شركات الخلوي تخالف صراحة اللوائح التنفيذية الصادرة عن وزارة شؤون البيئة
تفاقم حالات الإصابة بأمراض السرطان ينذر بكارثة إنسانية في قرية قوصين
شركات الخلوي تصر أن أبراجها ليست السبب ووزارتا الصحة وشؤون البيئة ترخصان نصب الأبراج وسط الأحياء السكنية
نجاة أبو بكر: وزارة شؤون البيئة محامي دفاع عن شركات الخلوي
|
أبراج الخلوي على أسطح المنازل وملاصقة لبيوت الناس في قرية قوصين |
رائد جمال موقدي
خاص بآفاق البيئة والتنمية
قرية قوصين غربي مدينة نابلس، المعروفة بطبيعتها الجميلة ومياهها الوافرة، تعاني اليوم من أزمة حقيقية تتمثل في انتشار العديد من حالات الإصابة بالسرطان والتي ارتفعت خلال الأعوام الخمسة الماضية إلى أكثر من 42 حالة بين الاطفال والرجال والنساء، بالإضافة الى ذلك سُجلت أكثر من 15 حالة وفاة بمرض السرطان في القرية، والتي كان آخرها وفاة الشاب غسان يداك في العقد الثالث من عمره متأثراً بسرطان الدم، عدا عن ظهور إصابات جديدة بهذا المرض طالت الطفل عمرو ابو ليليه (13) عاماً، والشاب عبد الرحمن عبد ربه، اللذين يعانيان حالياً من كتلة سرطانية في الدماغ، جعلتهما يرقدان في المستشفى الوطني بمدينة نابلس حيث وضعهما الصحي متدهور.
هذا الحدث نشر حالة الهلع والخوف بين السكان، ومنهم من بات يفكر بترك القرية في سبيل حماية أسرته وعائلته من شبح الإصابة بالسرطان.
وكانت الغالبية الساحقة من السكان، قد وجهت اصبع الاتهام بالدرجة الأولى إلى الأبراج الخلوية التابعة لشركتي جوال والوطنية موبايل، بحيث تقع الأبراج بين المنازل السكنية في قلب القرية، ما دفع الأهالي بالتعاون من المجلس القروي إلى اتخاذ سلسلة فعاليات واحتجاجات تطالب بإزالة هذه الأبراج.
إصرار السكان على إزالة الأبراج الخلوية يقابله استخفاف بالأمر من قبل الجهات الرسمية
تابعت "مجلة آفاق البيئة والتنمية" الأمر في قرية قوصين، عبر استطلاع آراء المجلس القروي وأهالي القرية، حيث جرى حوار بين الباحث الميداني ورئيس المجلس القروي السيد احمد سلمان، والذي ذكر بأن ظاهرة الإصابة بالسرطان باتت أمراً مقلقاً لدى أهالي القرية، فهناك بين الفترة والأخرى حالات جديدة أصيبت بذلك المرض في القرية وهناك حالات غير مكتشفة إلى اليوم، لافتاً إلى أن معظم حالات الإصابة تتمركز بالقرب من الأبراج الخلوية في القرية، مما دفع السكان إلى الاعتقاد بأن المسبب الرئيس للسرطان هو منها، وعندها، يضيف سلمان، تحرك المجلس القروي لتقديم طلب خطي إلى شركتي الوطنية وجوال لمطالبتهما بإزالة تلك الأبراج، على الرغم من أن برج جوال موجود على أراضٍ مستأجرة من احد سكان القرية منذ 14 عاما.
وأضاف سلمان: "رغم ذلك لم نحصل حتى اليوم على أي رد رسمي، وقد تقدمنا بطلب خطي إلى لجنة السلامة العامة في محافظة نابلس نطالبها بالتدخل لحل الأزمة، وفي الـ 14 من شباط الحالي عقدت لجنة السلامة العامة جلسة في مقر المحافظة بحضور محافظ نابلس وممثلين عن وزارة الصحة وشؤون البيئة ووزارة الحكم المحلي ورئيس المجلس القروي، بالإضافة إلى ممثلين عن شركتي جوال والوطنية".
وأضاف سلمان: " أكدنا من جانبنا كمجلس قروي قوصين رفضنا وجود الأبراج الخلوية بين البيوت السكنية وسط القرية، مطالبين بنقلها إلى مناطق بعيدة عن التجمعات السكنية الفلسطينية، في حين كان هناك إصرار من شركة جوال أن الأبراج ليست هي المسبب لحالات الإصابة بالسرطان في القرية، وهناك العشرات من الأبراج الخلوية بين التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وهي مرخصة من قبل وزارتي الصحة وشؤون البيئة الفلسطينية".
