l مازالت تستخدم في محافظة الخليل
 
 
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
حزيــــران 2012 العدد-45
 
Untitled Document  

"المبيدات المحظورة"
مازالت تستخدم في محافظة الخليل

وما زالت سمومها تفتك في جسد وبيئة المواطن الخليلي

ختم وزارة الزراعة للمبيدات في المحلات التجارية

ثائر فقوسة
خاص بآفاق البيئة والتنمية

بالكثير من الحنين يتذكر الحاج الستيني ابو احمد طعم ورائحة تلك الثمار التي كان يجنيها من أراضيه في منطقة البقعة شرقي الخليل، فهو لم يعرف المبيدات الكيماوية يوما، بل كان يحاول السيطرة على الأمراض المحدودة التي كانت تصيب مزروعاته بطرق بدائية، كقطع الأغصان المصابة او وضع مادة "الشيد" عليها  او استخدام الثوم والشيح ونبات الحنظل في مكافحة بعض الحشرات، كما كان يولي اهتماما كبيرا بالتربة من خلال تقليبها وتعريض الآفات فيها للظروف الجوية غير الملائمة، وتخصيبها عبر إضافة السماد البلدي. ورغم ان هذه الوسائل كانت بدائية الا أنها كانت آمنة، ولم تتوقف الأرض عن العطاء كما يحدث في هذه الايام.
فاستعمال المبيدات الكيماوية بأنواعها قد يساهم مؤقتا في الحصول على انتاج وفير وذي نوعية جيدة، وقد يظهر استخدامها نتائجَ جيدة في مكافحة الآفات الزراعية المنتشرة لاحتوائها على مواد كيماوية تعتبر السلاح الفعال في محاربة الآفات التي تفتك بالمحاصيل الزراعية المختلفة، الا أن  لهذه المواد الكثير من المخاطر والأضرار سيما عند إساءة استخدامها، كما يسبب استمرار الاعتماد عليها أضراراً فادحة تهدد صحة الإنسان والحيوان والتربة والنظام البيئي بشكل عام.

مبيدات محظورة لا تزال تستبيح أسواقنا وأجسامنا وبيئتنا
درسبان-مبيد ممنوع في الخليل

ممنوعة فلسطينيا
وما يؤكد خطورة هذه المبيدات الكيماوية المستخدمة في الأراضي الفلسطينية واحتمال تسببها بأمراض سرطانية وعصبية وتناسلية وغيرها، هو قيام وزارة الزراعة الفلسطينية في السنوات الماضية بمنع العديد منها بسبب احتوائها على مواد فعالة ذات سمية عالية التركيز، تلحق الضرر بالإنسان والبيئة، حيث أصدرت وزارة الزراعة  بتاريخ 27/7/2011 قائمة جديدة تمنع فيها استخدام وتداول بعض المبيدات التي تحتوي على 16 مادة فعالة شديدة السمية، وذلك إثر ما كشفه برنامج "عين على البيئة" التلفزيوني في حزيران 2011، والذي ينتجه تلفزيون وطن ومركز العمل التنموي (معا)- حيث أشار البرنامج إلى فوضى وعشوائية استخدام المبيدات في الضفة الغربية والتي تم حظر استعمالها في العديد من دول العالم.  فيما يلي صورة لقرار وزارة الزراعة رقم 14 الذي حظر استعمال المبيدات التي تحوي 16 مادة فعالة ذكرها القرار، ابتداءً من الأول من كانون الثاني من هذا العام.  

