن هذه المشكلة تتطور من السيء الى الأسوأ بشكل سريع مع زيادة العامل الديموغرافي وبالتالي زيادة متطلبات الحياة واستنزاف الموارد والتي لا يسد حاجتها القليل، فأصبح الكثير من كل شيء قليل في الوقت الراهن. أيا ترى كيف سيكون مستقبل الأرض؟
من المؤكد بأن الدول الصناعية هي المسبب الرئيسي لانبعاث أهم الغازات الملوثة وهو غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حرق الوقود الأحفوري، فلو علمنا ما يحيكه الساسة من تحت الطاولة حول هذه القضية لن يُخيل لنا كم ظلموا شعبهم وأرضهم وهذا تحت مفهوم "الاقتصاد" أي ما معناه المنفعة الشخصية القائمة على رأس المال. بغض النظر على أن فلسطين ليست دولة صناعية، فهذا لا يُلغي تأثيرنا كأفراد على أرضنا سواء على نطاق الاستخدامات المنزلية أو الشخصية أو الجماعية.
نحن كالمدخنين الذين يعرفون مضار التدخين عليهم وعلى غيرهم ولا يمتنعون عنه، وكما يبدو لي بأننا أعداء أنفسنا وأرضنا ومحيطنا الذي نرغب في العيش فيه دون الاكتراث للتأثيرات السلبية التي نسببها. لو نظرنا الى الفوائد التي سترجع علينا بالنفع من ابتعادنا عن كل ما هو مُضر لنا ولأحبائنا، فمن المؤكد أننا سنقاتل ليس من أجلنا فقط وانما من أجلهم.
هنالك أفكار خاطئة متداولة عند الكثير من الأفراد فيما يخص وضع الحلول من أجل الوصول الى بيئة مستدامة وصالحة للحياة على المدى البعيد، فمنهم من يعتقد بأنه كفرد ليس له تأثير على محيطه، وبالتالي تزداد المشكلة تعقيداً ما لم نصل الى الوعي الكافي لتغيير سلوكياتنا كأفراد تجاه البيئة. أن السر في الوصول الى الهدف المنشود يكمن في بدء الفرد بنفسه أولاً، والسعي الى التقليل من سلوكياتنا السلبية خير لنا قبل أن تتطور المشكلة الى الأسوأ أكثر وأكثر ونحن في غنى عن ذلك.
لنخرج من القوقعة وننظر لما يدور من حولنا وأن نكون أكثر واقعية ووعياً حول التغير المُناخي وما يُصاحبه من مخاطر تهدد كوكبنا وما فيه، لدينا فرصة الان في رسم حلول واقتراحات عديدة ضمن مشكلة واحدة نستطيع من خلالها تلوين الأرض بأجمل الألوان.
أليس من الأفضل لنا اتباع الأساليب الصديقة للبيئة سواء على المستوى الفردي أو الجماعي كالاعتماد على الطاقة النظيفة في توليد الكهرباء في بيوتنا ومؤسساتنا، والاقتصاد في استهلاك الكهرباء والماء والذي يقلل من التلوث واستنزاف الموارد وأيضاً يوفر المال، والتقليل من التنقل عبرّ السيارة واستبدالها بالوسائل الجماعية، زراعة كميات كبيرة من الأشجار وتفعيل المباني الخضراء للاستفادة من جوانبها الإيجابية نحو حياة أكثر صحة ونقاء، أخيراً وليس آخراً وضع قوانين وضرائب من أجل التقليل من انبعاث الملوثات والتدقيق بشكل خاص على المصانع. أرسم اقتراحاتك وحلولك بنفسك، وكن الأول!
نحن خير من يستطيع المساعدة في التقليل من حدة هذه المشكلة، ويمكننا جميعاً القيام بإنقاذ أرضنا من الفناء، فنحن الذين بحاجة الى كوكبنا وليس هو بحاجة الينا. هل سيكون لديكم مكان تلجؤون اليه غير الأرض؟ من منا لا يُريد العيش في بيئة صالحة خالية من الملوثات والأمراض؟
إن الوطنية ليست المحافظة على أرض آبائنا بقدّر ما هي المحافظة على أرض أبنائنا، عسى أن ترجع فلسطين أرض العسل واللبن وتملؤها شقائق النعمان في كل مكان، فلنبدأ من الان قبل فوات الأوان.