أثر غازات أجهزة التكييف في التسخين العالمي أكبر بآلاف المرات من تأثير ثاني أكسيد الكربون
خاص بآفاق البيئة والتنمية
أصبحت أجهزة التكييف من السلع المعاصرة الشائعة جدا، بل صارت "رمزاً" للطبقات الاجتماعية الوسطى في الدول النامية؛ حيث يعتبرها الكثيرون من "ضرورات" الحياة. فهي أرخص من السيارات، وبحسب الكثيرين، تُغَيِّر أنماط الحياة في مناطق الحر القائظ، حيث أن التبريد قد يحسن قدرة الأطفال على التعلم، وقد يوفر للعاملين في أعمال شاقة أجواء أفضل للنوم.
لكن، مع تكاثر أجهزة التكييف على كل شباك ودكان تقريبا في العالم، ازداد قلق العلماء من عواقب ارتفاع نسبة استخدام الغازات الضرورية لتشغيل أجهزة التكييف؛ إذ تزيد تلك الغازات القوية التسخين العالمي. وبحسب العلماء، فإن زيادة حجم الطبقات الوسطى، بالإضافة إلى استمرار ارتفاع درجات الحرارة، يزيد مدى بيع مكيفات الهواء.
اتفاقية مونتريال (لعام 1987)، نظمت استخدام غازات أجهزة التكييف. ومن خلال وضع أنظمة ومواصفات لاستخدام تدريجي للغازات الأقل ضرراً، فقد نجحت تلك الاتفاقية التي هدفت إلى حماية طبقة الأوزون، طيلة بضع سنوات، في تقليص الضرر الحاصل لتلك الطبقة الحيوية التي تحجز الأشعة فوق البنفسجية المسرطنة.
مواد التبريد القديمة، مثل CFC (كلورو-فلورو-كربون) التي تتسبب في ضرر خطير لطبقة الأوزون، أُوْقِف العمل بمعظمها. وفي المقابل، يوجد للمواد الجديدة الشائعة الاستخدام في الدول الصناعية تأثير صغير على طبقة الأوزون؛ بل قد تخلو من أي تأثير.
لكن، اللافت أن اتفاقية مونتريال تتجاهل بشكل شبه تام تأثير غازات المكيفات؛ من حيث أن مساهمتها في عملية التسخين العالمي أكبر بآلاف المرات من انبعاثات غاز الدفيئة المتمثل بثاني أكسيد الكربون. إذن، حل كارثة بيئية معينة، يؤدي، أحيانا، إلى مصيبة بيئية أخرى.
السؤال المطروح هو: "في الوقت القليل والثمين المتاح أمامنا، ماذا يمكننا أن نفعل لحل مشكلة غازات المكيفات؟" الحقيقة، أن كل المؤشرات تدل على أن الاتجاه غير سليم. إذ أن تركيز الغازات التي استبدلت غازات التبريد CFC في الغلاف الجوي، وهي تحديدا الغازات المسماة HCFC التي تتسبب في أذى ضئيل للأوزون، يواصل الارتفاع بسرعة. والملاحظ أن مستوى هذه الغازات التي يعتمد عليها الاستخدام المتعاظم للمكيفات في الدول الصناعية، قد ارتفع بأكثر من الضعفين خلال العشرين سنة الأخيرة؛ ما يعد مستوى قياسيا غير مسبوق. كما أن تركيزات الغازات الصديقة للأوزون ارتفعت بشكل مذهل، نظراً لتحول الدول الصناعية إلى استخدامها، منذ نحو عشر سنوات. ويعد أـثر الدفيئة الخاص بهذه الغازات أكبر بـِ 2100 مرة من ثاني أكسيد الكربون.
والمشكلة أن اتفاقية مونتريال لا تختص في الرقابة على ارتفاع هذه العوامل، لأنها تنظم فقط استخدام الغازات التي ترقق طبقة الأوزون.
واللافت أن معظم الشركات التي تنتج أجهزة تكييف ومواد كيميائية للمكيفات، قد طورت معدات صديقة للبيئة؛ بل أنشأت مصانعَ لإنتاجها. إلا أنه لا يمكن بيع هذه المنتجات دون الوثائق المناسبة ومواصفات الأمان الجديدة، لأن مثل هذه الغازات قد تكون قابلة للاشتعال أو سامة. كما ونظرا للمداخيل الهائلة الناتجة من تسويق أنظمة التكييف الحالية وغياب المواصفات المنظمة؛ فلا يوجد لدى الشركات والدول المنتجة للمعدات الجديدة، المحفزات للبدء في إنتاجها وتسويقها.
|