مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
نيسان 2013 - العدد 53
 
Untitled Document  

ملامح القدس العربية الاسلامية تختفي شيئاً فشيئاً
القصور الأموية بين سرقة حجارتها ووضعها بالكنيست وتزوير أطلال الموقع ونسبه لليهود
(الحلقة الأولى)

ريبورتاج: ربى عنبتاوي
خاص بآفاق البيئة والتنمية

أمام صمت العالم وضعف اليونسكو وانعدام سيادة السلطة الفلسطينية على القدس ومع احتجاج المقدسيين المغلوب على أمرهم، تواصل قوات الاحتلال الاسرائيلي طمس وتزوير تاريخ المدينة المقدسة الصارخة بمعالمها تاريخاً وحضارة عربية، فالزائر للقدس سيلحظ الاختلاف الذي تتصاعد وتيرته يوماً تلو يوم. فالعمل الاسرائيلي على أشده، يسابق الزمن  تحقيقاً للحلم الصهيوني الأكبر وهو بناء الهيكل الثالث بعد ان هدم هيكل سليمان الاول وهيكل زر بابل -هيرودوس الثاني وفق الروايات التاريخية، بحيث سيكون ذلك الهيكل ملاصقاً للحرم القدسي الشريف ان لم يكن على انقاضه –لا قدر الله-.
ووفق تصريحات اعلامية لمختصين في شؤون القدس فقد فاق عدد الحفريات داخل البلدة القديمة ومحيطها، الستين وأخطرها النفق الغربي الموازي لحائط المسجد الأقصى الغربي بطول يزيد عن نصف كم، وقد كشفت الحفريات عن آثار إسلامية بنسبة تتراوح بين 70 إلى 80%، والباقي تابع للفترتين البيزنطية والرومانية، وهو ما أكدت عليه جميع بعثات الحفريات بما فيها علماء آثار إسرائيليين.
ومن منطقة كاشفة للحرم القدسي وحائط البراق "المبكى" والحفريات، التقت مجلة آفاق البيئة والتنمية بالدكتور ناجح بكيرات مدير المسجد الاقصى ورئيس أكاديمية الاقصى للعلوم والتراث، حيث دار الحديث من أمام مجسم مصغر للهيكل، أحيط بصندوق زجاجي على سطح المركز التوراتي المسمّى بـ " المركز العالمي لنار التوراة" على بعد أمتار من المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة.
وذلك بعد ان اجتازت آفاق طريق حارة المغاربة في الجزء الجنوبي الغربي من سور القدس، الذي هود بالكامل ولم يبق منه إلا حوش تقطنه 10 عائلات فلسطينية في عزلة عن محيطها وبهامش ضيق من المساحة.

أب يهودي يشرح لإبنه عن مجسم الهيكل اليهودي المزعوم

كنس عبادة... أم قلاع للعنف والسيطرة
وداخل حدود البلدة القديمة في القدس يوجد حالياً 61 كنيس يهودي والعدد في ازدياد، قال د. بكيرات مشيراً إلى أن الخطر القريب يتمثل بـ كنيس النور المزمع بناؤه فوق المحكمة الشرعية الإسلامية الملاصقة للسور الغربي للمسجد الأقصى المبارك. وذلك حسب ما يسمى بـ مخطط “القدس أولاً” الذي تم وضع لبناته العام 2008
"ويحيط بمركز نار التوراة، مدارس دينية عدة بمواقف سيارات لتزيد من المساحة المنهوبة، تدرس الدين اليهودي والتوراة، وقد بنيت على انقاض البيوت العربية، ويعتقد من يراها بأنها قلاع محصنة لضخامتها وسماكة جدرانها، وكأنها تريد أن تفرض نفسها أرضاً وسماءً بطريقة فجة وقحة تماماً كقبة كنيس الخراب غير البعيدة عن موقعنا الحالي". قال بكيرات وهو يشير أيضاً الى الأعلام الاسرائيلية الكثيرة والشمعدانات التوراتية الضخمة المنتشرة على اسطح تلك المدارس والتي استخدمت لقنص الفلسطينيين خلال الاشتباكات العديدة في ساحة المسجد الاقصى أثناء الانتفاضة الثانية.
"الكُنس عبارة عن محطات لبث الكره ونشر العنف، وكثيراً ما كان يخرج منها مجموعات تمارس اعتداءات مختلفة على الفلسطينيين" اضاف د. بكيرات الممنوع من دخول المسجد الأقصى بقرار يصدر للمرة السابعة.
 وأشار د. بكيرات الى مدخل باب المغاربة حيث سيقام الى جواره جسر بطول 200 متر وعرض 10 امتار لعبور المركبات مباشرة الى باحة المسجد الأقصى.
وعودة الى مجسم الهيكل المصغر على السطح المقابل للمسجد الأقصى، وهو مستوحى من الهيكل الثالث المزعوم، حيث قال بكيرات انه تصغير لهيكل قادم "لا سمح الله- سيكون موقعه واتجاهه على حساب مبنى المسجد الاقصى وقبة الصخرة. وأضاف: " نحن لا نتحدث عن اوهام بل هي حقائق للأسف".
وقد حذّرت "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث " في بيان صحفي في آب 2009، من تصاعد وتسارع الإجراءات التنفيذية والفعاليات النشطة لجماعات ومنظمات يهودية تسعى الى تسريع بناء الهيكل المزعوم على حساب المسجد الأقصى المبارك، وقالت بأن تصاعد هذه الإجراءات تدلّ بشكل واضح أن المؤسسة الإسرائيلية وأذرعها التنفيذية وعبر المسمّيات المختلفة كلها تسعى الى إيقاع الأذى بالمسجد الأقصى في محاولة لتحقيق حلمهم الأسود ببناء هيكل إسطوري على حساب المسجد الأقصى المبارك".