وأفاد سلمان أنه في نهاية المطاف، تم الاتفاق على عقد لقاء جماهيري موسع في قرية قوصين لشرح وجهة نظر الجهات المختصة بالموضوع، بالإضافة إلى تشكيل لجنة تنبثق عن لجنة السلامة العامة لتدارس أسباب ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان في قرية قوصين، وبالفعل تم عقد ورشة عمل في يوم الـ 17 من شباط الماضي بحضور مخجل من قبل الجهات الرسمية، حيث حضر ممثل وزارة شؤون البيئة وممثلة المحافظ السيدة مي حجاوي مع تغيب باقي الأعضاء، ولم يكن ما تم طرحه من قبل الجهات الرسمية مقنعا لأهالي القرية، الذين بدورهم قاموا بإحراق جزءٍ من الأبراج الخلوية احتجاجا على عدم تبني قضيتهم بشكل فعلي وجدي.
|
نصب أبراج الخلوي خلسة بمحاذاة المنازل في قرية قوصين دون استشارة الأهالي وباستخفاف كامل بمواقفهم وحياتهم وصحتهم |
وزارة شؤون البيئة: لا يوجد إثباتات تؤكد أن الأبراج هي سبب الإصابة بالسرطان
من جهته أكد المهندس أمجد جبر مدير وزارة شؤون البيئة في نابلس، انه لا توجد إلى اليوم أي إثباتات علمية تؤكد أن الأبراج الخلوية هي المسبب الرئيسي للسرطانات، وأكد أن الأبراج الخلوية تخضع لمواصفات ومقاييس وزارة شؤون البيئة الفلسطينية، مشيراً إلى انه وقبل نحو عامين، قامت وزارة شؤون البيئة بالتعاون مع جامعة فلسطين التقنية خضوري بعمل دراسة عن واقع الإشعاعات الصادرة عن الأبراج الخلوية في قرية قوصين، وقد تبين أن هذه الإشعاعات ضمن المعدل الطبيعي.
بدوره أكد خبير للإشعاعات في شركة جوال، أن الشركة تقوم عبر أجهزتها الخاصة بقياس الترددات الصادرة عن الأبراج الخلوية، وهي ضمن المعدل المسموح به عالمياً، ولا تؤثر على صحة الانسان.
محامي دفاع عن شركات الخلوي
من جهتها أكدت السيدة نجاة ابو بكر العضو في المجلس التشريعي عن محافظة نابلس، أن هناك تواطؤاً بين الشركات الخلوية ووزارة شؤون البيئة، فالأخيرة تدعي أن وجود الأبراج قانوني، رغم أنها حسب المواصفات والمقاييس العالمية يجب أن تبتعد مسافة 50 متراً عن المناطق السكنية.
وتساءلت ما هو سبب ارتفاع حالات السرطان؟ فهناك أربعة وفيات في البيوت المجاورة للأبراج الخلوية، عدا أنه وفي خلال السنوات الثلاث الماضية سُجلت 16 حالة وفاة بالسرطان في القرية، مع وجود حالات إصابة بالسرطان غير معلن عنها خاصة بين النساء، كسرطاني الثدي والرحم اللذان لا يتم التصريح عنهما لأسباب اجتماعية ونفسية.
ووصفت السيدة ابو بكر الاجتماع الذي عقد في قرية قوصين بتاريخ الـ 17 من شباط بالمخجل، نظراً لغياب ممثلي الشركات الخلوية لأسباب غير مقنعة أو معروفة، في حين اعتذر ممثل وزارة الصحة عن الحضور، أما ممثلة المحافظة، فقد انسحبت من الاجتماع بلا مبرر ودون الإجابة عن تساؤلات المواطنين، فيما بقي ممثل وزارة شؤون البيئة يدافع عن الشركات الخلوية، ويتهرب من الإجابة عن الكثير من التساؤلات.
وشددت السيدة ابو بكر على أن من حق أهالي قرية قوصين تأمين الحماية لعائلاتهم، ومنوط بمؤسسات المجتمع المدني العمل على أنقاض أهالي القرية من الكارثة التي يعانون منها، بدلاً من الوعودات والخطابات الفارغة دون عمل شيء.
