رغم هذا فهي ما تزال تملأ الأسواق
الصحة الفلسطينية تسحب منتجات "أمانا كير" و"زين الاتات" وتحذر من استخدامها
ر. م.
خاص بآفاق البيئة والتنمية
بالتزامن مع ما نشر في مجلة آفاق البيئة والتنمية ضمن العدد الثامن والثلاثين الذي تناول بعض المنتجات غير المرخصة التي تغزو الأسواق الفلسطينية، وعلى وجه التحديد المستحضرات التابعة لشركة "آمانا كير" و"زين الاتات"، أصدرت وزارة الصحة الفلسطينية في السابع من شهر تشرين ثاني الماضي مرسوماً يحظر بموجبه تداول منتجات "آمانا كير" اللبنانية في الأسواق الفلسطينية بعد اكتشاف بعض المواد المحرمة دوليا في تركيبة تلك المنتجات، التي تستخدم كمكمل غذائي ولغايات التنحيف وكمواد تجميل والعناية بالبشرة والجسم.
تجدر الإشارة هنا إلى أن هذه المستحضرات قد منع تداولها في أسواق الدول المجاورة كالأردن وسوريا والإمارات العربية، حتى داخل الكيان الإسرائيلي، لما تحويه من مواد ضارة ذات تأثير جانبي تؤثر بشكل أو بأكثر على حياة الإنسان وتهدد حياته وتضعها في خطر حقيقي.
وهذا ليس غريباً على هذه المستحضرات التي تُسوق دون تعريف لمكوناتها وما هي الكميات المستخدمة، فهي تأتي من لبنان دون رقابة وبصورة غير قانونية وحضارية.
مواد ممنوعة عالمياً
وبحسب ما ورد عن وزارة الصحة الفلسطينية، فإن هذه المستحضرات التي تسوق كمادة نباتية طبيعية تحتوي على مادة السيبوترامين SIBUTRAMINE وبقايا سلدينافل SILDENAFIL الممنوعتين عالمياً.
السيبوترامين: كان يستعمل كدواء لتنحيف الوزن ولكنه أبعد من السوق بأمر من أغلبية وزارات الصحة في العالم بسبب العلاقة الواضحة بين استعمال هذه المستحضرات وارتفاع نسبة أمراض القلب والأوعية الدموية، كالجلطة القلبية أو الدماغية. بالإضافة إلى أعراض جانبية مثل ارتفاع ضغط الدم وصعوبة النوم والإمساك ومشاكل في النظر والسمع، لهذا مُنع استعماله بتاتا.
مع العلم أن "السيبوترامين" جرب في الماضي أيضا ودرس كمخفف للوزن. فالدراسات تقول أن تخفيف الوزن هو زمني وبعد التوقف عن أخذ الدواء يعود الوزن إلى الارتفاع أكثر مما كان عليه سابقا.
سلدينافيل: مادة معروفة طبياً وتسوق تحت اسم فياغرا (VIAGRA ) لأغراض محددة باستشارة الطبيب المختص، وذلك لأنها قد تسبب مخاطرَ وخيمة أذا أخذت مع أدوية أخرى، وتزيد من دقات القلب وترفع ضغط الدم، بالإضافة إلى صعوبة النوم والإمساك، لذلك منع استعماله بدون وصفة طبية.
أين دور الإعلام؟
هذا العرض الموجز لما ورد عن كتاب وزارة الصحة الفلسطينية، التي بدأت بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد الوطني ضمن حملة لمنع تداول هذه المنتجات في الأسواق، ومع هذا كله ما زلنا نرى الإعلانات التي تستخدم لترويج تلك المنتجات في أكثر من موقع مثل سوق أبو بكر التجاري في مدينة جنين. حتى أن هناك الكثير من الإعلانات ما زالت توجد داخل المؤسسات الرسمية والمجالس البلدية كبلدية بديا في محافظة سلفيت على سبيل المثال.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا لا تستغل وزارة الصحة الإعلام بالشكل الصحيح والفعال في نشر الوعي عند الشريحة الواسعة من المجتمع، ويقتصر عملها في مصادرة المواد الممنوعة من الأسواق!!.
نحن هنا لا نشكك في إمكانيات وزارة الصحة الفلسطينية، ولكن يراد في هذا الحديث إعطاء زخم حقيقي لنشاطات الوزارة. فعلى الرغم من التحذير الصادر عن الوزارة الذي عُمّم على الصيدليات ومحلات بيع مواد التجميل، إلا أن الشريحة الواسعة من المجتمع لا تعلم بما هو مسموح وما هو ممنوع، لدرجة أن قسماً كبيراً من المواطنين ما يزال يتداول تلك المنتجات دون أي انقطاع. وهناك العشرات من التجار ممن باعوا أخلاقهم ومبادئهم مقابل أثمان رخيصة، فلا زالوا يروجون تلك المنتجات وبشكل واسع النطاق.
غياب الرقابة أم الجهل؟
قد يكون عدم وجود رقابة فعلية في الأسواق والبطء الشديد في اتخاذ إجراءات رادعة ضد المروجين هو السبب وراء ذلك!!، إلا أن جهل بعض المواطنين هو السبب الحقيقي. فلا يوجد موقع الكتروني رسمي واحد أو حتى نشرة من قبل جهات الاختصاص يوضحان للمواطنين أسباب المنع، لذلك ترى المواطن العادي يتخبط في الأسواق ويشتري المنتج دون معرفة ما سوف يترتب على ذلك من أمور، مكتفياً فقط بنصائح التجار.
والسؤال الأخر الذي يطرح نفسه هنا، إذا كانت منتجات "أمانا كير" غير المرخصة قد أثبتت عدم مطابقتها لمواصفات وزارة الصحة الفلسطينية بعد خمس سنوات من انتشارها في الأسواق وبيعها للمواطنين وبكميات كبيرة، هل حان الوقت لضبط الأسواق وتحررها من الكثير من المنتجات العشبية غير المرخصة التي تعد الأسواق الفلسطينية سوقاً سوداء بالنسبة لها!!؟؟.
كما تؤكد دراسة قيد الإعداد من قبل الباحث في قضايا الحكم والسياسة جهاد حرب لصالح شبكة أمان، كان قد نشر جزءاً منها في ملحق "سوق وحياة" التابع لصحيفة الحياة الجديدة في العدد 23 (2/10/2011)، بأن هناك إشكالية واضحة فيما يخص تسجيل الأدوية المستوردة ومكملات الغذاء وفحص مدى فاعليتها.
ضربة للاقتصاد الوطني
ووفقا للمعلومات التي وردت في الملحق والتي أكّدها الباحث حرب، فإن الحديث يدور عن وجود قرابة على (5000 نوع) من الأدوية تباع في السوق الفلسطينية منها (1726) نوعاً مسجلاً، ما يعني أن هناك (3274 نوعاً) من الأدوية يباع في السوق المحلية دون أن يكون مسجّلاً بشكل رسمي، موضحاً أن الإشكالية تكمن في الأساس في الأدوية المستوردة خاصة الإسرائيلية منها، حيث ترفض سلطات الاحتلال تسجيل هذه الأدوية، الأمر الذي يفتح الباب واسعا أمام التزوير والتهريب لمثل هذه الأنواع من الأدوية، إضافة إلى المستحضرات العشبية التي تروج على نطاق واسع.
وأضاف حرب: "هذا يلحق ضرراً بالغاً بالمواطنين إضافة إلى انه يوجه ضربة قوية للاقتصاد الوطني بشكل عام وقطاع الأدوية المحلية بشكل خاص، الذي يقع على كاهله دفع رسوم التسجيل والاستيراد والضرائب عن الوكلاء وهذه كلها خسائر مالية فلسطينية"، مؤكدا أن مسؤولية ضبط هذا الواقع يقع على كاهل وزارة الصحة صاحبة الاختصاص في كل ما يتعلق بالأدوية.
ومن خلال منبر مجلة "آفاق البيئة والتنمية" ندعو القائمين على هذا الموضوع الحساس، إلى الإسراع في وضع لائحة تنفيذية لمراقبة الأسواق وسن القوانين الرادعة لكل ما يمس حياة وصحة الإنسان، بالإضافة إلى وضع التشريعات الكفيلة بتنظيم عملية استيراد الأدوية ومراقبة ترويجها في الأسواق وفق أسس عالمية صحية.
|