أعمال الحفر الإسرائيلية في محيط باب المغاربة لا تتوقف

الحوض المقدس وحملة الحفريات الشرسة
ومن أمام الهيكل تكشف الحفريات -التي يعمل بها 33 عاملاً- ما تبقى من التلة في حارة المغاربة والتي يتم تدميرها جزءاً جزءاً منذ عام 2007 حتى الآن بحيث كشفت في طياتها اثاراً اسلامية من الحقبة الأموية، وكان من بينها جرار فخارية وعملات إسلامية، تم أخذ جزء منها للمتحف الإسرائيلي فيما تم الابقاء على جزء يسير من الآثار ليوهم الاحتلال الزوار انهم يحافظون على مقدرات الحضارات ولا يمسونها بسوء.
وأضاف بكيرات: "ما يجري في محيط حارة المغاربة، هو عملية تدمير للآثار والمعالم العربية الإسلامية، ثم عملية تزوير للحقائق ونسبها بالقوة إلى التاريخ اليهودي عبر إعادة استغلال الموقع واستخدامه لأغراضهم، فكل الحفريات التي بدأت أواخر الستينيات اثبتت -وفق عالم الآثار الاسرائيلي مائير بن دوف- عدم وجود حتى مقدار كأس من بقايا الهيكل، وما يجري اليوم ما هو إلا محاولة لفرض واقع يهودي حديث أعلى وأسفل سقف الحوض المقدس، لإحكام السيطرة على القدس العتيقة.
"ونرى الحديقة التوراتية التي اقيمت على انقاض القصور الاموية داخل السور، فيما خارجه يستعد الاحتلال لبناء مطاهر يهودية مكانها، بحيث يمر عبرها اليهودي الصهيوني ويغسل ذنوبه ثم يصل منطقة حائط البراق والهيكل في حال بنائه". يضيف بكيرات مؤكداً أن الهدف الحقيقي من المطاهر هو توسيع مكان صلاة اليهود لتمتد إلى سور المسجد الاقصى الجنوبي.
أما القصور الاموية أو دار الإمارة عند الزاوية الجنوبية الغربية للحرم الشريف والتي كشفت عنها الحفريات الاسرائيلية منذ العام 1968 وحتى العام 1978، فهي عبارة عن اربعة قصور ما بين المسجد الاقصى وعين سلوان، بالإضافة  لدار امارة، وأماكن للجند وللسكن، غرف سفلية للحمامات وتسويات للدواب. وقد دمرت القصور الثلاثة من الجهة الجنوبية ايام حفريات دوف وسيقام مكانها حدائق توراتية، فيما بقيت أطلال القصر الكبير على الساحة الجنوبية الغربية خارج المسجد الأقصى لكنها أيضاً لم تسلم من الحفريات وتزوير الحقيقة.
وأمام القصر الأموي الكبير، وضعت لوحة اسرائيلية للزوار تشير إلى أن تلك الاثار توراتية من زمن الهيكل، مع ان كل الشواهد والحفريات تؤكد انها اموية صرفة، كما نلاحظ ذلك من انسيابية البيوت لتتلاءم مع مجرى سير المياه الفائضة من آبار المسجد الاقصى نزولاً من المستوى العالي إلى الأقل علواً حتى عين سلوان.

