"جودة البيئة" تدق ناقوس الخطر.. واستنزاف متواصل لمقالع الرمال !!
مطر: الاستخدام الجائر للرمال خطر بيئي يصعب علاجه
الأشقر: الرمال الصفراء استنزفت إلى حد كبير والمطلوب خطة علاجية
|
اقتلاع الرمال في قطاع غزة |
سمر شاهين / غزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
حذر الباحث القانونى في مركز الميزان لحقوق الانسان د. علاء مطر من خطورة الاستنزاف الجائر للرمال على البيئة وعلى الخزان الجوفى قائلا: "الاستخدام الجائر للرمال خطر بيئي يصعب علاجه"، حيث يتسبب اقتلاع الرمال في تآكل سطح التربة وتقليل نسبة خصوبتها، ما يؤثر على التنوع الحيوي، كما ان اقتلاع الرمال في بعض الأماكن يحولها لأماكن لتجميع النفايات الصلبة والمياه العادمة إذا ما تسربت لها.
وأضاف بأن الكثبان الرملية عبارة عن مصائد طبيعية لمياه الأمطار، وبالتالي يؤثر استنزافها سلباً على مخزون المياه الجوفية . (...)، كما ان اقتلاع الرمال التي تعمل كفلتر لتصفية المياه تتسبب في سهولة وصول الملوثات المختلفة للمياه الجوفية، كما تؤدي إلى اقتراب المياه الجوفية من سطح الأرض، مما يجعلها عرضة للتبخر والتلوث.
وطالب مطر الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة إلى ايلاء أهمية أكبر لمشكلة مقالع الرمال والاستغلال الجائر للثروة الرملية، والتحقق من أن استغلال الرمال يتم بصورة تتناسب مع الاحتياجات العمرانية من جهة، وبما يتلاءم مع متطلبات حماية البيئة والمياه والتنوع الحيوي في قطاع غزة .
وبيّن د. مطر ان اقتلاع الرمال من المناطق الساحلية يزيد من تلوث المياه الجوفية، حيث يتسبب في اختلاط مياه البحر بالمياه الجوفية محدودة الكمية أصلاً، ما يؤثر سلباً عل الأوضاع البيئية في قطاع غزة، ويحول دون قدرة السكان على تلبية احتياجاتهم العمرانية، كما يؤثر سلباً على بناء المؤسسات والبنية التحتية، سيما بعد ما دمرته قوات الاحتلال عبر اعتداءاتها المتكررة على الأحياء المدنية، وخاصة خلال العدوان الأخير "عملية الرصاص المصبوب". وفي ظل الحصار الجائر الذي حال، ولا زال، دون إدخال مواد البناء بالشكل الذي يساعد على إعادة الإعمار وتلبية الاحتياجات الطبيعية لقطاع البناء.
وقال المختص القانونى: "المطلوب من المؤسسات الحكومية والأهلية ذات العلاقة العمل على توعية المواطنين بشأن الاقتلاع العشوائي للرمال ومخاطره على البيئة والخزان الجوفي للمياه" .
وطالب في حديث خص به " آفاق للبيئة والتنمية" المجتمع الدولي القيام بالتزاماته تجاه حقوق السكان المدنيين في قطاع غزة بما يحفظها، وذلك بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لرفع الحصار الجائر عن القطاع والقيام بمسؤولياته والمساعدة في إيجاد بديل لاستخدام رمال القطاع من خلال استيراد الرمال من الخارج.
وقال: "على الحكومة النظر في إيجاد بدائل تتعلق بمشاريع استيراد الرمال من الخارج، واستخدام بدائل أخرى عن الرمال كمادة بناء".
وأشار إلى ضرورة وضع مقالع الرمال ضمن اختصاصات وإشراف اللجنة المركزية للتنظيم والبناء التي ترأسها وزارة الحكم المحلي، داعيا إلى تقويم الأثر البيئي للموقع الذي سيستخدم كمقلع للرمال.
الاحتلال السبب!!
وقال د. مطر خلال حديثه حول أثر استنزاف الرمال على الأوضاع البيئية والمائية في قطاع غزة: "إن عملية استنزاف الرمال سببها الأول الاحتلال بسبب التعديات الإسرائيلية الناجمة عن سرقة الرمال ونقلها إلى داخل الاراضى الفلسطينية المحتلة الـ"48"، وكان ذلك بشكل خاص قبل انسحاب قوات الاحتلال من القطاع في سبتمبر 2005، بمخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي الذي يفرض قيوداً كبيرة على دولة الاحتلال فيما يتعلق باستغلال الموارد في الدولة المحتلة، فالأولى لا تملك حق السيادة على الأرض وبالتالي ليس لها الحق بالتصرف واتخاذ أي إجراءات أو ممارسات من شأنها أن تعطي لنفسها الحق باستغلال موارد ومقدرات الدولة المحتلة، بما يمس حقوق المواطنين فيها".
وأوضح د. مطر أنه في الوقت الراهن يوجد استنزاف خطير للرمال في قطاع غزة يرجع للكميات المحدودة للرمال أصلاً، والطلب المتزايد عليها والذي يعود إلى التطور الطبيعي لتلبية الاحتياجات العمرانية والبنية التحتية وبناء المؤسسات الخدماتية وغيرها، سيما مع العجز الكبير الذي لحقها نتيجة الحصار ومنع إدخال مواد البناء.