واقع وجود الأبراج الخلوية يناقض اللوائح التنفيذية الصادرة عن وزارة شؤون البيئة الفلسطينية
تجدر الاشارة إلى انه وعند مراجعة التعليمات الصادرة من وزارة شؤون البيئة بخصوص آلية ترخيص أبراج الخلوي، تبين أنها تتناقض مع الواقع المعمول به، تحديدا الفقرة التي تنص على عدم السماح بتركيب الهوائي فوق أسطح المباني المستقلة، والفقرة العاشرة التي تنص على عدم توجيه الهوائيات بإتجاه بنايات مدارس الاطفال الابتدائية والإعدادية، بحيث يجب أن لا تقل المسافة بينها وبين هذه المنشآت عن 200 متر، وعن المنازل السكنية 50 متراً".
فيا ترى من يتحمل مسؤولية إعطاء التصاريح في هذه الحالات؟ ومن يتحمل الازدواجية في اتخاذ القرار؟ من المسؤول عن التلاعب في مصير ابناءنا وأطفالنا؟ هذه الأسئلة يجب توجيهها إلى الجهات المختصة التي تفتقر إلى معايير الأمان الدولية الخاصة بحماية المواطنين من خطر التعرض لمستويات عالية من مجالات التردد الراديوي وحظر الدخول إلى الأماكن التي يمكن فيها تجاوز حدود التعرض المسموح به دوليا. ورغم ذلك، تدعي أنها تطبق المواصفات والمقاييس العالمية في ترخيص تلك الأبراج.
بداية أود أن أعرب عن أسفي الشديد و قلقي على ما وصلت إليه الأمور في بلدة قوصين. علماً بان كافة معلوماتي عن ما يحدث في البلدة جاءت فقط من متابعتي لما يتم نشره في وسائل الإعلام! إن انتشار حالات السرطان و ما نتج عن ذلك من وفيات و كذلك انتشار الهلع و الخوف بين الناس كان يدعو إلى اهتمام اكبر من كافة الجهات المعنية بما يحدث في البلدة و منذ المراحل الأولى للمشكلة. أتمنى السلامة للجميع كما أتمنى عودة الطمأنينة للبلدة .
اسمحوا لي أن انوه هنا إلى نشاط قمنا به قبل حوالي أربع سنوات في بلدة قوصين و تم نشر تفاصيله في جريدة القدس (تاريخ 25/2/2009، صفحة 33)، و جاء فيه ما يلي :
(نابلس- الرواد للصحافة والإعلام-عقد مجلس قروي قوصين امس ندوة حول ابراج البث الخلوي استضاف فيها مدير قسم الاشعاع في سلطة جودة البيئة الدكتور عدنان جودة ومندوب عن شركة جوال ومدير دائرة البيئة في محافظة نابلس امجد جبر .
وحضر الندوة عدد غفير من الاهالي بمشاركة مركز واصل لتنمية الشباب فرع قوصين. وفي سياق الندوة التي عقدت في نادي قوصين الرياضي ذكر الدكتور عدنان جودة ان سلطة جودة البيئة تتبع المعايير والمقاييس والمواصفات العالمية التي اقرت من قبل منظمة الصحة العالمية، واكد للحضور ان الموافقة على تركيب أي برج للبث الخلوي يتم بقياس مدى مطابقة هذا البرج للمعايير والمواصفات المقرة من قبل منظمة الصحة العالمية .
واعتبر جودة ان المخاوف التي يبديها الاهالي من جراء وجود الابراج ناتجة عن الاشاعات التي تثير اراء الناس .
وفي سياق الندوة طالب المجلس القروي سلطة جودة البيئة بتعزيز الرقابة الدورية على مواقع الابراج، وطالب نائب رئيس المجلس ناصر سلمان بتزويد المجلس بنسخة من المواصفات والمقاييس المتبعة حسب القانون من اجل الزام الشركات التي تركب الابراج بالتوقيع على وثيقة تضمن ان مواصفات ابراجها ينطبق عليها القانون وانها حسب المواصفات القانونية .
وفي نهاية الندوة زار جودة بمرافقة الاهالي المعنيين مواقع الابراج الموجودة في القرية واجرى عبر جهاز خاص يستخدم لقياس مدى قوة الامواج الكهرومغناطيسية عدة قياسات في مناطق مختلفة وقرب البرج الخلوي واكد ان قوة الامواج في المنطقة لا تزيد عن القوة المسموح بها عالميا وهي حسب المواصفات المتبعة بل اقل بكثير .
وقدم الاهالي ورئيس المجلس الشكر للدكتور جودة ولمهندسي شركة جوال ولمدير وزارة دائرة البيئة في محافظة نابلس .)
أخوكم: د. عدنان جودة – مدير دائرة الإشعاع البيئي – وزارة شؤون البيئة
|