قصة القصور الأموية بين الأمس واليوم
وكما جاء في دليل القدس الصادر عن احتفالية القدس للثقافة العربية عام 2009  لـ د.نظمي الجعبة: "يعتقد أن الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان، ما كان له ان يقوم بمشروع الحرم الشريف بشكله المتكامل، دون أن يكون قد بنى داراً  للإمارة، كما ويمكن الافتراض ايضاً، أن احد القصور المتعددة قد انشأها عبد الملك، وأغلب الظن أن الخليفة الاموي الوليد بن عبد الملك، يقف وراء انشاء القصر الكبير، ويعتقد ايضا أن أمراء آخرين من بني امية قد بنوا قصورا لهم الى جانب قصر الخليفة.
أما القصر الكبير المكشوف خارج سور القدس من الجهة الجنوبية الغربية، فقد كشفت الحفريات فيه عن قصر مشيد من حجارة ضخمة، يصل سمك جدرانه من 2,75 الى 3,10 م، مما جعل أساسات المبنى تصل احيانا الى عمق يبلغ 9 امتار تحت مستوى القصر، يتوسط البناء فناء داخلي محاط بأروقة معمدة تفتح خلفها الغرف، وللقصر ثلاث بوابات احداها مزخرفة بشكل مميز، ويحتوي القصر على عناصر زخرفية أموية اخرى مثل الدرابزينات الحجرية والأعمدة وتيجانها، وتشير نتائج الحفريات ان هزة ارضية عنيفة قد ضربت القدس عام 747م أي قبل ثلاث سنوات من سقوط الخلافة الاموية على يد العباسيين، مما ادى الى خراب هذه القصور فظلت مهملة دون تعمير على يد الأخيرين.
ويظهر على سور الاقصى الجنوبي الملاصق للقصر الكبير آثار المدرسة الختنية للحديث والفقه، والى جانبه الباب المزدوج والذي كان يصعد منه الخليفة الاموي مباشرة الى المسجد الاقصى ليؤم المصلين، كما تظهر أيضاً ثلاثة ابواب مغلقة، كانت تستخدم أيام الحملة الصليبية كممر لخيول الفرنجة.
"ومن بقايا القصر الكبير، ومن عتباته تم سرقة حجارة اموية كبيرة، اخذ احداها ليوضع في حديقة الكنيست، بينما أخذ آخر الى منطقة قمران القريبة من البحر الميت". قال د. بكيرات
وقبالة سور القدس الجنوبي الغربي وعلى مدخل مدينة سلوان، تظهر حفريات مدينة داوود التي تخترق القصور الأموية الى تحت المسجد الأقصى، تحت حجج البحث عن خاتم سليمان، يقول د. بكيرات: " في الحقيقة هناك اهداف أخرى من حملة الحفريات الشرسة، فعدا عن مصادرة الأراضي الفلسطينية كمناطق آثار ومن ثم تزوير التاريخ فيها، فإن عملية الحفر بحد ذاتها اصبحت تدر عليهم المال من توافد السياح اليهود وغيرهم ممن لا يملك المعلومات الكافية، حيث يتم غرس الرواية اليهودية التي تحاول جاهدة تثبيت شرعية وجود كيانها المغتصب على الأرض.
"بعد عزل قرية سلوان وتحويل طريق سكانها في دخولهم للمسجد الأقصى من باب المغاربة الملاصق لهم إلى باب الاسباط، فإن ما يحدث الان هو خلق  فسيفساء عمرانية جديدة بدل الإسلامية في منطقة الحوض المقدس على مسافة 3 كم مربع، بحيث يتم تطهير المنطقة عمرانيا وسكانيا، فتعزل المناطق العربية عن الوجود الاسلامي مع المسجد الاقصى المبارك". ختم بكيرات مشيراً إلى جولات قادمة خاصة بـ "آفاق البيئة والتنمية" ستكشف المزيد من عمليات النهب وتزوير التاريخ. .

الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى سيتحول في المستقبل إلى جدار يهودي
الحفريات في موقع القصور الأموية
القصور الأموية التي يخطط الاحتلال لتحويلها إلى معالم يهودية
الكذب الإسرائيلي
باب المغاربة وقد بقي منه ساحة فلسطينية صغيرة فقط
تلة المغاربة التي لم يبق فيها شيء فلسطيني
د. ناجح يوضح بأن ما يسمى كنيس النور سيصبح أعلى ارتفاعا من قبة الصخرة
كذبة صهيونية تدعي أن القصور الأموية كانت يهودية منذ آلاف السنين
ما يسمى بساتين التوراة على أنقاض منازل باب المغاربة
مجسم الهيكل اليهودي المزعوم ينتظر الوقت المناسب كي يصبح حقيقة
مدارس يهودية كالقلاع
مستقبل قاتم ينتظر القدس
منطقة الحفريات في جنوب غرب البلدة القذيمة بالقدس
منطقة الحفريات في ما يسمى مدينة داود على مدخل سلوان
التعليقات

شكرا على المعلومات القيمة

ناديا رزق

 

لو نسف الاحتلال - لا سمح اله - المسجد الآقصى فما عسى أنظمة أميركا المستعربة فاعلة؟

كمال علان

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية