سيدة تقود نحل غزة بابتسامة..!!
|
عندليب أبو القمبز من أوائل النساء الغزيات اللواتي يقدن خلايا النحل |
سمر شاهين / غزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
وقفت الخمسينية "عندليب أبو القمبز" أمام إحدى خلايا النحل الموجودة على سطح دارها وهي تمسك بيدها "مدخنةً" ترش بواسطتها دخاناً على ثقوب الخلايا لتتمكن من إخراج ألواحها واحداً تلو الآخر، فتطمئن على سلامة النحل وعدم وجود ملكة أخرى أو هجوم من خلية قريبة، وذلك بينما كانت ترتدي ملابسَ خاصة –ذات لون أبيض- تغطي جسدها كاملا، كما تلبس قفازين وذلك لتتعامل مع النحل وتحمي نفسها من لسعاته.
حصلت أبو القمبز على مشروعٍ لتربية النحل من مركز العمل التنموي / معا بالشراكة مع مؤسسة كير الدولية، لتكون من أوائل النساء في قطاع غزة اللواتي يقدن خلايا النحل كمصدرٍ لتوفير الأمن الغذائي لأسرهن.
وتشير أم أمجد أبو القمبز التي تقطن حي الشجاعية شرق غزة، في بيت تم إعادة اعماره عقب تفجيره من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي نهاية عام 2009، بأن المشروع غيّر من واقعها الاجتماعي والأسري وكذلك الاقتصادي.
وقد كانت بداية الانطلاق في هذا المجال، حينما قدّم زوجها طلب "مشروع صغير" تحت مظلة مشاريع مركز معاً ليكون بمثابة مورد دخل للأسرة بعد ان فقد الأخير عمله جراء الأزمة الاقتصادية التي مر بها القطاع.
تقول أم امجد وهي تبتسم: "ما إن علم زوجي بطبيعة المشروع وهو تربية النحل، رفضه جملة وتفصيلا خوفاً من لسعات تلك الحشرة، طالباً مني في الوقت ذاته الذهاب بدلاً منه للدورات التمهيدية للمشروع، ومن هنا بدأت حكايتي مع تربية النحل".
|
عندليب أبو القمبز من غزة تعتني بخلايا النحل |
تحدي الخوف
وتضيف: "التفكير وهاجس الفشل كان يراودني والسؤال: هل أقدم على المشروع أم انسحب من البداية"، تقول أبو القمبز التي تحدت ذاتها وقررت ان تبدأ العمل وتخوض التجربة التي انطلقت مع الجلسات التدريبية للمنتفعين من المشروع المنعقدة من قبل المركز.
وتضيف وهى تمسك بدلوٍ مليء بالعسل وعليه آلاف من النحل، أن المشروع قدم لها ثلاث خلايا إضافة إلى 50 كيلو من السكر لتغذية النحل في الشتاء وفي الأوقات التى ينقطع فيها الزهر، إضافة إلى مواصلة الدورات التدريبية والإرشادات على مدار الساعة من قبل المختصين.
وعن العائد المادي تقول هذه السيدة التى تمكنت من كسر الخوف ورعاية النحل، بأن المردود المالي في القطفة الأولى – السنة الأولى – ضعيف جدا ولكن مع انقسام الخلايا فإن الإنتاج تضاعف والمردود بات يزداد مع كل عملية قطف.
يقول مدير مشروع مساعدة صغار المزارعين ومربي الأغنام والأسر الفقيرة م.عائد عابد أثناء جولة له على عدد من المشاريع الصغيرة التي باتت طوق نجاة لمئات من العائلات، أن المشروع يتضمن عدة نشاطات ما بين التدريب العملي والإرشاد.
ويوضح أن الجدوى الاقتصادية من المشروع والعائد المادي يكونان في العام الثاني والثالث وهكذا، وأن الكثير من مربي النحل يستخدمون عائد العام الأول لشراء المستلزمات التى يحتاجونها .
وبينما تعمل " أم القمبز" بهدوء وابتسامة عريضة تقول بأن النحل بات الجزء الأهم في حياتها، إذ أنها تسعى جاهدة لأن يصبح لديها اكبر منحل في قطاع غزة وتضيف: "الحصار الاسرائيلي على القطاع ساهم في زيادة عدد العاطلين عن العمل، إضافة إلى انتشار الفقر وسط الغزيين (...) كما أن المشاريع الصغيرة تعد فرصة لكسب المهارات الحياتية".
|
عندليب وزميلتها ترتديان ملابس خاصة للتعامل مهع النحل |
وللدجاج فائدة
وفي نموذج آخر ساهم المشروع أيضاً عبر "معا" في تقديم دجاج بياض لأسر هي بأمس الحاجة لبيضة تقيها شر الجوع والعوز، وذلك عبر تقديم دجاج بياض لعشرات الأسر المعوزة من شمال غزة.
ومن المستفيدات من مشروع تربية الدواجن لإعالة أسرتها المعوزة قالت جملان العامودي من بلدة بيت لاهيا،
مشيرةً إلى قن مغطى بصفيح: "لدي من الأبناء عشرة وزوجي لا يعمل، فشكل المشروع نقلة في حياتنا من حيث توفير الأكل للأبناء، وتأمين مدخول بسيط عبر بيع جزء من البيض".
ويتابع منسق المشروع م. عابد مشيراً إلى تسليم العامودي 50 دجاجة مع أقفاص، إضافة إلى الأعلاف وتوفير طبيب بيطري مختص يتواصل مع المستفيدين على مدار الساعة.
تشير العامودي بأنها تلقت دورات حول كيفية العناية بتربية الدواجن ورعايتها وعلاجها في حال المرض.
بينما يضيف م. عابد بأن الاستفادة من المشاريع تتطلب أحد الشروط التالية: أن يكون دخل رب الأسرة أقل من 240 شيقل شهريا ولا يمتلك أرضاً زراعية كبيرة، عدد أفراد الأسرة كبير، الأسرة تعيلها إمرأة، لدى الأسرة أطفال من ذوي الإعاقة، أو عددٌ كبيرٌ من أفرادها هم طلبة في المدارس والجامعات.
ولفت م.عابد إلى أن مدة المشروع عام، وقد بدأ من مطلع كانون ثاني من العام الحالي 2012، واستفاد منه 450 مزارعاً، و100 أسرة لتربية الدواجن، ومن المتوقع أن يستفيد من ذات المشروع 100 أسرة جديدة، وكذلك الأمر بالنسبة لمشروع تربية النحل، فقد استفادت منه 100 أسرة فقيرة، وعلى غرارها ستستفيد 100 أسرة إضافية جديدة.
وأكد أن المشاريع الصغيرة التي قدمت رغم بساطتها حققت استفادة كبيرة، واستطاعت أن توفر دخلا دائماً ومناسباً للعائلات الفقيرة التي لا تنعم بالاستقرار المادي.
|
مشروع الدجاج البياض الذي يشرف عليه مركز معا للأسر المعوزة في شمال غزة |
|