ضعف السيطرة
"رغم جهود وزارة الزراعة للحد من المبيدات الزراعية الممنوعة والمحرمة، الا اننا ما زلنا نعثر على الفوليدول "الملاثيون" وتمارون" وبرودكس" وقوطنيون وغاز مثيل بروميد بحوزة بعض المزارعين الذين يستخدمونها ولو بكميات محدودة في رش مزروعاتهم في محافظة الخليل".
هكذا قال المهندس عبد الجواد سلطان رئيس قسم مراقبة بيع وتداول المبيدات في وزارة الزراعة حديثه، مؤكداً ان هناك اكثر من 60 مدخلا لمحافظة الخليل يصعب السيطرة عليها ويتم من خلالها إدخال المبيدات المحظورة، حيث يقوم بعض المزارعين بإحضار هذه المبيدات بأنفسهم او من خلال شرائها من بعض العمال الفلسطينيين العاملين بالزراعة في إسرائيل، كما يقوم بعض تجار المبيدات الذين يملكون محلات تجارية في مناطق "جـ" وبعض القرى ببيع هذه المبيدات بصورة سرية.  ويتابع سلطان ان الوزارة اشترطت على التجار الذين يستوردون المبيدات اخذ تصاريح مسبقة بالكميات والأنواع قبل جلبها للسوق الفلسطيني، ولضبط هذه العملية تم تحديد معبرين يسمح من خلالهما دخول المبيدات "معبر طولكرم ومعبر ترقوميا" ولا يتم عرض أي نوع منها على رفوف المحلات التجارية الا بعد ختمها من قبل الوزارة بعد التعرف على كميتها واحتوائها على بطاقة بيانات معربة، واي مبيد يضبط دون ختم يتم مصادرته.
وحول  المبيدات التي تم منعها لعدة أسباب بعد صدور دليل المبيدات 2011 يفيد سلطان: "ان الوزارة قامت بختم الكميات الموجودة لدى تجار المبيدات وطلبت منهم عدم استيراد عبوات جديدة، وسمحت لهم ببيع الكميات الموجودة بحوزتهم لغاية نفاذ الكمية او انتهاء مدة صلاحيتها، مشيرا الى ان السبب وراء منعها يتمثل بأنها مبيدات غير متخصصة وتقضي على الحشرات النافعة والضارة مما يؤدي الى خلل في التوازن البيئي". 
ولننتبه هنا أن قرار وزارة الزراعة الفلسطينية رقم (14) الصادر في 27 تموز 2011 القاضي بمنع 16 مادة كيميائية فعالة ينتمي إليها عشرات المبيدات بأسماء تجارية مختلفة، مثل درسبان، أميتراز، ميتاسيستوكس، ديفيبان، كوتنيون وغيرها، لا يتحدث إطلاقا عن "السماح للتجار ببيع الكميات الموجودة بحوزتهم لغاية نفاذ الكمية او انتهاء مدة صلاحيتها" كما يقول المهندس سلطان، بل يقضي "بمنع استخدام وتداول المبيدات الزراعية المحتوية على المواد الفعالة المدرجة في القرار في جميع أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية اعتبارا من تاريخ 01 / 01 / 2012".

عبوات لتفريغ المبيدات فيها
مبيد ديزيكتول المحظور يباع في الخليل في عبوات صغيرة شفافة

سوق مفتوح
وللتأكد من وجود المبيدات التي منعتها وزارة الزراعة العام الماضي (2011) في السوق الخليلي، قامت مجلة آفاق البيئة" في أواسط أيار الأخير (2012) بزيارة بعض محلات بيع المبيدات والمشاتل في مدينة الخليل وبلدات يطا ودورا وبيت أمر، واكتشفت ان بعض التجار ما زالوا يتاجرون بـمبيدات "ديزيكتول"، "دايفيبان"، "ميتاسيستوكس"، "درسبان"، "لانيت"، "كربولان"، "ملاثيون"، "مارشال"، "فوليكور"، "إينفدور"، "دورسو" وغيرها من المبيدات الممنوعة حسب قرار وزارة الزراعة الفلسطينية رقم (14) وأيضا حسب "دليل مبيدات الآفات الزراعية المسموح تداولها في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية للعام 2011"؛ حيث يتم إفراغها في عبوات صغيرة شفافة وتباع للمزارعين حسب الطلب بعد التأكد من ان الزبون لا يشكل خطرا ولا يفشي بهم للجهات المعنية، كما ان معظمها تحمل تواريخ تصنيع جديدة ومدة صلاحية بعضها اكثر من خمس سنوات، وعلاوة على ذلك فإن المبيدات والمواد الكيماوية التي منعتها اسرائيل من دخول الأراضي الفلسطينية لأسباب أمنية موجودة لدى التجار مثل "لانيت" ومسحوق الكبريت، فكيف بحال المسموح به من قبل اسرائيل ؟!!.  ولنلاحظ هنا خوف الاحتلال من فتك بعض المبيدات لأسباب "أمنية" وليس "إنسانية أو بيئية!!  أي أن الخوف هو على الإنسان الإسرائيلي وليس الفلسطيني الذي لا بأس من تجريعه أغذية لا حصر لها من السموم الكيميائية.  ثم إذا كانت المبيدات الممنوعة من قبل وزارة الزراعة الفلسطينيىة لا تزال متداولة في السوق الفلسطيني، فما بالك بالمبيدات المسموح بها فلسطينيا والمحظورة في العديد من دول العالم. 

لانيت مبيد ممنوع امنيا وملاثيون تم منعه عام 2010
مبيد ممنوع لا يزال يباع في محافظة الخليل

أسئلة مبهمة ؟؟؟
من جهته اعتبر تاجر المبيدات رامي الشرباتي من الخليل: ان قرار وزارة الزراعة غير صائب فيما يتعلق باستمرار بيع المبيدات التي منعت لغاية نفاذ الكمية او فسادها، خاصة ان بعضها يحتاج الى عدة سنوات لانتهاء صلاحيته، متسائلا: "اذا كان السبب وراء المنع، هو انها تحدث خللا بيئيا او تلحق الضرر بالانسان!!،  فلماذا لم يتم جمعها من التجار مقابل تعويضهم ؟؟ سيما ان هناك كمية كبيرة من هذه المبيدات في الاسواق!" وتابع الشرباتي: "ان هناك مبيدات تم منعها لاحتوائها على مادة فعالة خطرة مثل "سوبراسيد" وقد سمحت الوزارة ببيع مبيد "سوبراثيون" رغم احتوائه على نفس المادة الفعالة، كما ان المرشدين الزراعيين في الوزارة ما زالوا يوصون المزارعين باستخدام المبيدات الممنوعة، وهذا تؤكده الوصفات المكتوبة التي يحضرها المزارع عند شراء المبيدات، وفي المقابل يفشل التاجر بإقناع المزارعين بشراء المبيدات البديلة والتي تكون اقل خطرا، مؤكدا ان هناك حالات تسمم كثيرة  تعرض لها بعض المزارعين في المحافظة نتيجة استخدامهم الخاطئ للمبيدات، واعتبر ان هناك ظاهرة خطيرة تتمثل بقيام بعض المزارعين برش محاصيلهم الزراعية بمبيدات ذات فترة امان عالية قبل ايام من بيعها في الاسواق، مما يعرض حياة المواطنين للخطر.  وطالب الشرباتي من وزارة الزراعة ضرورة إجراء فحوصات السمية للمحاصيل الزراعية خاصة الخضروات قبل بيعها في الاسواق، وذلك اذا أرادت حماية حياة المواطنين من خطر المبيدات المحظورة المستخدمة من قبل المزارعين في الخليل.

مبيدات تباع دون ختم وزارة الزراعة
مبيدات محظورة في أسواق محافظة الخليل

الحد من التلوث
فيما يفيد المهندس مروان ابو يعقوب من وزارة البيئة، ان مسؤولية المبيدات تقع على عاتق وزارة الزراعة، وهي الوحيدة القادرة على تحديد الممنوع منها، كما انها تتحمل مسؤولية ضبط عملية إدخالها للأراضي الفلسطينية، ويقتصر دور وزارة البيئة على ضبط المبيدات منتهية الصلاحية والممنوعة، والتخلص منها بطرق سليمة من اجل الحفاظ على البيئة، وتقديم المتورطين في ترويج هذه المبيدات الى القضاء بتهمة الاتجار بالمواد الخطرة.  وأوصى أبو يعقوب بضرورة جمع المبيدات التي تم منعها مؤخرا، وان لا تترك في متناول التجار والمزارعين لإلحاق المزيد من التلوث بحق البيئة والإنسان الفلسطيني، فهل ننتظر لعدة سنوات حتى تستهلك هذه المبيدات؟؟؟
بعد تلك المعطيات، وأمام وجود مبيدات مسموح بها وأخرى محرمة او ممنوعة، وضعف السيطرة وغياب الالتزام الأخلاقي من قبل بعض تجار المبيدات، فإن صحة وحياة المواطنين وسلامة البيئة تبقى في مهب الريح!.

مبيدات خطيرة ومحظورة في أسواق محافظة الخليل
مبيدات محظورة في بلدة بيت أمر
   
مبيدات ممنوعة في بلدة بيت أمر ومناطق أخرى بمحافظة الخليل
مبيدات ممنوعة في بلدة بيت أمر
   
مبيدت إسرائيلية في أسواق محافظة الخليل
هذا المبيد الإسرائيلي المحظور لا يزال يباع في أسواق محافظة الخليل
التعليقات

تقرير علمي موضوعي مهني وجريء، مدعم بالمعطيات والتوثيق...هذا نموذج يحتذى في الصحافة البيئية المهنية ...

نادر وجدي

 

الغريب أنه بالرغم من الأدلة الواضحة في هذا التقرير وتقارير سابقة نشرها موقعكم الموقر، فإن وزارة الزراعة الفلسطينية تصر على القول بأن السوق الفلسطيني خال من المبيدات المحظورة...ثم لصالح من الإصرار على الدفاع عن استعمال مبيدات إسرائيلية الهدف الأساسي من إنتاجها وتسويقها هو مراكمة الأرباح للشركات الإسرائيلية وأعوانها من الفلسطينيين، وبالتأكيد الهم الأول والأخير لهذه الشركات هو الربح ثم الربح...فلا صحة ولا بيئة ولا من يحزنون ...

محمد عابدي

 

كل الاحترام والتقدير على إصراركم كشف المتاجرين بأرواح وصحة أبناء شعبنا...بالرغم مما عانيتموه من محاولات الضغط والترهيب والتخويف...فخسأ التجار الذين يصرون تسمين جيوبهم على جثث أهلنا وأطفالنا .

كمال نصراوي

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية