خاص بآفاق البيئة والتنمية
يقول يعقوب:" أصبت خلال العدوان الاسرائيلي 2014 على قطاع غزة، بشظايا مختلفة على جسدي ووجهي، لم يدر في خلدي أن الكرفان سيكون في يوم من الأيام سكناً لعائلتي... في البداية، رفضنا الفكرة جملة وتفصيلاً ولكننا لاحقاً رضخنا للأمر الواقع في ظل غياب أي بديل".
|
تسمرت أسرة يعقوب جبر المكونة من خمسة أفراد، في الممر المؤدي إلى الكرفان، هروباً من لفحات الشمس الحارقة، والبحث عن مساحة من الظل ترطب أجسادهم التي أنهكها السهر، وسهد الليل.
بدأ القلق يساور الأسرة مع قدوم فصل الصيف، وتكرار معاناة العام الماضي، الناجمة عن انتشار الحشرات خاصة الذباب والبعوض، غير القوارض والديدان التي تبحث عن أي ركن رطب من أركان الكرفان لتتخذه مأوى لها.
يقول يعقوب:" أصبت خلال العدوان الاسرائيلي 2014 على قطاع غزة، بشظايا مختلفة على جسدي ووجهي، لم يدر في خلدي أن الكرفان سيكون في يوم من الأيام سكناً لعائلتي... في البداية، رفضنا الفكرة جملة وتفصيلاً ولكننا لاحقاً رضخنا للأمر الواقع في ظل غياب أي بديل".
خروج بالقوة
زوجها الذي قَضّت مضجعه الحشرات الزاحفة والطائرة والبعوض لم يجد طريقة لإبعادها سوى استخدام مبيدات الحشرات والتي تعرف (k300 ) الفتاكة، الأمر الذي أثر على صحة الجنين الذي حُكم عليه أن يولد بإعاقة نتيجة استنشاق الزوجة للمبيد وفق ما صرح به الطبيب المتابع للحالة.
|
كانت الأسرة آخر من خرج تحت تهديد القوة من مدارس الغوث وتشغيل اللاجئين، ليتهشم أثاثهم أثناء النقل القسري، ويجدوا أنفسهم مجبرين على العيش داخل هذا الصندوق المصنوع من الصفيح والمحشو بالخشب.
زوجة يعقوب كانت قد وضعت مولودها الثاني داخل المدارس وهي تنتظر بعد أربعة أشهر وضع مولودها الرابع، ولكن مع اختلاف المكان والتفاصيل.
زوجها الذي قَضّت مضجعه الحشرات الزاحفة والطائرة والبعوض لم يجد طريقة لإبعادها سوى استخدام مبيدات الحشرات والتي تعرف (k300 ) الفتاكة، الأمر الذي أثر على صحة الجنين الذي حُكم عليه أن يولد بإعاقة نتيجة استنشاق الزوجة للمبيد وفق ما صرح به الطبيب المتابع للحالة.
طفل غزي يعاني من لسعة قارض في مكان لجوئه في الكرفانات منذ عدوان 2014
في انتظار
في انتظار
الزوجة وبحيرة كست محياها وبقلق يساورها لم تستطع اجهاض جنينها رغم علمها بأنه سيولد بتشوهات بعد اكتمال نموه، ما سيجعله عبئا جديدا على الأسرة وسيفاقم من المعاناة المعاشة.
|
الزوجة وبحيرة كست محياها وبقلق يساورها لم تستطع اجهاض جنينها رغم علمها بأنه سيولد بتشوهات بعد اكتمال نموه، ما سيجعله عبئا جديدا على الأسرة وسيفاقم من المعاناة المعاشة.
ليست الحشرات وحدها من ينغص حياة أسرة يعقوب، بل الحيوانات النافقة سيما وأن كرفانهم يقع مقابل مقبرة بيت حانون، التي تعد بيئة خصبة لوجود مثل هذه الحيوانات سواء النافقة أو الحية عدا أصواتها في الليل المثيرة للذعر.
