خاص بآفاق البيئة والتنمية
ازدادت في السنوات الأخيرة في العديد من الدول النامية والبلدان الأوروبية والأميركية الشمالية، مشاريع إنتاج الكهرباء من الغاز الحيوي (القابل للاشتعال) الذي ينتج عن تحلل النفايات العضوية أو روث الحيوانات. والمقصود بالغاز الحيوي هو تحديدا غاز الميثان (CH4).
ويعد تحويل الغاز الحيوي إلى طاقة كهربائية جزءا من عملية التأهيل البيئي لمكبات النفايات؛ بحيث يتم الاستفادة من غاز الميثان المنبعث من النفايات العضوية، علما بأن هذا الغاز يعد من أخطر غازات الدفيئة المنبعثة إلى الغلاف الجوي والمتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري. وبالتالي، تساهم عملية إنتاج الطاقة من هذا الغاز في تقليص كميته المنبعثة إلى الهواء.
ومن الناحية الفنية تتلخص عملية إنتاج الكهرباء من الميثان، في حفر آبار بمنطقة مكب النفايات؛ بحيث يمرر الغاز الناتج من النفايات إلى هذه الآبار ويخزن فيها. ومن ثم، يجري الغاز من الآبار في أنابيب تحت أرضية إلى المنشآت أو المصانع أو المنازل المحاذية للمكب (حتى مسافة بضعة كيلومترات) والمجهزة مسبقا بمولدات أو بمنظومة بخارية يشغلها الغاز لتوليد الكهرباء؛ ما يعني استبدال آلاف أطنان الوقود الأحفوري الملوث والأعلى كلفة الذي يستخدم أحيانا كثيرة لتوليد الطاقة الكهربائية.
وبالطبع، تتطلب عملية الانطلاق في هذا التوجه، بعض الدعم المالي والمحفزات والإعفاءات الضريبية للمنشآت أو الهيئات المحلية التي تنوي استخدام الغاز الحيوي في توليد الكهرباء.
وبالعادة، لتسهيل عملية الاستفادة من غاز الميثان، تقام منشآت خاصة للنفايات العضوية التي يتم نقلها إلى أجهزة الهضم اللاهوائية (في نطاق ذات المنشأة) حيث ينتج فيها الميثان. ومن النفايات المتبقية يمكن تصنيع السماد العضوي (الكمبوست). وكما في حال إنتاج الكهرباء من الألواح الشمسية، يمكن لشركة الكهرباء أن تحدد تسعيرة تشجيعية لشراء الكهرباء من مثل هذه المنشآت.
وللاستفادة بشكل أفضل من النفايات العضوية، سواء لأغراض إنتاج الطاقة أو الأسمدة أو غير ذلك، يفترض تقسيم حاويات النفايات في المنشآت والمنازل والأحياء إلى قسمين: الأول حاويات للنفايات الرطبة فقط (بقايا الطعام والمطبخ وما إلى ذلك)، والثاني للنفايات الجافة مثل الورق والكرتون والبلاستيك والزجاج. ويمكن نقل النفايات الجافة النوعية والجيدة إلى منشآت التدوير (في حال توفرها). أما نفايات الورق والبلاستيك والمنسوجات الأقل جودة والأقل ملاءمة للتدوير فيمكن الاستفادة منها في أفران خاصة، في سياق عمليات تصنيع الإسمنت مثلا.
ومع ذلك، قد تستوعب المكبات المصممة للاستفادة من الغاز الحيوي النفايات غير المفروزة إلى نفايات رطبة وجافة أيضا، وبالتالي العمل على فرزها ومعالجتها.
كما بإمكان القطاع الخاص أن يستثمر في إقامة منشآت لتوليد الغاز الحيوي لأغراض إنتاج الكهرباء وللتدفئة والتبريد؛ سواء لاستخدامات المنشآت التجارية والصناعية، أو لاستخدامات الأحياء السكنية، ما سيزيد الطلب؛ علما أن إقامة منشآت لإنتاج الطاقة من النفايات العضوية غير مكلفة نسبيا. ولا يقتصر إنتاج الغاز على المكبات الخاصة بالنفايات العضوية، بل يمكن استخراج الغاز أيضا من محطات تنقية المياه العادمة، ومنشآت خاصة لإعادة تدوير روث الحيوانات.
تحدي إنتاج الكهرباء
في عددها الصادر في شباط 2013، عالجت مجلة آفاق البيئة والتنمية مسألة التحدي الكامن في إنتاج الطاقة النظيفة من النفايات العضوية، وشددت على أن معظم النفايات الصلبة المتولدة في الضفة الغربية وقطاع غزة عبارة عن نفايات رطبة وعضوية يسهل فصلها وإعادة تدويرها، إلا أن كميات النفايات العضوية التي يعاد تدويرها فعليا لا تتجاوز 2%. وأشارت المجلة إلى أن المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 تفتقر إلى استراتيجية مركزية لتدوير نسبة معينة من النفايات؛ علما بأن هذا التوجه يشكل حلا جذريا للأضرار الصحية والبيئية والاقتصادية الخطيرة الناجمة عن انتشار مكبات النفايات العشوائية، إضافة إلى محدودية استيعاب المكبات الصحية الهامشية القائمة؛ آخذين في الاعتبار النقص الخطير في المساحات اللازمة لدفن النفايات الصلبة.
وشددت المجلة على أنه في ظل تبعيتنا الكاملة للطاقة بكافة أشكالها لإسرائيل، فيفترض بنا التفكير والتخطيط الجديين لتشجيع التوجه نحو إنتاج الكهرباء النظيفة من النفايات العضوية ومن الطاقة الشمسية؛ وبالتالي، تعزيز الاعتماد على الذات في استهلاك الطاقة.
ووفقا لتقديرات مجلة آفاق البيئة والتنمية، فإن كمية النفايات العضوية التي يمكننا أن ننتج منها طاقة الغاز الحيوي في الضفة الغربية وقطاع غزة تتجاوز المليون ونصف طن سنويا؛ وهذه الكمية، باعتقادنا، قادرة على إنتاج أكثر من 30 ميغاواط.