وشدد على ان الاستخدام الجائر للرمال من شأنه ان يؤدى إلى آثارٍ سلبية خطيرة على البيئة والخزان الجوفي للمياه بالإضافة لإمكانية نضوب هذه الرمال نظراً لمحدوديتها، ما سيكون له انعكاسات خطيرة على قطاع البناء وبالتالي على الحق في السكن الملائم، وجملة من حقوق الإنسان الأخرى .
أنواع خمسة
ولفت د. مطر إلى وجود خمسة أنواع للرمال هي: نظيف (رمال صفراء)، طين، كركار، طمم، ومختلط، مشيرا إلى أن المقالع نوعان هما، مقالع حكومية: تقوم وزارة الاقتصاد الوطني بالتنسيق مع سلطة الأراضي بفتحها لتغذية المحافظة بكافة أنواع الرمال التي تحتاجها، ومقالع خاصة "طابو": حيث يتوجه المقاول الذي يريد فتح المقلع إلى دائرة مقالع الرمال في وزارة الاقتصاد الوطني ويطلب فتح المقلع.
وفي معرض رده على سؤال حول مقالع الرمال العاملة في قطاع غزة قال د. مطر: "يوجد ثمانية مقالع منها، وهى: مقالع أبو ظهير طمم في رفح "حكومي"، وأبو عويلة رمل نظيف خان يونس "حكومي"، مواصي خان يونس رمال نظيفة خان يونس، المواصي "حكومي"، وشرق البريج كركار الوسطى "خاص " ، البحيري كركار المغازي شرق المغازي "خاص"، الزهراء طمم الوسطى الزهراء "حكومي"، جبل الدغل كركار الشمال شرق جباليا "خاص"، القرية البدوية كركار، طمم الشمال القرية البدوية "حكومي".
ولفت إلى ان إجمالي الكميات المسحوبة من الرمال بأنواعه كافة، بلغت حوالي (2.5) مليون كوب للعام 2011، وهي تعد كمية كبيرة جداً مقارنة بالأعوام السابقة 2008، 2009 ، 2010 ، والتي بلغت إجمالي الكميات المسحوبة فيها على التوالي (305500) كوب، (883250) كوب، (1708911) كوب.
وأشار إلى أن حاجة القطاع من الرمال في ذروة العمران وإعادة البناء تقدر بحوالي 12 مليون كوب في العام الواحد، لافتا إلى وجود مقالع للرمال في المنطقة الشرقية للمحافظة الوسطى وبيت حانون، تحول قوات الاحتلال الإسرائيلي دون استغلالها، مما يزيد من الاستخدام الجائر للمقالع الساحلية والتي لها بالغ الضرر على المياه الجوفية.
ناقوس خطر
وبدوره قال مدير عام المصادر البيئية في سلطة جودة البيئة د.عبد الله الأشقر أن استنزاف الرمال يشكل خطراً حقيقياً على البيئة الفلسطينية وذلك من عدة جوانب أولها خطر حقيقي على الخزان الجوفي سيما وان الرمال الصفراء تمتص مياه الأمطار ومن ثم تسربها إلى الخزان الجوفي، في حين ان الكركار والطين لا يتمتعان بنفس خاصية النفاذ.
وأضاف بأن الخاصية الجمالية للرمال لها تأثيرها على الإنسان كما البيئة، لافتا إلى ان الناس تسافر مسافات بعيدة وتحديدا سكان أوروبا لرؤية الرمال الصفراء والتمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة.
وأشار الأشقر إلى ان استنزاف الرمال يعنى القضاء على التنوع الحيوانى والنباتى في تلك المناطق لافتا إلى ان سلطة جودة البيئية، قد دقت ناقوس الخطر منذ عامين مؤكدة ان الرمال الصفراء شبه استنزفت من قطاع غزة ودعت إلى البحث عن بدائل.
خطة علاجية!!
ولفت الأشقر إلى أن السلطة بالتعاون مع المراكز الحقوقية عملت على تسليط الضوء على خطورة استنزاف الرمال الصفراء واقترحت مجموعة من البدائل والمتمثلة في استجلاب رمال صفراء من مصر أو إيجاد بدائل إنشائية وهى تكسير الصخور والاستفادة من المساحيق والحبيبات الناعمة التي يتم استخدامها في عملية البناء سيما وأن دولاً كثيرة تعمد إلى استخدام ذلك للحفاظ على الرمال الصفراء.
ونوه بأن وزارة الاقتصاد مطالبة بالعمل على وضع سياسة للحد من استنزاف الرمال لاسيما وان مسؤولية المقالع تقع ضمن نطاقها، وهى من يعمل على تحصيل الرسوم منها.
وشدد على أن المطلوب هو العمل على وضع خطة اسعافية من اجل إنقاذ الرمال المتبقية في قطاع غزة للحفاظ على الخزان الجوفي، والبدء في تحديد البدائل والعمل على استخدامها.
المأساة أن الاحتلال استنزف ويستنزف مواردنا الطبيعية ونحن نواصل تدمير ما تبقى من تلك الموارد، بما فيها رمال غزة التي لا تعوض ...
همام ديراوي
|