نبرة سخط وعدم رضا وانطباعات سلبية يحملها يعقوب تجاه الاعلاميين تحديدا حيث رفض الحديث معهم مرارا ؛ بعدما تغلغل الاحباط داخله في ظل عدم اكتراث المسؤولين لشكواهم وهمومهم اليومية مع الكرفان، مستنكرا عدم تواجد المسؤولين واهتمامهم بأمور وأحوال النازحين.
لم تقتصر المعاناة على ما سبق ذكره والصور خير شاهد ودليل على ما يعانيه سكان الكرفانات، التي أصبحت آيلة للانهيار والتآكل بعد عامين من وجودها، فيعقوب يساوره القلق اليومي، خشية قيام البلدية بطردهم، بعد انتهاء مدة التعاقد.
|
نبرة سخط وعدم رضا وانطباعات سلبية يحملها يعقوب تجاه الاعلاميين تحديدا حيث رفض الحديث معهم مرارا ؛ بعدما تغلغل الاحباط داخله في ظل عدم اكتراث المسؤولين لشكواهم وهمومهم اليومية مع الكرفان، مستنكرا عدم تواجد المسؤولين واهتمامهم بأمور وأحوال النازحين.
لم تقتصر المعاناة على ما سبق ذكره والصور خير شاهد ودليل على ما يعانيه سكان الكرفانات، التي أصبحت آيلة للانهيار والتآكل بعد عامين من وجودها، فيعقوب يساوره القلق اليومي، خشية قيام البلدية بطردهم، بعد انتهاء مدة التعاقد.
يخشى يعقوب أن يطول أمد الإعمار خاصة وأن أسرته كانت تعيش في عمارة مكونة من عدة طوابق، لم يخرج الطابق الأول عن سطح الأرض إثر المماطلة في دخول مواد البناء من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والنظام المعمول به كونه غير منصف.
ويرى جبر أن الصيف سيكون أكثر وطأة عليه من العام السابق، وأنه ليس بمقدوره العيش في ظل هذا الوضع البائس، ويتمنى أن يجد بيتاً تتكفل وكالة الغوث دفع إيجاره ، معتبراً أن بيت الباطون مهما صغرت مساحته، لكنه يوفر الأمن والكرامة.
الوكالة ترفض
إسكان البيوت المؤقتة أو ما يعرف بالكرفانات، كانت مسألة مرفوضة من قبل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الاونروا خلال العدوان وبعده، خشية المشاكل المترتبة، هذا ما ورد على لسان مدير ملف الاعمار في الوكالة المهندس معين مقاط.
وقال:" الوكالة اتخذت قرارات بعدم دفع ايجار للمتضررين الذين استلموا الكرفانات المؤقتة، سواء كانت بيوت خشبية أو من الصفيح، وأعطينا الأولوية لتقديم المساعدات الدائمة واصلاح واعمار البيوت، وهذا من وجهة نظره أجدى، لمنع هدر الأموال في الايجارات والتي يمكن توظيفها في اعمار البيوت".
وأوضح أن النازحين المتضررين من حياة الكرفانات، وفي حالة تم تسليمها للجهات المعنية، فستضطر الوكالة أن تدفع لهم بدل ايجار.
ونبه أن كل تأخير في دفع الأموال من قبل المانحين وتعطيل دخول مستلزمات البناء يضاعف من معاناة النازحين، ويضفي تكاليفَ جديدة على المجتمع الدولي.
أطفال الكرفانات في بيت حانون
المتابعة تولي اهتمامها
حنين رزق السماك منسقة متابعة الدعم الدولي aid watch أشارت ان المتابعة تولي ملف الاعمار جلّ اهتمامها، من خلال المراقبة ومتابعة التعهدات المالية التي قطعتها الدول المانحة على نفسها في مؤتمر القاهرة لدعم عملية إعادة الإعمار.
كما تولي المتابعة قضية النازحين خاصة سكان الكرفانات البالغ عددهم 1199 أسرة موزعة على مناطق مختلفة من القطاع، يعيشون أوضاعا غير إنسانية غاية في الصعوبة نتيجة لتآكل الكرفانات وتعدد حوادث الحريق التي سجلتها المتابعة عدا عن الحوادث الأخرى، والتي كان آخرها مقتل الطفل مجدي المصري داخل الكرفان في بيت حانون.
رصد الانتهاكات
رغم اثارة القضية مرارا وعبر وسائل الاعلام المختلفة والندوات وورش العمل والمؤتمرات، ترى السماك أن قضية النازحين وأوضاعهم الصحية والبيئية المتردية لم تحرك المسؤولين لإيجاد حلول عاجلة لهم، ومن المتوقع أن تتفاقم تلك المعاناة وتتكرر الحوادث الناجمة عن سوء أوضاع الكرفانات.
|
تتابع السماك: "مهمتنا ترتكز على رصد الانتهاكات التي تجرى داخل البيوت المؤقتة التي لا تراعي أدنى خصوصية ولا حقوق انسانية، خاصة مع بدء فصل الصيف الذي تتفاقم معه معاناة النازحين، نتيجة تدهور الاوضاع الصحية والمتمثلة بضيق المكان وانعدام البيئة الصحية داخل الكرفانات التي أصبحت مرتعا لتكاثر الحشرات والقوارض والبعوض، عدا عن خطر الحيوانات التي تجوب المناطق المحيطة بالكرفانات والتي غالبا ما تكون حدودية وحولها فضاء واسع".
وقالت أن المتابعة سجلت العديد من الحوادث خلال زياراتها الميدانية المتواصلة داخل الكرفانات التي تنوعت ما بين التماس الكهربائي، ووجود الأمراض الجلدية خاصة الحساسية، وقلة الخدمات المقدمة لهذه الكرفانات ولكن المسؤولين لم يلقوا بالاً لمعاناة النازحين، ولم تلق معاناتهم الاهتمام الكافي لحل مشكلاتهم، سواء عبر استئجار بيوت مؤقتة من قبل الجهات المعنية، والتسريع في آلية الاعمار على أسس جديدة وليس النظام القديم الذي لم ينجز منه سوى 20% فقط.
رغم اثارة القضية مرارا وعبر وسائل الاعلام المختلفة والندوات وورش العمل والمؤتمرات، ترى السماك أن قضية النازحين وأوضاعهم الصحية والبيئية المتردية لم تحرك المسؤولين لإيجاد حلول عاجلة لهم، ومن المتوقع أن تتفاقم تلك المعاناة وتتكرر الحوادث الناجمة عن سوء أوضاع الكرفانات.
الناشط السياسي نبيل دياب يرى أن قضية اعادة إعمار غزة ما زالت تواجه العديد من التحديات والتي تزيد من معاناة الناس وتلقي بظلالها وتداعياتها على مناحي الحياة من الناحية النفسية والصحية والاقتصادية، سيما وأنها تهدد حقا أساسيًا من الحقوق التي نصت عليها كافة الأعراف والمواثيق الدولية " الحق في السكن " وتوفير سبل ومقومات العيش الكريم وحماية الأرواح من المخاطر الصحية والبيئية المترتبة على هذا الحق.
الوكالة تتذرع
وانتقد دياب الصمت الدولي المتعمد لهذه القضية وعدم قيام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الاونروا " بالدور المنوط بها وبمسؤولياتها متذرعةً بحجج غير مقنعة على الاطلاق ومنها عدم توفر المال الكافي للقيام بواجباتها ؟!! متناسية في الوقت ذاته أن واجبها الإنساني والأخلاقي والقانوني، يلزمها بحماية لاجئيها وفق ما نصت عليه القرارات الأممية.
|
وانتقد دياب الصمت الدولي المتعمد لهذه القضية وعدم قيام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الاونروا " بالدور المنوط بها وبمسؤولياتها متذرعةً بحجج غير مقنعة على الاطلاق ومنها عدم توفر المال الكافي للقيام بواجباتها ؟!! متناسية في الوقت ذاته أن واجبها الإنساني والأخلاقي والقانوني، يلزمها بحماية لاجئيها وفق ما نصت عليه القرارات الأممية.
ويتابع دياب لقد اقتصر دورها على التماهي مع الحلول الجزئية غير المجدية والتي لم تساهم في حل مشاكل آلاف الأسر المشردة والتي ليس لها مأوى.
فيما استغلت من وجهة نظره بعض الدول ومعها إسرائيل حالة الانقسام والتشرذم الفلسطيني لزيادة الضغط في الاشتراط بعملية اعادة اعمار وفق ما ينسجم مع رغباتها وأجنداتها السياسية من جهة، والإمعان في محاولات الابتزاز السياسي.
الإسراع بالمصالحة
مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والقدس، وفي أحدث تقرير له لعام 2016 حول أوضاع الأسر المهجرة داخليا، أشار أن 63% من تلك الأسر لم تبدأ بعد عملية اعمار بيوتها، و61% منها بدأت بإجراء إصلاحات لمنازلها عبر المساعدات الانسانية.
|
وحتى تتم عملية إعادة الاعمار بالشكل الذي ينسجم مع الحفاظ على الكرامة الانسانية للناس يجب الإسراع بإتمام وتطبيق اتفاقات المصالحة واستعادة الوحدة على طريق تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، تخاطب العالم برؤية سياسية وقانونية واضحة وموحدة لتلبية احتياجات الناس، وتضع ضمن أولوياتها إعادة الاعمار بأسرع وقت ممكن ووضع حد لمعاناة الأسر والعوائل التي فقدت بيوتها، مما سيساهم في استعادة الطمأنينة والاستقرار لها.
مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والقدس، وفي أحدث تقرير له لعام 2016 حول أوضاع الأسر المهجرة داخليا، أشار أن 63% من تلك الأسر لم تبدأ بعد عملية اعمار بيوتها، و61% منها بدأت بإجراء إصلاحات لمنازلها عبر المساعدات الانسانية.
الحاجة لرعاية
وأوضح التقرير بأن 1021 من الأسر بحاجة لرعاية صحية متواصلة، حيث أفادت 71% من الأسر بحدوث تدهور في التنوع الغذائي لديها، وأن 74% يعتمدون على مصدر المياه المنقولة عبر الشاحنات، فيما يرى 60% منهم أن كمية المياه المنزلية غير كافية.
وعبرت الأمم المتحدة عبر التقرير عن قلقها حيال تأخر عملية الاعمار التي قد تستغرق سنوات طويلة، في ظل المعيقات التي تضعها السلطات الاسرائيلية وتعطيل دخول مواد البناء، وهذا من شأنه أن يفاقم من معاناة الأسر المهجرة، وزيادة مشاعر الاحباط لديها نتيجة عدم تلبية احتياجات الاعمار.
تحذير
الاختصاصية في مجال الصحة العامة مريم شقورة، حذرت من استمرار تردي الحالة الصحية لسكان الكرفانات خاصة النساء والأطفال وكبار السن لضعف مناعتهم الصحية، في ظل تراجع جودتها، وعدم توفر وسائل الأمن والسلامة، عدا عن الزحام داخل الكرفان، والذي يعتبر أكبر انتهاك لأبرز وأهم الحقوق الإنسانية وهو الحق في السكن الملائم.
وأشارت أن مركز صحة المرأة في جباليا التابع لجمعية الهلال الأحمر أولى جل اهتمامه لسكان الكرفانات، من خلال تقديم الارشادات الصحية والبرامج التوعوية للحد من الأضرار والأمراض المحتملة خلال فصل الصيف، حيث البيئة الخصبة لانتشار بعض الامراض الجلدية والحساسية الناجمة عن ارتفاع درجة حرارة الكرفانات وضيق المكان الذي يؤثر على مدى توفر الهواء النقي.
ويبقى انهاء الحصار الشامل على قطاع غزة، وتسريع الاعمار وفق آلية جديدة تضمن تسهيل تدفق الأموال ومواد البناء هي أسرع الحلول لإنهاء معاناة الآلاف من الأسر النازحة، مع تحقيق المصالحة الوطنية، ووجود جهة رسمية واحدة تتولى ملف الاعمار.